لا تنسوا أبدا كونداليزا رايس ودورها التخريبي وما قامت به من جرائم بحق العراق بحكم وظائفها كعضو في برنامج نزع ومراقبة الأسلحة وفي التخطيط الاستراتيجي النووي في قيادة هيئة الأركان المشتركة وفي مجلس العلاقات الخارجية وعملها مع رؤساء الأركان المشتركة في مجال التخطيط الإستراتيجي النووي ثم مديرة في إدارة بوش الأب وعملت في البنتاجون تحت رئاسة كولن باول الذي كان حينذاك رئيسا لهيئة أركان القوات المسلحة ثم كبيرة مديري الشؤون السوفياتية وأوروبا الشرقية في مجلس الأمن القومي ثم مساعدة خاصة للرئيس لشؤون الأمن القومي و مستشارة للأمن القومي ثم وزيرة للخارجية ...والحديث عنها وعن من تبقى من الصقور ..حديث ذو شجون ..

الشرق الأوسط لدى القادة والمفكرين الأمريكان مهم جدا ..ففيه الثروة والمال والسوق الذي يلتهم كل البضائع والمعدات ..وهو المكان الإستراتيجي ..وفيه الطاقة ..وهومعقل الأعداء الذين يشكلون تهديدا للحلفاء !..مثلما هو جنة الأصدقاء الذين ينفذون المناهج والإجندات!..وفيه إسرائيل!..وتشغل الأمريكان في الشرق الأوسط مفردات مهمة في حياتهم وخطاباتهم ومنها الحرية والديمقراطية والعدالة ومساواة المرأة!..وهم ينظرون للمرأة عندنا أنها هي بيت الداء !..وهي التي تصنع الرجال إما أعداءا وإما أصدقاء ..وتخريبها أهم من قصف المواقع والمنشآت!..

والغريب أن كل شيء في الشرق الأوسط ..مربوط بالمصلحة القومية الأمريكية !..

ولايخلو حديث رئيس أو وزير خارجية أو دفاع أو مسؤوا أمني أمريكي من التأكيد على أن مستقبل المنطقة يؤثر على المصالح الأمريكية في العالم!..

ويربطون كل مناقشة وتحليل وموقف وقرار يتخذونه بالقيم الأمريكية !..والغريب أن الكثير من قراراتهم بلا قيم ولا حتى أخلاق !..

وكونداليزا رايس صاحبة الكلمة المأثورة : (إن بوش "غريزي" وعليها هي أن تقوم بتوجية هذه الغرائز بشكل عقلاني!).. والتي فاجئت العالم بقولها عن بوش : (إنه مفكر هائل).. كانت في بداية عملها الحكومي وفي دراستها مسؤولة عن الإتحاد السوفيتي وتحليل نقاط قوته وضعفه ..وبحوثها ودراساتها وتلقين مدرسيها لها في دينفر وخاصة مرشدها جوزيف كوربيل إختصاصي الشؤون السوفييتية والد مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد كلينتون الذي علمها أن قوة الإتحاد السوفيتي ستتلاشى إذا ما وصلوا الى أطرافه ومنعوه من أن يصل الى المنطقة الدافئة من العالم وحدود العراق!..وكلما بقي في زمهرير شتاءه كلما أمكن عزله ..صحيح أنهم لا يستطيعون أن يهزموه في أي منازلة معه في سيبيريا ولكن سيجعلون سيبيريا وحدودها وما زرعوه يطيح به لمصلحتهم! ..

وتعلمت رايس منذ ذلك الوقت ماذا يعني الشرق الأوسط ومن أين عليهم أن يبدأوا !..

وكونداليزا رايس تفهم السياسة كما قلنا سابقا بانها (فن ممارسة عدم المصداقية)!.. ورايس لا تقول شيئاً إلا وتنقضه ولا تفعل شيئاً إلا وتفعل عكسه متنقلة من فشل إلى فشل ومن إخفاق إلى إخفاق فهذه سياسة لا يقوى عليها من يحترم نفسه أو يعرف الخجل.

وكثيرا ما كانت السياسة الأمريكية تعبّر عن مفهومها وقناعاتها الثايتة  بكيفية إعادة التفكير في المصلحة القومية للسياسة الأمريكية الخارجية ..وكونداليزا رايس كانت قد بينت جزء من هذه القناعات في مقالات منها المقالة التي نشرت بدورية الشئون الخارجية عن شهري يوليو/ أغسطس 2008 حيث تناولت من وجهة نظرها الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية ورؤية الوزيرة للعلاقات الأمريكية مع القوي التقليدية والصاعدة بالإضافة إلى تركيزها على إستمرار إحتياج واشنطن للحلفاء كما ركزت رايس على أن بناء الديمقراطيات الذي يُعد أحد أركان المصلحة الأمريكية بالإضافة إلى تعزيز الأخرى الوليدة..

والذي كان مخفيا في السابق أصبح مكشوفا اليوم ..

اليوم بات واضحا من أن العراق كان منذ زمن طويل محور إستهداف العقيدة الأمريكية في دعم الديكتاتوريات وتقويتها للإجهاض على العراق أو التحول الفوري أو التدريجي لحمل شعار الديمقراطيات للإطاحة بالديكتاتوريات للإجهاض على العراق أيضا!..

وكونداليزا رايس كانت تقود حملة فكرية وتثقيفية وسياسية بالحديث عن العراق وهي تركز على السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط والتحديات التي تواجه السياسة الأمريكية هناك والإجابة على تساؤل يشغل العديد من المفكرين في حينها  حول مستقبل الدور الأمريكي عالمياً في ظل تزايد الإخفاقات والأزمات الأمريكية في الكثير من المناطق وتحدي الدور الأمريكي بقوي صاعدة ومنافسة له.

ورايس هي التي خلقت مفهوما جديدا كعادتها للشرق الأوسط ..وهذه المرة ليس الشرق الأوسط الجديد!.. ولكنه تعبير ( الشرق الأوسط الموسع ) وهي حسب تفسير رايس تلك المنطقة التي تضم دولاً تقع ما بين دولتي المغرب وباكستان. وتقول أن السياسية الأمريكية تجاه دول منطقة الشرق الأوسط قائمة على عقيدة قديمة في السياسة الخارجية الأمريكية والتي تستند على المزاوجة بين حقوق الإنسان وتعزيز التطور الديمقراطي. ولكن كان هناك إستثناء في السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط على مدار العقود الماضية. حيث أصبحت السياسة الأمريكية تركز أكثر على الاستقرار. وتشير إلي أن هناك حوار بشأن الديمقراطية بدول المنطقة ولكنه ضعيف وبعيداً عن الدوائر العامة.

ورايس هي الداعمة والمروجة للمفهوم الأمريكي السلطوي في الدمج بين الديمقراطية والإستقرار !..وهي تعترف بصراحة بان الجمهوريين والديمقراطيين معا كانوا ينتهجون نهجا واحدا في دعم القادة المتنفذين والديكتاتوريين ونظم التفرد بالسلطة في دول العالم ذات الإهتمام الأمريكي من أجل قيامهم نيابة عن الولايات المتحدة بنشر الإستقرار ..

ولكن السؤال المهم هنا هو أي إستقرار هو المقصود ؟..والجواب إنه الإستقرار الذي تريده الولايات المتحدة الذي قد يبنى على إثارة المشاكل في مكان آخر لحسابات تحتاجها الولايات المتحدة!..وتقول رايس إن ذلك إستمر الى أن حدثت ضربات 11 أيلول 2001 ليتغير مفهوم العلاقة بين الإستقرار وبين الديكتاتورية السلطوية ..وطرحت رايس مفهوما جديدا آخر للتهديد وهو ما كان يعرف بالعدو البعيد ..

لقد خلقوا مفهوما يستند على الوهم ..وجعلوا للوهم ركائز يمشي بها وصنعوا له طريقا معبدا يسير عليه الى حيث لايعلم ولا هم يعلمون ..لقد علمتهم التقنية أن يصنعوا الأشياء ويرسلونها ثم يجدون لها هدفا بعد حين!..

ويتندر الأمريكيون الصقور ومنهم رايس من تلك العلاقة الجدلية التي تربط الشرق الأوسط و مفاهيم الإرهاب والأمن والديمقراطية والقيم الأمريكية والدولة الحديثة ..وتعاون نغروبونتي وبيرل وفايث وتشيني وبقية مجموعة المؤامرة على العراق لإختيار مكان ما في الشرق الأوسط لتطبيق صحة النظرية القائلة من إن ( تطبيق القيم الأمريكية في الحياة هي التي ستخلق الدولة الحديثة..وسيكون العراق نموذجا !)..

وتقول الفرضيات الأمريكية أن الطريق لشرق أوسط جديد أو واسع يضمن أمن إسرائيل الأبدي خلافا لكل النبوءات يبدأ من بغداد!..

أما الحكيم والمالكي وعلاوي والجلبي والطالباني ومن معهم فقد بدأوا بيادق صغار في المخطط وكانوا مجرد وسيلة معلومات وأوجه شكلية للمعارضة العراقية لإحكام الجزء الباهت والفاضح والعليل منها والذي يتعلق بمبررات إختيار العراق.. وتطور الأمر ليكونوا الجزء الرئيسي من الخطة فأصبحوا وسيلة خلق الدولة العراقية الحديثة!..

ولقد دخلت الولايات المتحدة والمفكرة رايس ودهاقنة الصقور في مأزق كبير عندما إعتمدت على هؤلاء لحمل شعار : (تطبيق القيم الأمريكية لخلق الدولة العراقية!)..في دولة مثل العراق ولها جارة مثل إيران!..

فتصور الطالباني أنه بمجرد أنه أضاف : ( العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي الموحد ..الخ ) سيكون مفتاحا لحل هذه المعادلة الصعبة!..وتطرف الحكيم ليروج لفيدراليات الجنوب والوسط وبغداد!.. في وقت أدرك الأمريكان أن هذه الأدوات إنغمست وغرقت بمصالحها ونزاعاتها التي لايمكن ان تحصل عليها بدون الإنتقام والدم والإقصاء والإجتثاث والسجن والملاحقة والحرب الطائفية وعنصرية الأقاليم فتحول  حلم تجربة تطبيق القيم الأمريكية في العراق لخلق دولة حديثة الى دولة متهرئة ومقطعة ومحاصصة مستنقعات تغرق فيها هذه القيم وبرك مياه آسنة من الفساد والرشوة والطائفية المقيتة .

وتحولت بشكل غريب تلك القيم الأمريكية التي يفترض أن (يحلم !) بها العالم وشعوبه (التواقة للديمقراطية والإزدهار!) الى نموذج عراقي الصفة الغالبة فيه هي العودة الشرهة لإحياء بل وإيغال في التطرف للتقاليد والشعائر المتخلفة المحسوبة على الدين فتحولت دولة العراق الحديثة المطلوب لها ان تكون مثلا ونموذجا الى عودة للخلف بأكثر من ألف سنة ..

ولو طبّق القائمون والمنفذون على إحياء ذكرى عاشوراء ولركضة طويريج وأربعينية إستشهاد الإمام الحسين ما تحمل هذه الواقعة من معاني حقيقية ..ولو درسوا بإمعان ما تعنيه كونداليزا رايس بالتجربة العراقية الفريدة في بناء الدولة الحديثة وما تريده من قيم تتعارض مع ما نادى بها الإمام الشهيد ..

لأنقلب سحر الدجالين عليهم ..

وثاروا على كل قاعدة أمريكية وطردوا الجيش الأمريكي الغازي والمعتدي والمحتل وحرروا سجينات العراق الماجدات ..وإنتصروا للحق العراقي ..

ولو حمل هؤلاء بأيديهم سيوفا لعرفوا أية رقاب تنتظرها..

وكيف أن الغادرون غدروا بالعراق وقيادته وإغتالوا شرعيته وسلبوا إرادته وحريته وإستقلاله..

وكيف أغرق المحتل وتابعيه في السلطة وعملاء إيران العراق في بحر من الدم لو شاء الله أن يرميه في الكوفة لأغرقها كلها وسال الى بحر النجف ليغطيه ..

إنه الفشل الكبير للنظرية..

فشل الصقور ..وفشل رايس ..وقبلها بوش..

فشل لمبتدعيها ومروجيها وحاملي لوائها ..

وعلى الذين إستفادوا منها  ..الباقين منهم والفارين..

أن لا ينسوا ولو للحظة واحدة أن يقرأوا التأريخ جيدا..

وخاصة تأريخ العراق ..وكيف أن الثأر لايموت ..

وكيف أن المال العام والحرام كالنار ..

منها ما يشتعل فورا ..

ومنها ما يبقى تحت الرماد لسنين..

وينتشر.. لينهض فجاة كالبركان ..

لكي لا يبقي ولا يذر

ولو لم نكن حاملين للبندقية اليوم..

لتابعنا رايس ورؤسائها ومن كان مرؤوسا منها..أينما تذهب وفي أي محاضرة وندوة لنرد أكاذيبها الى نحرها..

وجها لوجه..