تحمل عقيدة
حزب البعث العربي الاشتراكي كل
الأبعاد الاخلاقية التي عرفتها
العروبة كهوية انسانية, والاسلام
كدين سماوي حنيف شكل موقع الروح
لجسد الامة. وأحد اهم هذه الابعاد
الاخلاقية هي حفظ صلة الرفقة
وحمايتها في وجود الرفيق, الصاحب,
الصديق او عند غيابه. وقبل الخوض
في تفاصيل العنوان نذكر بان
الصديق الذي تسايره وتتقبله
وتعاضده وهو جنبك, حاضر معك, لا
يمكن في اعراف البشرية كلها ان
تشتمه او تدينه او تغتابه حين
يغادرك كحضور مادي. واي انسان يقع
في هذا المطب فهو خائن للصحبة
والرفقة والاطر العريضة الواضحة
للعلاقات الانسانية العامة بعد
انقطاع خط سيرها الموضوعي ومنافق
في حقبة التداول الموضوعي.
في مسارات
ديننا الاسلامي الحنيف, الموقف
صريح وواضح في ان المسلم غير طعان
ولا لعان, وان على المسلم ان يذكر
حسنات الميت عند ذكره, وكلنا
يتذكر ان شهيد الحج الاكبر صدام
حسين رحمه الله كان يترحم على
خميني حين يأتي ذكره ويقول بانه
لم تكن معه اية عداوة شخصية ولا
احمل له اية ضغينة سوى انه سياسيا
فرض علينا حرب دفاع عن وطننا
وامتنا .. هذه مبادئ اخلاقية تهدف
الى تعميق اتجاهات اللسان الطيب
واللغة الطيبة توافقا مع حكمة ان
الكلمة الطيبة صدقة، الامر الذي
يتعارض تماما مع الطعن واللعن من
جهة ومن جهة اخرى فانها توسع
دائرة اهتمام المسلم بالعمل الخير
والصالح ليكون ذكره بعد ان يتوفاه
الله بذات النهج والسياق خيرا
وطيبا.
ان من بين القيم الاخلاقية التي
يثقف عليها ويتدرب عليها البعثي
هي قيم الاخلاص والوفاء والامانة
ونكران الذات وحب الوطن والامة.
يقول شهيد الحج الاكبر رحمه الله
في احد احاديثه المعروفة ان
البعثي الذي لا يحب وطنه وامته
ليس بعثيا, والبعثي الذي لا يحب
وطنه لا يمكن ان يحب البعث. و هذه
القيم النبيلة تعني ان يحمي
المناضلون ظهور بعضهم البعض وان
تكون روح الرفقة على درجة من
السمو بحيث ان المناضل يفتدي
رفيقه بروحه. ان من لا يفتدي
صاحبه بروحه لا يمكن ان يفتدي
الوطن بروحه لان الفكر الجمعي
للتضحية في سبيل الوطن والدين
تبدأ من التشكل الذهني المكتسب
على التضحية من اجل ثوابت بعينها.
اذن
, حماية ذكرى
شهيد الحج الاكبر والتصدي لحملة
التبشيع والشيطنة الظالمة التي
تعرض لها تزامنا مع التهيئة
والتنفيذ لحملة غزو العراق وما
زالت متواصلة هو واجب مبدئي تفرضه
مقومات علاقة العقيدة السياسية
المشتركة وقبلها واهم منها قيم
الرفقة والصحبة في الاسلام العظيم
التي قدم رسول الرحمة وصحبه وآله
اعمق التجارب و الصور عنها وتقع
رحلة الرسول الحبيب مع الصديق ابو
بكر رضوان الله عليه واحتماءهم في
الغار بمعونة وحماية رب العالمين
سبحانه وتركهم للخليفة الامام علي
عليه السلام في فراش الرسول في
مقدمة نماذج الاستعداد للتضحية
بالروح من اجل قدسية الصحبة التي
نتمثلها ونقتدي بها.
لقد
حاول الاعداء واصحاب القلوب
السوداء جر المناضلين ولا زالوا
الى خانة الاعتداء على القائد
الخالد صدام حسين لغرض محدد
ومكشوف هو اسقاط صورة القائد
الحبيب المحترم في عقول وألسن
جميع رفاقه ومن ثم في عيون العرب
والمسلمين بحيث تسقط عرى روح
الرفقة وتتحلل المنظومة الاخلاقية
والمبدئية التي ارتكز عليها
البناء الحديدي المميز لحزب البعث
العربي الاشتراكي.وكذلك لاغراض
تهميش وتقزيم وتشويه المنجزات
العملاقة التي حققها القائد
ورفاقه وشعبه في العراق. هذه
الحقيقة مرتبطة ارتباطا حيويا
ايضا مع حملة القضاء على البعث في
العراق وهي حملة معروفة الحيثيات
والمسارات التنفيذية وهي الهدف
الاهم من بين اهداف غزو العراق
للتخلص من الحزب ونظامه الوطني
كعقبة كأداء في طريق تصفية قضية
الامة المركزية فلسطين وعرقلة
مسيرة تطبيع الانظمة الاستسلامية
مع الكيان الصهيوني المسخ. ولهذا
فان اية استجابة ومن أي كان من
اعضاء الحزب الذين تساقطوا بعد ان
ذبحت تجربة الحزب وذبحت معها
المكاسب التي كانوا يجنونها
كمرتزقة
مبادئ وكمنتسبين الى حزب سلطة
وليس الى حزب مبادئ او اؤلئك
الذين اعياهم الدرب غير انهم لم
يناموا في اسرتهم ليموتوا مسلمين
حافظين لعهود واسرار الرفقة بل
جاحدين بها طمعا في رأفة الجلاد
ومغتصب الحقوق او اؤلئك الذين
تهالكت عندهم قيم المبادئ دون ان
يجدو حصنا من قيم الرجولة يتكئون
عليها.
نتساءل
احيانا .. ماذا لو تنكرنا لقائد
افنى عمره من اجل ان يضع البعث في
مسار تحقيق اهدافه العظيمة واثبت
انه حزب قادر على بناء اعظم تجربة
عربية مزدهرة في كل شئ؟ والجواب
انهم سينخرون عظامنا في عار خيانة
محبة وطاعة ومعاونة الرجل الذي
قدم رقبته ورقبة ابناءه على مذبح
الحرية وقضية الامة المركزية
فلسطين. سيتهموننا بخيانة العهود
من جهة وبتهافت الوفاء و وهن
المبادئ والقيم التي ندعي من جهة
اخرى. مثلما هم يخترعون المسميات
ليجبرونا على التخلي عن محبته
وصيانة عهود الرفقة معه فتارة
يسمونها بـ(عبادة الفرد) والعياذ
بالله واخرى بـ(الجبن والانغلاق)
وغيرها الكثير الكثير ونحن نمارس
دورنا كرفاق عروبيون مسلمون في
حفظ العهود حتى الموت.
لقد عرفنا صدام حسين شجاعا يخوض
معنا غمار المعارك حتى انه عزل
مرات خلف خطوط العدو, وعرفناه
مفكرا مبدعا وصلت قدراته الفكرية
الممتزجة بخبرات ميدان البناء
والعمران والتقدم الى تاسيس
المنطلقات الاساسية لنظرية العمل
البعثية, وعرفناه كريما عزيز
النفس, وعرفناه حازما صلبا لا
تثنيه في الحق لومة لائم, وعرفناه
وطنيا قوميا الى حد الشهادة,
وعرفناه رجل دولة وقانون انشأ
قطرا عربيا نموذجا في طريق صيرورة
الامة, وعرفناه مقداما لا تفارق
عيون الصقر فيه التطلع الى
المعالي, وعرفناه مؤمنا بالله
صائما مصليا يدعونا الى قراءة
القرآن وسنة الرسول والفكر العربي
والثقافة العالمية كل يوم, عرفناه
صادقا يستقبل كل يوم مئات من
ابناء شعبة وعلى مدار ثلاثين
عاما, عرفناه حنونا وقاسيا في آن
حين يزورنا في بيوتنا ويجالس
اطفالنا ويضاحك شيوخنا وعجائزنا.
نحن ألفنا له الكتب والشعر
وانشدنا له الاغاني والاناشيد
ورسمنا له الصور وهتفنا ملايين
المرات (
بالروح .. بالدم .. نفديك ياصدام
) وامتدحناه في السر والعلن
وطالبناه برفع هذه وخفض تلك من
الامور, صفقنا له وركضنا مسافات
طويلة علنا نقترب من طلعة وجهه.
ونحن من آزره على اجتثاث العملاء
والخونة من اجراء النظام الايراني
المعتدي على ارضنا ووطننا وحقوقنا
... وآزرناه حين قطع رقاب تجار
الدم في زمن الحصار والجواسيس
والجبناء والمتخاذلين والمتعاطين
بالرذيلة في الدفاع عن العراق
وفقا للقانون وعملا بالقانون ...
نعم فعلنا كل هذا ونحن مقتنعون به
غير مرغمين عليه لانه واجب وطني
.. فكيف نتخلى عنه بعد ان برهن
بالدليل القاطع ليس لنا فقط بل
لكل العالم انه اشجع الشجعان
واوفى الاوفياء واعظم المؤمنين ..
ليس امامنا الاّ ان نحمي ذكراه
ومبادئه العظيمة والا فاننا سنخسر
رجولتنا قبل ان نخسر مبادئنا
ونخسر الشرعية التي تحمي البعث
العظيم في زمن الغدر الاغبر. |