" مدينة القدس يجب أن تكون خالية
من أيّ وجود فلسطيني بحلول عام
2050.." هذا ما يخطّط له
الصهاينة، ويعملون على تنفيذه في
الآجال التي حدّدوها. ونخشى أن
ينجحوا في مساعيهم في ظل غفلة
عربية وتواطؤ دولي.
ما الذي سيمنع الصهاينة من النجاح
في مخططاتهم؟ وكيف يكون التعامل
مع مثل هذه التحديات التي يواجهها
سكان القدس الأصليون مسلمين
ومسيحيين؟ وما الوسائل التي نعوّل
عليها لإحباط المؤامرات التي
تستهدف عروبة القدس وطمس ملامحها
الإسلامية والمسيحية؟ وماذا ننتظر
حتى نهبّ جميعا للتصدّي الحازم
والدائم للشرور المحدقة بالقدس
وأهلها؟
لقد كانت مواجهاتنا لمثل هذه
المخططات محكومة على الدوام
بعقلية مناسباتية تصرخ وتندّد
وتعقد الندوات وتنظم المحاضرات
و... ثم سرعان ما يخبو الحماس
وتنطفئ الشعلة.. وننسى أننا نضطلع
بمهمة مقدسة.. وندافع عن مدينة
مقدسة.. ونواجه عدوا في منتهى
الشراسة.
اليد الصهيونية الآثمة لم تتوقف
يوما واحدا عن تنفيذ مخططاتها.
وهي ما فتئت تمتدّ إلى مدينة
القدس تغييرا وتهويدا واستيطانا..
مثلما تمتدّ إلى أهلها العرب
إرهابا وتهجيرا وتقتيلا. والعدو
الصهيوني لجأ وما زال يلجأ إلى
مختلف الصيغ والأدوات والحيل
لتنفيذ مخططاته. فقد كان يدّعي
دائما أن البناءات غير مرخّصة،
فيهدم ما بناه الفلسطينيون بكدّ
الليالي ويفرض عليهم غرامات تصل
أحيانا إلى آلاف الدولارات،
مثلما تعمل منظماته الاستيطانية
ك"إلعاد" و"عطيرت كوهنيم" على
الاستيلاء على الأراضي والبيوت
المقدسية بالقرصنة والاحتيال إلى
جانب وضع مخطط تهويدي شامل للبلدة
القديمة في القدس ومحيط المسجد
الأقصى..
قبل أيام أعلنت سلطات الاحتلال
الصهيوني أنها تعتزم طرد 88 عائلة
عربية من سكان منطقة سلوان بحجة
عدم وجود تراخيص بناء وإقامة
حدائق عامة مكانها.. وهذا يعني
أن عدد الذين ينوي الاحتلال
طردهم من بيوتهم يصل إلى ألف
وخمسمائة عربي، أي أن أوامر الهدم
والطرد باتت جماعية. وفي الوقت
ذاته يتمّ استكمال الطوق
الاستيطاني حول المسجد الأقصى
وتتواصل أعمال الحفر وإنشاء عدد
من الأنفاق في أعالي البلدة جنوب
المسجد الأقصى المبارك تمهيدا
لبناء الهيكل المزعوم.
كل الطرق تؤدّي إلى القدس.. إلى
تطهيرها من الوجود العربي..
الشراء والاغتصاب والطرد.. وغير
ذلك من الأشكال.. وفي مطلق
الأحوال فإن الصهاينة يستثمرون
على أفضل الوجوه حالة الوهن
العربيّ الرسميّ، وصورة النفاق
الدولي الذي لا يكفّ عن الصراخ
والمبادرة بالفعل كلما تعلق الأمر
بأي تهديد يطال طفلا صهيونيا، أو
مجرد رأي يستهدف التذكير بحقائق
التاريخ أو إعادة الحقوق إلى
أصحابها الشرعيين. وكلنا يذكر كيف
أن "المجتمع الدولي" لم يكفّ عن
التنديد المقرون بالوعيد إزاء
الأنفاق التي ابتدعها الفلسطينيون
في غزة للحفاظ على حياتهم وتمكين
أبنائهم من حقهم الطبيعي في
البقاء، بل سارع هذا المجتمع
الدولي إلى إرسال قطعه العسكرية
البحرية لمراقبة سواحل غزة ومنع
وصول السلاح إلى الفصائل
الفلسطينية المقاتلة، في الوقت
نفسه الذي شجّع فيه الطائرات
الصهيونية على قصف الأنفاق
الرابطة بين جانبي الحدود
الفلسطينية المصرية.
نفاق بكل المقاييس هذا الذي
يتعامل به المجتمع الدولي مع
القدس بشرا.. وحجرا.. وشجرا.. أما
العرب الذين يتفنّنون في إظهار
عجزهم وغفلتهم فلن يعذرهم أحد،
ولن يغفر لهم الله ما ارتكبوه بحق
القدس وأهلها..
|