قد يناور السياسي ورجل الدولة في لحظة حرج. قد يلف ويدور ليعبر مأزق،
وقد يكلف احدا سواه ليشكل مصدا لتلك اللحظة. ومن الحلول ان يعبر النقطة
التي قد تضعه في عنق الزجاجة. اما ان يكذب على زعماء الامة العربية
كلها وفي قمتهم التي كان عنوانها المصارحة والمكاشفة، فان في ذلك
دلالات لا تضع المالكي في خانة الزعماء العرب، على ما فيهم من عورات
ومثالب ومشاكل.
أخبر المالكي زعماء الامة، ان العراق ذو هوية عربية وانه لن ينسلخ، بل
سيحافظ على هذه الهوية. وهنا يكون المالكي قد كذب على نفسه اولا وعلى
الزعماء العرب ثانيا. لان المالكي هو احد اقطاب تمرير الدستور
(العراقي) الجديد الذي وضعه نوح فيلدمان الصهيوني، وكان لحزبه
والمرجعية الفارسية واحزابها الاخرى بالتعاون مع حزب طارق الهاشمي
الدور الحاسم في اقراره في انتخابات مزورة معروفة. والدستور هذا ينص
صراحة وعلنا على ان (الشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية)،
وليس (العراق جزء من الامة العربية).
نحن لا نجد أية غرابة في أن يكذب المالكي، فهو كذاب بالسليقة
وبالعقيدة، ومدلس تدرب على اخس انواع المراوغة والبهتان في مدارس حزبه
العميل، بل لنقل خلايا العمالة وليس حزبا لكي لا نظلم كلمة (حزب)، وهو
يكذب على اولاده وعائلته وعلى العراقيين والامريكان ويكذب على خلايا
الدعوة العميلة الاجرامية ويكذب على اميركا. نحن نعرف ان أهم مؤهلاته
هي الكذب على الاطلاق. ولكن أن يكذب على زعماء الامة ويصدقوه فتلك هي
كارثة الامة الجديدة. وان لم يصدقوه فلمَ لم يقل له احدهم .. يا مالكي
انت تكذب علينا وعلى دستوركم، وتسيء الى حلفاءك في المجلس الاعلى وبدر
والفضيلة والاحزاب الكردية والحزب الاسلامي، الذين قاتلوا بمرارة
لتمرير هذه الفقرة بالدستور التي تلغي هوية العراق العربية !!
هنا .. ليس العيب على مَن يكذب في القمة فقط بل العيب على زعماءنا
الذين صدقوه او جاملوه او تغافلوا على اساس ان ثلاثة ارباع اصلاح ذات
البين (ليست الفطنة) وثلثه التغاضي.
ننتظر كيف ستتحول كذبة المالكي الى أزمة جديدة لخنازير المنطقة الخضراء
.. ولعل أمانة القمة تنتبه وتطلب من المالكي ان يكون هذا العام هو عام
تغيير هذه المادة الدستورية ليعود العراق (عربيا) قبل ان يرأس القمة
العربية .....
لا حول ولا قوة الاّ بالله ... وانا لله وانا اليه راجعون...
|