كل هذه الظواهر يتاملها المحتل
الأمريكي ولابد ان تدخل في
حساباته عندما يقرر الخطوة
القادمة سواء كان الذي سينفذها
الأمريكي اوباما أو القادم بعده
.ونعود للسياسة الامريكية بانها
تتبع المنهج البراغماتي والذي
يعتمد على تبديل الخيارات
المستمرة وهذا المنهج في التبدل
الذي يفضي عادة إلى حتمية
التشكلات الجديدة في مراكز القوى
الدولية وبقدر تعلق هذا النهج
بالقضية العراقية ففي خلال
السنوات الستة شهد الكونغرس
ووزارة الدفاع و الخارجية
الامريكيتين الكثير من الدراسات
واللجان وكلها تعمل للاجابة على
التسأول الأمريكي كيف نخرج من
المستنقع العراقي مع حفظ ماء
الوجه الأمريكي ,ويعتبر تقرير
بيكر-هاملتون محاولة امريكية
لاعادة النظر إلى مجريات الأمور
في العراق بعينين وليس بعين واحدة
واحدة جمهورية والاخرى ديمقراطية
وان الجهة التي اوعزت لتشكيلها هي
اعلى جهة تشريعية امريكية , وقد
جاء التقرير لتوضيح الصورة
للمشرعين الاستراتيجين الامريكين
وهم كانوا قد بدءوا يشعرون بخروج
الأمور في العراق من سيطرتهم وهذا
التقرير هو اسلوب امريكي تقليدي
لتحديد الطريق المناسب للامريكي
وهو بعد لم يكمل جملة من المهام
التي حددتها الإستراتيجية
الامريكية السابقة وان هذه
المرونه في السياسة الامريكية
ناجم بالاساس عن ان هنالك اهداف
معلنة واهداف مخفية في
الستراتيجيات الامريكية وهذا
يجعلنا ان نستنتج ان لا ثبات في
الاستراتيجيات الامريكية والذي
يظهر انه تغيرا بالنسبة للمعلن هو
بحقيقة امر قد يكون المخفي في هذه
الإستراتيجية ,وهذا يمكن ملاحظته
ايظا من تصريحات بعض المسؤولين
الامريكين ففي حوار مع ريتشاد هاس
رئيس مجلس العلاقات الخارجية في
الكونغرس الامريكي يرفض ما ذهب
اليه الاخرون من ان انتخاب اوباما
سيحدث تحولا جذريا في السياسة
الامريكية,ولا سيما في منطقة
الشرق الاوسط. ومن وجهة نظر هاس
ان الرئيس الجديد سيولي جل
اهتمامه للازمة الاقتصادية التي
تعصف بامريكا ولكنه سيبقى الملف
العراقي هو الاكثر سخونة والاكثر
اهتماما لارتباطه بالمشروع
الأمريكي الاستراتيجي في الشرق
الاوسط والذي سمي ب(مشروع الشرق
الاوسط الكبير) والذي تندرج تحته
الكثير من الاهداف الامريكية
المهمة ومن اهمها انخراط الكيان
الصهيوني في هذا المشروع وصولا
إلى شرعنة وجودهذا الكيان في
المنطقة وافشال المقاطعة العربية
له.وحيث ان نقطة البداية لهذا
المشروع هي في العراق .
وبما ان التعثر حصل في نقطة
بداية المشروع فهذا يعطي مؤشرا
بالفشل وان المشرع الاستراتيجي
يفكر وبمنطق البراغماتي عندما
تبداء بالخسارة فلتكن باقل
الخسارة , اذا اردنا ان نستقراء
احتمالات المستقبل لابد لنا ان
نفكر بالطريقة التي يفكر بها
المحتل وهو صاحب القوة الاعظم
(والعظمة لله وحده) في احداث
التغيرات ووفق مصالحه وتفكيره,ان
الحزبين الامريكين المتنفذين في
السياسة الامريكية لهما وجهات نظر
مختلفتين في كيفية معالجة الوضع
في العراق ولكنها توحدت هاتين
النظرتين إلى حد ما من خلال
قرارات لجنة بيكر –هاملتون ولكن
السؤال الصعب عند الاستراتيجين
الامريكين هو الخيار بالانسحاب
الأمريكي قبل ان تصل قدرة مقاومة
الشعب العراقي لطرد الامريكين
وتهان الامة الامريكية مرة اخرى ,
المرة الاولى كانت في فيتنام ولم
تتمكن الادارة الامريكية في
حينهامن حسابها بوقت مبكر واليوم
كل الدلائل تشير إلى ان هزيمة
الامريكين قادمة , وإذا قررت
ادارة اوباما ان تنسحب من العراق
فباي اسلوب وبأي طريقة
يتحقق؟؟فالامريكي يفكراذا اختار
الانسحاب السريع فانه يرى ان
انعكاساتها التالية هي المرشحة :
1- الانعكاسات المعنوية على الامة
الامريكية
-
أولا-ان
الانسحاب السريع يعني هزيمة
الأمريكان في العراق وبالتالي فشل
مشروعها الشرق اوسطي وانتصارا
كبيرا لكل اعداء أمريكا وللذين
عارضوا غزو العراق و خاصة بعد
اعترافات الادراة الامريكية
السابقة والتي قادت الغزو على
العراق واخرها اعتراف راس الادارة
المجرم بوش بكذب اسباب التي دعت
لغزو العراق .
ثانيا-الانسحاب
السريع سيفقد الولايات المتحدة
الامريكية لهيبتها العالمية والتي
اكتسبتها وبشكلها المطلق بعد
انهيار الاتحاد السوفيتي وسيوجه
الشعب الأمريكي غضبه إلى
السياسيين الامريكين ومن غير
الممكن ان يتم تحديد حجم و نوع
هذا الغضب وبدليل ان الشعب
الأمريكي أولا عارض باكثريته
الحرب على العراق وثانيا اختياره
لباراك اوباما كان بالاساس تعبيرا
عن حاجته لمن يعيد لامريكا هيبتها
ومحبة العالم لها وهذا الامر من
الأمور المهمة لدى الشخصية
الامريكية.
ثالثا-ستخسر
أمريكا الكثير من حربها المزعومة
على الارهاب وتفقد المصداقية التي
اعطائها لها المجتمع الدولي
والعكس سيحصل من اعطاء نصر جاهز
لتنظيم القاعدة.
2-الانعكاسات العسكرية و المادية
على مصالح أمريكا
أولا-ان
الانسحاب على هذا الشكل هو بمثابة
هزيمة للقوات الامريكية ومدى
التأثيرات التي سوف تخلفها هذه
الهزيمة على معنويات القوات
المسلحة الامريكية وما هو الجهد
الذي ستدخره القيادة العسكرية
الامريكية في اعادة تأهيل قواتها
المسلحة لاحقا.
ثانيا-الضرر
الكبيرالذي سيلحق بالولاياة
المتحدة الامريكية في العالم بشكل
عام وبالخصوص في المنطقة العربية
وفقدانها لهيبتها الذي سيشجع
الكثير من دول المنطقة وخاصة
الخليجية على صرف التعامل التجاري
والمالي بمبداء الافضلية لامريكا
والاتجاه بالتعامل على اسس
المصلحة الذاتية لهذه الدول.
ثالثا-سيفشل
التهديد الأمريكي لما اسمته (دول
الشر)وسيطلق يد ايران لمشروعها
النووي للحصول على السلاح النووي
وهذا يعني تهديدا لحلفاء أمريكا
في المنطقة وفرصة لفرض ايران
نفسها كقوة اقليمية في المنطقة.
رابعا-ان
هذا الشكل من الانسحاب الأمريكي
لو حصل بدون تنسيق مع المقاومة
العراقية فانه يعني ان أمريكا
سيكون كبيرا عليها ان تترك العراق
وهي مهزومة ومتضررة هي وحلفائها
واولهم إسرائيل بدون تزيد من خراب
العراق اي بمعنى هي تهرب وتنهزم
مع حلفائها وبالمقابل تهدي نصرا
لخصومها في العراق واول اساليبها
سوف تشعل الحرب الاهلية وبها
ستنتقم من أعدائها ولكنها تدرك
جيدا انعكاساتها على حلفائها في
المنطقة.وسيتحول العراق (لا سامح
الله) إلى ساحة لتصادم المصالح
لدول اقليمية ومجاورة للعراق
ويقسم العراق إلى دويلات وهذا يصب
في مصلحة ايران و إسرائيل بالخصوص
وهذا الامر وكل التطورات التي
ستلحق بها لايعني شئ بالنسبة
للامريكان إلى جانب الحفاظ على
هيبة أمريكا وسمعتها.
خامسا-ازدياد الشعور العربي
والاسلامي بالخيبة تجاه اي مشروع
قومي أو ديمقراطي وهذا ايظا يصب
في المصلحة الامبريالية واسرائيل
ايظا,وان الحرب الطائفية ستزيد من
الضرر وتشويه الاسلام فبعد ان
تأمروا على لصق الارهاب بالاسلام
وهو برئ منه وها هي فرصة اقوى
لاضعاف الاسلام بحرب طائفية في
العراق المتعدد الطوائف والذي
سينجر لهذه الفتنة دولا عربية و
اسلامية.
ان هذا الشكل من الهزيمة
الامريكية في العراق سوف تجلب
الكوارث على العراق و المنطقة.اما
اذا اختار الامريكيون ان يبقوا
العراق موحدابعد مغادرتهم له لا
يوجد اي خيار امامهم سوى التنسيق
مع المقاومة العراقية والنظام
الشرعي في العراق قبل الاحتلال
والاتفاق على فقرات تسليم الحكم
للنظام الشرعي مع مراعاة المصالح
العراقية والامريكية على حد سواء
كما جاء في خطاب شيخ المجاهدين في
ذكرى تأسيس الجيش العراقي
الباسل(فنحن في المقاومة الوطنية
والقومية والإسلامية وفي القوات
المسلحة المجاهدة نتعهد لكم إن
أعلنتم الانسحاب الشامل من العراق
وتركه لأهله حرا مستقلا سنتحاور
معكم فورا لإقامة أفضل وأوسع
وأعمق العلاقات الستراتيجية مع
أمريكا على أساس المصالح
المتبادلة والمشتركة وعلى أساس
عدم التدخل في الشؤون الداخلية
للغير وعلى أساس الند للند
واحترام حرية واستقلال الشعوب
وخياراتها في الحياة .)و سيحمي
العراق العرب من اطماع ايران في
المنطقة العربية وكما هو نهجه
القومي سابقا ويحقق توازنا معقولا
مع توجهات ايران واطماعها في
المنطقة.
وما النصر الامن عند الله رب
السموات والارض
...
امين
|