ولد
توني بلير
(Tony
Blair)
عام 1953 في أدنبره عاصمة اسكتلندا. ثم درس القانون في جامعة
اوكسفورد وعمل في المحاماة للفترة
من عام 1976 الى عام 1983 وبعدها
دخل العمل السياسي مع حزب العمال
البريطاني حيث ترقى فيه
وكان يمثل جيلا جديدا في الحزب
وقد تولى العديد من المناصب داخل
البرلمان مثل الناطق باسم
المعارضة للشؤون المالية ونائب
الناطق باسم المعارضة لشؤون
التجارة والصناعة.
وفي عام 1992 أُنتخب بلير لعضوية
اللجنة التنفيذية القومية لحزب
العمال ثم رئيسا لهذا الحزب بعد
وفاة رئيسه جون سميث
بأزمة قلبية عام 1994 اتفق توني بلير وغودردون براون على
استلام قيادة الحزب. واتفقا أيضاً
على ان يأخذ بلير رئاسة الوزراء
وبراون وزارة المالية والاقتصاد.
وعلى هذا النحو اقتسما السلطة
العليا في انجلترا.. وهكذا أصبح
توني بلير رئيساً للوزراء عام
1997 عندما اكتسح الانتخابات
القيادية في مواجهة زعيم
المحافظين جون ميجور..حيث
استطاع بلير أن يقود حزب العمال
لتحقيق نصر في الإنتخابات العامة
بحصوله على نسبة 45% من أصوات
الناخبين وفوز الحزب بأغلبية
المقاعد في مجلس العموم و اعتبر
ذلك الحدث في حينها من أكبر
انتصارات الحزب.
وفي أثناء دراساته الجامعية كان
يعزف على الغيتار ويحب الفن
والموسيقى وبعد أن أنهى دراساته
الأكاديمية في مجال
القانون..وأصبح محامياً تزوج فتاة
تدعى (شيري بوث)..إنضم
بلير إلى حزب العمل عام 1975 بعد
وقت قصير من لقائه شيري عندما
كانا يتنافسان في دراسة القانون.
ويُنقل عنه قوله : (كنت
دائما أشاهد شيري جالسة في مكتبة
لينكولنز آين في الوقت الذي كان
جميع الطلبة يتوجهون فيه صوب
الحانة لتناول الغذاء)..
وسرعان ما بدا الأمر جليا لكليهما
عندما تقدم بلير بطلب للإلتحاق
بنفس كلية شيري للدراسة.ويقال أنه
ما كان لآراء شيري من أهمية
بالنسبة لموقع بلير المبكر في
صفوف حزب العمال، ويقول : (
كانت أشد نزوعا منه نحو اليسار
وإذا كان لبلير ميل خفيف نحو
اليمين إزاء أمر ما فإنها كانت
تميل ميلا خفيفا نحو اليسار).
وقد عمل بلير في تلك الفترة من
حياته محاميا متخصصا بقوانين
التوظيف والعمل وكان نشيطا في
صفوف النقابات المهنية وهو ما مهد
له طريق مهنته المقبلة وفيما بعد
أصبح قانون النقابات المهنية مسرح
معاركه السياسية كما أن علاقاته
وسط النقابات ساعدته لاحقا في
التقدم في صفوف حزبه..كان بلير
مستغرقا بالكامل في سياسات حزب
العمل حتى إنتصاره الإنتخابي
الأول في عام 1983 عندما أنتخب
ممثلا برلمانيا عن منطقة سدغفيلد
وإثر ذلك صعد نجمه من مجرد عضو
برلماني بسيط في ذلك العام إلى
زعيم لحزب العمال في عام 1994
ولاحقا رئيسا لوزراء بريطانيا في
عام 1997.
شغل
توني بلير منصب اللورد الأول
للخزانة ثم وزير الخدمة الشعبية
وعضو البرلمان البريطاني عن منطقة
سجفيلد في شمال شرق إنكلترا..تولى
رئاسة الحكومة البريطانية لثلاث
فترات رئاسية متتالية بدأت
بعام1997 وإنتهت عام 2007 مما
أعتبر أكثر الزعامات العمالية
بقاء في منصب رئاسة الوزراء
والثاني بعد رئيسة الوزراء
السابقة ماركريت تاتشر .
وفي عام 2001 أعيد انتخاب بلير
لولاية جديدة في إنتصار سهل أكد
إستمرار إعراض الناس عن المحافظين
وبرامجهم لدرجة أن البعض تساءل في
ما إن كان المحافظون سيبقون على
مسرح السياسة البريطاني كحزب كبير
أم أنهم في الطريق إلى الزوال!.
على أن فوز العمال عام 2001 دق
أكثر من ناقوس خطر رغم التباهي (البليري)
بالفوز فمن ناحية أولى لم يتوجه
الناخبون نحو حزب العمال حباً فيه
واقتناعاً ببرامجه بل لتأكيد
نقمتهم على المحافظين وحتى (يلقنوهم)
درساً بليغاً في العقاب الشعبي.
ومن ناحية ثانية فإن إنخفاض مجموع
من أدلوا بأصواتهم في تلك
الإنتخابات دق ناقوس خطر في أوساط
السياسيين البريطانيين إزاء
لامبالاة الناس المتزايدة تجاه
العمل السياسي، وقلل من (عمق)
الفوز العمالي.
تبنى بلير سياسة مطابقة وموالية
للسياسة الأمريكية في واحدة من
أكثر المواضيع أهمية وحساسية وهي
قضية العراق إبتداءا من فرض
الحصار الشامل عليه وقضية لجان
التفتيش على أسلحة الدمار الشامل
المزعومة والإبقاء على منطقتي
الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبه
والترويج لعلاقة النظام العراقي
بالقاعدة ..في وقت شابت هذه
التبعية البريطانية للإرادة
الأمريكية الكثير من الإنتقادات
والمعارضة وخاصة من بين صفوف حزب
العمال في حين أيدها حزب
المحافظين !..
وأدت سياسته المؤيدة للمواقف
الأمريكية من القضية العراقية
بدون نقاش الى فقدانه للتأييد
والمصداقية والدعم الشعبي خاصة
بعد إفتضاح كذب المزاعم التي
سوقها بلير مع بوش بشأن الخطر
العراقي وأسلحة الدمار الشامل
والعلاقة مع القاعدة وخسائر الجيش
البريطاني في حرب لا نهاية لها
وتعرض بريطانيا للتهديد بهجمات
إرهابية بعد هجمات مترو الأنفاق
في لندن
مما أدى الى قيام بلير لتقديم
إستقالته في
27 تموز 2007
من رئاسة حزب العمال والحكومة
ومن البرلمان ليخلفه في رئاسة
الحزب والحكومة جوردن براون وزير
المالية ..
وبدلا من ان يوجه الى بلير
الإتهام في جر بريطانيا والعالم
الى الدمار في حربه الغير شرعية
على العراق فقد تمت مكافئته
بتعيينه في يوم إستقالته مبعوثا
دوليا للجنة الرباعية الخاصة
بالسلام في الشرق الوسط!..
ومن الملاحظ أن بلير وحتى في
منصبه الأممي الحيادي الجديد هذا
لم يكن إلا ناطقا بإسم بوش ومروجا
لمفاهيمه وسياساته وهنالك الكثير
من الدلائل والإثباتات على ذلك
لعل اوضحها موقفه الصامت للعدوان
الإسرائيلي الغاشم والمدمر على
غزّة المحاصرة والذي بدأ يوم في
نهاية عام 2008 والمستمر والذي
تزامن وتعاضد مع موقف بوش المؤيد
للعدوان الإسرائيلي ورفضه الدعوة
السريعة لعقد مجلس الأمن الدولي
لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق
النار ..
أخفى بلير رأسه كاملا في رمال
التبعية والخنوع وأطفال غزة
ونساءها وشيوخها يقتلون بالمئات
وهو المسؤول عن متابعة قرارات
باهتة تدعو لفرض السلام بالقوة
وهو مبدا بوش ومحافظيه وصقوره!..
توني بلير نفسه الذي دعم تقارير
المحافظين السرية وتوصياتهم الى
كلينتون بضرب العراق وتغيير
النظام الوطني فيه خدمة لإسرائيل
..بلير الذي أرسل سنة 1998 حاملة
طائرات بريطانية لتشارك في
الغارات مع أميركا على العراق!..
توني بلير هو إبن رجل قانون
محافظ.. وقد نشأ وكبر في إسكتلندا
ودرس في المدارس الخاصة التي يدرس
فيها عادة أبناء
الأغنياء.وبالتالي فقد كان
متوقعاً أن ينضم إلى حزب
المحافظين لا إلى حزب العمال بسبب
أصوله العائلية والبرجوازية ولكن
القدر شاء له مصيراً آخر لقد شاء
له أن يكون في الحركة الإشتراكية
الإنجليزية والأوروبية وفي أثناء
دراساته الجامعية عمق توني بلير
مفاهيمه الدينية فهو ينتسب إلى
المذهب الانجليكاني المسيحي الذي
يشكل الأغلبية في انجلترا ولكنه
لم يكن قد تلقى تربية دينية في
طفولته ومع ذلك فقد أخذ يهتم
بالدين وقد ساعده على ذلك التقاؤه
بمجموعة من الطلاب الذين يدرسون
علم اللاهوت المسيحي حيث كان
يتناقش معهم مطولاً في شؤون الدين
والعقيدة. ثم دخل بعدئذ معترك
السياسة ولكن دون أن يفقد إهتمامه
بالدين.وانتخب نائباً عمالياً وهو
في الثلاثين من عمره. وكان أصغر
نائب بريطاني سناً.وبعد أن أصبح
على رأس الحزب طلب من رفاقه في
المؤتمر العام أن يتراجعوا عن
الأفكار الماركسية وأن ينتهجوا
خطاً ليبرالياً.وهذا ما دعي فيما
بعد بالخط الثالث لتوني بلير: أي
لا ماركسي شيوعي، ولا رأسمالي
ليبرالي وانما بين بين.. إنه خط
وسطي: (خط
العدالة الاجتماعية بالقدر الممكن
ضمن نظام الاقتصاد الرأسمالي)..
ثم طلب تغيير إسم الحزب فأصبح حزب
العمال الجديد
كما طلب إلغاء المادة السادسة من
دستور الحزب التي تقول بضرورة
إمتلاك الشعب لوسائل الإنتاج
والتوزيع والتبادل ينبغي العلم
بأن المحرك الأيديولوجي لتوني
بلير ليس هو الفكر التقليدي لحزب
العمال البريطاني وإنما هو إيمانه
الديني بضرورة تحقيق العدالة
والتسامح والنزاهة يضاف إلى ذلك
إلى أفكاره السياسية مستمدة من
تجاربه الشخصية وبخاصة قراءة كتب
الفيلسوف الاسكتلندي جون ماكموري
زعيم التيار الفكري المدعو
بالديمقراطية الاجتماعية: أي
الديمقراطية التي تهتم بالفقراء
ومعاناتهم وضرورة مساعدتهم أو رفع
مستوى معيشتهم.
يوصف توني بلير بأنه ليبرالي ضمن
مفاهيم القرن العشرين..بترويجه
لفكر من إعتقاده بأن الحكومة
تستطيع أن تفعل بعض الأشياء
وينبغي أن تفعلها ولكن هناك أشياء
لا ينبغي أن تتدخل فيها.ولهذا
السبب فإن توني بلير لم يتراجع عن
السياسة الاقتصادية الرأسمالية
التي إتبعتها مارغريت تاتشر ولم
يتراجع عن سياسة الخصخصة للشركات
التي رفض تأميمها باسم الإشتراكية
والعدالة الاجتماعية ومحاربة
الرأسمالية ورفض إعادة الحقوق
التي كانت تتمتع بها النقابات
العمالية سابقاً.وبالتالي فقد قبل
بالرأسمالية وهو الذي يدعي
الإشتراكية العمالية وقال بما
معناه: (إن
اقتصاد السوق الحرة هو شيء لا
يمكن المس به).
وبالتالي فكان بلير يصنف بأنه ليس
اشتراكياً ثوريا وإنما إشتراكي
إصلاحي.
ويتميز بلير بكرهه للبرنامج
القومي العربي ولوحدة العرب
وتطورهم ويعتبر حق إسرائيل مقدس
وحقوق العرب تجاوز لحدود
الإستحقاق وإن إستخدام إسرائيل
للقوة وحصولها على وسائلها بما
فيها السلاح النووي هو لحماية أمن
إسرائيل المهدد دائما من جيرانها
العرب (غير
المتحضرين!)!..وكان يعتبر
وجود النظام العراقي الشرعي منذ
عام 1968 تهديدا مباشرا لأمن
إسرائيل ولذلك يتوجب التخلص منه
ومن رمزه
الرئيس الشهيد صدام حسين
الذي أصبح يمثل عنوانا (للتمرد
والعصيان!) القومي للشباب
العربي على الهيمنة الغربية
والإستعمارية وعلى ثوابت وجود
الدولة العبرية وسيادتها
وإغتصابها للأرض وعدوانها المتكرر
على العرب!..
عندما حدثت هجمات 11 أيلول سبتمبر
2001 كان توني بلير في مدينة
برايتون يكتب خطابه في أحد
الفنادق الكبرى من أجل إلقائه في
مناسبة عامة.وفجأة تدخل عليه
سكرتيرته وتقول له بأن شيئاً ما
حصل في نيويورك.فقد ضربت إحدى
الطائرات برج وول ستريت والبرج
يشتعل بالنيران ولم يعر بلير أي
إنتباه للمسألة واعتقد انها مجرد
حادث عرضي ولكن السكرتيرة عادت
بعد فترة وقالت له بأن طائرة أخرى
ضربت البرج التوأم للأول!..عندئذ
قطع بلير تأملاته وأحس بأن شيئاً
ما يحصل في أميركا وقرر بالتالي
أن يختصر خطابه بقدر الامكان
ويعود إلى لندن. وكان قد أجرى
اتصالاته مع بعض كبار مساعديه
وعرف أن المسألة خطيرة جداً وما
أن إنتهى من إلقاء خطابه وأدار
ظهره للخروج حتى ضجت القاعة
بالتصفيق ثم توجه إلى المحطة لكي
يأخذ القطار المقبل إلى لندن وفي
أثناء ذلك كانت السلطة فارغة في
عشرة داوننغ ستريت!.. بمعنى أن
القيادة كانت غائبة كلها
تقريباً..
وقد خشي البعض من أن يحصل هجوم
على لندن بعد نيويورك ولكن بلير
لم يكن قلقاً من هذه الناحية على
ما يبدو!!..
ولذلك إكتفى فقط بالتحدث مع رؤساء
الأجهزة الأمنية وإتخاذ التدابير
اللازمة ولكنه لم يأمر باتخاذ أي
إحتياطات إستثنائية!.. وشعر توني
بلير بأنه سيواجه أكبر أزمة
عالمية في حياته بل ولم يحصل أن
واجه أي رئيس وزراء بريطاني أزمة
من هذا النوع منذ عهد (إيدن) وحرب السويس عام 1956..
وكان توني بلير أول قائد أجنبي
يتصل به جورج دبليو بوش بعد
الحادثة وقد بدا له بوش مصدوماً
ولكن واثق من نفسه ومسيطراً على
الوضع وقال له توني بلير:
(ماذا
تريد أن تفعل الآن؟)..
فأجابه بوش:
(لم
يحن أوان الفعل بعد أنا أفكر في
طريقة الرد والمهم أن تكون فعالة
وليس المهم سرعة الرد)!..
وقال له توني بلير:
(هذا
تفكير صحيح وجيد وأنا موافق عليه)..
ثم أردف بوش قائلاً:
(الشيء
المؤكد هو أني لن أضرب فقط
الإرهابيين وإنما من يؤويهم
ويدعمهم أيضاً.. وبالتالي فالرد
العسكري يحتاج إلى بعض الوقت لكي
تتم التحضيرات له بهدوء)..
وإتفقا على إسقاط نظام الطالبان
الذي يحمي بن لادن ..
وأثبتت كل الوثائق التي أعلنت
لاحقا وتصريحات وإعترافات
المسؤولين الأمريكان في حينها بأن
الهدف الثاني الذي كان أكثر أهمية
هو:
(
إسقاط نظام صدام حسين
)..
والعمل على (
إيجاد المبررات وجمع المعلومات
وصياغتها بأي شكل من الإشكال وبأي
ثمن ووسيلة لتؤدي لقرار غزو
العراق)!..
ولكن قبل ذلك طلب بوش من بلير أن
يساهم في تشكيل التحالف الدولي
حول الولايات المتحدة من أجل غزو
أفغانستان فوعده توني بلير بأنه
سيتحرك فوراً في هذا الاتجاه سواء
على صعيد حلف الأطلسي أو الأمم
المتحدة أو بقية الدول المعنية في
الشرق الأوسط، أو سواها.
وهكذا تحول توني بلير نوعاً ما
إلى وزير خارجية أميركا!!..
فقد طار إلى روسيا، والهند،
والصين، وبلدان أخرى عديدة لكسب
الدعم للمشروع الأميركي الهادف
إلى إسقاط نظام طالبان وتفكيك
معسكرات (القاعدة)
هناك.
ومعلوم أن التعاطف الدولي مع
الولايات المتحدة كان على أشده
بعد تلك الضربة المؤلمة وقد شكر
القادة الأميركان توني بلير
كثيراً على موقفه المتضامن معهم
إلى أقصى الحدود وإستقبله
الكونغرس بالتصفيق وقوفاً!..
وقد عبّر بلير في مناسبت عدة عن
قناعته بزعامة الولايات المتحدة
للعالم !..
وفي حديثه عن السياسة التي تتبعها
بلاده في سيرها خلف الولايات
المتحدة الأمريكية بالتعبيرعن:
(أن العالم يحتاج إلى قطب واحد لا
أكثر)!..وقوله خلال مقابلة صحفية:
(
أن أي محاولة من جانب أوروبا
لتنصيب نفسها في مواجهة مع
الولايات المتحدة ستكون "خطيرة
ومخلة بالاستقرار")!..
حدث في تموز 2006 وكيف أن الصحافة
البريطانية لم تترك ما حدث بين
الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس
الوزراء البريطاني توني بلير على
هامش عشاء الثمانية الكبار بسان
بطرسبرغ والميكروفون مفتوح في
غفلة منهما يمر مرور الكرام!..
ورأت فيه دليلا آخرا على "علاقة
خنوع" لا تحالف بين الشخصيتين.
ونقلت الفضائيات ووكالات الأنباء
كيف بدا بوش في الصورة وهو جالس
إلى المائدة يلوك مضغة طعام يدعو
بلير إليه بـ"أنت يا بلير" (you
Blair)
ليأتي رئيس الوزراء البريطاني
وكله آذان صاغية حسب الصحافة
البريطانية ويبلغه الرئيس
الأميركي أن رأيه في إنهاء ما
يحدث في لبنان هو أن تحمل سوريا
على الضغط على حزب الله "لوقف
هذا**" متلفظا بكلمة ما كان
ليتلفظ بها لو أدرك أن
الميكروفونات كانت مفتوحة.
وكتبت صحيفة "دايلي ميرور" معلقة
"أنت
يا بوش (You
Bush)
فلتعامل رئيس وزرائنا باحترام" معتبرة أن ما نقله الميكروفون على الهواء في غفلة من الرجلين يعزز
صورة بلير كـ"كلب مدلل للرئيس الأميركي".
غير أن الأسوأ في الأمر هو ما رأى
المعلقون أنه يرقى إلى "التماس"
من بلير ليسمح له بوش بزيارة
الشرق الأوسط لبدء وساطة لوقف
القتال بين حزب الله وإسرائيل.
وخاطب بلير بوش قائلا إنه سيكون
أحسن لو توجه هو إلى الشرق الأوسط
ليمهد زيارة وزيرة الخارجية
الأميركية كوندوليزا رايس قائلا
إنها إذا ذهبت إلى المنطقة فإن
"عليها أن تنجح في حين أنه يمكنني
أن أذهب وأتحدث فقط".
وحملت "الغارديان" على بلير قائلة
"لم يكن
ينقصك إلا أن تعرض عليها (رايس)
حمل حقائبها", مضيفة أن
رئيس الوزراء البريطاني "لا
يبدو زعيم دولة مستقلة, وإنما
مسؤولا في إدارة بوش, ينتظر الضوء
الأخضر الذي لا يمنحه رئيسه".
ومن الجدير بالذكر أنه في الثاني
عشر من أيلول (سبتمبر) 2001..أي
بعد يوم واحد من تدمير برجي مركز
التجارة العالمي عقد في جنيف
اجتماع لمركز التفكير والتحليل
اللندني الشهير (المعهد
الدولي للدراسات الاستراتيجية)
كانت الصدمة قد هزت العالم بأثره
الذي أخذ يتساءل إذا كانت هذه هي
الطلقة الأولى للحرب العالمية
الثالثة... إذ لم يسبق منذ مئتي
عام أن هوجمت أميركا في عقر دارها
اللهم إلا حين أحرق الإنكليز
البيت الأبيض في عام 1812. وتساءل
الحاضرون:
ما معنى ذلك؟ وكيف يكون رد
العالم؟ ..
وكان بين المشاركين في اجتماع
جنيف منظّر استراتيجي أميركي يدعى
ادوارد لوتفاك وكان رأيه في
التعامل مع الإرهابيين بكل بساطة:
(اقبضوا
عليهم، اقتلوهم، ولا تصغوا إليهم)!..
وقد عملت إدارة بوش فيما بعد بهذا
الرأي وكانت النتائج كارثية.
ويكاد أغلب المثقفين الغربيين
يجمعون على انه :
(أجل إن
الهجمات الإرهابية، ومنها تفجير
القطارات في مدريد هي أعمال وحشية
تثير الاشمئزاز ولا يمكن تبريرها
أو الدفاع عنها. فهي تحصد أعداداً
كبيرة من الضحايا البريئة وتدمر
أسس النظام والحياة الحضارية. ومن
ناحية أخرى فإن العقوبات التي
فرضها الغرب على العراق أودت
بحياة مئآت الآلاف كما أن استخدام
قنابل المدفعية ذات الرؤوس
المحتوية على اليورانيوم المنضب
في العراق ضاعفت من انتشار مرض
السرطان بنسبة مخزية. وهكذا فإن
الحروب في العراق وأفغانستان وفي
الأراضي الفلسطينية المحتلة عاملت
سكان هذه البلاد وكأنهم حشرات لا
يحسب لحياتهم أي حساب)!...
ترى هل تصور جورج بوش وتوني بلير
أن بإمكانهما إجتياح العراق
وتدميره وقتل نحو 650 ألف شخصاً
مدنيين وعسكريين وجرح مئات الآلاف
الآخرين وإعتقال نحو 100 ألف (مشبوه)!
من دون أن يثير كل ذلك أي رد فعل
عنيف؟.. وكيف يمكن أن يفاجأ
المتحالفون بردود الفعل؟.. وماذا
ستكون ردة الفعل عندما يتضح أن كل
المبررات والأسباب التي أعلنت
وروج لها كانت إدعاءات فارغة
وكاذبة وعارية عن الصحة تماما!..
ولا شك أن مسؤولية توني بلير
تكتسب أهمية وخطورة خاصة.. فلولاه
لما كان لبوش أن يحزم أمره.. ولقد
كان بوسع بلير أن يجذب بوش ويبعده
عن شفير الحرب.. لكنه كتم شكوكه
رغبة في الحفاظ على الشراكة
الأنكلو - أميركية بأي ثمن. وهو
قد استمتع بلذة عابرة حين شارك في
شن حرب شاملة - على الأقل حتى
بدأت المتاعب في صفوف حزبه -
وبريطانيا بفضل توني بليرخسرت
أكثر مما توقعت!.وأدت بالنهاية
الى خسارته وإستقالته وهروبه من
مواجهة الحقيقة ..حقيقة خطأه
الكبير وتبعيته الغير مبررة
ومساندته للحرب والكذب بشأنها
والتي لن يغفر له التأريخ
أبدا..وممالا شك فيه أن بوش وبلير
يستحقان هذا السقوط الكبير سواء
كان بالإستقالة او في الانتخابات
بسب حربهما الاحتيالية والمخالفة
للقانون.
وقد واجه توني بلير سلسلة طويلة
من الإتهامات بتضليل الرأي العام
البريطاني بشأن العراق بعد أن
قالت صحيفة إندبندنت إن أول ملف
للحكومة بشأن الأسلحة العراقية قد
إعتمد بشدة على مصادر موجودة
بالفعل في النطاق العام في
الإنترنت ومن بينها تقرير لوليام
كوهين وزير الدفاع الأميركي في
إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون
في يناير/ كانون الثاني 2001
بالإضافة إلى تقرير في سبتمبر/
أيلول 2002 للمعهد الدولي
للدراسات الإستراتيجية بشأن
العراق.
وتضمنت المعلومات المأخوذة من تلك
الوثيقتين إشارات إلى صواريخ
ذاتية الدفع وطائرات إستطلاع بلا
طيار وإستخدام مزدوج للمواد
المدنية. وقالت الصحيفة إن الملف
الذي نشر في سبتمبر/ أيلول الماضي
حوى ما لا يقل عن ست موضوعات
منفصلة بشأن أسلحة الدمار الشامل
المزعومة نقلت من تقارير تفتقد
للمصداقية والدليل .
وعلى الرغم من إن هذه الإتهامات
كانت تسبب مزيدا من الإحراج
للحكومة التي إعترفت بالفعل بأنها
إرتكبت خطأ في عدم الإعتراف بأنها
اقتبست بعض معلوماتها من بحث
لطالب أميركي في ملفها الثاني
الذي لم تنسبه إلى مصدر في
فبراير/ شباط..إلا أن (الأهداف
المستترة) للمخطط القاضي بتدمير
العراق كانت أكبر من أن تمس
مروجيها وراعيها وخدمها!..
المؤلف نيكولاس وود مؤلف كتاب (جريمة
حرب أم حرب عادلة : دعوي قانونية
ضد بلير)
يصف
الحرب التي أيدها بلير لتدمير
العراق بانها خدعة كبيرة ويقول :
(قيل
لنا أنها من أجل نزع أسلحة الدمار
الشامل في العراق والتي يمكن أن
تستهدف هذا البلد في غضون خمس
وأربعين دقيقة)!...
ويقول عن هذه الحرب التي شاركت
فيها بريطانيا أمريكا أنها حرب
عن التضليل وفقر المعرفة بتعقيدات
الوضع العراقي. فهو يقول:
( إن
توني بلير أو جورج بوش لم يكونا
يملكان أدني المعرفة بالوضع
العراقي التاريخي والاجتماعي
والسياسي وإننا لا نستطيع عزل
أنفسنا عن الحرب الدائرة في
العراق لسبب بسيط وهو إننا دفعنا
الضريبة ولدينا ثروة كبيرة
بإعتبارنا الدولة الثانية في
تصنيع السلاح في العالم . غزو
العراق لم يسر حسب الخطة
الامريكية)!!..
ويقول الكاتب :
( ان ما
يظهر من التاريخ البريطاني في
العراق هو الاستخدام المستمر
للطائرات الحربية في ضرب
العراقيين مشيرا الى إن التبرير
الذي ساقته بريطانيا للذهاب للحرب
هو إن صدام حسين إستخدم الغاز ضد
الأكراد في حلبجة عام 1988 وهذا
الفعل هو صورة عن عمليات قامت بها
القوات الجوية البريطانية في
العراق في الاعوام
1917،1920،1924، 1925، 1930،
1931، 1932، 1941، 1991، 2003
مشيرا أن كل عمليات القصف هذه لم
تكن من أجل تحرير العراقيين.
ولاكثر من مئة عام وبريطانيا
تتعامل مع العراق بإعتباره
الكعكعة التي يمكن أن تقطع منه
بعض القطع مشيرا في هذا الإتجاه
الى تصريحات جاك سترو عام 2003
الذي قال: قمنا بالمخاطرة ودفع
التكاليف ولا يمكن أن نسمح
للفرنسيين والألمان لحشر أنوفهم
في الكعكة)..
وهذا نص ماقاله جيرمي غيرنستوك
المبعوث البريطاني الخاص للعراق
فقد قال:
( ان
الشركات البريطانية يجب ان تحصل
علي قطعة من العمل)..
وبمناسبة الحديث عن الكعكة
العراقية فقد كان هذا التعبير
متواردا في السياسة البريطانية
تجاه العراق منذ الحرب العالمية
الأولى!..
فقد قال رئيس الوزراء البريطاني
إسكويث في حينه معلقا علي سقوط
الدولة العثمانية:
(إذا
تركنا الدول الاخرى تتنافس علي
تركيا بدون أن نأخذ شيئا فإننا لا
نقوم بعمل الواجب)!..
وقول اللورد كيروزن عام 1914:
(إن أثر
إحتلال بغداد سيكون له أثر في كل
أنحاء آسيا وستكون قطعة ثمينة حيث
ستبدأ لعبة الشطرنج!)...
وفي عام 1915 قال لورد كرو:
(إنه
ينتظر مشاكل مع فرنسا عندما تقسم
الكعكة)!..
وكانت القوات البريطانية للغرابة
بلاك ووتش الفرقة الاسكتلندية
التي لعبت دورا دعائيا في الهجوم
علي الفلوجة وتدميرها قامت في
الحرب العالمية الاولي بإحتلال
محطة السكك الحديدية في بغداد!.
وفي عام 1953 قدم ستيفن لونغريغ
دراسة العراق 1900 ـ 1950 تحدث
فيها عن معوقات الديمقراطية خاصة
المفروضة من الخارج. وبنفس السياق
فالاوراق والمذكرات التي سربت
للاعلام حملت تحذيرا من وزارة
الخارجية من:
(إن
محاولة السيطرة علي العراق بالقوة
تعني تواجدا طويلا فيه)!..
بعد شهر واحد من إحتلال العراق
إستقال كل من وزير الخارجية
البريطاني روبن كوك ووزيرة
التنمية الدولية كلير شورت من
الحكومة البريطانية وفي أول طعنة
يتلقاها بلير المنتشي بنصره على (صدام
حسين ) وتحقيق (حلم
دام عشرات السنين ) من
مسؤولين رسميين بريطانيين شاركاه
في قراره بالتبعية الكاملة لرغبة
بوش بتدمير وإحتلال العراق..وقد
إتهم كوك بلير بتضليل الرأي العام
البريطاني والعالمي ووصفه
بالمخادع وقال:
( من
غير المتصور أن يتمكن العراقيون
من إخفاء الأسلحة ومعدات صنع
الأسلحة لشهرين منذ أن احتلت
القوات البريطانية والأميركية
العراق)!...
وقال أمام لجنة التحقيق
البرلمانية البريطانية:
(
تفقدنا كل منشأة لتخزين الذخائر
في العراق ولم نعثر على أي أسلحة
كيماوية أو بيولوجية). وحيث أن
تقريرا حكوميا بشأن الأسلحة
العراقية كان قد صدر في سبتمبر/
أيلول 2002 يفتقر إلى أي (معلومات
مخابراتية حديثة تنذر بالخطر)..
فقد قال:
(كان العراق هدفا من الصعب
للغاية على المخابرات اختراقه.
وعدم توافر معلومات مخابراتية
أساس واهن للدخول في هذه
الحرب.)!..
كما وجهت شورت أيضا لبلير التهم
ذاتها وقالت:
( إن
الخداع تضمن نشر ملف في فبراير/
شباط الماضي يبرر شن الحرب على
العراق وهو وثيقة أطلقت عليها
الصحف البريطانية اسم "ملف
الاحتيال" لأن معظمه أنتحل من
رسالة تقدم بها أحد الطلاب لنيل
درجة الدكتوراه)!..
وقد تعرض بلير وحكومته وبعد شهرين
من شن الحرب التدميرية على العراق
لانتقادات عنيفة في بريطانيا
بعدما فشلت واشنطن ولندن في
العثور على أي أثر لأسلحة دمار
شامل في العراق أو دليل يقوم على
صحة هذا الإدعاء رغم مرور أكثر من
شهرين على إحتلال العراق!...
وطال زمن الإحتلال الى أن أعلن
جميع من شارك بحرب تدمير العراق (بعدم
دقة وصحة المعلومات التي إستندت
عليها كل من أمريكا وبريطانيا بشن
الحرب على العراق)..وآخر
تلك التصريحات ما أدلى به المجرم
بوش بعد شهر من خروجه مهزوما هو
ومحافظيه وحزبه الجمهوري من
الإنتخابات الأمريكية وفوز أوباما
والذي قال فيه :
(أنا أقر
بأن المعلومات التي أعتمدناها
كأساس في شن الحرب على العراق
كانت غير دقيقة!)!..
ومن الجدير بالذكر أن لجنة
برلمانية بريطانية كانت قد إتهمت
في حزيران 2003 ألاستير كامبل
مدير إتصالات رئيس الوزراء توني
بلير بخداع البرلمان ورئيس
الحكومة عندما نشر في فبراير/
شباط 2003 ملفا بشأن ترسانة
الأسلحة العراقية مستندا في
جزء منه إلى أطروحة أكاديمية!.
وزعم الملف الذي تبنته حكومة بلير
والبرلمان ووالذي تم إستخدامه
لتضليل الرأي العام البريطاني أن
بإمكان الرئيس صدام حسين إستخدام
أسلحة الدمار الشامل في غضون 45
دقيقة!.
واتهم كامبل الذي أمطرته لجنة
الشؤون الخارجية في مجلس العموم
البريطاني بوابل من الأسئلة بأنه
أوهم رئيس الوزراء والبرلمان بأن
هذا الملف صادر عن أجهزة
الإستخبارات البريطانية.
وقال كامبل الذي أقر بوجود أخطاء
ارتكبت خلال صياغته: (
إن
الملف لم يكن سوى بيان صحفي ليوزع
على مراسلي الصحف المحلية الست
نافيا أن يكون أراد حمل
البريطانيين على الإعتقاد بأن
مصدر هذا الملف هو أجهزة
الإستخبارات)!..
وقد أجمعت كافة الأطراف ومن ضمنها
اللجنة البرلمانية على وصف الملف
الذي نسب بطريقة غير دقيقة إلى
مصادر مختلفة بأنه (ملف
مريب)!..
وبدأت الفضيحة عندما ظهر أن القسم
الأكبر من الملف
منسوخ
حرفيا بما في ذلك الأخطاء اللغوية
من
أطروحة لطالب أميركي كتبت قبل 12
عاما!.. وقال وزير
الخارجية البريطاني جاك سترو
للجنة الشؤون الخارجية في مجلس
العموم أول أمس إن هذا الملف سبب
(إحراجا)
للحكومة!.
غير أن كامبل نفى أي تدخل من
جانبه للمبالغة بالتهديد العسكري
العراقي في الملف الذي وضعته
الحكومة البريطانية في سبتمبر/
أيلول 2002. وأشار كامبل إلى أن
رئيس لجنة الارتباط بين مختلف
أجهزة الاستخبارات البريطانية
أشرف على كل تفاصيل هذا الملف
الذي وضع (بطريقة
جدية وبدقة)!. ويلتقي مدير
إتصالات بلير في هذه النقطة مع
شهادة سترو التي أفادت بأنه جرى
التحقق من ملف سبتمبر/ أيلول 2002
(ولم
يكن ليوقع ما لم يكن رئيس لجنة
الارتباط بين مختلف أجهزة
الاستخبارات البريطانية راضيا عنه)!.
ويذكر أن أول من إستمعت لجنة
الشؤون الخارجية في مجلس العموم
البريطاني إلى شهادتهما هما
الوزيران روبن كوك وكلير شورت
اللذان إستقالا من الحكومة بسبب
خلافهما العميق مع توني بلير بشأن
خيارات لندن السياسية حيال
العراق.
وقد تعرض توني بلير الذي شهد
تراجعا في تأييد الرأي العام له
لاحقا بسبب عدم العثور على أي
أسلحة غير تقليدية في العراق
وكذلك لعدم حدوث تحسن في مدارس
بريطانيا ومستشفياتها وفي قطاع
المواصلات بها الى هجوم عنيف من
الأعضاء اليساريين في حزب العمال
الذي يتزعمه في حينها وسط إستياء
متزايد من سياسات الحكومة
الداخلية والخارجية. وأوضح
إستطلاع رأي أجري في ذلك الوقت أن
بلير فقد ثقة ثلثي البريطانيين في
حين أشار إستطلاع آخر إلى أن
شعبية خصومه المحافظين تجاوزت
شعبية حزب العمال الذي يتزعمه
للمرة الأولى في عشر سنوات.
وبالإضافة إلى ذلك فإن وقوف معظم
البريطانيين ضد الحرب على العراق
ومعارضتهم لخطط تحديث التعليم
والصحة كانتا القضيتين الأساسيتين
اللتين بقيتا مهيمنة على الرأي
العام البريطاني طويلا ..والتي
أدت في النهاية الى إستقالة بلير
..
وفورا وفي تشكيك إرتضاه
البريطانيون هاجم بوش من ينتقد
قرار بلير بمرافقته في شن الحرب
على العراق ووقف مدافعا عن مواقف
وقرارات توني بلير وقال : (
إن بلير
لم يبالغ في وصف التهديد الذي كان
يمثله نظام الرئيس العراقي صدام
حسين)!..وقال بوش للصحفيين
على هامش لقاء مع نواب أميركيين
في واشنطن في حزيران 2003 إن بلير
تحرك بناء على معلومات قوية جدا
وإن الاتهامات التي توجه له في
بريطانيا ليست صحيحة!..
وحدث ذلك وتوني بلير يتعرض
لمسائلة مجلس العموم البريطاني في
نفس الوقت عن الأسس التي إعتمدها
لزعمه بأن صدام حسين كان يمثل
خطرا جديا على منطقته وبقية
العالم..
وهكذا تعودت هذه المنظومة على
الكذب وتصديق الكذبة أملا في أن
يأتي اليوم الذي ينسى فيه الناس
كذبتهم ..ولم يأتي ذلك اليوم ..بل
جاءهم أسوا ما كانوا يتوقعونه!..
ظل شبح أسلحة الدمار الشامل
العراقية التي أقدمت من أجلها
الولايات المتحدة وبريطانيا على
غزو العراق يلاحق بلير أينما ذهب
وأعجزه عن تحويل أنظار العالم إلى
الملفات التي حاول تسليط الضوء
عليها في جولاته بعد شهرين من
تدمير وإحتلال العراق وخاصة
مايتعلق بملف كوريا الشمالية
النووي ..الى ان جاءت الوفاة
الغامضة لخبير الأسلحة البيولوجية
في وزارة الدفاع البريطانية جيمس
كيلي في تموز 2003 لتلقي بظلالها
على كل تحرك بلير الذي فوجيء بذلك
وهو العاجز تماما عن تحويل نتائج
الحرب المدمرة على العراق إلى
نصر سياسي أمام مجلس العموم
والشعب البريطاني والعالم.
وكانت الحكومة البريطانية تشك في
أن كيلي الذي اختفى من بيته في
منطقة أكسفورد شاير في بداية
تموز2003 هو مصدر معلومات عن
العراق والتي أثارت خلافا بين
الحكومة وهيئة الإذاعة البريطانية
(BBC)
.
وكان كيلي قد أكد في وقت سابق قبل
إختفاءه أمام لجنة برلمانية أنه
ليس مصدر المعلومات التي إستند
إليها الصحفي البريطاني أندرو
غيليغان حين قال في مايو/ أيار
2003 إن مصدرا كبيرا في المخابرات
أبلغه أن الحكومة تلاعبت بمعلومات
استخبارية بشأن العراق. وأدى
التقرير إلى عقد جلسات إستماع
برلمانية بشأن مبررات الحرب على
العراق.
ويبدو أن كيلي مفتش الأسلحة
السابق في الأمم المتحدة المعروف
بدماثة خلقه أستدرج دون أن يدري
في النزاع السياسي بشأن غزو
العراق ومبرراته ودوافعه.. فقد
إعترف بأنه قابل غيليغان لكنه نفى
إبلاغه بأن أليستر كامبل مسؤول
الإعلام في مكتب بلير أمر بتضخيم
معلومات المخابرات بشأن أسلحة
العراق المحظورة.
وصُدم كيلي وتأثر كثيرا عندما
وصفه أعضاء برلمانيون بأنه (مغفل
عديم القيمة استخدمته الحكومة
ووضعته في الواجهة لحماية كبار
المسؤولين من اللوم)!..
ومن أجل أن تظهر وسائل الإعلام
البريطانية الموالية للحكومة أن
كيلي توفي منتحرا ولم يتم إغتياله
نقلت عن زوجته جين أن كيلي عبر عن
إنزعاجه الشديد من جلسة الإستماع
وشعوره بإحباط وحزن عميقين.
وإعتبرت صحيفة ديلي ميرور
اليسارية أن الحكومة البريطانية (لاحقت
كيلي حتى الموت). أما
صحيفة ديلي تلغراف اليمينية فقالت
إن حكومة بلير جعلت ديفد كيلي (كبش
المحرقة) في الخلاف بين
الرئاسة وBBC
ودعت الصحيفة أليستر كامبل مدير
الإتصالات في مكتب بلير إلى تقديم
إستقالته كما شددت على أهمية أن
يقدم وزير الدفاع جيف هون (عرضا
واضحا)! للوضع.
ضحية أخرى من أجل مخطط كبير
يتجاوز أي نتيجة لأي تعويض وأي
خسارة!!..
في 25 مايس 2007 قال توني بلير في
مقابلة من على شاشة العربية ردا
على سؤال :
(
هل انت نادم على قرار الولايات
المتحدة وبريطانيا بشن الحرب ضد
العراق؟) فقال :
(كلا
أعتقد بأننا قمنا ما هو صواب
وهذا يضمن للشعب العراقي الخيارات
الخاصة به لتحقيق الديمقراطية,
وأعتقد أننا نقوم باتخاذ الخطوات
الصحيحة في التصدي للأشخاص الذين
يقومون بتفجير السيارات وارتكاب
الهجمات الإرهابية في العراق لغرض
عرقلة الاستقرار واستمرار حالة
الفوضى والفلتان الأمني عوضاً عن
الازدهار الاستقرار الذي
يتوق إليه الشعب العراقي. السبب
في استهداف نظام طالبان في
أفغانستان كان نتيجة لأحداث 11
سبتمبر وموت أكثر من 3000 في
شوارع نيويورك كان بتخطيط من نظام
طالبان والسبب في استهداف صدام
حسين لأنه كان الشخصية التي دأبت
خلال السنوات 15 الماضية على خرق
وانتهاك قرارات الأمم المتحدة)!..وأوضح
بان الحل السحري للوضع العراقي
اليوم هو: (وتخيل
لو إنتزعنا القاعدة من العراق
وإنتزعنا الدعم الذي تقدمه إيران
لبعض العناصر في الجنوب وبعض
المناطق الأخرى من العراق فسوف
تكون إدارة الأمور أكثر سهولة)!..متناسيا
جرائمه ونتائج عدوانه وكذبه
ومخادعته وتهافت مبرراته !..
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية
البريطاني اللورد مالوتش براون قد
أقر في كانون ثاني 2008
: بأن
غزو العراق واحتلاله من قبل
القوات المتعددة الجنسيات بقيادة
الولايات المتحدة الأميركية، كان
(حدثا
فظيعا للجميع.)..
وقالت صحيفة تايمز البريطانية في
حينها إن اللورد براون الذي اكتسب
شهرة كبيرة لطرحه على الملأ
مواضيع مثيرة للجدل قال إن :
(كثيرا من الناس قد قضوا في هذه
الحرب ولا أحد ينتابه شعور
بالنصر)!.
اللورد براون الذي عينه رئيس
الوزراء غوردون براون
-تطبيقا لسياسته في جلب المتخصصين
والذين يملكون المواهب المختلفة-
أفصح عن رأيه إزاء العراق في ذات
الوقت الذي كان يجوب فيه الرئيس
الأميركي جورج بوش الشرق الأوسط
ويروج للتقدم الأمني الذي طرأ في
العراق!.
وكان مالوتش براون -وهو نائب سابق
للأمين العام للأمم المتحدة
ومنتقد سابق لحرب العراق- قال في
مقابلة مع محطة "بي بي سي" إنه
كان يأمل أن يتم إيجاد حل سريع
للوضع في العراق.
ولدى سؤاله عن شعوره عند سماعه
الرئيس بوش وهو يقول إن: (
النصر
سيكون حليفنا في نهاية المطاف
بالعراق)!.. قال: (لقد
فقدنا العديد من الناس هناك وهذا
لا يعني النصر لأي جانب إنه حدث
فظيع للجميع.)!..
وكان مجلس اللوردات البريطاني
بوصفه أعلى سلطة قضائية في
المملكة المتحدة قد بدأ في شباط
2008 بدراسة طلب قدمته أمهات
جنود بريطانيين قتلوا في العراق
يطالبن فيه الحكومة بإجراء تحقيق
عام حول إشتراك حكومة توني بلير
في غزو العراق في 2003.وإعتبرت
روز غينتل وبيفرلي كلارك اللتان
تقدمتا بالطلب أن : (الحكومة
البريطانية يلزمها إجراء تحقيق
مستقل طبقا للمعاهدة الأوروبية
لحقوق الإنسان التي تحمي الحق في
الحياة).
كما اعتبرت روز أن حكومة بلير
أرسلت الجنود للعراق (إعتمادا
على الكذب).وفي مؤتمر صحفي
قبيل بدء النظر في الملف إتهمت
روز الحكومة بالتراخي, معتبرة أنه
كان يتوجب القيام بتحقيق عام في
عهد بلير. وقالت : (مضت
خمسة أعوام, فماذا تراهم يخفون؟)!..
وتقول الأمهات أيضا إن مشاركة
بريطانيا في غزو العراق عام 2003
كانت غير شرعية لأنها برأيهم لم
تكن موضع تحقيق عام.وعلى الرغم من
عدم قيام مجلس اللوردات بعمل ما
بخصوص هذا الموضع وبالرغم من إن
محكمة الإستئناف كانت قد رفضت حجج
الأمهات في ديسمبر/كانون الأول
2006 حيث أعلن القضاة عدم
إختصاصهم بنظر القضية معتبرين أن
مشاركة بريطانيا في غزو العراق
تعود لقرار سياسي وليس
قضائيا..إلا أن إثارة هذه
المواضيع في المجتمع البريطاني
وعلى هذه المستويات يعطي دلالة
واضحة عن عمق الأزمة التي عاشتها
بريطانيا في عهد بلير وحاليا في
عهد براون..علما إن بلير كان قد
رفض قبل تنحيه عن رئاسة الحكومة
إجراء تحقيق عام بشأن الحرب رغم
مطالب المعارضة معتبرا أن مثل هذا
التحقيق يجب ألا يجرى قبل إنتهاء
الحرب!.
وحول
مهمة بلير الإستعراضية الجديدة
التي حصل عليها كمكافاة على
تبعيته وخنوعه لبوش عندما عين
مندوبا عن اللجنة الرباعية لحل
مشكلة الشرق الأوسط وفي نفس اليوم
الذي أعلن فيه إستقالته
قال ريتشارد بيستون في مقال له
بصحيفة تايمز في أوائل كانون أول
2008 أن ماضي رئيس الوزراء
البريطاني السابق توني بلير (الملطخ)
لا يسمح له بأن يكون مبعوثا
للسلام بالشرق الأوسط, مطالبا
إياه بتقديم خبراته لرجال الإدارة
الأميركية الجديدة وترك المجال
لغيره كي يتولى الاضطلاع بهذه
المهمة.
وتحت عنوان (بلير
الرجل الخطأ في الشرق الأوسط)
قال بيستون إن بلير كان محقا في
قوله إن الإدارة الأميركية
الجديدة يجب أن تجعل من السعي
للسلام في الشرق الأوسط إحدى
أولوياتها كما كان محقا في
إعتباره أن الأرضية صعبة لكنها
ليست مستحيلة وأن نهاية عهد
الرئيس الأميركي جورج بوش تقدم
فرصا حقيقية لهذه المنطقة
المضطربة.إلا أن بيستون نبه إلى
إرتباط بلير في أذهان كثير من
العرب بسلسلة من السياسات
الكارثية., فيتذكرونه بوصفه
الحليف الصغير لبوش في غزوه
للعراق ورغم أن بعض التقدم قد حصل
في نابلس وبيت لحم فإن الكاتب
يلاحظ أن الإستيطان لم يتوقف
والوضع في غزة يتدهور بشكل متزايد
وهناك مؤشرات على أن اليمين
الإسرائيلي غير المتحمس للتسوية
مع العرب هو الذي سيفوز في
إنتخابات العام القادم.
ولتسليط الضوء على ضآلة ما حققه
بلير بوصفه مبعوثا للرباعية
بالشرق الأوسط يروي بيستون دعابة
يقول إنها أصبحت مشهورة في
المنطقة ملخصها أن المستفيد
الوحيد من جهود بلير الجديدة في
الشرق الأوسط هو فندق أميركان
كولوني في القدس الذي وضع فيه
بلير المكاتب الخاصة به كمبعوث
للسلام.
ووسط كل هذه الأمور تتوارد
أنباء أن بلير قبل العمل مدرسا
بجامعة ييل وأنه يعد كتابا سينشر
العام المقبل كما أنه يعمل حاليا
كمستشار بنكي وينشط في مجالات
تقارب الأديان والرياضة وتنمية
أفريقيا.
وختم بيستون بالقول (أما
عملية السلام في الشرق الأوسط
فإنها تتطلب شخصا متفرغا كليا
وتربطه علاقات وثيقة مع المعنيين
بهذا الملف في واشنطن وعواصم
المنطقة كما يشترط فيه أن يكون
سجله التاريخي نظيفا ويكون تفكيره
نقيا وهو ما لا ينطبق على بلير..
لأنه يفوق طاقته)!.
وجاءت احداث غزة اليوم لتبين بما
لايقبل الشك بان بلير وبوش
واولمرت يتفننون في إختيار أساليب
الضحك على العرب وفي الوقت الذي
يخططون فيه لتدمير العراق
والمقاومة الفلسطينية وثني الشعب
الفلسطيني عن المطالبة بحقوقه
يرسمون المسارات الدبلوماسية
الخالية من أي معنى والتي تركز
على هدف واحد وهو تقوية إسرائيل
وإضعاف العرب وتقسيمهم .
علما ان البنك الاميركي "جاي بي
مورغان" أعلن في بيان انه وقع في
بداية كانون ثاني 2008
عقدا
مع رئيس الوزراء البريطاني السابق
توني بلير يصبح بموجبه هذا الاخير
مستشارا
للبنك بدوام جزئي..وبما يدر عليه
مبلغ مليون دولار في السنة!.
لقد خرجت لندن في أكبر تظاهرة
بتاريخها في شباط (فبراير)
2003
لتقول لبلير المتحمس والتابع لبوش
بشكل مطلق إن الشعب البريطاني ضد
الذهاب الى الحرب. كما ناهضت
الحرب وسائل الاعلام وبعض كبار
موظفي وزارة الخارجية وبعض القادة
في المؤسسة العسكرية البريطانية.
لكنه أصر على خوضها مضحيا بشباب
بلاده من الجنود وبالشعب العراقي
ونظامه الشرعي ووحدة أراضيه.
بلير التقى الرئيس الفرنسي جاك
شيراك قبل الحرب وخرج بعد اللقاء
معه ساخرا من تشاؤمه لأنه تكهن
بعواقب وخيمة لتلك الحرب!.. فوصفه
بشفقة بأنه : (غير
قادر على فهم الامور بشكل صحيح)!..
وبلير لم يوفر الإعلام من
إنتقاداته فقبل أن يترك الحكم
بأيام شن حملة عليه محاولا أن
يقدم له النصح بأستاذية وفوقية
وبتعالي واضح!.. فقط لأن هذا
الإعلام لم يقف معه في فتوحاته
العسكرية الخيالية وفضح متتاليات
الحرب وتبعاتها ومآسيها من
تجاوزات بينها هدم الدولة
العراقية وقتل مايزيد على مليون
ونصف عراقي وتشريد ستة ملايين
آخرين وتعذيب المعتقلين في السجون
العراقية!..ولأن ذلك الإعلام
إنتقد بغضب وسخرية علاقة التبعية
التي تربطه ببوش والسياسة
الاميركية ككل كأنه دمية في
يدهما.
واليوم يجري تداول معلومات عن
إحتمال التحقيق بشأن إدارة حرب
العراق, وهي الخطوة التي كان
يقاومها توني بلير.
وقالت "هيلاري بين" وزير التنمية
الدولية إن: (الوضع
الحالي في العراق قاتم تمامًا).. وأشارت إلى مجموعة من أخطاء حكومة بلير بشأن العراق، قائلة
: (إن
المعلومات المخابراتية كانت خاطئة
وتسريح الجيش (العراقي) كان خطأ..)..ودعت
حزب العمال إلى (التحلى
بالتواضع للاعتراف بهذه الأمور
والتعلم منه)..
من جانبه اعترف الوزير البريطاني
لشئون المتقاعدين "جيمس بورنيل"
بأن: (
حرب العراق افتقرت إلى الشرعية
الأخلاقية وجعل التدخل العسكري في
أزمات أخرى مثل دارفور أكثر صعوبة)!.
وقال بورنيل : (هناك العديد من الدروس التي نحتاج إلى تعلمها بشأن العراق ومن المهم
لنا سياسيًا الاعتراف بذلك وفيما
يتعلق بالسياسات الدولية نحن
بحاجة للتعلم من الأخطاء التي
ارتكبناها)..
وأعرب عن اعتقاده بأن: (أكبر خطأ بشأن العراق هو عدم إدراك أهمية الشرعية الأخلاقية والدعم
الدولي)..
مشيرًا إلى أن البريطانيين
والأمريكيين شنوا حرب العراق بدون
دعم من الأمم المتحدة.
من جانبه إنتقد "بيتر هاين" -
الوزير البريطاني المعني بشئون
إيرلندا الشمالية - المحافظين
الجدد الأمريكيين ووصف سياستهم
بأنها (فاشلة)
قائلاً في حينه : (إن
المشكلة بالنسبة لحكومة بلير هو
إستمرارها في العمل مع أكثر
الإدارات الأمريكية يمينية)!..
توني بلير الذي حاول أن يجعل من
نفسه منقذا لحزب العمال البريطاني
وغيّر تسميته الى (
حزب
العمال الجديد)..كان يحاول
عبثا أن يبعد نفسه عن حقيقة كونه
تابع ذليل وصغير لبوش وسياساته
ونزواته مهما سعى بخطابه المعسول
وجاذبيته في الكلام المعد بإحكام
لجعل شخصيته تتسم بالقيادة
المنفردة ذات القرارات والأحكام
البعيدة عن مصلحة الشعب البريطاني
والتي أراد بها أن يوهم مواطنيه
بأنها ذات بعد (إستراتيجي)!..
ومع كونه تابع وصغير لبوش إلا أن
هنالك صفة أتعس زادت من عزلته
وسارعت في نهايته وهي صفة (الكذب
والخداع)!..
فالبريطانيين هم أكثر الشعوب
تفهما لطبيعة الظروف التي يتخذ
بها قادتهم القرارات الإستراتيجية
ولكن أن تعتمد هذه القرارات على (كذب
متعمد وتزوير للحقائق وتلاعب
بالمعلومات وخداع كامل للرأي
العام )!..فهذه جريمة (قد
تقدم لبريطانيا فائدة وتحقيق
أطماع !)..وخاصة (إذا
كان الكذب مستندا لخيالات وأوهام
دينية وتأريخية!)..
ولكن أقل عقوبة لمرتكبها أن تكون
بعزله من مناصبه أو إرغامه على
الإستقالة وتحميله المسؤولية..
وفي بلد مثل بريطانيا حيث تسود الديمقراطية ولا تتخذ القرارات
المهمة بشكل فردي ..ناقض بلير
نفسه والعالم في إعتراف صريح
وواضح وفي خطابه الوداعي للأمة
البريطانية والذي لم يعتذر فيه عن
إشغالهم بحرب ما كانوا بحاجة لها
وإصراره على أن :
(قرار الذهاب الى الحرب كان صائباً،
وإنه فعل ما إعتقد إنه صحيح
للبلاد وإنه مرتاح الضمير و"الله
سيحاكمه على ما فعل"!)!..
وهو يقول ذلك في مجتمع تحكمه المؤسسات الديموقراطية وليس الحكم
المطلق!..في إشارة الى خروجه عن
واحدة من أهم سمات الحكم الذي
تقوده المجموعة في بريطانيا وليس
الفرد!..
وهو يعارض صراحة هنا هذه الخصوصية الديمقراطية البريطانية (التي
طالما تشدقوا بها)!.. |