تملكني شوق كبير في الكتابة عن
مواضيع كثيرة في ظل مايشهده بلدنا
من احداث ترشحت بمجملها عن جريمة
الاحتلال لبلدنا الغالي العراق
العظيم ،وركزت في الكتابة على مدى
السنوات الخمس السابقة من
الاحتلال على التطبيقات الفكرية
والايديولوجية لحزبنا العظيم حزب
البعث العربي الاشتراكي وصلتها
بالدور الرسالي للأمة العربية
ومهمتها الأساسية في أعلاء كلمة
الله وجعلها العليا أنطلاقا من
كونها الامة التي وصفها القرآن
الكريم ( كنتم خير امة اخرجت
للناس تؤمنون بالمعروف وتنهون عن
المنكر ) .ولذلك فأن من نتائج
البحث في أصول فكر البعث وأدبياته
أن يجد المرء نفسه محاطا بهذا
الكم الهائل من القيم الأيمانية
والأخلاقية التي ترسم له معالم
واضحة لطريق التعبير عنها في
النواحي العملية ،ونحن نؤمن
جازمين بأن البعث هو حزب الرسالة
الأخلاقية والأنسانية التي تستلهم
مفرداتها من روح الرسالة
الأسلامية الخالدة وتعكسها في
أطار التطبيق المعاصر الذي
يستحضرالأصالة و يستوعب الحداثة
ويؤسس لمستقبل مشرق وصحيح.
أن من أهم الممارسات القيمية
والأخلاقية التي أعتمدها منهج
البعث النضالي في تقييم مسيرته
على نحو دوري وبصيغ علمية
وموضوعية هي عملية النقد والنقد
الذاتي ،ولايكاد حتى الحزبيين من
الذين كان أنتمائهم هامشيا قد
وجدوا أنفسهم خارج دائرة هذه
الممارسة ، لأنها كانت فقرة
أساسية في برامج الأجتماعات
الحزبية لكافة المستويات .ووفقا
لمبادىء التربية الحزبية بصيغها
الأولية والمتقدمة ، فأن النقد
يجب أن يقوم على جملة من الأسس
يتقدمها مايلي :
1- أن يبنى النقد على حصيلة
معلومات أو تصورات صحيحة ودقيقة .
2- أن ينطلق من حرص حقيقي وصادق
على التقويم والبناء ،وأن لاتشوبه
أية نوايا أ و نوازع للتشهير أو
التسقيط أو نحو ذلك مما تغلب فيه
الذات في جانبها السلبي على
مقتضيات المصلحة العامة.
3- أن تطبق هذه الممارسة بأسلوب
هادىء، ولابأس من التمهيد لها من
خلال تحسين مناخات الحوار ونحو
ذلك .فضلا عن أن مكانها وزمانها
لاينبغي أن يكون خارج دائرة
الضوابط الحزبية .
على ضوء ذلك وبالرجوع الى أدبيات
فكر حزب البعث العربي الاشتراكي
ذو الايمان المطلق بوحدة الامة
وفكرها وتراثها وقوتها نرى ان
حالة النقد التي تمارس بين
البعثيين ينبغي ان تاخذ مسار
الفعل الايجابي ،على الرغم من
نيات بعض المتشدقين بافكار الحزب
من الذين ينطلقون من مؤثرات
الافكار الغربية المتحكمة بمساحة
عيشهم او رزقهم او اعمالهم ،ونحن
نفهم جيدا ان من البعثيين من
يتجدد بافكاره مع الواقع اللذي
يعيشه ولا باس في ذلك، الا ان
الثوابت يجب ان تكون بمأمن عن
المساس والتحريف والتسويف اللذي
ينشده البعض في منطلقات وتعبيرات
حديثة في الاعلام الشريف او
المفبرك .
هذه المقدمة ما كنت لأفكر بها
لولا سماعي لمخاطبات وسجالات
اعلامية على الهواء مباشرة بين
المناضل القيادي في تنظيمات حزب
البعث العربي الاشتراكي الرفيق
صلاح المختار الذي تتجسد فيه
اصالة المناضل والمقاوم البعثي
والاخ عبد الجبار الكبيسي المحسوب
على ما يسمى (جماعة محمد يونس
الاحمد ) من الذين يأسف لخروجهم
عن الشرعية في زمن أشد مانكون
فيه لرص الصفوف والمحافظة على
وحدة الحزب لمواجهة قوي الاحتلال
الاجنبي المتعدد الأصول والأهداف
واذنابه من العملاء.
ونحن هنا لسنا بصدد أستعراض
وتقييم وجهات النظر التي طرحت من
قبل الرفاق والتي كانت متوحدة في
المنطلقات مختلفة في منطق التعبير
والرؤية التطبيقية لمنهج البعث
،على الرغم من أننا ندرك تماما أن
وجهة النظر الرسمية للبعث هي التي
أجاد تناولها وطرحها بأسلوب متميز
الرفيق المناضل صلاح المختار
،ولكننا وجدنا أنفسنا في مواجهة
قضية خطيرة نخشى أن تتكرر ،هذه
القضية تتعلق بخلافات نظنها جميعا
بأنها داخلية ونحرص جميعا على عدم
تصديرها للأعلام لأنها بذلك ستفقد
خاصيتها المهمة(بوصفها داخلية)
التي تخضع بقوة لقوانين البعث من
ناحية،ومن ناحية أخرى فأن تبادل
الأتهامات والتصريح ببعض
الخصوصيات لهذا الطرف أو ذاك
لاتنسجم مع القيم الأخلاقية التي
تشكل حجر الزاوية في فكر ومنهج
البعث ،فضلا عن ان الأسلوب الذي
تمت به المساجله الكلامية من وجهة
نظر ناقد لايخدم الاثنين (ولانقول
طرفي التمثيل للبعث ،لأننا نؤمن
بأن البعث واحد وتمثله الشرعية
فقط) ولايخدم نظرة الاحزاب
والتجمعات الوطنية الاخرى الى
نضالات ورموز حزب البعث وخاصه في
هذه المرحله الصعبه التي يمر بها
الحزب في مقارعته للأحتلال وجهاده
لتحرير كامل أرض العراق .
ومع أننا نعلم بأن البعث ومناضليه
ومفكريه ومبدعيه تنحسر لديهم
مساحات ومديات الظهور والتعبير
عبر وسائل الأعلام بسبب الحصار
الأممي الذي يضرب حوله ،ولأن معظم
القنوات الفضائية وسائر وسائل
الأعلام محكومة بأجندات لاتتفق
معظمها مع منطق ومنهج البعث ،فهذا
يعني أن المهمة هي أصلا عسيرة
ولاتحتمل عسرة أضافية تنتجها
حوارات التضاد والتقاطع التي تجمع
في أطرافها شخصيات تعلن أنتماؤها
صراحة للبعث حتى وأن أختلفت في
مستوياتها أو في عمق أنتماؤها
الزمني والنضالي أو في فلسفة
تعبيرها عن هذا الأنتماء،لأننا
نرى في ذلك أستهلاك لقدرات البعث
وطاقاته ،وهي التي يجب أن نحرص
جميعا بتوظيفها على نحو مبدع في
مواجهة المهام النضالية الحقيقية
التي تتصدرها في المرحلة الراهنة
مهمة تحرير العراق ،وأذا كنا نجد
ضرورة في خوض مثل هكذا حوارات
فعلينا أولا أن نجري مايتفق مع
أهميتها من تحضير وحتى تنسيق مع
الطرف الآخر الذي يقول بأنه بعثي
ويعبر عن وجهة نظر البعث ،لأن
البعث مستهدف على نحو تفصيلي
ويحتاج مناضليه الى تحري أقصى
درجات الدقة في التعبير عن أنفسهم
ومبادئهم وقيمهم وأهدافهم ،وأن
يستحضروا صيغ التربية الحزبية
وخصوصا في مجال النقد التي أوردنا
فهمنا لها آنفا .ونحن نريد أن
نؤكد هنا بأن ليس من قيم
وأخلاقيات البعث ومناضليه التصريح
عبر الأنترنت وخلافه بأية معلومات
تتصل بأشخاص يقولون بأنهم بعثيين
حتى وأن أختلفوا في وجهات نظرهم
مع الشرعية،كما حصل في مقال نشره
أحد الرفاق تناول فيه قضية ليست
حزبية تتعلق بالأخ عبد الجبار
الكبيسي،خصوصا ونحن نؤمن بأن هذه
الخلافات أيا كان حجمها ومستواها
لن تصمد أمام الأرادة الجبارة
لقيادة البعث وعزمها وحرصها في
المحافظة على وحدة الحزب ،وعند
ذاك لانريد لأحد أن يقول كتب عني
فلان كذا وهذا يقول مثل ذلك عن
آخر وتعود الأحتقانات لتحكم
العلاقات وتتربص الفتن بوحدة
البعث من جديد .
اذا ليكن جوابنا على التساؤل
القائم بانه (هل يخدم النقد
العلني مسيرة تحرير العراق
العظيم)؟ هو كلا ولا بأس من توضيح
الالتباس وتصحيح الكلام بدون
تجريح شخصي وعدم الخروج عن
المألوف في النقد الايجابي، والا
فكيف ينظر الاخرين لفهمنا
للديمقراطية وتطبيقاتها في الوسط
الحزبي او الجماهيري ،وحتى مع من
نختلف معهم في وجهات النظر
السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والانسانية .
ليكن الله في عون رفاقنا واحبتنا
بتحملهم وصبرهم بهذه المرحلة
الحرجة والدقيقة من مراحل النضال
والجهاد لدحر الاحتلال ومنظوماته
العميلة . والله الموفق
|