في هذا اليوم تحل علينا الذكرى
السابعة والثمانون لعيد الشرطة
العراقية الوطنية وتحل هذه الذكرى
في ضل الاحتلال وسلطة العملاء
والخونة .
ولا بد لنا ان نستذكر بشكل مقتضب
تأريخ هذا الجهاز وخلفياته وبنائه
العقائدي الوطني في ضل العهود
الوطنية المتعاقبة والاستقلال
والسيادة الكاملة .
ففي عام 1920 صدر بيان البوليس
رقم 72 لسنة 1920 لغرض تنظيم
وتجديد واجبات وصلاحيات الشرطة
بعد نيل العراق استقلاله الوطني
انذاك .
وفي عام 1922 عين عدد من
العراقيين كضباط في الشرطة
العراقية وبوشر بالاستغناء عن
الضباط الانكليز واليهود في هذا
المرفق الحيوي في حياة المواطنيين
العراقيين واحلال الضباط
العراقيين بدلاً عنهم في واجبات
وخدمات الشرطة .
وفي عام 1924 أصدرت وزارة
الداخلية العراقية حينذاك تعليمات
الشرطة واستمرت في اصدار مثل هذه
التعليمات لحين صدور قانون خدمة
الشرطة وانضباطها رقم 7 لسنة 1941
والذي اعقبه قانون خدمة الشرطة
رقم 40 لسنة 1943 وتعديلاته حتى
اعلان العهد الجمهوري عند قيام
ثورة 14تموز 1958 .
ومن الجدير بالذكر ان وزارة
الداخلية المسؤولة عن هذا الجهاز
عند تأسيس اولى الوزارات العراقية
انذاك قد عهدت منذ بداية الحكم
الوطني الى السيد طالب النقيب في
التشكيلة الوزارية الاولى وعهدت
الى الحاج رمزي في التشكيلة
الوزارية الثانية وفي 3 ايلول
1922 عهدت الى السيد عبد المحسن
السعدون في التشكيلة الوزارية
الثالثة ...
ومن هذه المقدمة البسيطة نستذكر
البدايات الحقيقية والحيثيات
الوطنية لتأريخ الشرطة العراقية
فمنذ تأسيسها اوكلت الى نوع ونمط
خاص من الرجال الوطنيين الذين
تسلموا مسؤولية وزارة الداخلية او
الذين كلفوا بأدارة مديرية الشرطة
العراقية ، وهؤلاء الرجال سجل لهم
التأريخ مأثر وطنية حافلة
بالمواقف المخلصة والنزيهة اتجاه
الوطن والشعب ووضعوا حجر الاساس
لدائرة اختصاصية على تماس مباشر
مع المواطنيين العراقيين وتتكفل
بشؤونهم العامة ...
ضلت هذه الدائرة على مدى عقود
كثيرة تسير بفكر وطني والتزام
اخلاقي وشعورٍ عالٍ بالمسؤولية
القانونية والاخلاقية .
واستمرت الشرطة العراقية على هذا
المنوال وسجلت تقدماً بلغ ذروته
بعد قيام ثورة 17- 30 تموز 1968
وتطورت فكرياً ومنهجياً ومهنياً
وقانونياً واجتماعياً مقترناً ذلك
كله بأعلى درجات الضبط والالتزام
الوظيفي والاداري والاخلاقي .
واضحت جهاز الشرطة والاجهزة
الامنية العراقية من افضل اجهزة
الشرطة والامن العام في الوطن
العربي وقد سجلت مأثر كبيرة على
المستوى الوطني في حفظ الامن
العام والمحافظة على ارواح
وممتلكات المواطنيين .
كما سجلت على المستوى الاقليمي
العربي مستوى رفيع في الاداء
المهني الرائع الذي كانت موضع
فخراً واعتزاز لكل مواطن حراً
غيور على سمعة بلده وابنائه . فقد
كانت اجهزة الدول العربية الشقيقة
تستعين بها لمعاونتها في كشف عن
الكثير من الجرائم الغامضة .
كما كانت دوائر الشرطة المختلفة
تقدم العشرات من والبحوث
والتقارير والدروس المستنبطة من
تجارب ضباطها الى اقدم المدارس
والمعاهد والاكاديميات للشرطة
العربية .
واليوم لو كان الشعب يدرك ان تلك
الواجبات وذلك الاداء الفني
المهني الرائع كان يتدبره عدد
متواضع من منتسبي هذه الاجهزة في
السيطرة على مجمل الوضع الامني في
العراق ايام العهد الوطني لكان
امراً يستحق التأمل والاعجاب
والتقدير فقد كانت اعداد العاملين
في اجهزة الشرطة والامن العام في
العهد الوطني تشكل نسبة 1/30 من
الاعداد التي حشرت اليوم في اجهزة
الشرطة العامة وتشكيلاتها الحالية
التي تم قبولها وفق حسابات المحتل
والاحزاب الطائفية التي استأثرت
بالسلطة ، وحولتها الى اجهزة
قمعية تشابكت وتشابهة واجباتها
واختصاصاتها السيئة الصيت فاصبحت
اجهزة الشرطة اليوم اداة سلطت على
رقاب المواطنيين في القمع والثأر
والقهر , واستثمرت بذلك التسلط
لكي تكون اداة للأثراء على حساب
ابناء الشعب الذين زجوا في السجون
بدون وجهة حق وبأعداد تجاوزت مئات
الالاف بدلاً ان تكون عين ساهرة
على راحة ابناء الشعب , والشواهد
عند المواطنيين قد لا تحصى .
وهنا يظهر الفرق الكبير بين
الشرطة في ظل العهد الوطني
التقدمي والقيادة الوطنية الواعية
والفكر والمنهج الاخلاقي الواضح
المعالم وبين الشرطة في ظل
الاحتلال والسلطة العميلة وانتشار
الامية والجهل والفساد الاداري
والمالي بين منتسبيها والذي تعترف
به السلطة العميلة دون ادنى حد من
الحياء والمسؤولية القانونية ,
وكما يعرف ذلك القاصي والداني .
اليوم الشرطة تضم في صفوفها
الالاف من المليشيات التابعة
لأحزاب ايران في السلطة والتي
وفدت من خارج الحدود وأنضمت الى
تشكيلات الشرطة المختلفة ويتعارف
عليها بين العاملين في وزارة
الداخلية بـمصطلح (الكلك ) او (
الدمج ) ويعنى افراد المليشيات
الذين الحقهم المالكي العميل
بموجب قرارات المحاصصة الطائفية
ولا يحملون اي مؤهلات علمية حتى
ولو كانت في حدود متدنية بل البعض
منهم لا يعرف القراءة والكتابة
ومنحوا رتب ضباط في الشرطة فكيف
لهم ان يتمكنوا من تدبر احوال
المواطنين والحفاظ على ارواحهم
وممتلكاتهم في ضل اوضاع امنية
غاية في السوء والتردي وهم لا
يعرفون اي شئ في المجالات
القانونية والمسلكية وانما هم
بحاجة الى من يتدبر املرهم .
واليوم تحل الذكرى السابعة
والثمانون لعيد الشرطة العراقية
ولابد لنا ان نتذكر قول الشاعر
العربي ابو الطيب المتنبي حينما
قال :
عيد بأي
حالٌ عٌدت يا عيدٌ ... بما مضى أم
لأمـرٌ فيك تجديدُ
وقال شاعر اخر في ذات القافية :
كيفَ
السبيلُ إلى الأفراحِ فى وطنٍ ...
يزدادُ بؤساً إذا ماأقبلَ العيـدُ
وكيفَ نعشقُ بعدَ اليومِ أغنيةً
... وكيفَ تحلو لنا بعـدُ
الأناشيـدُ
فيعز علينا ويحزننا ان يمر هذا
العيد والشرطة الوطنية ذلك
البنيان الرصين قد تحول الى انقاض
وركام .
ويعز علينا ان يقودها العملاء
والخونة وينتشر بين ثناياها
الجهلة والمارقين والقتلة من فرق
الموت .
ويعز علينا ان تمسي الوزارات
والاجهزة الامنية الوطنية وسيلة
من وسائل القمع والارهاب للشعب
واداة للثأر من رجال العراق
الاوفياء المخلصين على ايدي زمر
جبلت على الشر والرذيلة .
ويعز علينا ان تطبق الانظمة
والقوانين على وفق اهواء الدجالين
والمنافقين والكذابين .
يعز علينا ان تنتشر الفوضى
والفساد الاداري والاخلاقي في كل
اروقة المؤوسسات الامنية ويتمنطق
الجهلة والعملاء والفاسدين
والمفسدين بعبارات لاتمت للواقع
والمهنية بصلة ويدعون انها ـخطة (
فرض القانون والسيطرة الامنية
الكاملة ) .
يعز علينا ان يضِْيق على الاخيار
من العلماء والدعاة والاساتذة
والاطباء والمهندسين وضباط الجيش
والاجهزة الامنية تحت مظلة شعارات
زائفة مزيفة لكي تجتث هذه
العناوين الطيبة والنخب الوفية من
ارض الرافدين ...
ولكن يحدونا الامل وتستنهضنا
المبادىء وعزيمة الرجال الميامين
في الاجهزة الامنية الوطنية
العراقية حملة الفكر والمنهج
الوطني الاصيل في مواصلة الجهاد
والنضال في كل الميادين حتى يطرد
الاحتلال واعوانة واذنابة من
العملاء والدخلاء والمأجورين ...
وان غداً لناضره قريب
وما النصر الا من عند الله العزيز
القدير ...
|