بسم الله الرحمن الرحيم
( تعالوا الى كلمة سواء )
الاردن جزء من الامة العربية
بتاريخها الطويل الذي ضرب بسهم
وافر في جميع فروع المعرفة
والحكمة ، والاردن جزء من منطقة
تعاني من الاضطرابات والنزاعات ،
الا انه لم يفقد احساسه بالاسرة
العالمية ، ولم يتقوقع على نفسه
ولا لجأ الى العزلة ، انفتح على
تيارات الفكر الحديث كافة ورحب
بكل ما هو جاد وعقلاني في الحضارة
والثقافة الحديثة . 46 عام تحمل
الراحل الملك الحسين عبء مسؤوليات
القيادة في بلد تنعكس في تاريخه
الحديث جميع تعقيدات عالمنا
المعاصر ، وقد زودته التجارب
الشخصية برؤية لما كائن ولما
يحتمل ان يكون في الشرق الاوسط .
في المؤتمر الدولي الذي عقد في
لاهاي – هولندا ، ايلول 1993 ،
قال الملك الراحل : ( اننا نعيش
اليوم في عالم تلفه التناقضات .
فالاتجاه نحو المزيد من الوحدة
والاعتماد المتبادل بين الامم
يقابله تفكك متزايد وتفاوت بين
الشعوب . وضمن الاطار المعقد من
العلاقات الدولية ، يشكل الشرق
الاوسط الذي يكون العالم العربي
العنصر الرئيسي فيه ، عا لمه
المصغر الخاص من الصراعات
والتناقضات . اما الوحدة السياسية
والاجتماعية التي كان مؤملا ان
تنتظمنا في دولة واحدة فقد بدد
شملها التفكك الذي فرضه علينا
عاملان هما : اغتراب اجزاء مهمة
من ترابنا الوطني بضمها الى دول
غير عربية ، مما تضارب مع تطلعات
العرب المشروعة نحو السيادة
والوحدة الكاملتين . كما ان ظهور
انظمة ذات نظرات مختلفة الى
الامور ، والارتباطات الخارجية
المعاكسة حالت دون التحرك الجاد
نحو الوحدة وعرقلت قيام المؤسسات
والقيم الديمقراطية ، وعززت نمو
الحكم الفردي واعاقت ممارسة حقوق
الانسان وثبطت همة الابداع في نفس
المواطن الفرد . ان الشعوب
العربية في الشرق الاوسط تعاني من
الاحباط واليأس . اذ لم تختف
التجزئة التي فرضت على اراضيها في
تسويات ما بعد عام 1918 بعد ان
حلت الحكومات الوطنية مكان الحكم
الاجنبي . وبينما الناس ذات يوم
يتنقلون بحرية بين القاهرة ودمشق
وبغداد وبيروت وعمان والرياض
وصنعاء ، أصبح لزاما عليهم الأن
الحصول على تأشيرات ترفض في بعض
الحالات دون تمييز . اما الجامعة
العربية التي راودنا الامل في ان
توحد شمل الحكومات العربية ضمن
سياسات مشتركة فقد اصبحت مرأة
تعكس انقسام الشمل ) .
لقد سقت هذه المقدمة ، لأقول
الواقع الذي شخصه الملك الراحل و
كان في سنة 1993 ما زال هو القائم
والجاثم على صدور امة( الجهاد ) و
مع السنين الاولى من القرن الواحد
والعشرين قامت امريكا وحلفاءها
وبدعم لوجستي صهيوني وفارسي بغزو
العراق واحتلاله ولا حاجة للتوسع
في القول بأن النظام العربي
الرسمي ساهم بشكل فعال في غزو
العراق واحتلاله وتدميره ، وان
الجامعة العربية حقيقة عكست
انقسام الشمل في القضية العراقية
. و الجولان منذ 42 عام احتلتها
اسرائيل ولا زالت محتلة ، جنوب
لبنان في واقع الحال محتل وكل
عمليات التجميل ما هي الا لمزيد
من الضلالة ، وفلسطين من البحر
الى النهر محتلة ، والامة اجادت
مقولة واحدة وهي النصر من عند
الله ، وان الهزيمة هي من عند
الله وهي ابتلاء للمسلمين . لكن
لا احد يريد ان يستدرك ان الامة
عليها ان تعيد تقييم مواقفها ،
والاستعداد من جديد للتحرير وتجنب
اسباب الهزيمة .
لقد جاء الاحباط الاكبر للروح
المعنوية العربية والاسلامية
عندما شرع اباطرة ايران الجدد في
شنهم حربا على العراق ، وتصميمهم
على استمرار الاحتلال الفارسي
للاحواز وجزر الامارات العربية ،
و مطالبتهم ان تكون البحرين جزء
من الكيان الفارسي ، و اتبعوها
بدعم لوجستي لغزو العراق واحتلاله
ليفسح المجال لهم بفزو العراق
سياسيا وهذا هو واقع الحال الراهن
في العراق . وملالي قم وطهران
اتبعوا سياسة اشغال كل قطر اسلامي
بهمومه الخاصة ومشكلاته المحلية –
لحرمان العرب والمسلمين من
التعاضد والتعاون ، واثاروا
الاحقاد ضد الاسلام والمسلمين عبر
استنفار وتنظيم الحركات الصفوية
وتحريضهم ضد العرب .
لم يكن الدور الفارسي بعيدا عن
الدور الاستعماري او منعزلا عنه ،
وانما كان ولا يزال متلاحما معه
تحت اسم ( الحروب الثورية
الاسلامية ) . وعلى ضوء واقعنا
هذا وغزة تحترق نتساءل الى اين
نحن ذاهبون ؟
من المؤسف حقا ان يدرك الاستعمار
وتدرك الصهيونية قبل العرب اهمية
الوحدة للعرب وخطورتها على
اعدائهم ، مما جعلهم يتفنون في
وضع العراقيل امامها ، بدءا
بالاستعمار المباشر وانتهاء
بالاستعمار غير المباشر .
في مطلع القرن الواحد والعشرين
نرى مشروع متكامل من اهداف الزخم
الاستعماري و هدفهم تأمين امن
الدولة الصهيونية ، والسيطرة على
المنطقة العربية ونهب ثرواتها
والافادة من موقعها للانطلاق
باتجاه افريقيا وحماية الطرق
التجارية المؤدية الى الشرق
الاقصى . ولقد استدرك الغرب ان
تصاعد المقاومة العربية سيجعل
استمرار وجودهم المباشر با هظ
التكاليف ، وعليه يقاومون
المقاومة العربية في فلسطين
والعراق ولبنان والصومال والسودان
، ويقدمون المساعدات العسكرية
التسليحية والتدريبية الى الحركات
الانفصالية في الوطن العربي (
دارفور في السودان والاكراد في
العراق ) والتصدي لحركة التحرر
الوطني العربي وللدعوات الوحدوية
.
خلاصة القول ان اهم مقومات
التحرير والانتصار ، بوحدة الصف
العربي والارادة العربية التي
تعتبر في نظري شرطا مسبقا لابد
منه .
هل كانت مأساة العراق وفلسطين
ودارفور و الصومال و غزة هاشم
التي نعيشها بهذا الشكل المخزي
تحت سمع العالم وبصره واضحوكة
مجلس الامن الدولي لولا هذا الصمت
العربي والاسلامي الرهيب ؟
ان الشعوب العربية كبيرة ، ولديها
الاستعداد للتضحية والفداء رغم كل
عوامل القهر والظلم والاضطهاد ،
وتجاوز المحن المعاصرة ، والتطلع
الى المستقبل بايمان كبير وثقة
مطلقة ، وما تحتاجه هو جمع شتاتها
الممزق ، وحشد قدراتها المتناثرة
. و ان الشعب العربي يحمل
المسؤولية الاكبر في تأمين
متطلبات الحشد ، وفي العمل له ،
اذ ان الشعب العربي هو الذي حمل
رسالة الاسلام ونقل شعلتها
الوهاجة الى ارجاء الدنيا ، ولغته
لغة القرأن – فهو الاوفر حظا في
ممارسة دوره لأعادة تنظيم الشعوب
الاسلامية ، والخروج بها من
مأزقها .
بكل اسف نحن كأمة عربية لا نعرف
الى اين ذاهبون . وواقعنا هو واقع
التمزق والانهيار ، وعبر كثير من
قادة العالم عن مخاوفهم من ان
تنتقل عوامل التمزق العربي الى
شعوبهم ودولهم .
لنقل بشجاعة علينا ان نتوقف عن
البكاء وان نوقف الصراعات العربية
- العربية ، من اجل تحرير العراق
لتتوجه كل البنادق الى الصهيونية
عدوة العروبة والاسلام ، وانا لا
اريد في هذه المقالة ان نذكر
بجراحات الماضي ولكننا ندعو الى
التسامي فوق الجراح . ومن باب
التذكير فقط لابد من تنسيق عربي
يشمل سورية ولبنان والاردن
وفلسطينن ومصر كنسق اول والسعودية
ودول الخليج العربي كنسق ثاني من
اجل غزة .
مرة ثانية لا اريد نكا الجراح
وانما ادعو الى العمل ( وقل
اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون ) .
|