رغم عصيب الأحوال الذي يمر فيه
العراق وتوالد المحن على أديم
أرضه توالد الفطر إلاّ أننا نشعر
بمآسي الجسد العربي من تقطيع
لأوصال مجتمعه فلا بد لنا رغم عمق
الجرح وتهتكه لكننا ما زلنا ذلك
المارد الذي سينهض من تحت ركام
حطامه الكبير الذي كان أحد أسباب
استهتار العدو الصهيوني وتصلّفهِ
وخلو الساحة من خصم شديد للدولة
(المِسخ) إسرائيل فلقد خبرت
بطولات وصولات هذا الجيش ,الذي
كان رأس الرمح المتقدم لطالما من
مشاريع التسوية السلمية
–الانبطاحية- المستهدف الأول
بمؤامرة التدمير لجيش كانِ أساً
وعصباً للوجود العربي , كيف لا
وجيش تراكمت عنده خبرات تحفز عبر
أكثر من ثمانين عاماً من التأسيس
تعلَّم خلالها فنون القتال في
ميادين الدفاع عن قضايا الأمة
فكان عهداً ووعداً صادقاً وبراً
بقسم الولاء والدفاع عن حياض
الأمة العربية التي وضعها في حدقة
عيون ضباطه وجنوده , فكان لا بد
من القضاء على أكبر خطر يتهدد
كيانه المتهاوي فأوعزوا لصنائعهم
في المنطقة بجر الجيش إلى حرب
ألثمان سنوات مع إيران والتي كانت
نتائجها النصر الكبير في الثامن
من آب 1988 وما تلاه من حرب
الخليج الثانية عام 1991 وفي جميع
تلك الحروب يخرج أكثر منعة وقوة
وفي كل مرّة كانت الخيبة نصيب
أعدائه ولما لم يفلحوا في كل
مؤامراتهم آثروا النزول بأنفسهم
بعد, فكانت سنة 2003 التي جيشت
الولايات المتحدة جيوشها متوجهةً
تجاه حدود العراق وأول ما قامت به
أمريكا حل الجيش بكل تشكيلاته
وتاريخه العريق , وصاحب السمعة
والثقافة والعقيدة الثابتة فقد
امتد تاريخه إلى العام انتهاء
الحرب العالمية الأولى وخسارة
الدولة العثمانية الحرب وسيطرة
بريطانيا 1921 فقد تأسس بعد على
العراق عسكرياً وما تعرض له الشعب
العراقي من انتهاكات لحقوق
الإنسان وأتباعهم سياسة الفرقة
بين مكوناته ليسهل السيطرة عليه –
وهذه سياسة بريطانيا في
مستعمراتها ترفع شعاراً لها (فرق
تسد) وجعل الأمر فتنة بين أبناء
البلد الواحد – كما هو الحال في
العراق وفلسطين – لكن شهر حزيران
من عام 1920 لم كبقية شهور العام
فقد اشتعلت ثورة العشرين اشتعال
النار في الهشيم وعمّت العراق من
أقصاه إلى أقصاه فاسقط في يد
المحتل أنه لا بد من تهدئة الوضع
والاحتقان فقرروا في أيلول 1920
إنشاء حكم محلي وطني يضمن لهم
مصالحهم وتأليف حكومة عراقية
مؤقتة تأخذ على عاتقها التمهيد
لإعطاء فسحة للشعب لإبداء رأيه في
شكل الحكومة,تألفت الحكومة في 25
تشرين الأول عام 1920وترأسها
السيد عبد الرحمن النقيب وضمت في
جنباتها الفريق جعفر العسكري
وزيراً للدفاع الذي اجتهد في
استدعاء معظم الضباط من خارج
القطر للمشاركة والعمل معه على
تأليف الجيش العراقي فكان ذلك في
6 كانون الثاني 1921 في الوقت
عينه تم تشكيل المقر العام من
أقسام الإدارة واللوازم والطبابة
والمحاسبات وحال سماع الشباب
إعلان التأسيس تدافع المئات من
أبنائه للتطوع فجاءت فكرة تأسيس
أول فوج في بغداد سمي بإرادة
ملكية باسم فوج موسى الكاظم
وتتابعت التشكيلات فتشكلت كتيبة
الخيالة في آب 1921وسرية النقلية
الحيوانية ولما كثرت الوحدات
العسكرية داخل بغداد صار لزاماً
وجود دائرة الانضباط وأصبح السراي
مقراً لها وبعد تتويج الملك فيصل
الأول اخذ الجيش بالتوسع فأضيفت
له بطاريات مدفعية وخيالة بناء
ومستشفى يسع لــ83 سريراً حتى جاء
العام 1932 ودخول العراق عصبة
الأمم كان الجيش العراقي يفرض
السيطرة على كل أنحاء العرق وله
تشكيلات متنوعة من مستشفيات
وبطاريات مدفعية ومدرسة للأركان
وسلاح جو ملكي وغيرها الكثير من
التشكيلات الأخرى لا يسمح المقام
لذكرها ...وقد تميز الجيش العراقي
عن بقية الجيوش العربية ولا فخر
بأنه كان السبّاق في دفاعه عن كل
قضايا الأمة رغم الضغوط التي
يتعرض لها في فترات حكَم فيها
البلاد حكّام لهم تطلعات ضيقة
إلاّ انه بقي على الدوام ذلك
الجيش الذي خاض جميع الحروب ضد
الكيان الصهيوني وكان له الفعل
المؤثِر على نتائجها وكان سر قوة
الجيش العراقي إعدادهَ على أسس
عراقية بعيدة عن الطائفية المقيتة
كما هو حال اليوم بعد دخول المحتل
إلى العراق وقراره حل الجيش
وإبداله بآخر أسس على طائفية
أثبتت السنوات الخمس العجاف التي
مرَّ به العراق على انه لا يُمكن
لهذا الجيش الاستمرار والمنعة دون
أن يكون كل ألوان الطيف العراقي
الجميل تتداخل في وحداته
وتشكيلاته وقياداته فسر انتصارات
الجيوش هو سرية واجباتها وهذه
السرية تعتمد اعتماداً كبيراً على
وحدة المنهج والعقيدة .ورغم كل
هذا وذاك يبقى الجيش العراقي
الأمل الذي به تعود بغداد كما
كانت ويعود العراق لأهله من زاخو
إلى الفاو رغم انف الحاقدين فألف
تحية لهذا الجيش البطل قادة
وأعوان وضباط وصف ضباط ولكل
العاملين به ورحم الله كل من ساهم
في إعلاء صرحه العظيم ولا ننسى
شهداء الجيش في كل الساحات
العربية في فلسطين والجولان
وسيناء... واليوم نقول لذكراك
الطيبة وماآلَ إليه الحال في
العراق وفرح البعض به كما يقول
الشاعر
وتجلدي
للشامتين أريهم
أني لريب الدهر لا أتضعضع
|