إن من إحدى
إشكاليات المعرفة الرئيسية
وفلسفة أي حدث يحدث أو يراد له
الحصول , هو مدى توافر الحقيقة
ووضوحها ,وضوحها للإنسان البسيط
كما هي واضحة للإنسان المفكر
والباحث والمدرك لماهية الخفايا
والدهاليز وما يضمر من خلال أي
عملية يراد منها تأييد جماهيري
واسع أو مشاركة..نقول أيضا انه
ليس مطلوبا من الإنسان العادي أن
يعرف خفايا كل شيء لسببين الأول
تباين الثقافات و مستوى تفكير
العقل والثاني الانشغال بما هو
أهم بالنسبة له في مراحل حياته
اليومية والبحث عن مستلزمات العيش
والتكوين الأسري ناهيك عن أحلام
المستقبل إلا إننا وجدنا جميع
هذه الأسباب سوية تعمل على تحييد
اهتمامه الفكري عن البحث والتقصي
لمعرفة الحقيقة كاملة
.
غالبا مثل هذا الإنسان الذي يمثل
طبقة واسعة وعريضة من الجماهير
العراقية و العربية لا يهتم
بمستوى عالي في البحث والتقصي
لأنه غالبا مشغول وإنما ربما
يكتفي بالاختيار ويكتفي بما هو
متوفر وما يعرض عليه من قبل
المتصارعين على السلطة هذا من هذا
الجانب .. إذن فان قبوله أو تخيير
فكرة أو جهة معينة على أخرى ينبع
من هذه الحقيقة التي تقول : انه
يفضل الصيغ الجاهزة التي أمامه و
لا بأس في أن يقوم بعملية اختيار
ضمن ما يعرض عليه جاعلا ضميره
يشعر بنوع من الراحة في اعتقاد
منه بأنه قد قام بواجبه في اختيار
من يعتقد ه مناسبا .. ولذلك
فالغالبية الذين توجهوا إلى
صناديق الاقتراع للمساهمة يكونون
من هذه الشاكلة , اعتقادا منهم
باشتراكهم بتصويب حالة معينة على
أخرى وهذا ما سيمثل السواد الأكبر
ممن شارك وهذا حديث عام ولا نقصد
به الانتخابات السابقة ,,فما هي
الدوافع الأخرى التي ستجعل مثل
هؤلاء ينطلقون إلى صناديق
الاقتراع : نلخصها هنا في سببين
الأول خاطرة تجول في الرأس تشير
إلى إمكانية حدوث تغيير إذا هو
شارك ,وخاطرة أخرى ينميها عليه
محيطه الغير سليم من إمكانية
خسارة معينة قد تقع عليه انتقاما
من المشتركين بهذه اللعبة قد تصل
لان يفقد روحه وظيفته أو أي شيء
عزيز عليه والأيام السابقة لم تجف
دمائها للان والآخر وهو الأهم من
بين هذه الأسباب وهو قناعته
الدامغة التي تقول ونحن نتحدث هنا
عن الانتخابات الحالية والتي
ستأتي بوجود أشخاص وقوائم هي
التي ستفوز وتصعد بمشاركته أو
بدونها ! وعليه فليكسب روحه أو
وظيفته فانه لن يستطيع تغيير أي
شيء!! . الشيء الآخر الذي يكون قد
يدفع الكثيرين للذهاب إلى صناديق
الاقتراع هو الرغبة في الانتقام
فأحداث سنين الاحتلال لا يمكن أن
ينساها أي عراقي وبالذات من عايش
تلك الأحداث أو اشترك فيها أو
لحقه نصيب من ضررها وخصوصا حينما
يرى وجوه يعتقد أنها جديدة فتدفعه
الحماسة وحب الانتقام من التصويت
لتلك الوجوه الجديدة كي وهذا حسب
اعتقاده _ ينتقم ممن تسبب
بالويلات السابقة وهذا هو اعتقاد
يجافي الحقيقة لأنه لا يعرف إن
المرشحين ما هم إلا وجوه جديدة
تتبع المراجع الأعلى التي رشحتهم
وهم المهيمنين والذين يكونون
حلقات الهرم المكونة لمجموعة
الرموز التي تم إحضارها ودسها أو
ظهورها في الساحة العراقية تحت ظل
الاحتلال الأمريكي والإيراني
للعراق يوم كانت النكسة الثانية
للأمة العربية في احتلال بغداد و
لا يدري أصلا بحقيقة هذه اللعبة
التي قامت بها نفس القيادات
العميلة والصديقة للمحتلين الذين
هم أنفسهم يدركون حقيقة ما اقترفت
أيديهم خلال المرحلة السابقة
ويعلمون اشد العلم باستحالة
اختيارهم من جديد في الحالتين
الحالة الأولى إذا كانت فعلا توجد
مصداقية في الانتخابات وعدم
التزوير!! والثانية إن الرؤوس
الكبيرة في الهرم الأعلى مصممة
على التغيير للأسباب نفسها التي
ذكرناها ! .
كذلك فان الإنسان الاعتيادي سيصدق
ما يشاع عن وجود فترة الهدوء وان
الأيام السابقة قد ذهبت وعليه أن
يؤكد ذلك بمشاركته الانتخابات حتى
يتم التغيير ولأنه لا يعلم حقيقة
أن أسباب الهدوء قد تمت حين توقفت
ميليشيات الإجرام والقتل
المستوردة والتي كانت ولا تزال
تحمل حقدا تاريخيا دفينا معروف
المنشأ وعليه فان رد الفعل قد
توقف أيضا كنتيجة حتمية لتوقف
الاعتداءات المتبادلة .. لكن هناك
فئة عريضة وواسعة تشكل جزء كبير
من هذه الجماهير التي تعرف وهي
متيقنة من أن الصراع الطائفي ليس
له علاقة بفصائل المقاومين الذين
يعملون على تغيير واقع العراق
المحتل إلى عراق حر يحكمه أبنائه
بأنفسهم من دون أي تأثير أو ضغوط
خارجية وهي تعلم اشد العلم أيضا
من أن مقاومة المحتل لن تضعف ..
ولذلك فان الكثير من هذه الفئة
لم ولن يشارك في الانتخابات وكنا
نعتقد أن هذه المجموعة هي اقل من
المجموعة الأولى التي قلنا أنها
تمثل السواد الأكبر من الجماهير
بيد أن ما قد تم يؤكد عكس هذه
الفرضية بل يؤكد اتساع القاعدة
الجماهيرية التي باتت ترفض
الاحتلال وكل ما جاء به وما تعلق
به ولهذا امتنعت الغالبية عن
التصويت ..
إذن رغم امتناع الغالبية للإدلاء
بصوتهم فان الحقيقة لم تزل مخفية
عليهم بسبب سيطرة أطراف العملية
السياسية والمشاركة فيها على
وسائل الإعلام..والحقيقة
المخفية هي أن صراع الانتخابات
سيتركز بين طرفين : الأول مؤيد
لإيران والثاني مؤيد لأمريكا
وليس له أي علاقة بمرشحين وطنيين
يحبون ويحمون العراق ووجودهم من
اجل ناخبيهم لكن لا ننفي فرضية
وجود من يعتقد انه بوصوله للسلطة
فانه قد يستطيع أن يغير شيء وفي
هذا شك مثبت من خلال أكثر من خمس
سنين على وجود ربما بعضهم في أعلى
السلطة دون أن يستطيع تغيير أي
شيء لصالح العراق وشعبه ..
الحقيقة أيضا تقول
إن الصراع في عمليات التزوير
وإعلان النتائج ستتم بين العناصر
التابعة لإيران وبين محبي
الأمريكان , فإيران تحاول أن
تستغل الفرصة للي ذراع حليفتها
أمريكا والطلب منها بتسليم العراق
إلى أتباعها أو هي تعمل على إخراج
أمريكا من خلال إسقاط حلفاء
أمريكا .. أما أمريكا فهي تعمل
على استغلال الظروف وفق مخططها أو
تليينها بما يناسبها فهي تريد
القضاء على النفوذ الإيراني داخل
العراق أو تحجيمه لسببين الأول
إعطاء نوع من النجاح للرئيس
الأمريكي الجديد في استمرارية
تدعي النجاح أمام الشعب الأمريكي
للسياسة الأمريكية وتهيئة مبررات
الانسحاب من العراق والسبب
الثاني كي يناسب مصلحتها في
استنزاف دول الخليج العربي أكثر
بحجة حمايتهم من الخطر الفارسي
ولا بد أن تقدم أي دليل ولو ملموس
كي تثبت نواياها وتعيد الثقة
بينها وبين دول الخليج بعدما
فقدتها .. وبرأينا فان الخيار
الثاني في هذا المنعطف هو الذي
ستكون له اليد العليا في نتائج ما
يسمى انتخابات في العراق فلا تزال
الأمور بيد الامبريالية الأمريكية
وهي التي ستحدد نتيجة اللعبة مهما
كانت النتائج وأبوكم الله يرحمه
. |