ما أن اعلنت نتائج إنتخابات مجالس
المحافظات حتى تهافت المتهافتون
من إيران وحكومة الإحتلال لزيارة
المراجع في غرفة حركاتهم في النجف
لإعادة أوراق اللعبة من جديد فقد
جاءت النتائج مخيبة لظن سماحتهم
من كل النواحي فنسبة المشاركين في
الإنتخابات كانت متدنية بأعتراف
المفوضية نفسها وهي لم تتجاوز 45%
ممن يحق لهم الأنتخاب مع محاولات
الترقيع بمضاعفة اعداد المشاركين
بأسماء وهمية وإسعاف مراكز
الإقتراع بصناديق إضافية مملوءة
بأوراق تصويت كاملة وردت من
الجارة الأسلامية، إضافة الى
تصويت ابناء القوات المسلحة
والشرطة مرتين لمنفعة المجلس
الأعلى وقائمة المالكي وغيرها من
الخروقات التي أعلن عنها أو سيعلن
بعد حين، جاءت هذه النتائج محبطة
لسماحتهم وتنوه بإشارة تحذيرية عن
تصدع قشرتهم الخارجية التي تتآكل
يوما بعد آخر لغاية اليوم الذي
سيقول لهم الشعب العراقي بصراحة:
كفاكم ما فعلتم بالعراق سماحة
ثقلءا الظل أخرجوا من البلاد فقد
حولتموها الى أطلال بفتاويكم
المفخخة وبياناتكم الطائفية
الناسفة.
قد يرى البعض ان النتائج التي حصل
عليها المجلس الأعلى للثورة
الاسلامية تعد مفاجأة غير متوقعة
بل مخيبة ومحبطة للآمال للمجلس
الأعلى وذراعه البلطجي قوات بدر
ومرجعه السيستاني, وهي نفس نظرة
النائب همام حمودي من المجلس الذي
ذكر بأن" النتائج كانت مفاجأة
وإنها كانت متناقضة مع
الإستعدادات والاستفتاءات" وربما
يصح موضوع الإستعدادات عبر تحرك
قيادي المجلس على العشائر
العراقية والوعود والأغراءات التي
قدموها لكن لا تصح كلمة
الإستفتاءات حيث لم تجر إستفتاءات
أولية سبقت الإستفتاء الرئيسي هو
ما يجري في معظم الدول! وحسنا فعل
حمودي بإستبعاد بعض التبريرات
بقوله "أن البعض يعزو الأسباب الى
الأخطاء في تحديث سجلات الناخبين
وحظر التجول وغيرها لكن هذه
المشكلات شملت الجميع والبعض
الآخر يُرجع سبب هذه المفاجاة الى
نوع الخطاب السياسي وآخرون يرون
أن شخصيات المرشحين كانت وراء
ذلك" فالإعتراف بالخطأ فضيلة .
ولكن هناك رؤية تختلف مع هذه
النظرة فأن النتائج كانت فعلا غير
متوقعة لأنها فوق إستحقاق المجلس
وليس أدنى كما أشير! فمجيء المجلس
بالمرتبة الثانية بعد قائمة
المالكي في معظم محافظات الجنوب
هي المفاجأة بعينها سيما ان
المجلس قد فقد معظم شعبيته بسبب
الممارسات التي ارتكبها البلطجيان
العامري والصولاغي وتمسكه
بالطائفية البغيضة من خلال الخطب
التحريضية لأبرز قادته كجلال
الدين الصغير وصدر الدين القيانجي
وعمار الحكيم، وخدمته الذليلة
للمخطط الأيراني في العراق
وتسويغه للتدخلات الايرانية في
شئون العراق الداخلية وعدم تبنيه
أجندة أو مواقف وطنية، علاوة على
تآلفه الشاذ مع الأكراد الذين
جعلوا مصالحهم فوق مصالح العراق،
وتكشف حقيقة نواياه الشريرة في
فدرلة العراق وتقسيمه وزيف
الأدعاءات التي يتشدق بها ضد
الشيطان الاكبر بعد لقاء عبد
العزيز الحكيم مع المنظر اليهودي
هنري كيسنجر, بذلك يكون المجلس قد
أعلن المجلس إفلاسه من الجماهير
العراقية كما يفترض! وليس من
المعقول أن يحصد المجلس المرتبة
الثانية في عدد من المحافظات بهذا
الشكل المريب والمثير للشكوك.
بعد ظهور النتائج في محافظتي
النجف وكربلاء معقل المجلس الأعلى
حيث وضع كل ثقله في هاتين
المحافظتين وادخل عشرات الألوف من
الأيرانيين الذين وزعت عليهم
الجنسيات العراقية من قبله,
والفضائح عن صناديق أقتراع وردت
من إيران لتعزز رصيده، إضافة الى
الدعايات التي روجها البعض من
زعماء المجلس بأنه سيتم توزيع
اراضي على من يصوت لصالحه، ودعم
المرجعية للقائمة بطرق معلنة او
مخفية, وتزامن الأنتخابات مع
عاشوراء بتخطيط مبيت بعد أن تم
تأجيلها من تأريخها المقرر عام
2007 الى أكثر من عام بحجة عدم
مصادقة البرلمان على قانون
إنتخابات المحافظات. وأختيار شهر
عاشوراء كما هو واضح لعبة ذكية
لأنها تصب في صالح المجلس المتشبث
بمراسيم السادية من اللطم
والتطبير ويؤمن له فرصة ذهبية
لأستقطاب قوي للجماهير الشيعية
المتعاطفة مع هذه الممارسات
اللااسلامية، مع كل هذا فأنه لم
يحصل على المرتبة الأولى بل جاء
بعد قائمة المالكي! ومن المؤكد ان
ترجيح كفة المالكي على المجلس
جاءت لعدة عوامل من أهمها انه
يترأس الحكومة العراقية مما أمن
له الأمكانات المادية والبشرية
للنجاح في قائمته الانتخابية،
علاوة على توجهه العلماني الجديد
وأعترافه بثغرات الدستور
والمطالبة بتعديلة ونبذه لفدرالية
عبد العزيز الحكيم, وسعيه لكبح
جماح الأكراد المسعورين لتقسيم
العراق وإضعافه، وموقفه الواضح
والمعلن تجاه مسألة كركوك، إضافة
الى ضمان تصويت أغلب عناصر القوات
المسلحة لجانبه والذين يقدرون
ب(600) ألف بعد أن سرت إشاعات
بزيادة رواتبهم! يضاف لذلك أكثر
من (50) ألف معتقل أوعدوا بفرج
قريب إذا صوتوا الى جانب المالكي،
كما ساهمت كراهية الشعب العراقي
للأحزاب الطائفية كالمجلس الأعلى
والحزب الاسلامي وحزب الفضيلة
وحزب الله في رفع منسوب تأييده
وأخيرا إبتعاده مؤخرا عن الطروحات
الطائفية التي عصفت بالأحزاب
الطائفية فجعلت سلالهم ممزقة تسقط
منها الأصوات خلال مسيرتهم دون ان
ينتبهوا لها في حين كان المالكي
يمشي ورائهم بخفة وذكاء فيضع ما
يسقط منهم في سلته حتى ملئت, ومع
هذا تبقى النسبة التي حققها
المجلس الاعلى وحزب المالكي أكثر
من إستحقاقهما ومثيرة للتساؤلات!
من المعروف إن تصويت الجيش
والشرطة انحصر بين قائمتين وهما
المجلس الأعلى وحزب الدعوة الذي
يترأسه المالكي بسبب نوعية
تشكيلهما، وتشير التقارير بان كفة
المالكي رجحت على المجلس الأعلى
بسبب الإشاعات التي سبق أن أشرنا
اليها, ويلاحظ ان هذه القوات تزيد
عن نصف مليون وقد صوتت مرتين وقد
اعترف فرج الحيدري رئيس المفوضية
بأن المفوضية قدمت طلبا الى "
وزارتي الدفاع والداخلية لتزويدها
قائمة بمنتسبيها ليتم شطبهم من
السجل المدني الانتخابي إلا أن
الطلب جوبه بالرفض لأسباب أمنية"؟
من جهة ثانية فأن رئيس المفوضية
قد أعترف بصراحة أن المفوضية ألغت
الكثير من صناديق الإقتراع! رغم
انه لم يشير بوضوح الى سبب هذا
الألغاء ولمصلحة من قد ألغيت؟
من جهة ثانية فإن الزيارة التي
قام بها وفد من المفوضية العليا
للأنتخابات للسيد السيستاني قبل
الإقتراع تثير الكثير من الشبهات.
فما شأن المفوضية وهي كما تبوق
بانها حيادية بهذه الزيارة
وتوقيتها قبل الانتخابات بأيام
قلائل؟ سيما ان سماحته دعم
الأنتخابات ببيان واضح لا لبوس
فيه وحث الناس على المشاركة فيها
رغم إنه لم يظهر لنا الدليل
الشرعي على صحة إجرائها في ظل
الاحتلال الأجنبي أم الأحوط
تجنبها؟ الأحوط كما معروف هي
الكلمة السحرية التي تلازم سماحته
كظله! كما لا نظن ان المفوضية
كانت بحاجة الى مباركة سماحته فقد
باركها رغم أنه غير راض على
إفرازات الأنتخابات السابقة والتي
كانت محصلة دعمه ومباركته أيضا!
والتي بدورها أوقعت العراقيين بفخ
عتاة المجرمين والفاسدين، لذلك
فأن الزيارة تثير الكثير من
الشبهات حولها إذا ما أخذنا بنظر
الأعتبار ان المفوضية تنام بهدوء
على وسادة المجلس الأعلى للثورة
الاسلامية وحزب الدعوة!
كما ان محافظة كربلاء التي ينتسب
محافظها الى حزب المالكي وسخر كل
أمور المحافظة لخدمة حزب الدعوة
الاسلامية بوسائل الترغيب
والترهيب جاءت نتائج الانتخابات
فيها محيرة في غير صالح الحزب بل
لصالح مرشح مستقل؟ وهذا بدوره
يثير الكثير من التساؤلات فكيف
فشل حزب المالكي في عقر داره ونجح
في خارجه؟
المضحك المبكي في المحصلة ان
مفوضية النزاهة اكتشفت بحمد الله
وجود(260) شهادة مزورة للمرشحين
لهذه الانتخابات مضيفة بأن
هناك(127) شهادة موضع شك أي حوالي
(400) شهادة مزورة لممثلين للشعب
العراقي! فإن بدأ هؤلاء الأمعات
حياتهم في الأنتخابات بجريمة
التزوير فما الذي نرجوه منهم
مستقبلا وكيف نأتمنهم على مصالح
الشعب وكيف سيدير هؤلاء الابالسة
المحافظات؟ هل هي عملية استبدال
لصوص قدامى بلصوص جدد؟
والسؤال هو من يتحمل المسئولية عن
هذا الوضع الشاذ؟
بلا شك انها مفوضيتي النزاهة و
الإنتخابات! فكيف سمحت لهؤلاء
المزورين بالترشيح بدون تدقيق
هوياتهم وشهاداتهم مسبقا؟ اليس
هذا خللاً وتقاعسا مقصودا في
عملهما؟ وماذا تخشى المفوضيتان
طالما إنهما نزيهتان وحياديتان
كما تدعيان فلماذا لم تعلنا عن
الأحزاب التي ينتمي اليها هؤلاء
المزورين؟ هل هو الحياء؟ أم
التواطأ؟ او مدارة أطراف معينة في
الحكومة على حساب الشعب؟ وبديهي
أن هذه الخدمات ليست مجانية
فالمواقف لها تسعيرات في
المفوضيتين وترتفع التسعيرة مع
قرب مواعيد الأنتخابات وكشف ملفات
الفساد المالي والإداري؟ ونوفر
على المفوضيتين الحياديتين لحد
الكعب عناء التصريحات التي تزعج
بعض الأطراف الحكومية! فقد تسربت
معلومات من مصادر موثوقة تشير بأن
معظم المزورين من حزب الدعوة فرع
المالكي والمجلس الأعلى للثورة
الاسلامية وأن كانت المعلومات غير
صحيحة ننتظر أن تكسر أي منهما
حاجز الصمت وتعلن حقيقة إنتماءات
المزورين وسنصفق لها عندئذ
بأيدينا وأقدامنا؟
نحن على ثقة تامة بأن أقدام
مفوضية النزاهة على كشف حالات
التزوير جاءت بعد تهديد بعض
الأحزاب ممن لم تشترك بعملية
التزوير بكشف الحقيقة وفق شعار
شمشون" عليً وعلى أعدائي" فأضطرت
مفوضية النزاهة للإعلان عنها وليس
لخطوتها تلك علاقة بمصلحة الشعب
أو أمانة المفوضية وحرصها
ونزاهتها! كما ان المفوضية العليا
للإنتخابات مطالبة بتفسير السبب
الحقيقي وراء تأخير الإعلان عن
نتائج الإنتخابات الى ما يزيد عن
العشرين يوما بعد أن قررت إبتداءا
إعلانها بعد ثلاثة أيام! من
المؤكد ان البعض يفسرها بإعادة
اوراق اللعبة بالشكل الذي يضمن
منفعة القوائم الكبيرة على حساب
القوائم الصغيرة وقوائم
المستقلين؟
عندما يكون رئيس المفوضية بالدف
ناقرا فلا شك أن شيمة موظفيها
ستكون الرقص! فإنتماء جميع اعضاء
المفوضية العليا للإنتخابات الى
المجلس الأعلى وحزب الدعوة يفك
الكثير من الألغاز, مما يستدعي
الضرورة الى تبديل كافة اعضاء
المفوضية والمجيء بعناصر مستقلة
نزيهة غير مرتبطة بالأحزاب
الحاكمة حتى يأمن الناس بأن
اصواتهم بيد أمينة وغير عابثة
فسرقة أصوات الشعب والتلاعب بها
جريمة اشد من سرقة مال الشعب لأن
الثانية ستكون نتيجة للأولى.
والايام القادمة حبلى بالمزيد من
المفاجأت حول الإنتخابات الأخيرة.
|