تصاعدت في الآونة الأخيرة بعض التحليلات العربية تطالب الدول العربية
باتخاذ مواقف أكثر قوة وحزم أمام الكيان الصهيوني وأمريكا مستندة إلى
الموقف الإيراني الصلب والذي فرض على الولايات المتحدة الأمريكية
الانصياع إلى مشيئته ,فبدلا من التهديد باستخدام القوة لجعل إيران
تتراجع عن بناء مفاعلها النووي, بدأت تتوسل اللقاء مع المسئولين
الإيرانيين لبحث الموضوع ,هذا التحليلات التي صدرت عن بعض الإعلاميين
العرب المعروفين بمواقفهم القومية قد أثارت بعض البعثيين والقوميين
وخاصة العراقيون منهم , واعتبروها تراجع من هؤلاء عن مواقفهم السابقة
في أحسن الأحوال ,تراجع عن مواقفهم القومية المعلنة ,وبالرغم من أني
اتفق مع الاتجاه القومي الذي يدين محاولات البعض لتبييض وجه إيران ,بل
وجعلها المدافع عن القضايا العربية أو الإسلامية ذلك لعدة أسباب .
أولا _مواقف إيران من الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان والذي اعترفوا
به صراحة والمتمثل بالمساعدة اللوجستية وغيرها ,مما يوضح إن إيران ليس
قوية بقدر ما هي منافقة .
ثانيا _مواقف إيران من المقاومة العراقية ,حيث يفترض بها تقديم العون
لها وليس محاربتها بشتى الطرق ,مما جعل المقاومة تحارب على جبهتين بدل
من التفرغ لمحاربة المحتل الأمريكي ,ويتضح ذلك واضحا من خلال دعمها
لمنظمة بدر و جيش المهدي واللذان تفرغا لقتال المقاومة باسم مقاتلة
البعث ,وإذا كان هناك مبررات لمقاتلة البعث فما هو مبررها في مقاتلة
بقية فصائل المقاومة .
ثالثا_دعم إيران للطائفية, بل لها الدور الرئيسي في الاحتراب الطائفي
الذي أوجدته من خلال دعم القوى الطائفية ابتداء من القاعدة ومرورا
بالحركات الطائفية الشيعية ,مما تسبب في تجزئة النضال ضد المحتل واوجد
أهداف أخرى مناقضة للهدف المركزي والذي هو هدف التحرير.
رابعا_ أين كانت إيران القوية قبل أن تطيح المقاومة العراقية بالقوات
الأمريكية ,بل وتنهي اكبر إمبراطورية في التاريخ من خلال الاستنزاف
الذي سببته للاقتصاد الأمريكي طيلة السنوات الماضية ,هل كانت إيران
تجرؤ على مجابهة أمريكا ,لو لم تكن القوات الأمريكية تحت مطرقة
المقاومة .
خامسا_إن موقف إيران من البحرين العربي ومطالبته من خلال تصريحات بعض
المسؤولين لهو دليل على النهج التوسعي والذي لن يكون إلا على حساب
العرب والأراضي العربية ,وهنا أرجو من كل من يدافع عن الموقف الإيراني
تبرير موقف إيران من احتلال الجزر العربية ومن المطالبة بضم البحرين ؟
فإذا كان الجواب مواقف إيران من حزب الله ومن حماس وعموم القضية
الفلسطينية هو الذي يشفع لها ,فتبا لهذا الدعم وتبا لهذه المواقف ولهذا
الغباء الذي أوصلنا إلى تبديل الخرمة بالتمر ؟
فهل من المعقول أن نبدل الاحتلال الأمريكي بالاحتلال الفارسي ؟
أن إيران أيها السادة العرب ليست قوية ولكن أمريكا هي الضعيفة بسبب
خسارتها في العراق هو الذي جعل من موقف إيران يبدو على انه قوي
,وبالرغم من إن البعض لا يقصد مدح إيران بقدر ما يقصد توضيح الموقف
الواجب على العرب اتخاذه لمجابهة المد الصهيوني ,إلا إنهم لم يوفقوا
وعليهم إعادة النظر إذا كانوا ينطلقون من موقف قومي حقيقي ,فالعراق
والبحرين عربية مثل فلسطين ,ولا فرق بين من احتل أراضي عربية في فلسطين
وبين من يريد احتلال أراضي عربية في العراق أو البحرين أو طنب الكبرى
والصغرى وأبو موسى ,أما إذا كانت مواقفهم مبنية على الفكر الإسلامي
وليس القومي فنرجو تبرير احتلال دولة مسلمة لأراضي دولة مسلمة أخرى بل
ومحاربة قوى إسلامية تحارب المحتل كما حصل ويحصل في العراق .
وعليه فان إيران ليست قوية بل إن أمريكا أصبحت ضعيفة ,وعلى المثقفين
العرب الانتباه إلى المؤامرة الفارسية فهي قد تكون اخطر من الاحتلال
الأمريكي في بعض فصولها ,ومن يتصور إن القوة النووية والتسلح الإيراني
موجه ضد إسرائيل فهو في وهم كبير ,انه لابتزاز العرب وبالذات دول
الخليج ولكنه يحتاج إلى غطاء, والغطاء الأمثل هو فلسطين بإضافة بضعة
ملايين كمساعدة لحماس ,إن قوة الاتحاد السوفيتي النووية لم ترهب أمريكا
فهل ترهبها قوة إيران النووية ؟!!!
ويبقى الدور السوري والموقف السوري غير مفهوم وغير مقنع وهو الذي ينادي
بالعروبة والقومية ؟
علما بان موقفنا هذا ليس دفاعا عن عملاء أمريكا والصهاينة من الحكام
العرب بل هو دفاع عن الأرض العربية.
|