في أحد أيام شهر آب من عام
القندرة 2008 كتب أحد مترجمي
الإحتلال في "كتابات" نصا يطلب
فيه من العراقيين ان نشعل شمعة
بدل أن نلعن الاحتلال، والشمعة
التي يقصدها هي ان نوضح للقادة
العسكريين الأمريكان رغباتنا
ومقترحاتنا ، وهم على استعداد
لسماع ما آرائنا. وقد عنون وظيفته
(المستشار الاجتماعي والثقافي
للقوات متعددة الجنسية) وهي تجميل
حضاري للكلمة القبيحة "مترجم
الاحتلال"، وكنت قد رددت عليه في
حينه، ولكن ليس هذا هو القصد من
الإشارة الى هذه الواقعة هنا.
فمرة أخرى، عن موقع
www.aljazeeratalk.net في موضوع
عن المترجمين "يقول هذا المترجم
وعمره 29 سنة «انني اعمل معهم ليس
كمترجم، بل كمستشار اجتماعي
وسياسي وعسكري، وحلقة وصل بين
عقليتهم وعاداتنا العراقية."
ماذا يعني مستشار اجتماعي وسياسي
وعسكري مرة واحدة ؟ باختصار يعني
"مخبر" "جاسوس" "عميل" .
سوف نفتح منذ اليوم ولعدة أيام
ملف مترجمي الاحتلال.
مترجم الإحتلال ليس كما نتصوره
شخصا مدنيا يقوم حصريا بالترجمة
بين الأمريكان والعراقيين، وهي
مهمة تصب لخير العراقيين – كما
يقول احدهم مبررا عمالته – لأنه
يساعد الطرفين (الاحتلال والشعب)
على فهم احدهما الآخر فلا يضار
العراقيون من سوء فهم.
من هو مترجم الإحتلال؟
خارج القاعدة ينظر اليهم الناس
على انهم خونة الوطن والدين وداخل
القاعدة ينظر اليهم الامريكان
بالشك لاحتمال ان يكونوا ارهابيين
! في بعض القواعد ممنوع عليهم
الهواتف النقالة، الانترنيت،
البريد الالكتروني والكومبيوترز
والالعاب الفديوية والكاميرات
وغرفة رفع الاثقال وحتى احواض
السباحة.وحين يدخلون غرفة الطعام
هم الوحيدون الذين يتم تفتيشهم .
وبعض القادة يأخذون بطاقات الهوية
الخاصة بالمترجمين لأنهم لا
يستطيعون ترك القاعدة بدون رخصة.
ماك وجون وجيمي وجاك وروني وسام
وروجر وفيفيان وسارة الخ .. هي
اسماء حركية للمترجمين العراقيين
رجالا ونساء ، تمنح لهم في
القاعدة وتظل مرافقة لهم حتى
تركهم العمل.
مترجم الاحتلال يأتي من كل
الطبقات ومن كل الأطياف، وليس
الفقر هو الدافع دائما وانما
الجشع ايضا، كما في حالة الكثير
من المترجمين الذين كانوا يعيشون
أفضل من غيرهم ولديهم تجارة
واملاك ولكنهم أرادوا ان يتربحوا
من الفرصة مالا وفيزا لبلدان
الإحتلال : الولايات المتحدة –
بريطانيا – استراليا – الدنمارك
الخ . ولكن الكثير منهم انتهى
شحاذا عاجزا معوقا على ابواب
الجوامع والكنائس في تلك البلدان.
مترجم الإحتلال يعيش ذعرا
دائما. يكذب كثيرا ويغير اسماءه
وملابسه وهوياته لئلا يكتشف
حقيقته اقرب الناس اليه. يقول
احدهم انهم لا ينزعون القناع حتى
حين يحضرون وليمة احد الشيوخ.
يأكلون من وراء القناع. ولكن فجأة
قررت قيادة الجيش مؤخرا ان يمنع
ارتداء القناع.. كانت مأساة كبيرة
!! ولكن سوف نتحدث عن ذلك لاحقا.
يقول أحدهم يسمي نفسه (سام) يكتب
بالانجليزية في مدونة على
الانترنيت " لم اقابل بعد مترجما
يحب عمله فعلا ويريد ان يبقى فيه
للابد. كلهم لهم اهدافهم التي
تنقسم في معظمها الى اثنين :
المال ، والشعور بالامان في العمل
. لم اسمع مترجما يقول انه يعمل
من اجل بلاده. بالنسبة لي انا
اعمل من اجل المال ومن اجل
الانتقام من المتمردين وليس من
شيء آخر." وهذا كان يعيش حياة
مرفهة تمتلك عائلته أربعة بيوت في
بغداد، وله سيارته الخاصة ومصروفه
الكبير ، وحين يسأل عن ايهما احسن
الحالة الان ام ايام صدام حسين ،
كان يقول كنا افضل حالا في تلك
الايام قبل الإحتلال. ولكن أثناء
الاشتعال الطائفي ، هدد
(المتمردون) عائلته وأجبروهم على
الرحيل من المنطقة الى (بيت آخر
يمتلكونه في منطقة شيعية ). هذا
كان سبب حقده على من يسميهم
المتمردين وهو الذي دفعه الى
العمل مع الأمريكان. ولكن
بالتأكيد لم يقل أحد ممن يعملون
مع الاحتلال انه يحبون العراق،
وانه يعملون من اجل العراق. فها
هو "سام" نفسه يكتب في 30/8/2008
(أكره العراق، اكره معظم
العراقيين رغم انهم مواطني بلدي.
اكره ان اكون عراقيا ، احيانا
اتمنى لو ولدت في مكان آخر، وليس
في هذا المكن اللعين العراق.
اكره العراق ومعظم العراقيين لأن
معظم اهل بلدي منافقون ، بوجهين،
وكذابون.
كم اكره العراق والعراقيين)
وهو كما يبدو شعور شائع بين
المترجمين الذي يصبح أقصى غاياتهم
انتشالهم من العراق ومنحهم تأشيرة
الى (الجنة) في الولايات المتحدة
او بريطانيا !! إنهم نوع من البشر
باعوا العراق الى الأبد.
ماهي مهام المترجم الأخرى ؟
التحقيق مع المشتبه بهم.
الصراخ واهانة واذلال وضرب
العوائل العراقية نيابة عن
الامريكان عند المداهمات في
بيوتهم . يقول مترجم آخر يسمي
نفسه سامي وله مدونة ايضا
"المداهمات ليست لضعاف القلوب"
ويقول ان اكثر المترجمين يحاولون
اثبات اخلاصهم للأمريكان وللمهمة
بتعمد الخشونة في التعامل مع
العراقيين وضربهم بسبب وبدون سبب.
.
http://iraqi-translator.blogspot.com
- تجميل وجه الأمريكان والدعاية
لهم " في دورية في الموصل ، أبدت
ام وابنتها الذعر عند رؤية القوات
الأمريكية على الباب الخارجي ولكن
روجر (المترجم) اسرع بالدفاع عن
الاحتلال الأمريكي قال لهما
"لماذا انتما خائفتان؟ الامريكان
لن يؤذوكما. انهم هنا لمساعدتكم .
الارهابيون هم الذين يجب عليكما
ان تخافا منهم"
- التجسس واعمال الاستخبارات
""علم المقدم مايكل زاكيا ان هناك
خطة تدبر داخل الوحدة العسكرية
العراقية التي يعمل فيها مستشارا
عسكريا امريكيا ، بالتعاون مع
المتمردين، لقتله مع سبعة اخرين
من المستشارين العسكريين في الجيش
العراقي. طلب الضابط اخلص مترجميه
لمساعدته في التعرف على مدبري
المؤامرة ووضع فخ لكشفهم"
www.marinecorpstimes.com
- القتال دفاعا عن الأمريكان "
ديار البياتي رافق الجيش الأمريكي
في اكثر من 200 مهمة قتالية.
وبشكل منتظم كان يقاتل بالاسلحة
الى جانب الجنود الأمريكان ، ولكن
حين وقع رتله في كمين عام 2006
فجرت عبوة ناسفة ساقيه ومع ذلك ظل
يطلق الرصاص على المهاجمين حتى
غاب عن الوعي." 05/25/2008- The
Denver Post
اعمال اخرى ضعوا لها وصفا. يقول
المترجم سام في مدونته انه من
اكثر الاسئلة التي يحب الجنود
الأمريكان سؤال المترجمين عنها "
هل يمكنك ان تأتي لنا بعاهرة أو
هل تعرف بيت دعارة هنا؟" Can u
get us a bitch or do u know a
whore house here? -
http://interps-life.blogspot.com
**
مترجمون أم جنود ؟
المترجم العراقي يتماهى مع الجندي
الأمريكي لعدة أسباب:
يطلب منه ان يرتدي الملابس
العسكرية الأمريكية بكامل عدتها
ويضع على ذراعه العلم الأمريكي.
من أجل سلامته ، يقيم اقامة كاملة
في المعسكر او القاعدة ويمنح
اجازة كل بضعة اشهر لرؤية عائلته.
فتقوم رابطة اخوة ومعايشة مع
الجنود وطريقة حياتهم الأمريكية
مما يجعله جزءا منها.
المخاطر التي يتعرض لها المترجم
هي ذاتها التي يتعرض اليها
الجنود.
الخوف من الانتقام الشعبي يجعل من
كل العراقيين (عدوا) له.
وتعالوا معي في هذه الجولة من
أقوالهم والتي تؤكد هذا التوحد
والتماهي مع الغزاة .
حين كنت اعمل كنت مذعورا اراقب كل
حركة تحدث في الشارع وانا افكر
كثيرا فيما يمكن للعدو ان يفعله
.(العدو هنا هو رجال المقاومة
العراقية) – سام
(في احد الايام ذهبنا لتفتيش منزل
لم يكن فيه سوى نساء واطفال.
بدأنا في التفتيش واذا بربة
المنزل تبدأ في الصراخ بي واصفة
اياي بالخيانة وبانعدام الشرف
لأني اعمل مع الامريكان. قلت لها
" انا لست هنا من اجلك ياسيدة انا
من اجل نفسي. انا ماكنة ترجمة".
لا الومها فزوجها كان شريرا
وابنها ايضا (bad guys) . على اية
حال سمع قائدي الأمريكي (م) وجاء
يركض الي وسألني عما تقوله
فأخبرته فقال لي "سام هل تريدني
ان اؤذيها؟" قلت له كلا انها مجرد
بنت كلب . انها معتوهة)- سام
من الواضح اين يقف هذا المترجم .
الى جانب الغزاة. وبملاحظة قصة
المرأة (المعتوهة) يمكن ان نفهم
ان ايذاء الناس في بيوتها يحدث
حسب المزاج ولإرضاء هذا وذاك.
وشيء آخر. يوحي القائد (م) له
بأنه مستعد ليقوم بأي شيء لحمايته
من بني جنسه حتى لو كانت امرأة !!
(في كل وقت يخرجون معك في مهمة
يصبحون جنودا ) احتياطية سابقة في
الجيش الامريكي شيلين توتشايفرز
هؤلاء الناس (المترجمون) اخواننا
واخواتنا في السلاح. بدون ارشادهم
لنا لن يكون للقوات القدرة على
فهم المعلومات او التواصل مع
الاخرين خلال مهماتنا)- الميجور
راي كمبل
(اسمي مصطفى الوائلي. خدمت كمترجم
في الجيش الامريكي بالعراق وانا
مخلص جدا للولايات المتحدة ومستعد
ان اضحي بحياتي من اجل هذه الأمة
الأمريكية العظيمة )
**
في المقالات القادمة سوف اتناول
طريقة توظيف هذا النوع من
العملاء، والفرق بينهم والنوع
المستورد من المترجمين الأمريكان
من أصول عراقية وعربية، عددهم ،
قصصهم ، إصاباتهم . كيف انتقلوا
من الحلم الى الكابوس؟
|