كان جون ماكين يتحدث الى جماهير
الحزب الجمهوري المتجهمة والحزينة
لخسارة مرشحها لإنتخابات الرئاسة
الأمريكية وكأن الذي يخاطبهم
مقرّا بالهزيمة الساحقة هو جورج
بوش !..
وقد رأينا بوش يتكلم وتكاد
الكلمات تتعثر في فمه وهو يطلب من
الجمهور السكوت لسماعه..
فالذي خسر المعركة الإنتخابية كان
بوش وليس ماكين ..لقد خسر منهج
وسياسة وطيش وعناد وصلف وحقد
والمصلحة الشخصية الضيقة لبوش..
والذي إنتصر كان منهج العقل
والواقعية ومصلحة أمريكا قبل ان
تكون مصلحة احد ..وهذا ما جناه
بوش على ماكين وتشيني على بالين
ومنهم الى كل أعضاء الحزب
الجمهوري الذين ساقتهم إرادة
المحافظين الجدد الشريرة الى وحل
الهزيمة في إفغانستان ..وفي
العراق ..وفي المواجهة مع كوريا
ومع إيران وفي القضية الفلسطينية
وفي خسارة الجنود الأمريكان
والخسارة الهائلة في المعدات
والتجهيزات والإنكسار الحاد في
الإقتصاد والديون والضرائب ثم
أخيرا في هذه الإنتخابات ..
بوش الذي أعاد الحياة للدور
الأوربي وإرادته المستقلة والذي
جعل الدور الروسي ينهض من جديد
على حساب سمعة ودور ورأي افدارة
الأمريكية..وغيرها من التطورات
الدولية وتوزيع القوى التي ظهرت
نتيجة لتراجع الدور الأمريكي
الناشيء من الغوص في المستنقع
العراقي والإيغال والإصرار على
إعتماد نفس النهج الكاذب ونفس
الأشخاص الذين ورطوا الإدارة
الأمريكية من الذين سهلوا البدء
والإستمرار والتعنت في مواصلة
البقاء لهذه العملية الطائشة
والظالمة..
كان خطاب الهزيمة البوشية يعلن
بوضح للأمة الأمريكية وللعالم
ولأوباما والديمقراطيين بالتحديد
لكي يستفيدوا من الدرس الكبير :
إن بوش هو حقا بطل الهزائم للأمة
الأمريكية..وبطل فضائح الكذب
والتضليل والتزوير لضمير هذه
الأمة ..
وهو قائد عصابة الطيش الأمريكي
بالغوص عمدا مع سبق الإصرار في
المستنقع العراقي الخطير..
وهو قائد حملة الظلم بحق الشعوب
تحت كذبة ( المصالح الأمريكية!)
بحيث جعل نسبة من يكره الولايات
المتحدة بشخص بوش وزمرته يصل الى
مستويات خطيرة ..
وهوبطل العناد الأعمى وعدم
الإعتراف بالهزيمة رغم كل النصائح
الدولية والأقليمية والأمريكية
العسكرية منها والمدنية ..رافضا
توصيات (عقلاء الجمهوريين
والديمقراطيين) ومتمسكا برأي
الصقور القتلة والمزورين!..
إنه بطل الفشل في ترويج الكذب
والتزوير والباطل على حساب الحق
والصدق والصراحة ..بوش الفاشل في
قراراته المتسرعة والخاطئة وفي
معالجة الأخطاء الناجمة منها..
وبحق إنه رمز الكذب والمخادعة على
مستوى الإنسانية بحيث فاق كل رموز
التأريخ وهو يريد عنوة ان يجعل
الحق باطلا والباطل حقا..
وهو بطل المراوغة والهرب من
المسؤولية والتنصل منها والمشرف
على حملات قتل ملايين العراقيين
وتشريدهم وتدمير دولتهم ..
ومع إن خسارة ماكين سببها بوش
وسياسته الخاطئة إلا أن ماكين كان
أشجع منه عندما قال مخاطبا
الجمهوريين المحتشدين : (أنا
أتحمل مسؤولية الخسارة لا أنتم
)..
وإذا كان من شخص يتحمل مسؤولية
فشل هذا الرجل المسكين فهو بوش
نفسه والذي زج به في إتون معركة
خاسرة منذ البداية ..معركة كانت
كل خطوط دفاعاتها مخترقة وبالية
ومتهرئة وكاذبة وتم بناءها على
أساس الخداع والكذب..
ولقد عانى ماكين الأمرّين في
حملته ..حيث كانت كلمة ثناء
يطلقها في حملته الإنتخابية
ممتدحا سياسة بوش تثير الضحك
والسخرية حتى بين الجمهوريين ..
إن الذي إنتخب ماكين من الشعب
الأمريكي كان يأمل بالتغيير
والتحرر من سياسة بوش ولكن ليس
بثياب (الأفارقة!)
بل بثوب العرق الأبيض حسب التأريخ
..فأخذتهم العزة بلإثم العنصري
وخسروا منهج الأمة ..
والأصوات التي حصل عليها ماكين
كانت أصوات الجمهوريين والمستقلين
الذين يريدون سياسة أوباما ولكن
بشخص ماكين ..
ومن لم يصوت لصالحه فكان يريد
سياسة أوباما وشخص أوباما الذي لم
تتلوث يديه بدماء العراقيين
والأفغان والجنود الأمريكان..الذي
لم يمارس لحد الآن سياسة الكذب
والتزوير والخداع..
كان الجمهوريين يراهنون على
التغيير من خلال ماكين ولكن حمل
التركة البوشية الثقيلة وسياسة
المحافظين الجدد وصقور الإدارة
الأمريكية من تشيني ورايس ومجموعة
المنظرين وذوي التقارير الدورية
والدراسات التي كان ينفذها بوش
بلا قراءة وبلا تمحيص كان حملا
ثقيلا على أي مرشح جمهوري شاب غير
ماكين ..فالموضوع لا علاقة له
برجل كبير السن!..بل بسياسة هرمة
لم تعد تعرف من بعد العلم شيئا..
كانت معركة بنتائج محسومة وواضحة
..
وحينما أقر ماكين بالهزيمة فقد
أقر بنتائج ما زرعت هذه الإدارة
الجمهورية وما جناه الشعب
الأمريكي منها طوال ثماني سنوات
كان شعارها الكذب والتزوير
وإختلاق الأحداث لتمرير رغبات
شخصية وإنتقامية جلبت الدمار
والعار للشخصية الأمريكية
ولإقتصاد وقدرة الشعب الأمريكي ..
لقد كان العراق ومقاومته الوطنية
المقاتلة والحق العراقي والشرعية
الوطنية حاضرة بكل ثقلها في كل
شبر من الأرض الأمريكية ..
ولوكان الإنتصار الساحق من نصيب
ماكين!!.. لظهر بوش متندرا بان ما
حصده ماكين كان من زرعه هو !..
وكان سيظهر علينا ليعلن أنه
بسياسته وقراراته جلب هذا النصر
ولكان ماكين أثنى على ذلك أيضا
ولعلا صوته بكيف إن الأمة
الأمريكية تناصره وتؤيده وتقف الى
جانبه!..
وكيف ان الله نصره!..
ولربطت سارة بلين بين هذا النصر
وإرادة الله لتخلق لنا فصولا
جديدة من الحمق والطيش والكذب
والتزوير ..ولكن بوش آثر الإنزواء
والإختباء ترقبا لهذه النتيجة
المؤكدة التي يتحمل وزرها لأنه هو
الذي حرث الأرض وبذر البذار وسقى
ليحصد ماكين!..
لقد كان خطاب ماكين خطاب الفشل
والهزيمة البوشية ووصمة عار في
جبين من خطّطَ وكذبَ وقرر غزو
وتدمير وإحتلال العراق..
ولو كان بإستطاعة بوش وزبانيته أن
يجعلوا العراق في يوم الإنتخابات
الأمريكية مستقرا وآمنا وحرا
ومرفها ومتحررا ويرفل بالعز
والديمقراطية ورمزا للرقي والتطور
والتعايش والرفاهية لفاز
ماكين!..ولكانت الخسارة من نصيب
أوباما!..
ولكن الإدارة الأمريكية أصرت على
العدوان وإحتلال العراق وجمعت من
الأدلة المزورة والأكاذيب وشهود
الزور لتقنع الشعب والكونغرس بأن
نظام الرئيس الشهيد صدام حسين
أكثر ضررا وتهديدا على الأمة
الأمريكية من أسامة بن لادن..
وركبت هذه الإدارة رأسها عنادا
رغم إرادة المجتمع الدولي ورفض
مجلس الأمن..
وأبحرت لإحتلال بلد مستقل وحر
لتقتل بإحتلالها من شعبه ما يزيد
عن مليوني عراقي وتهجر أربعة
ملايين عراقي آخر خارج العراق
ومليوني عراقي في الداخل ناهيك عن
عوائل هؤلاء والمعتقلين
والمفقودين ..
وطلبت هذه الإدارة من ماكين أن
يخوض الإنتخابات ممثلا عنها
والعراق ليس فيه مكان آمن واحد
وتتقاسمه الطوائف
المتقاتلة..والعمائم الإيرانية
تسن القوانين وتلاحق الشرفاء
وطالبان بدأت تزحف نحو كابل ويكاد
يسقط جندي أمريكي يوميا على أقل
تقدير في العراق ليذبح إكراما
لإرادة بوش وزمرته المجرمة وأصرت
هذه الإدارة وهي جاثمة على صدر
العراق على إستقدام أراذل الناس
ليحكموا شعبه ويتلاعبوا بمقدراته
وتاريخه ويشوهوا ماضيه ويغيروا
قيمه ومبادئه..
وأخذت إيرا تتحكم بمصير العراق
الذي تحتله أمريكا!!..وبدأت إيرا
تتحدى القوة الأمريكية وتشكك في
مصداقيتها!!..
ورفضت هذه الإدارة المجرمة كل
مقترحات الحزبين الديمقراطي
والجمهوري بجدولة الإنسحاب
الأمريكي وأصرت على الوصول الى (أهدافها!)
التي لا يعرفها أي قائد عسكري
أمريكي في الميدان او أي قائد
سياسي في الإدارة!..
لقد زرع بوش الخطيئة والرذيلة
وجنى ماكين الذل والهوان..
اما خطاب النصر لأوباما..
فكان خطابا لكل الأمم التي ناصبها
بوش والمحافظين الجدد وصقور
الإدارة الأمريكية العداء بلا
سبب وبلا مبرر بل خلقوا لأنفسهم
أهدافا يمعنوا في تدميرها
وتقسيمها ..كان خطاب العقل
والمنطق والمصلحة الأمريكية
ومكافحة الظلم وإحقاق الحق (لحد
الآن !)..
وعلينا ان لا نستبعد أن يتحول هذا
الخطاب تدريجيا ليرضي هوَس
المجرمين ونزعاتهم المتطرفة في
مؤسسات الدولة الأمريكية وخاصة
أولائك الذين زرعهم اللوبي
المحافظ وأختلق لهم المناصب
والمسؤوليات في داخل المخابرات
والبيت الأبيض والبنتاغون
..وعلينا أن لا نستبعد توجهات
نائب الرئيس المرتقب بايدن صاحب
فكرة مشروع تقسيم العراق الى ثلاث
دول ..مع إن لأوباما سيكون هنالك
طاقم سياسي وإستشاري كان عليه ان
يعرف الجواب للسؤال المهم وهو:
(لماذا
وصل اوباما للرئاسة وكيف عليه أن
يستمر؟) ..
ونحن في عراق المقاومة والتحرير
لا نريد إنصافا من القاتل ومن
المجرم والمحتل بل نريد حقنا ممن
يدعي أنه جاء من أجل العدل
والمساواة والحق ..
ومن حسن حظ الساعين لإحقاق الحق
أن اوباما ليس كغيره من
الديمقراطيين ..وخاصة في موضوع
رأيه الأساسي في الحرب على العراق
وإحتلاله..فهو كان قد عارض الغزو
وصوّت ضده وإستند في كل حملته على
هذه القاعدة وإنطلق منها وفاز
بأصوات أغلبية الشعب الأمريكي ..
نحن لا نراهن على قرار من أوباما
..ولكننا إذا كان صادقا سنمكنه من
إتخاذ قرار إعادة الحق لأهله لأن
قادة البيت الأبيض من مدنيين
وعسكريين في إدارة الرئيس بوش
كانوا يعتبرون ذلك تراجعاعن (إستراتيجيتهم!)
التي أوغلوا كثيرا في تزوير
مبرراتها الكاذبة وأصروا على
المضي بها..وكان هدفهم تدمير
وتفتيت العراق..
لذلك فخطاب النصر لأوباما هو خطاب
النصر للحق إذا إلتزم به ..
وهو خطاب المنطق والعقل والمصلحة
الأمريكية إذا نفذ ما قاله فيه ..
وخطاب الحرية ونشر السلام بدلا من
منطق العبودية والإضطهاد إذا تم
تبني نهجه وروحه ..
وهو خطاب المظلومين الذين سينصفهم
التأريخ بيد الرجل الذي سيغير
تأريخ الولايات المتحدة إذا كان
راغبا ومؤمنا بالتغيير ..
إنه خطاب نصر الأمم المكافحة إذا
إستمر اوباما في سياسته وطبّق ما
نادى به..
عدا ذلك ..فنحن لا يعنينا بعدها
مصير احد ..
ولن يثنينا عن طريقنا المقاوم احد
..
وستقاتل معنا كل نخلة وغصن
وحجر..
ومَن أسقط إمبراطورية بوش سيسقط
أية كيانات تسير على هداها..
ولأنهم إستعانوا بمصيبتنا
ومعاناتنا وما لحق بنا من ظلم ..
ووعد آباء الجنود الأمريكيين في
العراق بعودة أبناءهم..
وقوله من إن ما حدث لتراجع سمعة
امريكا في العالم وتدهور إقتصادهم
..كان بسبب حربها على العراق..
فإن عليه أن يتذكر ..
لأن الله ناصرنا .. فقد نصَرَهم
.. |