محاكمة البطل منتظر الزيدي التي جرت قبل يومين كانت إمتحان عسير جدا للذين يدّعون ( بالنظام الديمقراطي الجديد وللسلطة القضائية المستقلة ودولة القانون الذي يحافظ على الحقوق )  وإمتحان للوطنية العراقية  ..

وبعد ست سنوات من ( القضاء على العنف والبطش والتعذيب كما كان يروجون !) و( شيوع العدالة وحق المواطن ودولة الحرية والديمقراطية !) قال منتظر الزيدي خلال المحكمة أمام القاضي والأعضاء والمحامين والحضور إن  قائد اللواء العسكري في بغداد عذبه شخصيا وأكد (تعرضه للتعذيب من قبل ضابط كبير) من جهة عليا  وقال : (لن أعلن إسمه خوفا على حياتي حيث قام بتعذيبي وكان حاضرا في اليوم التالي في غرفة التحقيق مع القاضي)..

وإتهم الزيدي أحد شاهدين من مكتب رئيس الوزراء بالاعتداء عليه بالضرب الشديد!..

وعندما يقول مراقب مستقل :

(كيف يمكن ان يحدث هذا في دولة تدعي إنها جاءت لتنهي هذه الظواهر!)

يجيبه الطالباني والمالكي بان (البعثيين فعلوا نفس الشيء ! فلماذا لم يتكلم أحد!!) كما قالوا في فضيحة أبو غريب..

وإستقبل الحاضرون في المحكمة الزيدي وقوفاً وصفقوا له كبطل قومي وسط زغاريد النسوة من أفراد عائلته وهي تستقبله كالعائد من الجبهة ( التي ذكّرت !) القاضي بالقادسية المجيدة ( وكيف حاربنا إيران حليفتهم اليوم ) وكيف كانت العشيرة والعائلة والمنطقة والشارع والقرية تستقبل أبطالها العائدين موشحين بالأوسمة والأنواط وهم ينالون إستحقاقاتهم .. تقلدهم يد السيد الرئيس القائد الشهيد الخالد صدام حسين ..

نفس الزغاريد ونفس النسوة ونفس المواقف وإن كانت بغياب التكريم وغياب القائد.

فيما هتف الرجال في قاعة المحكمة : (علي وياك علي)  مما دعا رئيس المحكمة المُحرَج والذي لا يعرف من أين يبدا وأين ينتهي وهو يرفض الإستماع الى طلبات الدفاع ويسأل أسئلة بعيدة عن الوطنية العراقية ويكرر تحذيراته للجميع داخل قاعة المحكمة باتخاذ اجراءات إذا تكررت الهتافات والتأييد خلال سير المرافعة (خوفا من تأثره بها كأي شخص باع سلعته وضميره وتندم على فعلته ..فلا داعي لتذكيره بها!)..

وخلافا لما قاله (رئيس دولة القانون والديمقراطية والأمن والإعمار والمصالحة !) من أن هنالك جهة وراء ما فعله منتظر فقد نفى الزيدي أن تكون وراء تصرفه اي جهة..فخاب تحليل المالكي ومستشاريه وإنفضحت السلطة ومؤسساتها ومن يجلس على كرسي الإدارة والمسؤولية ..

لقد قال الزيدي إن ما فعله لم يكن مخططاً له مسبقاً.

ولماذا نخطط لننتفض ..ونثور لشرفنا ونتصدى لمن يحاول المس بكرامتنا وعلو هاماتنا ..ولمَن نريد الموت إذا لم يكن للحظة الدفاع عن حقنا ووجودنا ورجولتنا ..وما معنى الحياة التي تحيط بك بعارها!..

ألم يسأل هذا القاضي نفسه وهو يسال عن  حالة (سبق الإصرار والترصد) في الفعل بأنه عندما يخرج هو أو أي عراقي مع زوجته وأهله ويتعرض لهم جندي أمريكي  أو احد مغاوير الداخلية بالإهانة أو التعرض لأهله ..فهل عندما يرد ويدافع وينتفض لعرضه واهله ويَقتُل  أو يُقتَل سيسأل أو يسأل وليه : ( هل عندما خرجت للشارع كانت تقف وراءك المقاومة العراقية وحزب البعث لتقتل جنديا أمريكيا أو شرطي أمن من ميليشيات السلطة عندما تعرضوا الى اهلك؟)..

هل هو غباء القانون؟

أو غباء القائمين على تنفيذه؟

أم هي مذلّة العار وهوان النفس وغياب الغيرة؟..

أم هي ظلم وحيف وديكتاتورية وخيانة  السلطة ورغباتها التي هي فوق القانون؟..

وعن مسلسل ( تحويل الكرات الذي أُستخدم لإنقاذ رئاسة المحكمة!) حوّل القاضي الكرة لملعب المالكي ومستشاريه!..ليجيبوا عن سؤال لا معنى له وهو :

( هل كان بوش في زيارة رسمية ام شخصية للعراق وقت الحادثة ؟)!..

سيستلم المستشارون  في مكتب رئيس (دولة القانون) سؤال المحكمة وسيدلي كل بدلوه وسينقسم الحاضرون وعددهم قد يصل الى أكثر من (100 مستشار ومراقب ومخول ومتنصت ومراقب ) وبعد إستشارة الحكيم والعامري والعنزي الى التيارات التالية :

- تيار يقول زيارة رسمية بدليل ان الطلباني إستقبله وكذلك المالكي والمؤتمر الصحفي وتفقد القطعات واللقاءات ..وإن بوش هو رئيس الولايات المتحدة سواء كان في زيارة رسمية أو شخصية .

- وتيار يقول إنها شخصية لأنها الطريقة التي لا يحرجوا(رياءا)  فيها حلفائهم في إيران ويكسبوا الشارع العراقي.

وسيغيب عن كل هذه  الآراء الجواب الحقيقي الذي يعرفه كل عراقي بما فيهم المالكي ومستشاريه ورئيس المحكمة وأعضائها وهو:

( إن بوش قاتل ومجرم وإرهابي وجاء للعراق كرئيس دولة معتدية وغاشمة وغازية وهي تحتل العراق وتصادر منذ 2003 شرعيته وإرادته وسيادته وشخصيته وسلطاته وبوش جاء متبجحا متشفيا مغرورا بإنتصار مزعوم وتحقيق أهداف كاذبة وملفقة ووهو وراء قتل مليوني عراقي وأكثر من مليوني طفل يتيم عراقي آخر على أقل تقدير ورمّل مليون إمراة ووشّح بالسواد والبكاء مليوني أب وأم وشرد أربعة ملايين عراقي داخل وخارج العراق ودمّر وهدّم كل الدولة ومؤسساتها والبنى والركائز الدستورية والحضارية والعمرانية والقيم والمباديء وزور التأريخ وكسر وحدة العراق وفتت تجمعه وأطلق لإيران اليد الطولى للسيطرة على العراق ونهبه  ونصّب المجرمين والخونة والسراق على حكمه ..وكان على أي عراقي شريف  أن يقوم بما قام به البطل منتظر الزيدي الشهم )..

ومع نهاية الجلسة عادت الزغاريد العراقية والتصفيق إلى قاعة المحكمة مؤيدة للفعل الرجولي الذي قام به منتظر والذي أغاظ ( الذين يتحدثون بإسم آل البيت وتضحياتهم  ) ويرفعون شعارات الحسين عليه السلام ويخطبون الخطب الرنانة عن فكر الإمام الجهادي ومحاربة الظلم والباطل في كربلاء والنجف وبراثا والكوفة والذين مازالوا يتحثون من وراء ( الغرف الزجاجية المدرعة في قصور الجادرية!) والذي أغاظ الشيوعيين الماركسيين اللينيين أعداء امريكا التقليدين! وحاملي راية الكفاح والنضال من أجل المستضعفين والمظلومين والفقراء والمستضعفين من (شيوعيي السلطة الحالية وعزيزهم الحاج ) !..فعل منتظر الزيدي الذي فتح قريحة شريحة كبيرة ممن إحتموا بحراب الأجنبي وأفاعي الطائفية  بدون أن يشملهم ظلم وقتل وإعتقالات بوش وأذنابه وميليشيات إيران ودواب البيشمركة ليكتبوا ويتفننوا في نقد فعل منتظر البطولي ويصفون عمله بالفعل البعثي!..

هذا هو غباء المثقفين في دولة بعيدة عن الوطنية ..

وعند باب القاعة طالب خال الزيدي  محمد حسين موزان إبن شقيقته بعدم إنكار تهمة إهانة بوش بإهزوجة شعبية بلهجة جنوبية رددها عند باب القاعة اثناء خروج المتهم وقال :

(بس لا تتعذر موش آنه) ..

 أي:  ( أياك أن تعتذر وتقول هذه ليست فعلتي )..

أيها العراقيون الأبطال ..

هذه هي إهزوجة أهلنا في العراق ..

إهزوجة الفرات ودجلة والغراف ..

هذا هو نداء العراقيين وهذه هي هوساتهم ..

وهذه هي الوطنية وحب العراق والإنتماء اليه والتضحية بكل شيء من أجله..

لم يكن فعل منتظر الزيدي فعلا مهنيا بل فعلا بطوليا وطنيا ..

ولم يضرب منتظر بوش بإسم البغدادية ليخاف منتسبوها ويطلبون الرحمة والصفح ..

بل ضربها بإسم العراق الذي لن يرحمهم..

ومن ينتقص من فعل البطل منتظر الزيدي أو يحاسبه عليه فهو خائن للعراق ولحليب أمه وللوطنية العراقية ..