يُخطئ من يظن أن الكيان الصهيوني
أوقف العدوان المجرم علي الشعب
الفلسطيني إمتثالاً او إستجابة
لنداءات او مبادرات سواءاً كانت
عربية او أوربية لان طبيعة هذا
الكيان الصهيوني يقوم علي ألا
يحترم أي عهود أو مواثيق دولية
ولمن يعلم تاريخ الكيان الصهيوني
يدرك بان هذا الكيان لم يأبه يوما
بالمصالح العربية ولا بالرأي
العام العربي ولم يستجيب يوما إلا
لمصالحه الشخصية ونزواته
العدوانية تحت زعم الحفاظ علي
الأمن الاسرائيلي وتؤكد الأحداث
كل يوم هذه الحقيقة وأن هذا
الكيان غايته تدمير الأمة
وتفتيتها والنيل منها باي طريقة
او وسيلة فهو يعلم جيداً حقيقة
أهدافه ويدرس جيداً عقلية فريسته
فهو لا يعمل حساباً او إعتبارا ً
لاي عربي كا ن من كان لانه يُدرك
ويفهم مكنونات وطبيعة الأنظمة
العربية كما إنه يُدرك أيضا ما
يدور في عقل وقلب أي حاكم عربي
ولان حكامنا يعرفون جيداً ويدركون
بان من ليس مع إسرائيل فهو ضدهم
وهم لا يحبون حياة الضد ويُخطئ من
يظن أن السفاح اولمرت ، او باراك
، او وليفني ، أوقفوا هذه المحرقة
القذرة إستجابة لنداءات اللحظات
الأخيرة للعدوان ولكن لان فصول
المسرحية كانت قد إكتملت بعد ولم
يبقي إلا إسدال الستار ويُخطئ من
يظن او يعتقد بان الكيان الصهيوني
الإرهابي قد حقق نصراً او حقق
أهدافا من وراء هذه المجازر اللهم
إلا اذا كان قتل الأطفال والشيوخ
والنساء والحجر والشجر من الأهداف
التي يسعي اليها ولكن الذي دعا
الي وقف العدوان هو الصمود
الأسطوري للمقاومة الفلسطينية
التي لم ترفع الرايات البيضاء ولم
تدق ناقوس الإستسلام بل أن
المقاومة تحولت الي ثقافة وطنية
وإكتسبت الشرعية السياسية
والعسكرية ، إذن ما الذي دعا
السفاحين الي وقف العدوان بعد
مرور ثلاثة أسابيع من الجنون ؟
بالطبع صمود المقاومة وإلتفاف
أهل غزة بابناء المقاومة فلم
يتمردوا عليهم او يصبوا جام غضبهم
نحوهم ولكن تأتي الرياح بما لا
تشتهي السفن والزوارق الصهيونية و
أيضا بعض القوي الإقليمية ممن
كانت تنتظر القضاء علي هذه
المقاومة لاعتبارات وحسابات
سياسية لديها ومنهم من راهن او
أوهم الكيان الصهيوني بان
المقاومة سوف تسقط مع أول صاروخ
يسقط علي غزة ويتم القضاء عليها ،
وإذا لم تسقط فان الشعب سوف ينقلب
عليها ، وهذا ما لم يحدث في ظل
الصمود والإرادة والإيمان بالقضية
والتي حولت هذه الصواريخ وهذه
الأسلحة البسيطة التي لديهم و
قالوا عنها عبثية الي أسلحة رادعة
لهذا العدو ، هذه الأسلحة التي لم
يتحملها الصهاينة وأدخلت في
نفوسهم وقلوبهم الهلع والرعب ،
وبالرغم من ذلك أعلن السفاح
أولمرت بقوله باننا قد حققنا
أهدافنا وتوصلنا الي إضعاف حماس
وتوصلنا الي تفاهمات مع أمريكا
والأوربيين لمحاولة ومنع تهريب
السلاح الي غزة بناءاً علي مذكرة
التفاهم التي وقعتها ليفني ورايس
وهذا هو أكبر دليل علي فشل
العدوان ، وإن كانت هذه التفاهمات
ليست بالشئ الجديد فالحقيقة أن
أمريكا وإسرائيل هم كيان واحد
ولست في حاجة الي كل هذا الصخب
الذي صاحب توقيع المذكرة وهذه هي
المرة الأولي التي يُعلن فيها عن
توقيع إتفاقيات بين أمريكا
وإسرائيل بصورة علنية و علي وسائل
الإعلام ،
هكذا كان إتفاقهم هو مراقبة
تهريب السلاح الي غزة عبر الحدود
المصرية البرية والبحرية من قبل
الدولتين ودون الرجوع او الإهتمام
بالمواقف المصرية ، أن تمادي
الكيان الصهيوني في عدوانه المجرم
والوحشي علي أبناء الشعب
الفلسطيني طوال الأسابيع الثلاثة
ما كان له أن يتحقق لولا ما وجدته
من دعم بعض المواقف العربية لها و
كذلك التي أظهرت تخازلها وعجزها
وتحييدها ولم يستطيعوا أن يقدموا
شيئا لوقف هذا العدوان او للضغط
علي حكومة مجرمي الحرب لايقافها ،
إلا أن الكيان الصهيوني فعل ما
فعل وعربد الي أبعد مدي أراده ثم
أختار أن يعلن وقف عدوانه في
الوقت الذي إختاره وأراده هو
بالصيغة التي يريدها هو ضارباً
بعرض الحائط كل الوسائل
والمبادرات والنداءات التي أطلقها
القادة العرب إبراءاً للذمة بعدما
أدركوا أنهم تحولوا الي مشاهدين
لتفاصيل الحرب علي الهواء مباشرة
دون أن يتكلفوا عناء إتخاذ موقف
جماعي وموحد لايقاف هذه الحرب ،
لقد حولتهم هذه الحرب الي وسطاء
وبالكاد وكلاء فلم يكن لديهم
الحرص او الشجاعة لمواجهة هذا
العدوان البربري او إيقافه بقدر
ما كانوا يبحثون علي زعامات
،اوبطولات ،
اختزلوا هذا العدوان في مجموعة
من الخلافات التي تم تصعيدها في
تلك الفترة التاريخية الخطيرة
التي تمر بهذه الأمة وما يدعو
للأسف فعلا ما شاهدناه من قادة
هذه الأمة بعدما إقتربت هذه الحرب
من نهايتها وتجلت هذه البطولات
العنترية في الجزء الأخير من
المسرحية و خرجوا أصحاب السيوف
الخشبية فظهرت هذه التشكيلة
الفاخرة من أجود أنواع القمم التي
تم عرضها في أسبوع أوكازيون القمم
المصرية والخليجية والقطرية
والأوربية من دول أعضاء حلف شمال
الأطلسي الذين التقوا في شرم
الشيخ فجاءت هذه القمم وسط
إنقسامات وخلافات وتلاسنات بين
القادة العرب وأنقسمت الأمة بين
معتدلين وممانعين والدم العربي في
غزة ينزف بغزارة في مشهد مأساوي
لم يسبق له مثيل وقد عبر عن ذلك
عمرو موسي بقوله بان تعدد القمم
في توقيت متزامن يشكل حالة من
الفوضي في المنطقة وتجعل مهنتي
كامين عام للجامعة العربية أكثر
صعوبة وتكاد أن تكون مستحيلة وهذا
الكلام في مجمله صحيح ولكن مضمونه
غير صحيح لان الجامعة العربية
بهذا الوضع تصب في خدمة المشروع
الأمريكي وليس العربي وهذا ما
فضحته تحركات عمرو موسي التي لم
تكن علي المستوي الوطني المطلوب
لادارة هذه الأزمة ولكن تنفيذاً
لمصالح وأجندات دول بعينها كما
حدث مع العراق من قبل وإعتراف
الجامعة السريع بحكومة الأحتلال ،
الغريب في الأمر ما هوسر هذا
النشاط الذي ظهر فجأة للأخوة
الحكام العرب ؟ يبدو أنهم قد
حصلوا علي صفقة فياجرا سياسية من
أمريكا او إسرائيل او حصلوا علي
جرعة من حبوب الشجاعة تغلبوا بها
علي عجزهم وضعفهم فتحولوا الي
فحول عربية ،
وحين كثرت القمم زاد القتل
والذبح بحق غزة وشعبها وواصل
الكيان الصهيوني هذه المذابح علي
وقع هذه القمم والمبادرات وهو
مطمئن بان الأمر لا يعدو أن يكون
برتوكولا خاصاً لامتصاص غضب
الشارع العربي والأسلامي و لا
يخرجون في كل قمة إلا وهم أشد
خلافاً من قبل ، لقد أثبت لنا هذا
العدوان بان هذه المذابح وهذه
الحرب لم تكن بين إسرائيل والعرب
وإن كانت هذه هي الحقيقة ، ولكن
من فرط ما شاهدناه من مواقف عربية
ثبت لنا أن هذه الحرب كانت بين
العرب والعرب وأنهم فشلوا حتي في
إتخاذ فكرة عقد قمة لاتخاذ موقف
واحد إزاء ما يجري وأن البعض رأي
بانه لا مبررلعقد قمة في بداية
العدوان خاصة وأن هناك قمة
إقتصادية تعقد في الكويت مقررة
سلفاً ومن الممكن أن تناقش الحرب
علي غزة علي هامش هذه القمة كما
لو كانت دماء شهداء غزة أسهم او
عملات يتم مناقشته في قمم
أقتصادية ، وأخيراً القتل أكتمل
والذبح أكتمل وحان الأن فتح باب
العطاءات والمناقصات والمزايدات
لاعادة إعمار غزة كما فعلوا من
قبل في إعادة إعمار العراق بعد
تدميره وكله في صحة الشعب العربي
. |