(انها
مسالة وقت قصير جدا فقط قبل ان
يتضح بان السواد والبياض في الخيط
الاميركي هما لون واحد الا لمن
يعانون من عمى الالوان)
بالرغم من قول وزيرة خارجية دولة
الاحتلال الاسرائيلي تسيبي ليفني
ان "مذكرة التفاهم" التي وقعتها
مع نظيرتها الاميركية كوندوليزا
رايس يوم الجمعة الماضي حول
الترتيبات الامنية على حدود قطاع
غزة الفلسطينية مع مصر "ستكمل ما
تقوم به مصر" فان الحقيقة الساطعة
التي ينبغي ان تصفع بقسوة
الانقسامات العربية والفلسطينية
المختلفة حول مواجهة او الرهان
على الولايات المتحدة الاميركية
لكي تدرك بان العلاقة الاميركية –
الاسرائيلية الاستراتيجية الراسخة
ما زالت تترسخ اكثر بتوقيع المزيد
من الاتفاقيات بين الحليفين ليتم
فرضها على العرب "من جانب واحد" ،
مثل الاعلان الاسرائيلي عن وقف
اطلاق النار ليل السبت الماضي
بادعاء انه كان استجابة لمناشدة
الرئيس المصري حسني مبارك في اطار
"المبادرة المصرية" ، دون اغفال
منحهم حق التفاوض فقط على كيفية
تنفيذها حفاظا على ماء الوجه ،
والمذكرة الجديدة التي وقعتها
رايس في اليوم الاخير لها في
منصبها الذي امضت بقيته في وداع
موظفي وزارتها لم تعد ملزمة
لادارتها الراحلة بقدر الزامها
للادارة الديموقراطية الجديدة
التي سوف تتسلم مقاليد الحكم غدا
الثلاثاء في اليوم الثاني لمؤتمر
القمة العربية في الكويت الذي رفع
وزراء خارجيته يوم الجمعة توصية
له بتاييد مبادرة مصرية لم يعد
هناك أي جدوى عملية لمعارضتها او
تاييدها بعد توقيع المذكرة
والاعلان الاحادي لوقف اطلاق
النار بتنسيق اميركي – اسرائيلي !
لذلك فان العشرين من الشهر الجاري
سيكون ، او ربما يكون ، يوما
فيصلا ليس لاختبار مصداقية ادارة
باراك اوباما الجديدة بل لاختبار
صدقية العمل العربي المشترك ،
لتظل غزة ضحية آنية والقضية
الفلسطينية بعامة ضحية مزمنة
للتمزق الذي يعجز مؤسسة القمة
العربية حتى عن التوافق على اعلان
موقف لفظي موحد ومستقل عن أي
تاثيرات خارجية وهو في كل الاحوال
موقف لن يقدم او يؤخر ، ناهيك عن
وضع أي موقف كهذا موضع التنفيذ ،
قياسا على التجربة التاريخية
للشعوب مع هذه المؤسسة .
فعندما تقرر حكومة دولة الاحتلال
الاسرائيلي ايفاد وزيرة خارجيتها
تسيبي ليفني الى واشنطن في اليوم
الحادي والعشرين لعدوانها على
قطاع غزة فان مثل هذا القرار له
تفسير واحد هو ان هذه الحكومة غير
معنية بقرار مجلس الامن الدولي
رقم 1860 ، الذي لم يشر اليه
الاعلان الاسرائيلي عن وقف اطلاق
النار من جانب واحد لا من قريب
ولا من بعيد ، ولا بالمبادرة
المصرية التي اعتمدها هذا القرار
"آلية" لوقف العدوان بقدر ما يعني
ان ليفني وحكومتها لا يراهنون
كثيرا على ادارة الرئيس جورج
دبليو. بوش قبل ايام فقط من
انتهاء ولايتها بل يراهنون على
"تفاهم" على استمرارية سياسة بوش
التي منحت الضوء الاخضر لهم
لمواصلة تحقيق الاهداف العسكرية
والسياسية للعدوان ، حتى لو توقف
اطلاق النار فعلا ، مع الادارة
الجديدة للرئيس المنتخب باراك
اوباما الذي التزم الصمت حيال
العدوان لكنه تكلم عنه فعلا باكثر
من لسان دون ان ينطق ، كلاما لا
يترك مجالا لاي شك بان الوكيل
الاسرائيلي الاستراتيجي للولايات
المتحدة في الشرق الاوسط يمكنه
بالتاكيد الاعتماد على ان تواصل
ادارة اوباما الديموقراطية سياسة
ادارة بوش الجمهورية ازاء الصراع
العربي الاسرائيلي بعامة والعدوان
على غزة بخاصة .
ان الالسنة المتعددة التي تحدثت
باسم اوباما حول الصراع العربي
الاسرائيلي بعامة والعدوان على
غزة بخاصة ، دون ان ينطق هو شخصيا
، تبدد الامال المبكرة التي عقدها
بعض العرب على وعوده ب"التغيير"
اثناء حملته الانتخابية ، وهي
الامال التي عبر عنها الخميس
الماضي في اعقاب قمة الرياض لدول
الخليج العربية الست وزير خارجية
المملكة العربية السعودية الامير
سعود الفيصل عندما قال انه يامل
في ان يتبنى اوباما سياسة متوازنة
تجاه الازمة الفلسطينية
الاسرائيلية ، مما يجعل الانقسام
العربي والفلسطيني حول قبول او
رفض مبادرة مصر كآلية لتنفيذ
القرار 1860 هدرا مجانيا عبثيا
للطاقات بينما يقرر رئيس وزراء
دولة الاحتلال ايهود اولمرت ارسال
ليفني الى الولايات المتحدة من
اجل التوصل الى "اتفاق اميركي –
اسرائيلي حول الخطوط الرئيسية"
للترتيبات الامنية على حدود
القطاع الفلسطينية مع مصر طبقا
لبيان رسمي من مكتب اولمرت نهاية
الاسبوع الماضي .
لقد كان استبقاء اوباما لوزير
الدفاع الاميركي في ادارة بوش
روبرت غيتس وكذلك الجنرالات
الثلاثة الكبار المسؤولين عن
مواصلة الحرب على العراق وهم
القائد الميداني ريموند اوديرنو
وقائد القيادة الوسطى ديفيد
بيترايوس ومساعد مستشار الامن
القومي الذي ينسق اشراف البيت
الابيض على الحربين في العراق
وافغانستان دوغلاس لوت ليشغلوا
المناصب نفسها في ادارته هو
المثال الابرز على حرص الرئيس
المنتخب تحت ضغوط الازمة
الاقتصادية على ان تمثل حكومته
اجماعا قوميا بين الديموقراطيين
والجمهوريين في السعي الى تجاوز
هذه الازمة ولا بد ان ينعكس هذا
الاجماع الذي ينشده اوباما في
الداخل استمرارية في سياسات سلفه
خارجيا ، خصوصا في الشرق الاوسط ،
واكد هذا التوجه اختيار اوباما
لهيلاري كلينتون المعروفة
بتاييدها القوي لاسرائيل مرشحة
لخلافة رايس في منصب وزيرة
الخارجية بينما اكدت كلينتون
نفسها على التوجه ذاته اثناء
مصادقة مجلس الشيوخ في الكونغرس
على ترشيحها بقولها "ان الرئيس
المنتخب وانا نعتقد بانه يجب
علينا العودة الى مبدأ شراكة
الحزبين في السياسة الخارجية ،
وهو مبدأ اثبت الزمن صحته ، وهذه
مقاربة تبناها الرؤساء السابقون
من الحزبين" .
ان اوباما الذي سوغ صمته -- غير
المقنع سياسيا حول قيام القوة
العسكرية الاولى في الشرق الاوسط
بشن حرب على مجتمع لا دولة له ولا
جيشا نظاميا ولا قواعد عسكرية ولا
يمتلك حتى الاسلحة العادية
التقليدية للدفاع عن النفس ، وغير
مقنع اخلاقيا نتيجة لذلك لانه صمت
على حرب نظامية من جانب واحد على
مجتمع جله مدني بما في ذلك حسب
القانون الدولي قوات الشرطة التي
استهل العدوان بقصف حفل تخريج
دفعة منهم – بحجة ان لبلاده رئيسا
واحدا فقط في كل مرة ولا يمكنه
لذلك الافصاح عن مواقف في السياسة
الخارجية طالما بوش في منصبه
بينما سبق له فعلا ان تحدث في
السياسة الخارجية عن تفجيرات
مومباي الهندية والعراق
وافغانستان والشرق الاوسط بعامة ،
اما حديثه مرتين في الاقل بعد
انتخابه عن ايران فكان مؤشرا
مبكرا الى تبنيه سياسة سلفه حول
الانقسام الفلسطيني والعربي
الراهن عندما قال ان على طهران ان
توقف دعمها للارهاب بوقف دعمها
للمقاومة الفلسطينية التي تتصدرها
حركة حماس وللمقاومة اللبنانية
التي يقودها حزب الله ، مما لا
يبشر باي "تغيير" جوهري وعد به
خلال حملته الانتخابية ، للتعامل
مع حركات التحرر الوطني من
الاحتلال ومن اجل الاستقلال خارج
اطار الحرب الاميركية العالمية
التي اعلنها سلفه بوش على الارهاب
والتي تعهد اوباما بمواصلتها
كثابت استراتيجي في سياسته
الخارجية ، سوف يستمر على اساسها
تصنيف العرب وفي مقدمتهم
الفلسطينيون الى "معتدلين" و
"متطرفين" وتصنيف الصراع في
المنطقة كصراع بين الاعتدال وبين
التطرف لا بين الاحتلال وبين
المقاومة له ، اسوة بسلفه بوش .
لقد تعهد اوباما يوم الاحد قبل
الماضي بان يعالج "القضايا
الساخنة" في الشرق الاوسط في
اليوم التالي لتسلمه مهام منصبه
قائلا انه "يجمع الفريق" اللازم
لذلك لكي "يكون لدينا في العشرين
من كانون الثاني / يناير ، بدءا
من اليوم الاول ، افضل ما يمكن من
الناس الذين سينخرطون فورا في
عملية السلام في الشرق الاوسط
ككل" ، غير ان اوباما لم يخص غزة
والعدوان عليها في حديثه لشبكة
"ايه بي سي نيوز" ، كما اشار الى
مقاربة شاملة ("ككل") لعملية
السلام الاقليمية ، مما يعني فقط
انه سيواصل ادارة الصراع العربي
الاسرائيلي بالبحث عن "عملية
سلام" جديدة تنتهي بانتهاء ولايته
، اسوة باسلافه الجمهوريين
والديموقراطيين على حد سواء ، وفي
هذا السياق فقط يمكن تفسير تعهده
بمعالجة "القضايا الساخنة" في
الشرق الاوسط في اليوم التالي
لتسلمه مهام منصبه ، كما ان تاخره
هو ووزيرة خارجيته الجديدة في
تسمية مبعوث رفيع المستوى للسلام
الشرق الاوسطي الموعود وفي تسمية
مساعد لوزير الخارجية لشؤون
المنطقة يكون تقليديا هو المسؤول
عن الدبلوماسية الاميركية فيها ثم
تصريح هيلاري كلينتون ردا على
اسئلة خطية في مجلس الشيوخ
الاسبوع الماضي بان ادارة اوباما
لن تكون قادرة على البدء في صياغة
سياستها حول بعض "النقاط
الرئيسية" الا بعد اجراء مشاورات
مع قادة في الشرق الاوسط انما هي
وغيرها جميعها مؤشرات الى ان
اوباما لن يفي بوعده الانتخابي
بان يجعل قضية الشرق الاوسط
اولوية لرئاسته .
ان حديث اوباما هذا يتسم بتعميم
يلفه غموض يعزز الحذر العربي الذي
اعقب التفاؤل الاولي بانتخابه ،
خصوصا بعد خطابه قبيل الانتخابات
الرئاسية امام منظمة "ايباك" ،
عرين اللوبي اليهودي الاسرائيلي
في الولايات المتحدة ، وتصريحاته
عن القدس التي اصابت الاصدقاء
العرب للولايات المتحدة لا
اعداءها بالصدمة ، مما يقتضي
موقفا عربيا موحدا حازما وحاسما
ياخذه اوباما مسبقا في حساباته
لكي يبدد بالتخصيص الغموض الناجم
عن التعميم في اعلان نواياه التي
لا يمكن البناء او المراهنة عليها
عربيا ، فمثل هذا الموقف العربي
مطلوب ليكون على مكتب اوباما حال
جلوسه عليه ، لا بعد ذلك ، لكن
الاجماع على اتخاذ مثل هذا الموقف
العربي ما زال يندرج في باب
التمني الشعبي اللهم الا اذا حدثت
معجزة لتفاجئنا قمة الكويت غدا
بعكس هذا التوقع المتشائم .
واذا كان المخضرمون من العرب
والفلسطينيين الصامدون في مواقعهم
ومناصبهم بالرغم من تبدل الرؤساء
والادارات الاميركية ، ممن ادمنوا
التفاؤل كمسوغ لاستمرار رهانهم
على واشنطن ، يفسرون صمت اوباما
كمؤشر ايجابي ، ليتجاهلوا بمثالية
تتناقض مع شعار الواقعية الذي
يرفعونه بمناسبة وغير مناسبة ان
اوباما الصامت قد تكلم حقا دون ان
ينطق عندما اختار نائبا له جو
بايدن ومستشاره للامن القومي جيمس
جونز ووزيرة لخارجيته كلينتون
ورئيسا لموظفيه رام عمانوئيل ،
وجميعهم ممن ايدوا بوش في غزه
للعراق ، بالاضافة الى اعتماده
على مجموعة مستهلكة من المستشارين
لم تستطع وهي في موقع صنع القرار
انجاز أي شيء مثل السيناتور
"الديمقراطي" لي هاملتون الذي
اشترك مع جيمس بيكر في التقرير
المشهور حول العراق ، وزبيجينيو
بريجنسكي مستشار الأمن القومي
السابق في عهد الرئيس كارتر،
وبرنت سكوكفرت مستشار الأمن
القومي في عهد الرئيسين الاسبقين
فورد وبوش الاب .
كما ان الناطقين باسم اوباما
يجعلون مهمة هؤلاء المراهنين على
واشنطن تكاد تبدو مستحيلة ، فعلى
سبيل المثال تبنت كلينتون الموقف
الاسرائيلي باستبعادها "بالمطلق"
اجراء أي حوار او محادثات مع حركة
حماس في الثالث عشر من الشهر
الجاري اثناء مصادقة الشيوخ على
ترشيحها الا اذا لبت الشروط
الثلاثة المعروفة التي كان
تشترطها ادارة بوش السابقة بالرغم
من وعود بوش الانتخابية بان
ادارته ستفتح صفحة جديدة "توجب"
على الولايات المتحدة "التحدث مع
اعدائها" ، كما كررت موقف بوش
وادارته بالتاكيد على ان "الرئيس
المنتخب وانا نتفهم ونتعاطف بعمق
مع رغبة اسرائيل في الدفاع عن
نفسها في الظروف الراهنة وفي ان
تتحرر من قصف صواريخ حماس" دون أي
اشارة على الاطلاق لآلاف الشهداء
والجرحى الفلسطينيين في غزة ،
بحيث لا يكاد المستمع العربي يفرق
بين الناطقين امثالها باسم اوباما
وبين اندادهم في ادارة بوش ،
فالموقف هو نفسه واللغة هي ذاتها
بحذافيرها تقريبا لكن الاسماء
والصفة الحزبية هي التي تغيرت فقط
، فاذا لم تكن كلينتون تتكلم باسم
اوباما فباسم من اذن تطلق الكلمات
التي لا ينطق بها هو نفسه لكي
يوصف بل وينتقد لانه "صامت" ؟
وصوت كلينتون ليس نشازا في فريق
اوباما ، فقد اصدر كلا مجلسي
الكونغرس الذي يسيطر حزب اوباما
على الاغلبية فيهما (الشيوخ
بالاجماع يوم الخميس قبل الماضي
والنواب باغلبية 390 ضد خمسة
اصوات وامتناع 22 عن التصويت يوم
الجمعة التالي) قرارين قدم زعماء
حزب اوباما "الديموقراطيون"
مشروعيهما بالاشتراك مع زعماء حزب
بوش "الجمهوريين" وحملا الجانب
الفلسطيني المسؤولية "الحصرية" عن
استشهاد وجرح اكثر من ستة آلاف من
اطفال ونساء وشيوخ ورجال ابناء
شعبهم ، مستشهدين باقتباسات طويلة
من كوندوليزا رايس وايهود اولمرت
حول المسؤولية عن الضحايا
المدنيين واسباب العدوان خلافا
حتى للامم المتحدة ومجلس امنها
الذين حملوا المسؤولية لكلا
الجانبين وفي تعارض كامل مع مجلس
الامم المتحدة لحقوق الانسان
وبيانات الصليب الاحمر الدولي
والاونروا لاغاثة وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين وتقارير منظمات دولية
عديدة غير حكومية مثل منظمة العفو
"امنستي" وهيومان رايتس ووتش التي
لم يتطرق اليها البتة المشرعون
"الديموقراطيون" من حزب اوباما في
قراري الكونغرس اللذين اقتصرا على
ادانة "ارهاب" حماس وعنفها ، فاذا
لم يكن هؤلاء يتكلمون باسم اوباما
فباسم من اذن تطلق كلماتهم التي
لا ينطق بها هو نفسه !
ومثال آخر رئيسة مجلس النواب
"الديموقراطية" جدا نانسي بيلوسي
التي لا يكاد المراقب يميز بين ما
اذا كانت ناطقة باسم اوباما وحزبه
ام باسم حكومة دولة العدوان
الاسرائيلي وهو يسمعها تقول انه
"لا يمكن السماح لقطاع غزة ان
يكون ملاذا آمنا للهجمات على
اسرائيل ... وانه يجب على
الولايات المتحدة ان تواصل الوقوف
بقوة الى جانب صديقها وحليفها
الديموقراطي" الاسرائيلي ، دون ان
يحرك استشهاد حوالي اربعمائة طفل
ومائة امراة وهم في بيوتهم او في
الملاذات التي فتحتها لهم الامم
المتحدة شيئا في انوثتها لتتحرك
عضلة لسانها بكلمة تعاطف واحدة
معهم ومع اسرهم ، فبئس الشعب
الاميركي الطيب اذا كان مثلها من
يمثله ، لكن احدا بالتاكيد لا
يستطيع نفي انها تتكلم باسم
اوباما ايضا ولا انكار ان زعيم
الاغلبية الديموقراطية في مجلس
الشيوخ هاري ريد كان ما زال ينطق
باسمه عندما ساله مضيف شبكة ان بي
سي في برنامج "واجه الصحافة" عما
اذا كان يتفق مع ادارة بوش حول
العدوان على غزة فاجاب: "نعم انا
متفق معه" .
ان اوباما الذي تعهد بان يبدا "من
اليوم الاول" لادارته معالجة
"القضايا الساخنة" في الشرق
الاوسط قبل ان تشكك كلينتون في
تعهده بقولها ان ذلك يتطلب اولا
اجراء مشاورات مع بعض قادة
المنطقة ، دون ان توضح ما اذا كان
هؤلاء القادة عربا ام اسرائيليين
، قد تعهد ، على ذمة وكالة "جويش
تيليغرافيك ايجنسي" في الثالث عشر
من الشهر الجاري ، باستخدام
رئاسته لاحياء تحالف "الحقوق
المدنية" بين اليهود وبين السود
في الولايات المتحدة ليس في اليوم
الاول لادارته بل "قبل ذلك بيوم
واحد" ليتزامن مع احياء ذكرى
مارتن لوثر كينع في التاسع عشر من
كانون الثاني / يناير الجاري ، أي
اليوم ، حسب طلب اللجنة التي
عينها اوباما لتنظيم حفل تنصيبه ،
دون أي "لفتة" مماثلة للاميركيين
من اصول عربية واسلامية الذين
منحته اغلبيتهم الساحقة اصواتها ،
وانها حقا لمفارقة ان تاتي لفتته
هذه ليهود اميركا باسم "الحقوق
المدنية" بعد ايام من حرمان لجنة
الانتخابات الاسرائيلية لمليون
وربع المليون من "المواطنين"
الفلسطينيين العرب من حقهم المدني
في المنافسة على مقاعد الكنيست
بعد حرمانهم من حقوقهم الوطنية
منذ ما يزيد على ستين عاما ، ولا
يتوقع ان ينبس اوباما او أي من
امثال الناطقين باسمه اعلاه ببنت
شفة لان لبلاده "رئيسا واحدا فقط
في كل مرة" !
لقد تكلم باراك اوباما حقا دون ان
ينطق قبل ان يتسلم مقاليد الرئاسة
وكان صمته افصح بكثير من الامال
الغامضة التي تعادل الاوهام التي
ما زال المتفائلون بالرهان على
واشنطن بين العرب والفلسطينيين
يحاولون بيعها لشعوبهم باصوات
مرتفعة لم يعد احد يسمعها لان صمت
اوباما كان اعلى منها بحيث وصل
الى اسماعهم واضحا تماما ليدركوا
ما سيقوله عندما يخرج عن صمته بعد
ان يجلس في البيت الابيض ، وانها
مسالة وقت قصير جدا فقط قبل ان
يتضح بان السواد والبياض في الخيط
الاميركي هما لون واحد الا لمن
يعانون من عمى الالوان .