إن ما دفعني إلى ألكتابه عن هذا
الموضوع هو التشنج الذي يتصف به
البعثيون عندما يسمعون أو يقرءون
انتقادا لهم أو لقياداتهم أو
للممارسات التي قاموا بها أثناء
توليهم السلطة وخاصة الانتقاد على
مستوى الإعلام وكنت اسأل لماذا
هذا التشنج أو رد الفعل القوي
تجاه من ينتقد وكنت أقول مع نفسي
,لماذا لا يتم مناقشتهم وتوضيح
موقف الحزب إزاء موضوع الانتقاد.
وكذلك إن اشرف واعدل من حكم الأمة
العربية والإسلامية هم الخلفاء
الراشدين بعد حكم الأنبياء ,ولم
يشهد تاريخنا سلطة تمثل عدالة
الإسلام مثل سلطة الخلفاء
الراشدين ,ترى الم يخطئ هؤلاء
الخلفاء طيلة مدة حكمهم ,
بالتأكيد اخطئوا هنا أو هناك ,وإذ
يصعب على البعض وصفنا لحكم هؤلاء
العظام بذلك فسوف نقول بأنه توجد
وجهات نظر أخرى ,في تقييم بعض
مواقفهم أو قراراتهم ,خلاصة القول
انه من يعمل لا يخطئ, ولا يوجد من
لا يخطئ فالكمال لله وحده ,وان
مدة 35 سنة وهي حكم الحزب ,لا بد
أن تصاحبها بعض الأخطاء ,إذا
وافقنا على ذلك ,إذن فمن حق
الآخرين انتقاد الأخطاء وبالتالي
لماذا نغضب من نقدهم أو انتقادهم.
قبل الولوج في الموضوع لابد من
التفريق بين النقد والانتقاد,
فالنقد يحمل صفة حيادية قد تتضمن
الإيجاب أو السلب ,أما الانتقاد
فتنحصر دلالاته في الصفة السلبية
فقط ,أي من حق البعثيين أن يغضبوا
عند انتقادهم ولكن ليس من حقهم
الغضب عند نقدهم .
ولو استندنا إلى من لا يخطئ ,إلى
قوله تعالى (وأنا أو إياكم لعلى
هدى أو في ضلال مبين )وهذا موجه
إلى أهل الكتاب وليس إلى
الكفار,ويعني إن رأيي ورأي غيري
يحتمل الصواب والخطأ معا ,أي إن
النقد أو الاختلاف في الرأي مقبول
من قبل الأشخاص أو الأحزاب
الوطنية أي من الشرفاء فقط وليس
قبول انتقاد العملاء وكذلك لا
يجوز النقد لغرض النقد ولا النقد
الهدام ولا قبوله استنادا إلى
قوله تعالى (المؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر )أي إن الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر لا
يجوز إلا للمؤمنين الذين يكونوا
أولياء لبعضهم أي الذين يتشابهون
في إيمانهم أو في مبادئهم وغير
مقبول من الكفار. ولو عدنا إلى
فكر البعث فسنجد إن :
إن النقد و النقد الذاتي هو احد
أركان النظرية التنظيمية لحزب
البعث والمتمثلة بالديمقراطية
المركزية,وبالتالي فان واجب كل
بعثي أن يمارس عملية النقد الذاتي
أولا, أي تجاه ذاته وعمله ومواقفه
وثانيا ممارسة النقد تجاه الآخرين
واتجاه مواقفهم وآرائهم وتصرفاتهم
وهذا يشمل الأفراد والمؤسسات ,على
أن يتم ذلك داخل التنظيم وخاصة
فيما يخص الحزب ومنتسبيه وهذا
مبدأ ديمقراطي ,صحيح إن هناك مبدأ
آخر يفرض عدم النقاش إلا بعد
التنفيذ (مبدأ نفذ ثم ناقش )
والذي هو مبدأ مركزي إلا انه يخص
الأوامر والتعليمات الحزبية والتي
لا يمكن السماح للتنظيم الحزبي
بمناقشتها للوصول إلى رأي موحد,
مما سيحول التنظيم إلى مقهى ثقافي
ولن يستطيع تنفيذ أي نشاط من
أنشطته السياسية أو التعبوية مما
يفرض تطبيق هذا المبدأ ويسمح في
نفس الوقت المجال واسعا للجميع
بمناقشة أي من هذه الأوامر أو
والتعليمات بعد التنفيذ .
إذا كنتم تمارسون النقد في الحزب
فلماذا تغضبون من ممارسته من قبل
الآخرين تجاهكم.وسأسمح لنفسي أن
أجيب عن البعثيين فأقول ,بأننا
نرحب بأي نقد ولكننا لا ولن نقبل
أي انتقاد ومن حقنا أن نغضب من
الانتقاد واعتقد إن ما ذكر أعلاه
يبرر كلامنا .
لقد كان الانتقاد سابقا ذو تأثير
بسيط نتيجة الأدوات المستخدمة
والتي لا تتعدى الاتصال المباشر,
أي من خلال الاتصال بين الأفراد
وكذلك من خلال الإعلام والذي كان
محدود في أحسن أحواله, تأثيرا
وانتشارا حيث كان يقتصر على جريدة
هنا أو خبر في نشرة أخبار هناك
,ولكن الثورة المعلوماتية التي
حدثت في العالم والتي جاءت نتيجة
ثورة الاتصالات واستخدام الشبكة
العنكبوتية (الانترنيت
)والفضائيات قد جعل المعلومة بيد
الجميع مما سهل عملية استثمارها
لضرب القوى الوطنية والثورية أو
المعادية ,بل إن احد أهم أسباب
استخدامها بهذا الشكل الواسع هو
لضرب القوى المعادية للامبريالية
وخاصة بعد نجاح الإعلام في تقويض
الاتحاد السوفيتي إضافة إلى وسائل
أخرى ,مما أعطى انطباعا بان
استثمارها يمكن أن يقوض أي سلطة
معادية للإمبريالية ,ولقد كان
تأثيرها في العراق قبل الاحتلال
محدود لعدم السماح للستلايت
والانترنيت بالعمل في العراق ولكن
بعد الغزو سمح للستلايت
والانترنيت بالاستخدام ,وذلك من
اجل استخدامها لتمرير مخططات
الاحتلال من خلال غسل الأدمغة
الذي تستخدمه القوات الغازية
والعميلة لها من حكومة وأحزاب
وحركات سياسية وكل من له أطماع في
العراق ,ولكل إستراتيجيته وأهدافه
وفكره ولكنهم يلتقون رغم تناقضهم
الظاهري على محاربة البعث ,ولو
أحصينا عدد الفضائيات التي تعادي
البعث ,إضافة إلى مواقع الانترنيت
لشاب الطفل,في الوقت الذي لا توجد
ولا قناة فضائية واحدة تدافع عنه
,عدا وجود بعضها الذي يمكن أن
يصنف على الحياد ,ومنذ اليوم
الأول للاحتلال بدأت الهجمة من
قبل الجميع ولكل خطابه وأسلوبه
وإستراتيجيته في محاربة البعث
إضافة إلى الوسائل الأخرى مثل
اجتثاث البعث والقتل والتشريد
وغيرها ولكن الغريب العجيب إنهم
لم ينجحوا بل الأغرب انه عاد أقوى
مما كان, صحيح اقل عددا ولكن أكثر
إيمانا وأصفى نقاء بعد تخلصه من
الأردان التي علقت به كضريبة
للسلطة ولكثرة منتسبيه وصعوبة
ترشحه من الشوائب في فترة الحكم
,ولا ننسى أن نؤشر إلى إن الفترة
الطويلة التي قضاها في السلطة جعل
البعض من قادته يتناسون بعض
مفاهيم الحزب الأساسية في الكسب
والتقييم ,مما سهل عملية الانتماء
وغيرها من الأخطاء والتي ليس مجال
بحثنا ..
وبعد ما ذكرنا لا بد لنا من توظيف
ذلك في توضيح ممارسات العدو في
استغلال النقد أو الانتقاد في
حربه مع الحزب من خلال استخدام
الماكينة الإعلامية والتي توضح إن
خطورتها اكبر من الاحتلال نفسه
والأصح إن الإعلام هو سلاح ذو
حدين حيث ينقلب إلى الضد عند
إساءة استخدامه.
المهم هو ظهور الكثير من
الاستراتيجيات والخطابات
الإعلامية التي رغم تناقضاتها كما
ذكرنا إلا إنها تتفق على محاربة
البعث وسنلخص وبصورة عامة أنواع
هذه الخطابات ,أي نجمع كل
الاستراتيجيات الإعلامية المعادية
في واحدة لإغراض الاختصار وعدم
الإطالة .
الخطاب
الطائفي :
من المعلوم إن البعث هو حزب قومي
يستند في كثير من مفاهيمه إلى
القيم الإسلامية ,رغم انه حزب
يصنف ضمن الأحزاب العلمانية ,ولم
يتهم في يوم من خصومه بالطائفية
حيث أن اغلب قادته العراقيين
الأوائل هم من الشيعة بل إن احد
قادته السابقين كردي فيلي ,وكذلك
وجود أكثر من مسيحي بين قادته رغم
قلة عددهم في الحزب وفي الشعب
,والمهم إن فكره ومبادئه
وممارساته كانت على طول الخط
معادية للطائفية ,ورغم كل ذلك فقد
كانت أساس إستراتيجية الأحزاب
الطائفية اتهامه وقيادته
بالطائفية وهذه من مهازل مرحلة ما
بعد الاحتلال ,وقد قطعت هذه
الدعوة وهذا الخطاب شوطا وخاصة مع
الناس البسطاء ,ومع الشباب الذين
لم يسمح عمرهم بمعايشة فترة حكم
الحزب ,بل وبدأ هذا الخطاب بخلط
الأوراق ما بين السنة والبعث وان
حكم البعث هو حكم السنة وان
الشيعة تعرضوا إلى مظلومية بسبب
ذلك والدليل انه منع ممارسة
الشعائر الدينية ,والمقصود منع
(اللطم والزنجيل )وغيرها من
الترهات والتي لقيت في بدايتها
بعض القبول من بعض البسطاء وقد
ساعد هذا الخطاب على تحديد
المساحة المتاحة للمقاومة ضد
المحتل في الجنوب مما اكسب هذا
الخطاب تأييد إضافي من قبل المحتل
لهذا النهج رغم انه لم يشارك بهذا
الخطاب بصوره علنية ومباشرة حتى
لا يتهم بذلك وخاصة انه لا يريد
أن يغضب عملائه العرب من السنة
ولكنه مارسها عمليا ,حيث إن ذلك
يصب في احد سيناريوهاته التي تدعو
إلى تقسيم العراق ,وهل يوجد أفضل
من الطائفية كأرضية للتقسيم .
وهنا لا بد من الإشارة إلى دور
تنظيم القاعدة وممارساتهم التي
أعطت مصداقية لهذا الخطاب أمام
الكثير من البسطاء ,وقد مهد ذلك
بل هيأ الأجواء لتقبل الحرب
الطائفية عند أول إشارة وقد جاءت
عند تفجير المرقدين.وقد فشل هذا
الخطاب ولكن بعد أن اوجد شرخا بين
أبناء الشعب والقومية وبالرغم من
دور الحزب وكل الشرفاء في وئد
الفتنة إلا إن الحقيقة هي أن
أخلاقيات ومفاهيم وتراث الشعب
العراقي هي التي حجمت هذه الفتنة
وقبرتها مما فرض على أركان دعاته
أن يحاربوه علنا بعد أن رفضه
الشعب وليس فقط قواه الوطنية,وقد
لوحظ أخيرا مواقف حزب الدعوة
والمالكي وغيرهم من هذا الخطاب
بعد أن كانوا من أوائل مستخدميه
ودعاته .
الخطاب
المعادي للعروبة والقومية
إن القومية وتحديدا الفكر القومي
العربي هو احد أركان النظرية
المعادية للاستعمار والامبريالية
والصهيونية والشعوبية والطائفية
والتجزئة,مما يفرض معاداته من كل
هؤلاء ,وبما إن البعث هو رأس
الرمح للفكر القومي فمن الطبيعي
أن يكون المستهدف الأول من حملة
تشويه هذا الفكر ومحاربة دعاته
ومن قبل جميع أفراد الجوقة ابتداء
بالاسلاميين- وانتهاء بالمحتل
مرورا بالحزبين الكرديين وربما
يضن البعض إن من يدعون بالعلمانية
بمعزل عن هؤلاء وهذا غير صحيح حيث
إن اغلب هؤلاء مرتبطون بالمحتل
الذي هو العدو الأول للفكر القومي
مما يعني اصطفافهم معه حتى لو
أعلنوا خلاف ذلك أي جميع القوى
السياسية الموجودة في الساحة
العراقية وبدون استثناء,وطبعا إن
محاربة الفكر القومي يعني ضمنيا
محاربة البعث والعكس صحيح .ولقد
كان التركيز في حملة هؤلاء على
القومية هي إن العرب لا يريدون
سوى قتل العراقيين من خلال إرسال
المجاهدين العرب لتفجير أنفسهم
لقتل العراقيين,يطرحون ذلك وكأن
العراقيين ليس عربا ,وبنوع من
الإيحاء إن العرب يعني السنة فقط
وكان الشيعة ليس عربا ,وقد نجح
هذا الخطاب لفترة معينة ومع عدد
محدد
وبعد ذلك ظهرت ردود أفعال عكسية
من خلال رد العشائر العربية في
الجنوب وكذلك خسارة المجلس الأعلى
في انتخابات المحافظات والتي كانت
صفعة بوجه أصحاب الخطاب المعادي
للقومية وللعروبة ولكن الملاحظ إن
حزب الدعوة بعد أن كان من أوائل
من تبنى هذا الخطاب أصبح يتبنى
الفكر العربي ويهاجم أعدائه وكأنه
تبنى الفكر ألبعثي .
التركيز
على ما تسمى
( أخطاء النظام
)
إن الحملة الإعلامية ضد سلطة
الحزب في العراق لم تبدأ بعد
الاحتلال بل ابتدأت منذ استلامه
السلطة,وكما قلت سابقا بأنها لم
تكن مؤثرة على الداخل لضعف وسائل
الاتصال إضافة إلى النجاحات التي
حققها الحزب في قيادة الدولة مما
جعلت الدعاية المضادة تخرس ,عند
تعرضها للحزب ,من قبل جماهير
الشعب,وقد كان المنعطف الخطير
الأول الذي أتاح الفرصة للإعلام
المضاد للتحرك وهو مستند إلى
أرضية يمكن استغلالها هي الحرب
العراقية الإيرانية ,ولم يكن
الخلل الذي استغله الأعداء يكمن
في عدالة الحرب ضد الهجمة الصفوية
الإيرانية ,بل العكس وبالرغم من
محاولة الأعداء اللعب على وتر
الطائفية إلا إن الأسلوب الذي
استخدمته القيادة في إدارة
العملية والأكثر هو الإيمان
والقناعة لدى شيعة العراق
وعروبتهم قد فوتت الفرصة على نجاح
الخطاب الطائفي الإعلامي في
وقتها,ولكن تحرير الكويت قد جعل
العراق في عزلة حيث فقد تأييد
اغلب الأنظمة العربية بعد أن كانت
مساندة له في حربه مع إيران وحفز
الغرب عموما على معاداته بعد أن
كان يوصف بالحياد أثناء القادسية
الثانية ,ورغم عدالة الموقف
العراقي إلا إن مصالح الدول
الغربية والعربية جعلت المسالة
بمثابة احتلال دولة قوية لدولة
ضعيفة ,وأصدرت قراراتها سيئة
الصيت في الحصار الاقتصادي إضافة
إلى ضرب جيشه المنسحب من الكويت
,لقد جاء الحصار في وقت كان
العراق أحوج لكل دولار عائد من
مبيعات النفط ,أي الخزينة خاوية
والاقتصاد متهرئ بعد حرب ثماني
سنوات والشعب والجيش في حالة
انكسار بعد أحداث الكويت وصفحة
الغدر والخيانة ,ورغم ذلك فقد صمد
الشعب طوال ثلاث عشرة سنة من
الحصار الظالم ,إلا انه من
الطبيعي أن يجد المحتل ومعه القوى
المعادية الكثير من النقاط التي
يمكن استغلالها لشن الحرب النفسية
ضد حكم الحزب وخاصة في ظل أوضاع
اقتصادية سيئة ,فما كانت حرب
دفاعية أصبحت اعتداء على الجار
المسكين وعملية إعدام الخونة
الذين طعنوا ظهر الجيش عند
انسحابه من الكويت أصبحت مجازر
جماعية وهكذا وبدأت اكبر عملية
تزوير للتاريخ وبالرغم من كل ذلك
لم يحقق هذا الخطاب النجاح المرجو
منه ,ليس لأنه غير صادق فقط
والأصح انه بالغ لحد قلب الحقائق
في كثير من اتهاماته والتي كان
يعيشها الشعب وهي ليس بعيدة عنه
زمنيا ,لم ينجح لسببين رئيسيين
الأول هو مبالغته وتبرير كل
أخطائه (وما أكثرها )على الحكم
السابق حتى لو لم يكن هناك أي
رابطة , والثاني هو عدم وجود من
يدافع عن الحزب والنظام مما فوت
الفرصة على الأعداء للدخول في
مماحكات إعلامية كان يتمناها
,وجعل من إعادة ترديده نفس
الاتهامات كل يوم أشبه بالمجنون
الذي يكلم نفسه دون مجيب .
بل وفرض على المحتل وزبانيته ترك
هذا الخطاب مما يوضح إن
إستراتيجية الحزب الإعلامية كانت
ناجحة جدا والتي ربما يكون مجبر
عليها لعدم توفر الأدوات ولا
الإمكانيات إضافة إلى وجود
أولويات الجهاد والتي تتلخص بترك
الأعداء استنادا إلى المثل العربي
(القافلة تسير والكلاب تعوي ).
الديمقراطية
من أهم الأهداف التي بررت احتلال
العراق حسب ادعاء المحتل هي تطبيق
الديمقراطية ,وبالمفهوم الغربي
تحديدا ,وقد استند في ذلك إلى
دكتاتورية نظام(الشهيد صدام )
والنظام الشمولي وغيرها من
التعابير المستوردة مثل الشفافية
والتي بمجملها تناقض ما بينها
وبين الحقيقة, ولكننا لا ننكر
نجاح تسويقها في المرحلة الأولى
,والتي كشفها الواقع بعد ذلك وليس
الخطاب الوطني فقط ,أي إن فعل
المحتل وفعل رجال عمليتهم
السياسية الفاسدة قد وضح للجميع
أن كل هذه المفردات أو المصطلحات
السياسية ما هي إلا جزء من مهزلة
الاحتلال,وهذا ليس تحليل المثقفين
والوطنيين فقط, بل كلام الإنسان
البسيط مما يوضح مدى فشلهم بل
وجعل الكثير من أطراف العملية
السياسية ينقلبون عليها,بل
ويستخدمون نفس مفردات الإنسان
البسيط في توصيف الحالة السلبية
للسلطة بعد مقارنتها مع سلطة
البعث.
إن ديمقراطية الغرب نشأت بعد
الثورة الصناعية تلبية لحاجات
المجتمع الغربي بعد تقليم أظافر
الإقطاع ونشوء طبقة جديدة هي
الطبقة البرجوازية والتي أصبحت
بحاجة إلى من يحميها ويحمي
مصالحها ,ولا بد من إيجاد نظام
للسلطة يعتمد على الوصول إلى
السلطة من خلال طرق لا تعتمد على
القوة وان الثورة الفرنسية التي
أسست لمبادئ حقوق الإنسان
والديمقراطية قد بنت الأرضية
الثقافية لتقبل هذا الطرح حتى من
قبل ملوك أوربا وأقطاب النظام
القديم من أمراء الإقطاع ورجال
الكنيسة التي قوضت سلطتها
التعاليم اللوثرية,وقد فرض الوضع
الجديد بداية الديمقراطية من خلال
إقامة مجالس منتخبة وبدأت عملية
فصل السلطات وما إلى ذلك من وسائل
الديمقراطية والتي تساعد على
إيجاد الأرضية الملائمة لبناء
سلطة الطبقة البرجوازية وعلى حساب
سلطة الإقطاع وسلطة الملوك وسلطة
الكنيسة وكل ذلك لتوظيف السلطة
لخدمة الطبقة البرجوازية من خلال
سن القوانين التي تحمي الطبقة
وتطلعاتها وما تلا ذلك من احتلال
للدول لغرض إيجاد الأسواق التي
تستوعب إنتاج هذه الدول والأدق,
الإنتاج الذي تمتلكه تلك
الطبقة,أي إن الديمقراطية ما هي
إلا وسيلة لحماية مصالح الطبقة
الرأسمالية ,ولذلك نرى في العراق
بعد الاحتلال إن الدعوة لحرية
السوق قد تزامن مع الدعوة إلى
الديمقراطية لأنها انعكاس لسلطة
رأس المال والذي لا يتواجد لا هو
ولا الطبقة التي تمثله في العراق
مما يعني وبعد العولمة وحرية
التجارة ,يعني انعكاس لسلطة رأس
المال المستورد أي الاستثمارات
الأجنبية والتي رغم التطبيل
والتهويل لم تنجح عملية إغرائه
للاستثمار في العراق لكثير من
الأسباب .
إن الجهلة من الناس يظنون إن
الديمقراطية هي عملية دستور
وانتخاب وبالتالي يمكنهم انتخاب
من يريدوه وقد بينت السنوات
القليلة الماضية لهم تفاهة
الموضوع مما اجبر الأحزاب
الطائفية على تبديل خطابه من اجل
إقناع الناخب, في عملية تمويه
للمواطن لا تلبث أن تتضح .
وسوف نحتكم إلى خير من حكم ,إلى
حكم الخلفاء الراشدين لنوضح أي من
أنواع السلطة أفضل لمجتمعنا ,هل
هي الديمقراطية أي الانتخابات أم
حكم الفرد,أم غيرها .
سنعود إلى التاريخ قليلا حيث إن
الخليفة الراشدي الأول قد تم
انتخابه من قبل النخبة من الأنصار
والمهاجرين أولا ثم تم اخذ البيعة
من بقية المسلمين,بينما الخليفة
الثاني قد عين تعيينا من قبل
الخليفة قبل وفاته ومن ثم تم اخذ
البيعة من بقية المسلمين,أما
الخليفة الثالث فقد تم انتخابه من
قبل القيادة (إذا جاز هذا التعبير
)المعينة من قبل الخليفة والذين
هم قادة كبار في الإسلام في تلك
الفترة ,أما الخليفة الرابع فقد
امتنع عن الخلافة إلا بعد مبايعته
في بيعة عامة.
من ذلك يتضح إن الإسلام ومن خلال
ممارسات الخلفاء الراشدين لم يحدد
نوعية محددة للسلطة ,بل إن الظروف
التي يمر بها المجتمع هي التي
تحدد ذلك ,بل وحتى قوله تعالى
(وأمرهم شورى بينهم ) واجب على
صاحب الأمر في كل وقت ,والعجيب أن
من يرفض الديمقراطية فكرا وسلوكا
واقصد الأحزاب الطائفية ,يتمسك
بها ويتقاتل من اجلها لأنها تظن
إنها ستضمن له السلطة ولن يمر وقت
طويل ليعود إلى ماضيه وذلك بعد أن
ترفضه حتى ديمقراطيتهم المزعومة
فاليوم سقط الحكيم والهاشمي وغدا
سيسقط الآخرين,فالسلطة ليس عمامة
ولطم وزنجيل ولحية طالت أو قصرت
بل هي تضحية وإيثار وعمل وإخلاص
وصدق وشجاعة وحب للوطن وفهم لحركة
التاريخ إضافة إلى الفكر القادر
على استيعاب حاجات المجتمع
والمرحلة والاهم التنظيم القادر
على تنفيذ هذا الفكر , وليس بينهم
من يتصف بأي منها لا هم ولا
أتباعهم فكيف سينجحون؟
خلاصة القول إن الديمقراطية
وبالمفهوم الغربي لا تصلح
لمجتمعنا في الوقت الحاضر لسبب
بسيط هو إن الوعي لدى المواطن ما
زال يحتاج إلى نضوج بل إن فترة ما
بعد الاحتلال والتي جاءت
بالطائفية وغيرها من الأمراض
الاجتماعية تفرض إيجاد أساليب
أخرى .وعليه فان الخطاب الإعلامي
للمحتل ولزبانيته وبالرغم من انه
ما زال يستهوي البعض إلا إن الزمن
القادم سيوضح لهؤلاء تفاهة هذا
الأسلوب بهذه المرحلة.
محاربة
المقاومة
لقد فاجأت المقاومة المحتل قبل أن
تفاجأ عملائه من الأحزاب
والتكتلات الكارتونية التي جاءت
معه ,مما جعلها تتخبط لعدم تهيئة
خططها لمجابهة مثل هذا الوضع
الصعب ,ولذلك نرى إن الكلب الأبيض
قد أعلن من فوق إحدى القطع
البحرية الأمريكية وأمام شلة من
جنوده القتلة عن انتهاء العمليات
الحربية في العراق ,ولم يخطر في
باله إن ما يعلن عنه هو بدا
عمليات التحرير والمقاومة وليس
نهايتها مما يوضح ضحالة التفكير
الغربي وعدم تمكنها من فهمنا ولا
فهم ثقافتنا وتراثنا الذي نستمد
منهما أخلاقياتنا ,واللتان
ترتكزان على الدين الإسلامي
والقومية العربية .
إن الخطاب الإعلامي للمحتل
وعملائه قد تركز في البداية على
محورين أساسين في الإستراتيجية
التي باشر بها وهما أولا تفتيت
وحدة الجهاد من خلال وصف المقاومة
بأنها مقاومة سنية وليس عراقية
وقد نجح في ذلك إلى حد ما وكان
حجر الزاوية في نجاحه هو بعض
الفصائل المسلحة ونعني بالأخص
القاعدة التي ساعدته من خلال
تكفيرها للشيعة وقيام الكثير من
مجاميعه بقتلهم وتشريدهم من مناطق
سكناهم مما حدد مناطق الصراع مع
المحتل وقد طبل المحتل لذلك مثل
المثلث السني وغيرها من التعابير
التي يقصد بها إن المقاومة هي
سنية فقط ولا تمثل الشعب ,وفعلا
نجح المحتل وبمساعدة أحزاب
العمالة جميعها أي كل الأحزاب
المشتركة في ما يسمى العملية
السياسية,نجحت في تحييد أغلبية
الشيعة بل استقطبت الكثير منهم
بعد نجاحها في المحور الثاني الذي
يتلخص في إن ألشيعه قد مروا
بمظلوميه تتلخص في إبعادهم عن
الحكم رغم إنهم الأغلبية مما أدى
إلى انفراد السنة بالسلطة ,وقد آن
الأوان لحكم ألشيعه وان المحتل هو
صاحب الفضل عليهم لأنه سيسلمهم
السلطة التي لم يستطيعوا الوصول
إليها وبالتالي يجب عليهم تقديم
الولاء للمحتل بل ومحاربة
المقاومة التي تريد إعادة البعث
إلى السلطة أي إنها تريد إعادة
السلطة إلى ألسنه,وقد كان هذا
الطرح بمثابة أمنية للأحزاب
الطائفية التي تحققت كل أمنياتها
مرة واحدة .
ولم يكتف بمحاولة تفتيت الشعب
وبالتالي المقاومة ,بل شن اكبر
حملة تشويه للمقاومة ولكل
فعالياتها ابتدأت بتسخيف عملياتها
ومنع نشر أي معلومات عن أي عملية
إلا التي لا يمكن السكوت عنها مثل
العمليات داخل بغداد والتي سمع
الآلاف بها أو العمليات القذرة
التي تسيء إلى المقاومة ,وفي نفس
الوقت تأسيس مجاميع من العملاء
تقوم بعمليات قذرة ضد أبناء
الشعب لتشويه سمعة المقاومة
,إضافة إلى التركيز على إن عمل
المقاومة محدود ولا يتناسب مع
تضحيات الشعب ,وماذا يعني قتل
بضعة أفراد من جيش الاحتلال هنا
أو هناك ,وغيرها من أطروحات عملاء
الدولار .
نظرية
المؤامرة
لو استرجعنا الذاكرة لرصد كل
المصطلحات والتعابير التي
استخدمها المحتل وعملائه فسنحتاج
إلى مجلدات ,وسنكتفي ببعضها ومنها
إن أي طرح أو تحليل, يتهم صاحبه
بأنه من دعاة نظرية المؤامرة ,حيث
اعتاد اغلب العرب اتهام الغرب
والولايات المتحدة,بترتيب
المؤامرات ضد العرب والإسلام
وقضاياهم ,مما جعلنا مهووسين بهذه
التهمة فما هي مشكلة هذا الاتهام
.
من المعروف إن الغرب عموما يخطط
لكل شيء ولسنوات طويلة ولا يوجد
في قاموسه شيء اسمه الصدفة بعكس
العرب,هذا هو منطق المعجبين
بالغرب والعملاء ,ولكن عندما يتهم
أي واحد الغرب بأنه خطط لفعل شيء
سيء للعرب ,يتهم بأنه من أصحاب
نظرية المؤامرة ومن نفس الأشخاص
الذين سبق وان ثبتوا إن الغرب
يخطط لكل شيء .
والمصطلح الثاني الذي أورده كمثل
هو وصف المقاومة بالإرهاب.
إن العملاء في دارفور السودان هم
وطنيون والسلطة السودانية سلطة
دكتاتورية وتقوم بتطهير عرقي
وغيرها ومقاتلي الحزبان الكرديان
اللذان حاربوا الجيش العراقي
أثناء حربه مع إيران هم وطنيون
,والعرب الأفغان عندما كانوا
يحاربون الاتحاد السوفيتي لتحرير
بلدهم أبطال ومنظمة بدر التي
أنشئها العدو الإيراني أثناء حربه
مع العراق منظمة وطنية وغيرها من
الأمثلة ,ولكن المقاومة العراقية
للمحتل كفر, ومنظمة مجاهدي خلق
الإيرانية في مد وجزر, يوم
إرهابية ويوم تحررية وحسب الطلب
وحماس في فلسطين منظمة إرهابية
وكذلك حزب الله في لبنان إرهابي
,وهذا ديدن الامبريالية ولكن
الغريب من بعض الأحزاب الطائفية
التي تعتبر حزب الله هو الحزب
القومي والمقاوم الوحيد العربي
والإسلامي المدافع عن القضية
الفلسطينية وفي نفس الوقت تقوم
هذه الأحزاب والحركات السياسية
بعمليات قتل وتشريد ضد
الفلسطينيون في المنطقة البلديات
في بغداد والمبرر هو مساعدة هؤلاء
الفلسطينيون للمقاومة العراقية في
الوقت الذي تعتبر المقاومة عدوها
الأول والأخير .إن هذا التناقض
يوضح استعارة هؤلاء العملاء حالة
الوصف حيث تتغير وحسب موقف قوى
المقاومة من الامبريالية ,وهذا هو
الذي يحدد وصفها ,وقد تعلم هذا
المنطق الأحزاب العميلة من المحتل
تصورا منهم إن هذه الترهات التي
يملئون بها الفضائيات هي التي
ستنهي المقاومة ,مما يوضح أنهم لم
يكونوا ثوار في يوم من الأيام حسب
ادعائهم وإلا لأعطوا الحق
للمقاومة ولما وصفوها بغير ما يجب
أن توصف به.
إن غايتنا من استعراض لبعض مفردات
إستراتيجية الإعلام لدى المحتل
ليس فقط من اجل توضيح سبب غضب
البعثيين والذين من حقهم بل واجب
عليهم الغضب من كل من ينتقدهم
,وقد بينا مبررات ذلك ,ولكن
غايتنا الأساسية هي توضيح مسالة
أساسية بعد أن اشرف المحتل على
الهروب وعلى المقاومة والبعث
وقائدها إعداد العدة لمرحلة إعادة
تكوين الدولة والمجتمع وما
ستواجهه من حرب إعلامية وهذه
المرة بوجود الستلايت والانترنيت
والنقال أي إن المرحلة تختلف كليا
وان الحرب القادمة ستكون إعلامية
بحتة,وأنا على يقين إن القيادة قد
أعدت الخطط اللازمة لإعادة
المؤسسات وللاقتصاد والخدمات
والأمن وغيرها ولكن ربما يكون
الإعلام ليس بأولوية رغم أهميته
,حيث انه أصبح جزء من الأمن
القومي لأي دولة,وسيستمر الانتقاد
رغم إقرارنا بما يمثله لنا ولكن
المهم ليس رأينا بل رأي المتلقي
أي المواطن البسيط وإذا كانت
المرحلة الماضية تبرر لنا
انشغالنا بالجهاد وعم توفر
الأدوات الإعلامية وفي نفس الوقت
عدم مسؤوليتنا عن الخدمات
والاقتصاد وغيرها من أمور الحياة
اليومية للمواطن فسنكون مسئولين
عنها وسيلجأ الأعداء (وهم
كثر)ومنذ اليوم الأول للتحرير
بتشغيل الماكينة الإعلامية
لمحاربة الحزب وسلطته وعلينا أن
لا نتهاون مع هذه المسالة ,فحرب
المعلومات هي الحرب القادمة
من ذلك يتضح إننا بحاجة إلى
إستراتيجية إعلامية تتضمن شقين
الأول هو إستراتيجية ايجابية
لتوضيح مواقف الحزب وسياساته
الحالية والمستقبلية والدفاع عنها
ونقدها بما يؤدي إلى تصحيحها
,والشق الثاني هو إستراتيجية
الهجوم المقابل ,أي كيفية الرد
على الخطاب الإعلامي المعادي .
وأخيرا ربما سيقول البعض ما هذه
السفسطة ,انتم ملاحقون وكل يوم
يستشهد منكم العشرات ,والاحتلال
جاثم على صدر بلدكم ,وأنت تتحدث
عن إعلام ما بعد النصر والتحرير,
فأجيب أولا ,إنني أرى النصر قاب
قوسين أو اقرب .
ثانيا ,ولماذا لا نضع الخطط منذ
الآن ولكل حلقات الصراع القادمة
,مثلما نضع خطط التنمية والسياسة
وغيرها بل واقترح تشكيل لجان
للعمل على ذلك ,ويكفي أن نسترشد
بالقول المأثور (اعمل لدنياك كأنك
تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت
غدا ).
وأخيرا
سأجتاز الخطوط الحمراء ,كما
يقولون ؟!!!
إن أي فرد أو مجموعة سواء كانت
منظمة سياسية أو سلطة أو حزب
تتركز إخفاقاتها على أخطاءها
,والخطأ نوعان إما فكري مبدئي أو
عملي ,الأخطاء الفكرية تكون قاتلة
وليس لها حلول على مستقبل الحركة
أو الحزب ,أما الأخطاء العملية
المتأتية نتيجة الممارسة,فهي أما
أخطاء إستراتيجية أو تكتيكية ,ومن
الطبيعي أن تكون الأخطاء
الإستراتيجية صعبة المعالجة
والتبرير لما تمثله من تأثير كبير
لأنها عبارة عن قرارات تتخذ بمعزل
عن الفكر أو بطريقة مغايرة
للمبادئ التي يؤمن بها ذلك الحزب
,أو نتيجة فهم خاطئ للفكر أو بقصد
تطويع الفكر لصالح إرادة القائد
أو القيادة أو مصالحهما,أما الخطأ
التكتيكي فهو على الأكثر يتعلق
بخطأ التوقيت أو الأسلوب أو
المكان فهو صحيح ومبرر مبدئيا
ويخدم الإستراتيجية ولكن خطأه
متأتي من عدم تهيأة شروط
ومستلزمات نجاحه,علما إن هناك
أخطاء تكتيكية قاتلة ,ولو عدنا
إلى الوراء لرأينا إن جل أخطاء
القيادة (في حالة الإقرار عليها
أو في حالة وجودها ) هي أخطاء
تكتيكية وهذا بمعزل عن تأثيرها
السلبي وحجمه ,وسأورد مثال عن
(خطأ تكتيكي لقيادتنا) ,والذي هو
ليس خطأ بمنظورنا ومنظور أي منصف
إلا وهو إعدام المشاركين بإحداث
الدجيل والتي هي عملية إعدام
للمشاركين في عملية محاولة اغتيال
لرئيس الدولة وأثناء الحرب,مما
يفرض وعلى أي دولة ديمقراطية أو
دكتاتورية, شرقية أو غربية
,محاكمة هؤلاء بل وإعدامهم دون
محاكمة ,ولكن بالرغم من
محاكمتهم,محاكمة عادلة,إلا إن
المبرر السخيف الذي استندت عليه
محكمة العار هو عدم وجود مؤامرة
ضد رئيس الدولة ,إن هذه الترهات
التي استندت عليها المحكمة أو
غيرها استفادت من نقطة أساسية وهي
عدم علنية المحكمة ,وأنا استغرب
لماذا لا تكون المحكمة علنية
لتقبر كل التخرصات والأقاويل التي
قد تستغل من قبل هذا أو ذاك اليوم
أو غدا,وأنا اقصد كافة المحاكمات
التي تجري في ظل حكم الحزب ,إن ما
كان مقبول سابقا لن يكون مقبول
مستقبلا وبوجود الفضائيات
والماكينة الإعلامية الغربية
وذيولها سواء في المنطقة العربية
أو غيرها.
أي إن الخطأ لا يتم إلا نتيجة
قرار متخذ من قبل القيادة ,إذن
فكل قرار يتم اتخاذه (كمبدأ)
يحتمل الخطأ والصواب ,وهنا يأتي
دور القيادة وحكمتها ,وبما إننا
نتكلم عن التقييم السياسي لحكم
الحزب وبالذات عن حزب البعث ,فهل
يحق لنا مناقشة هذا الموضوع ,كما
يطلب البعض ,لقد أجاب الرفيق أمين
سر القطر شيخ المجاهدين عن ذلك في
معرض إجابته على احد استفسارات
رئيس منظمة أو جمعية ألشيعه
الجعفرية ,والتي ملخصها ومستند في
جوابه إلى النظام الداخلي وهو
قانون الحزب الداخلي والذي يحدد
الجواب الرسمي والقانوني للحزب
وليس رأي أو اجتهاد شخصي وهو بان
أي تقييم لقيادة ما أو لقراراتها
لا يتم إلا من قبل المؤتمر الذي
انبثقت عنه تلك القيادة .وهذا
جواب شافي ووافي وقانوني,أما من
يحاول أن يتصيد في الماء العكر
كما يقولون ويريد عقد مؤتمر قطري
لا لشيء ولا لضرورة سوى لتقييم
أخطاء المرحلة الماضية فلن نقول
لهم بأنه لا توجد أخطاء,ولن نقول
إن النظام الداخلي لا يسمح بل
هناك ما هو أهم ,فهل إن ضرورات
المؤتمر أهم من الجهاد والتحرير
,هل من المنطقي والمبدئي الاهتمام
بمن يكون عضوا في القيادة أو
غيرها من الأمور وعلى حساب
متطلبات الجهاد ,وما أهمية
القيادة بل والحزب إذا لم يتقدم
الجهاد على كل شيء, وما هو مبرر
وجودنا كبعثيين ,إذا لم يكن
شاغلنا وحياتنا مرتبطة بالجهاد
.وهنا لا بد أن اعذرهم ,لان من
استسهل النضال بالمراسلة وعبر
شبكات الانترنيت والمحمول لا بد
أن تشغله مثل هذه الأمور وتأخذ
الأولوية في أجندته الخاصة .
وبغض النظر عن وجود أخطاء من
عدمها ,فان مسيرة 35 سنة من حكم
الحزب لا بد أن تفرز بعض الأخطاء
,وحتى لو كانت وجهة نظرنا عكس ذلك
في تقييمها ,إلا إن الآخرين لهم
الحق في النظر إليها كأخطاء
وعلينا تبرير تلك الأخطاء شئنا أم
أبينا ,اليوم أو غدا ,ولكنه يبقى
استحقاق يجب تأديته عندما تسمح
الظروف وبنفس يبتعد عن التعصب أو
الانفعال ولا نلتفت إن جاء تأشير
ذلك من بعض مفاصل الحزب أو من
أصدقائه أو من أعدائه ,فالمهم هو
تقييم ذلك وتأشير الخطأ في حالة
وجوده مما يستلزم تقييم المرحلة
الماضية .
إن تقييم المرحلة الماضية أي
مرحلة ما قبل الاحتلال ليس واجب
حزبيا فقط وإنما حق للشعب
وللتاريخ علينا ,والسؤال المهم
جدا متى يتم التقييم ومن له الحق
بإجراء هذا التقييم ؟
لقد حدد النظام الداخلي جواب
الشطر الثاني عند ما حصر صلاحية
تقييم القيادة السابقة وقراراتها
بما فيها سلطة الحزب بالمؤتمر
القطري,ولكن متى يتم ذلك فان
القيادة وحدها التي تقرر وتبقى
ظروف الجهاد ومستقبل العراق هو
الحاسم.ولنا عودة إن شاء الله .
|