اعترف ان قشعريرة تنتابني ،ودوارا
يتلبس رأسي،كلما قرأت وسمعت من
افواه الغير عراقيين عبارة(
العراق الجديد) ليس لانني ضد
التغيير ومع القديم فقط ولكنني
ادرك ان هذه العبارة، الجارحة
،الخائنة لتاريخ العراق بكل عمقه
الحضاري الممتد لالاف السنين،
وتراثه وارثه العرفي والديني
والثقافي ومنجزه الابداعي الفكري
والفني وانه مبتكر الحرف
والموسيقىوالتدوين والكتابة
والعجلة ودولاب الفخار والفنون
الجميلة وشع بها الى انحاء العالم
، لكل هذا التاريخ الباذخ العطاء
الاستثنائي للانسانية تجيء عبارة
(العراق الجديد) لتجرح كبرياء
العراقيين وتغوص في مواجعهم وتلقي
بكل هذا الارث الحضاري في بئر
الطائفية الحاقدة وتدوس على مجدهم
التليد ،فماذا بقول العراقيون
لمسلة حمورابي ذي(282) مادة
قانونية وهي تشمخ الان في متحف
اللوفر في باريس،
وماذا يقول
العراقيون لاسد بابل وزقورة اور
وحصن الاخيضر وقلعة الشرقاط ،
وبوابة نركال ، واعمدة الحضر ورأس
الملك سنطروق الاول،بل ماذايقول
العراقيون لسلالات كيش ولكش
والوركاء واور وكيف نقنع اجيالنا
ان الجنائن المعلقة بناها
البابليون وملكهم نبوخذ نصر، وكيف
ننظر بوجه شبعاد وزنوبيا وسميرا
اميس، ومن سيعزف بعد الان على
قيثارة عشتار ومن يقرأالواح الطين
في مكتبة اشوربانيبال المركونة
الان في فناءات جامعة الموصل
برقمها التي تناهز الثلاثة الاف
رقيم ، ومن سيقرأ ومن سيقرأ ملحمة
كلكامش من اجيالنا القادمة ، فاذا
كان العراق جديدا ،فهل ننسى حاضرة
البصرة وفتوحات البلاغة وعلم
الكلام ومواجيد الحسن البصري
وفلسفة البيان والتبيين للجاحظ
وتصوف رهين المحبسين، ام كوفة
العلم والحديث والنحو والجرح
والتعديل ومقر الخلافة العلوية
المباركة ، اننسى حاضرة الدنيا
بغداد سرة الارض وبوصلة الزمان في
عهدها العباسي الذهبي،ام يريدوننا
ان نمسح وهج بغداد الحضاري عندما
افتتحت دار الحكمة ومدرسة
المستنصرية للمعرفة والترجمة
والفنون المعمارية وكانت قبلة
العلم والعلماءوالادباء والمفكرين
والاطباء والفلاسفة من كل انحاء
العالم هل يريدون ان يقتلوا
الحلاج وابي حنيفة النعمان
والامام الكاظم(ع) والكيلاني
مرتين وان لانرى الملوية في
سامراء شامخة وضريحي الامامين
العسكريين(عليهما السلام) بنورهما
ينشران السكينة والهدوء والمحبة
والتسامح على ارض سامراء المباركة
..
ثم بعد ذلك كله يريدون ان
يمسحوا ذاكرة العراقيين ، فننسى
القبانجي ورشيد القندرجي ويوسف
عمر وناظم الغزالي وداخل حسن
وحضيري ابو عزيز، وننسى فائق حسن
وجواد سليم وحافظ الدروبي ونوري
الراوي وليلى العطار ومخلد
المختار وخالد الرحال واسماعيل
الترك، وحشد كبير جدا من رموز
ونتاج حضارات العراق عبر عصوره
الذهبية رغم ماتعرض ويتعرض له من
احتلالات وغزوات وحشية وثارات
واحقاد تاريخية قديمة، اقول رغم
كل هذا وياتي في اخر الزمان من
لاتاريخ له ولا جذور ليقول
للعراقيين امسحوا كل تاريخكم
وادفنوا حضاراتكم كلها في بئرعميق
واهيلوا عليها التراب فقد جلبنا
لكم (العراق الجديد) المسلفن
بالديمقراطيةوالطائفية والعنصرية
والفدرالية بديلا عنه،لعلكم
تتأمركون او تتفرسون ،او
تتصهينون،ولله في خلقه شؤون وتبا
لعراقي جديد بلا حضارات وتاريخ
مجيد ... |