يختلف المفهوم
العربي عن بقية اللغات في تفسير
كلمة عميل, فأول ما يطرق به سمعنا
لكلمة عميل فإننا سنضع هذه الكلمة
في سياق خيانة الوطن..لكن العميل
كلمة شائعة ذات معاني عديدة
ومدلولات نسرد من معانيها على
عجالة لان غايتنا في هذا الموضوع
تحديد صفة معينة وليس التوسع في
سرد المعاني.. وهذه الكلمة قد
تعني –وكيل والوكيل قد يكون وكيل
خدمات طبية اجتماعية ثقافية أو
وكيل يسبب نشاط معين بيولوجي أو
كيماوي مساعد في أي عملية تحويل
أو تركيب وما إلى ذلك و كلمة
العميل في اللغة الانكليزية قد
تعطي نفس المعنى لكلمة وكيل
باللغة العربية ..لكن لا يوجد
تتطابق في المعنى المقصود بين
كلمتا عميل و وكيل في اللغة
العربية , لذلك جاءت استعمالاتها
المختلفة لتحدد بعض المعاني ولا
غرابة في ذلك حينما نعرف إن
مفردات اللغة العربية تزيد عن 400
ألف كلمة قابلة للزيادة بينما لا
تزيد مفردات لغات أخرى ومنها
المتطورة عن 80 ألف كلمة في أحسن
الأحوال رغم قابليتها للزيادة.
وفي عودة لأول
معنى يفسره العقل العربي حين يسمع
كلمة عميل نجد إمكانية إطلاق هذه
الكلمة على شخص جاسوس أو جاسوس
مزدوج و قد تستعمل للتفاخر على
نطاق ضيق متمنطق كأن يقول فلان
إذا كانت أفعالي هذه تفسر عمالتي
للوطن وحبه فانا أتشرف باني عميل
له .. لكن الموسوم بصفة العميل
الآخر لا يتجرأ بالتلفظ بنفس هذه
الكلمات فغالبا إن لم نقل حصريا
, هؤلاء العملاء يخدمون بلدا
آخرا أو شركة أخرى يتعرضوا
للخزي والعقوبة إذا ما انكشف
أمرهم .. إذن فالعميل هو من يخدم
غير بلده على حساب بلده ولو لم
يكن المخدوم عدوا لبلده , أو هو
من يقوم بتنفيذ طلبات العدو أو
محاباته على حساب بلده أو من
يتماشى مع أجندته سواء كان العدو
محتلا لبلد العميل أم لا يحتله ,
وهو أيضا قد يدخل أو يشارك في
تشكيل معين يكونه و يؤلفه العدو
أو يتحالف بداخل بلده ضد أي طائفة
أو يتحالف مع العدو ضد أي جهة
أخرى عدوة مع بلده أو جماعة أو
قطاع من قطاعات بلده لمصلحة العدو
, أو أن يقوم بالإخبار عن أشخاص
معينين أو أماكن تفيد العدو ضد
بلده , أو يكوّن تحالفا معينا
يخدم العدو,, والصفات كثيرة
وعديدة نختصرها بان نقول: يصبح
عميلا كل من قام بعمل أو نشر أو
نفذ أو ساعد أو اشترك أو رضا
وساير أو تغاضى عن أي شيء يخدم
ويفيد العدو ومصلحته ضد وطنه .ولا
يجب بالمطلق أن يكون ذا ارتباط
مباشر مع العدو بل حينها يكون قد
انتقل إلى درجات عليا من العمالة
التي تستحق أقسى العقوبات. ولا بد
أن ننوه عن المغلوب أمرهم من
الأفراد الذين لا يجدون بدا من
العمل لسد حاجات يومهم المعاشية
كل حسب درجة تعامله مع الأمر
..بيد أنهم يجب أن ينساقوا مع
الجميع في حالة وجود مد شعبي عارم
يرفض جميع مؤسسات الاستعمار أو
آلياته.
وبعد مرورنا
بعجالة على المعنى و الاختلاف في
استعمالات هذه الكلمة, ننتقل الآن
لتحديد الاختلاف في المفهوم لهذه
الكلمة بين العرب والعرب ! .
فمنهم من لا يعتبر فلان من الناس
عميلا بينما الآخرون يرون حامل
هذه الصفة هو عميل وأن اختلف عن
العملاء الآخرين ,فلا يوجد في
قاموسنا من يسمى هذا عميل جيد
للوطن وهذا عميل سيء للوطن !
فالجميع سواسية مهما اختلفت
نواياهم ودرجة عمالتهم.
ماذا تقول قوانين
الدول بهذا الخصوص :؟
لو لم يعجب البعض
استشهادنا بقانون العقوبات
العراقي المرقم 111 في عام 1969
فان معظم قوانين الأرض تتفق
بالمنطوق التالي في اعتبار الذين
يمارسون هذه الأفعال التي سيرد
ذكرها أدناه بعلم وبكامل الإصرار
هم خونة للوطن
(Betrayal
homeland)
ومجرمون تنفذ
بحقهم أقسى العقوبات سواء كانوا
إفرادا أم جماعات ..وأدناه
النص الذي يشمل كل هؤلاء : أي شخص
يشارك أو يحرض على ارتكاب جريمة
من الجرائم التي تتألف من الأعمال
المضرة بالوطن والذي يقوم بها
بمليء إرادته واحدة أو أكثر مثل
تقديم أي مساعدة للتأمر على وطنه
أو يكشف أي سر أو وثيقة سرية لأي
بلد أجنبي أو يتلقى أموالا بقصد
ارتكاب أعمال تمس سيادة الوطن أو
تقسيمه أو الإضرار بمؤسساته وجيشه
أو التوسط بين الطرفين أو
المساعدة في العمليات العسكرية ضد
الوطن أو استعمال المال والسلاح
ضد أبناء بلده على اختلاف طوائفهم
أو المساهمة والتسبب في تدمير
وطنه أو جزء منه أو عرقلة عمليات
جيش الوطن أو يساعد في دخول
الأجنبي أو أفراد العدو للوطن
محتلا أم متسللا أو يساهم في حمل
أفراد القوات المسلحة للانضمام
للعدو أو الاستسلام له أو
الانشقاق عن الجيش أو يضعف ولائهم
للوطن أو من يسلم أو يخبر العدو
عن تواجد أي من أفراد القوات
المسلحة أو من يعين العدو والمحتل
بأي طريقة كانت سواء بالاشتراك
الفعلي معه في احتلال وطنه أو
التمهيد لذلك أو مساعدته بالترجمة
أو دليل أو لا يقاوم المحتل إذا
كان مستطيعا أو يساهم في فعاليات
ما بعد الاحتلال خدمة للمحتل
وتمكين تواجده واستمكانه أو
الدولة الأجنبية الأخرى المتحالفة
معه أو يشترك ويساهم في العملية
السياسية التي قد ينشاها المحتل
كحكومة عميلة أو برلمان تحت وصاية
المحتل أو يساهم في كتابة قانون
يخدم ويرضى عنه المحتل أو يساهم
أو يشترك في خدمة أي أجندة تخدم
دولة أجنبية داخل وطنه أو تحويله
موالاة شعبه لها – ونضيف لدى
القوميين من أبناء يعرب أو من
يعمل على إسقاط المفاهيم القومية
العربية أو الإسلامية أو يخدم
دولة أجنبية غير عربية أو يكون
ولاءه لها بدل ولائه لوطنه والوطن
العربي .
ربما نسينا بعض
التوصيفات ولكن الباحث في جميع
قوانين دول العالم على اختلافها
سيجد كل ما ذكرناه ينطبق في
قوانينها ..ويعتبر هؤلاء خونة و
عملاء كما ذكرنا تنفذ بحقهم أقسى
العقوبات ..
من يختلف مع هذا
المفهوم ؟!
يوصف الشهيد
الراحل صدام بأنه كان طاغية على
خصومه الذين هم الآن منصّبين في
سدة حكومة المحتل ومن هم على
شاكلتهم (أي العملاء ) .. ولنأتي
لنلقي الضوء أو نطبق توصيفات
الخونة والعمالة التي ذكرناها
عليهم فسنرى أنها تنطبق بالكامل
عليهم ليس في واحدة من الصفات
وإنما في عدة منها !وسنتطرق
لتجربة العراق في مقالنا هنا
ونترك لكم حرية تطبيقها على ما
يشابهها في الوطن العربي !.. لكن
الغريب في هؤلاء العملاء تفسيرهم
المبرر للعمالة و يتحاجون في
رفضهم لهذه الصفات من أنهم انضووا
تحت راية العمالة من اجل تحرير..
العراق كما يحلو لهم القول ثم
استيلائهم على السلطة الهزيلة
التي تأتمر بإمرة المحتل –
وتحرير العراق أم احتلاله مصطلح
يختلف عليه الكثير – ربما نأتي
على توصيفه لاحقا في مقال آخر ,,
إذن وتماشيا مع
تفسيرهم اللا معقول والتبرير
الساذج فهم يفتحون الباب على
مصراعيه لجماعة أخرى يكون لها
الحق بالاتصال بجهة أجنبية أخرى
يتآمرون معها ضد الوطن ويأتون
بجيوشهم لتحتل العراق لتسلمهم
السلطة ويشتركون معها في نهب
ثروات البلد وهكذا كلما اتفقت
جماعة مع دولة أجنبية أخرى تأتي
بعد فترة بجيوشها لتحتل الوطن
بحجة تحريره من الخونة أو من
الطغاة أو أي مبرر آخر .!
إذن هو تفسير مضحك
وتبرير أعوج ومنطق الشخص الأناني
الذي فضل مصلحته الشخصية على
مصلحة الوطن والشعب..غدا مثلا
ووفق هذا المنطلق فان طائفة
عنصرية معروفة ستعمل على تأسيس
جيش على شاكلة حزب الله في لبنان
تمدهم إيران بالسلاح والمعدات
والأموال لتسيطر على الجنوب
اللبناني ,عفوا اقصد الجنوب
العراقي ويظهر أنهم يحبون كل شيء
جنوبي ! .. ثم تأتي جماعة أخرى
لتكون حزب في الشمال تزوده تركيا
بالسلاح والمعدات ويكونوا جيشا
يقتطع الشمال العزيز أو جزء منه و
ما يسمون بجيش الصحوة أيضا سيجدون
من يزودهم بالسلاح والمعدات
والأموال ليقتطعوا جزء من العراق
وهكذا إذن هو منطقهم المبرر
للخيانة الذي سيحول الوطن إلى
عصابات مسلحة تتقاتل فيما بينها
وتقسم العراق وتنهب ثرواته لتكون
في جيوب دول الاحتلال ويندثر هذا
الشعب العظيم وثروته التي بناها
قبلهم من هم أوفياء للوطن وتضمحل
كل الانجازات الثورية التي سطرت
بدماء أبناءه وتبدأ بالتبدل رويدا
رويدا كما نرى في مثال تأسيس شركة
بترول انكليزية عراقي هذه الأيام
في انتهاك صارخ لقانون تأميم
البترول العراقي وعودة الاستعمار
الاقتصادي لبلادنا
..
قارنوا الآن في
توصيفاتنا المتفق عليها دوليا وفي
مبررات العملاء ونترك هنا لكم
تحديد من هم الخونة ومن هم
العملاء وستجدون أن لا سبيل
لتحرير الوطن إلا من قبل أبناءه
البررة - فلا شرقية ولا غربية
وإنما وحدة وحدة وطنية - كي نحافظ
على هوية بلدنا وشخصيته وقوامه
المميز ونحافظ على ثرواتنا
وأجزاءه الغالية ..ثم دعوني أسأل
حاكم وطني قومي ولو كان طاغيا
أحسن أم ثلة من العملاء ينهشون في
بلدنا يسرقونه ,يقسمونه ,يهجرون
شعبه ويقتلونهم ؟ أقول: المنطق
والعقل والضمير والدين يحتم علي
القول أن الخيار الأول أصلح بنظري
من الخيار الثاني.. أفلا ترون
أني محق في ما أقول ؟؟
|