من
المفارقات الغريبة لدى وعاظ
السلاطين في العراق إن أبرزهم من
غير العراقيين, فإذا رجعنا إلى
الأقطاب الأربعة سنجد أن السيد
علي الحسيني السيستاني ومحمد سعيد
الحكيم الطبطبائي هما إيرانيان
وبشير النجفي باكستاني ومحمد اسحق
الفياض افغاني, ولا يوجد بينهم
عراقي, بل يمكن القول أنه لم يشغل
الحوزة العلمية في النجف عراقي
الجنسية منذ أن أسسها شيخ الطائفة
الطوسي عام 448 هـ ولحد الآن وهذه
ظاهرة غريبة أن دلت فإنما تدل أن
حوزة قم وحوزة النجف هما وجهتن
لحوزة واحدة. وإذا تركنا هذا
الجانب وتوجهنا إلى المراجع
العظمى التي تقلدها الاحزاب
السياسية العراقية سنزداد حيرة
وعجبا, فالمجلس الأعلى للثورة
الإسلامية بزعامة الحكيم يقلد
السيد على الخامنئي مرشد الثورة
الإيرانية والمجلس يؤمن بولاية
الفقيه نصا وروحا رغم أنه يحاول
أن يقلب ظهر المجن بطريقة التقية
والذي يمكن ترجمته بالنفاق
السياسي والاجتماعي, والتيار
الصدري يرجع في تقليده إلى الشيخ
كاظم الحائري وهو إيراني ويسكن
طهران لكن ذراعه الأخطبوطي يمتد
من إيران إلى بغداد وينتهي في
بيروت, وحزب الدعوة يقلد السيد
على السيستاني وهو إيراني
الجنسية, ويبقى فقط حزب الفضيلة
يرجع في تقليده إلى السيد محمد
موسى اليعقوبي. ومن المعروف إن
السيد السيستاني اصدر فتوى قبل
الغزو الأمريكي للعراق يحث فيها
على قتال الأمريكان المحتلين
الكفار, وبعد أن حصلت قوات
الاحتلال موطئ قدم في العراق
وبدأت تفرض هيمنتها على المحافظات
العراقية, غير السيستاني فتواه
السابقة وطالب الجيش والشرطة بعدم
حمل السلاح بوجه قوات الاحتلال
والقعود كالنسوة في بيوتهم وعدم
مبارحتها أو الالتحاق إلى ثكناتهم
ومراكزهم, وبعد أن سقط النظام
الوطني ولحراجة موقف سماحته فأنه
اصدر فتوى بالمقاومة السلمية على
طريقة الزعيم الهندي غاندي, رغم
أن الحقائق تشير بأن الهند قدمت
مئات الألوف من القتلى لحين
حصولها على الاستقلال, وعندما
نشرت وكالة الأخبار الأمريكية (CNN)
خبر فتوى جديدة للسيستاني يبيح
استخدام السلاح ضد قوات الاحتلال,
بمعنى إجازة المقاومة المسلحة,
قامت الدنيا ولم تقعد ليس رغبة من
مقلديه في تنفيذ فريضة الجهاد
–معاذ- الله وإنما لأنها تخالف
العقيدة من جهة افتقادها شرط وجود
الأمام المهدي, الذي مازال ماكثا
في مغارته ينتظر أن تملأ الأرض
جورا ليفارق كهفه ويملئها عدلا,
رغم أن الإسلام يحض على الوقوف
أمام المنكر باليد أو اللسان أو
القلب وذلك اضعف الأيمان! ويبدو
أن الأمام المنتظر له وجهة نظر
خاصة بشأن الاحتلال, سيما انه شهد
هذا العصر حيث القطب الأمريكي
الوحيد الذي يهيمن على العالم وهو
قطب نووي وهيدروجيني لا يمكن غلبه
بالسيوف والرماح وإدارة المعركة
النووية من غرفة عمليات كهف في
سامراء, أو ربما بانتظار القنبلة
النووية النجادية سيمت أنه كما
صرح الرئيس النجادي يحضر جلساته
ويصاحبه في جولاته المكوكية!
وعندما
ظهرت الفتوى إلى الملأ خرج وكلاء
الإمام ليلعنوا ذاك اليوم الأسود
الذي نشرت فيه الشبكة الأمريكية
هذا الخبر, سيما انه تزامن مع
عملية تدنيس القران الكريم من قبل
جنود الاحتلال في منطقة الرضوانية
قرب بغداد, ومن شان هكذا فتوى أن
تزعج اقرب صديقين للمرجعية أمريكا
وإيران, واشتد حنق جميع الوكلاء
الذين رفضوا أن يفصحوا عن أسمائهم
بدون مبرر ليصبوا اللعنات ليس على
الشبكة الامريكية كما يفترض وإنما
على من نشر فتاوى الإمام دون
توقيعه وختمه أو موقعه
الالكتروني, وخرج المرجع الفارسي
محمد سعيد الحكيم الاصفهاني مهددا
من كهفه بمن تسول له نفسه التلاعب
بفتاوى الإمام ! لكن المهم في
المسألة أنه لم يتجرأ أحدا على أن
يصب غضبه أو شجبه على الشيطان
الأكبر فمن " يجرأ ليقول للأسد أن
رائحة فمك كريهة". مرجعية
السيستاني وهذه حقيقة لا يمكن لأي
إنسان أن ينكرها تجلس بدلال في
أحضان الاحتلال وان تعابير المدح
والثناء التي تلقاها من مسئولي
الإدارة الأمريكية بما فيهم
الرئيس بوش ووزيرة خارجيته
الزنجية وكيسنجر تؤكد ذلك, وكان
آخرها ما ذكره السفير كروكر في
مؤتمر صحفي في النجف بمناسبة
افتتاح مركز فرعي إعادة الأعمار
المحلي" أود أن أسجل احترامنا
العميق للمرجعية العليا", أننا
نستذكر بعد الغزو مباشرة عندما
صرح الناطق باسم المرجعية علي
النجفي بعد لقائه بالسيستاني
والنجفي والحكيم والفياض بأن"
الحلول السلمية لوضع حد للاحتلال
لم تستنفذ بعد" وان المرجعية لا
تزال تعارض العمل المسلح ضد
الوجود الأمريكي". وفي تمويه غريب
من نوعه يذكر النجفي" أن المرجعية
سعت وستسعى لإخراج المحتل, ولم
ترضى بالاحتلال,ولها أسلوبها في
أخراجه وتسعى بكل ما أوتيت من قوة
إلى إنهاء الاحتلال بسرعة" ويسرف
بالقول متهما الأمريكان بأنهم"
لديهم فكرة لعينة لتدمير العالم
الإسلامي, وان المرجعية لا تثق
بالمحتل إطلاقا" متناسيا إن إدارة
الرئيس بوش تثق بالمرجعية ثقة
كبيرة كما عير مسئوليها؟ وأضاف
بأن "المرجعية على اتصال مستمر
ودائم بالمحتل" ولم يكلف نفسه
بالتوضيح عن القناة المستخدمة
لهذا الاتصال وفيما إذا كانت عن
طريق العراق أو إيران؟ ويضيف
بجرأة تتجاوز حد القباحة" حتى
عندما كان السيستاني في لندن كانت
الاتصالات مستمرة معهم"!
الكلام
مثير ويستوجب الوقوف عنده
وتحليله, فالمرجعية عندها عدة
خيارات ولكن كما يبدو انه منذ خمس
سنوات وبعد كل جرائم الاحتلال فأن
المرجعية ترى بان الحلول السلمية
لم تستنفذ بعد مع قوات الاحتلال!
فمع الملايين من القتلى والمشردين
والأيتام والأرامل ترى المرجعية
أن خيار الكفاح المسلح لم يحن
وقته بعد! ومع هذا يؤكد النجفي
بأن المرجعية تسعى بكل ما أوتيت
بقوة لإنهاء الاحتلال وهذه هي
السنة الخامسة ومازال الاحتلال
جاثما على صدورنا مع احترامنا
الكبير لمسعى المرجعية الباهر!
وما هي يا ترى مساعي المرجعية
وخططها الحربية أو السلمية لإخراج
المحتل؟ ولماذا لا يعلن عنها أمام
الشعب؟ ثم عن ماذا كان يفاوض
السيستاني في لندن وهو كما أعلن
كان لغرض الفحص وليس التفاوض؟ وهل
يحق له التفاوض بأسم العراقيين
جميعا طالما انه أجنبي و لا يحمل
الجنسية العراقية ؟ وبما إن
المرجعية تدرك بان قوات الاحتلال
يعملون من اجل تدمير العالم
الإسلامي! إلا يستوجب هذا من
المرجعية إن تنفض يدها منه وتعلن
قتال كل من يريد الشر والتدمير
للعالم الإسلامي؟ أليس من واجب
المرجعية حماية الدين الإسلامي من
مؤامرات الفتك به أم ماذا؟وهل
يستحق الأمر المقاومة المسلحة من
عدمها؟
من جهة
ثانية فان المرجعية بعدم إصدارها
فتوى برفع السلاح بوجه المحتل
فأنها رفعت الغطاء الشرعي
لمقاتلته والذي يترتب عليه أمر في
غاية الخطورة, لأن من يقتل وهو
يقاوم الاحتلال حسب مفهوم
المرجعية لا يعتبر شهيدا وإنما
قتيلا! وبذلك تحرم المرجعية
المقاومين الإبطال الشهادة وتعطل
آيات من القرآن الكريم
كسورة الحديد /الآية 19 "
والشهداء عند ربًهم لهم أجرهم
ونورهم"
وتصحر جنات عدن وتجفف ألأنهار
التي تجري من تحتها! ولم يؤيد
الحبر الأعظم المقاومة العراقية
ولم يتطرق لها في أي فتوى أو
تصريح بل على العكس فقد زرق
الكثير من الطائفة بإبرة أفيون
مخدرة وعطل طاقاتها الوطنية في
تحرير العراق من الاحتلال, كما
أنه أضفى شرعية دينية على
الاحتلال ووليدته الحكومة
العراقية رغم الأخطاء الجسيمة
التي ارتكبتها بحق الشعب,
فالحكومة في كل خطوة تتخذها ترجع
كما تدعي إلى سماحته ولم ينف
بنفسه وبقية المراجع ذلك الإضفاء.
ومن الصعب تفسير صمته خلال
السنوات الخمس العجاف! حيث لم
يبدر منه ما يعارض سياسية
الاحتلال والانتهاكات الجسيمة
التي طالت الشيعة أنفسهم ومنها ما
حدث في مدينة البصرة ومدينة الصدر
من جرائم وإبادة بشرية وانتهاكات
تعجز عن وصفها الأقلام حركت مشاعر
العالم في القطبين ولكنها عجزت عن
تحريك مشاعر المراجع. ويكون بتلك
المواقف الشاذة قد حول المرجعية
الدينية إلى مرجعية سياسية في
توظيف فتواه في خدمة الاحتلال
والحكومة العميلة رغم أنه يتنكر
في الظاهر مبدأ ولاية الفقيه لكنه
في الحقيقة يمارسه بتروي و هدوء.
ولنتحدث عن
مرجع المجلس الأعلى للثورة
الإسلامية وهو علي الخامنئي
المرشد الأعلى للثورة الإسلامية
في إيران ففي بداية الغزو اتخذ
نفس موقف السيستاني. فالمرجعان
ينظران بعين واحدة للعراق والتوجه
واحد والأجندة ذاتها والمصالح
متشابهة! فقد أفتى الخامنئي بأن
حضور أمريكا لمنطقة الخليج يشكل
خطرا على المنطقة وان قتالها واجب
واعتبره جهادا في سبيل الله, وان
من يموت يعتبر شهيدا, ومن خلال
فتواه وتصريحاته توقعت العديد من
الحكومات ومنها العربية
والإسلامية بان إيران سوف لن تقف
مكتوفة الأيدي تجاه هذا العدوان
الآثم وإنما سترمي بكل ثقلها في
المعركة واحتمال أن تدخل فيها
بشكل مباشر وفعال, وقام العراق
وفقا لوشائج الأخوة الإسلامية بين
الشعبين وعلاقات حسن الجوار بأخذ
هذا الجانب المهم في إدارة
المعركة القادمة, ولكن ليس كل ما
يتمناه المرء يدركه فقد جرت
الرياح الصفوية بما لا يشتهيه سفن
الخليج العربي, فقد اتخذت الحكومة
الإيرانية -من الطبيعي وفقاً
لمنظور ولاية الفقيه- موقفا ثأريا
وانتقاميا ضد العراق لعله يمسح عن
جبينها عرق الخزي والعار الذي
تصبب خلال حرب ألثمان سنوات بين
البلدين وجرعة السم التي أرتشفها
شيطان قم المقبور الخميني على
أيدي القوات العراقية الباسلة,
وقد اعترف رافسنجاني ونجادي
وابطحي ورهط من المعممين
الإيرانيين بأنه لو لا إيران لما
تمكنت الولايات المتحدة من غزو
العراق وان الله وضع ثمار غزو
العراق أفغانستان في السلة
الإيرانية, ولم تكتفي الجمهورية
الإسلامية بهذا الغزو بل قامت
بالتنسيق مع قوات الاحتلال بدعم
الميليشيات المسلحة وفرق الموت
التي استهدفت مئات الألوف من
العراقيين بما فيهم النخب العلمية
والأكاديميين والأطباء والحفيين
والقادة العسكريين والطيارين!
وهذا يعني أن المرجعية الدينية في
إيران تقف وراء هذه الجرائم
باعتبارها المحرض الأساسي عليها
بالتعاون مع قوات الاحتلال
واللوبي الإسرائيلي. وسبق أن نشرت
وثيقة سربها ( رضا جواد
الوائلي)أحد العاملين في أرشيف
السيد السيستاني كشفت عن موافقة
(36) من آيات الله العظمى على غزو
العراق مع تواقيعهم ومن جملة
الموقعين السيد علي الحسيني
الخامنئي!
أما مرشد
التيار الصدري فهو آية الله السيد
كاظم الحائري وهو يدرس أصول الفقه
في حوزة قم ومعروف عنه قلة
تلامذته الذين لا يتجاوزون
الأربعين في حين يتجاوز طلاب بعض
المراجع الألف طالب علم, وهذا
الآية السفلى له مواقف متناقضة
شانه شأن التيار الذي يقلده فهو
تارة ضد الاحتلال وتارة معه,
أنتقد الانتخابات التي جرت في ظل
الخيمة الأحتلالية ولكنه لم يعترض
على مشاركة التيار الصدري فيها,
ينتقد حكومة المالكي وعمالتها من
جهة. لكن مقلديه هم من أوصل
المالكي لرئاسة الوزارة, ويتحمل
الحائري مسئولية كافة عمليات
القتل التي استهدفت البعثيين في
العراق, فقد كان المحرض الأول على
قتلهم بفتواه الإجرامية, ومن
الغريب أن يدعو رجل يحمل صفة آية
الله ويحاضر طلاب علم إلى القتل!
بدلا من الدعوة إلى التسامح
والإخاء والسلام بين المسلمين,
ولكن ليست فتواه بشاذة فهذا ديدن
الصفويين الشعوبيين على مراحل
التأريخ, ومن المؤسف أن تنقاد بعض
العناصر كقطيع الدواب إلى هذه
الفتوى فتسرف في القتل والإجرام
وتتفنن في طرق التعذيب.
ومن نص
الوثيقة التي اشرنا إليها كان
الحائري من الموقعين أيضا عليها
والمباركين لاحتلال العراق. وفي
فتوى الحائري تجد غرابة مثيرة
للسخرية فهو أشبه بجلاد منه إلى
رجل دين وما يزال يعتبر الشهيد
صدام حسين عميلا لأمريكا حتى بعد
أن كشفت الأوراق وتبين من هو
العميل الحقيقي! بل أنه ما يزال
يصف أمريكا بقوى الاستكبار
العالمي رغم التعاون والتنسيق بين
الطرفين في الشأن العراقي وهذا ما
وثق في جلسات الحوار السابقة فهو
يذكر" أن من آيات الله( ربما يقصد
نفسه وبقية المراجع السفلى) أن
أشعل نار الخلاف في ما بين
الظالمين أنفسهم وبين أسياد
الاستكبار مع أشرس عميل لهم"
ويصنف الحائري كأنه منظر (نظرية
العمل البعثي) البعثيين إلى خمسة
صنوف,
أولهم
من اضطروا للانتساب إلى الحزب
للحصول على لقمة العيش
(كانت اللقمة توزع مجانا وفق
البطاقة التموينية لكل العراقيين
بلا استثناء) ولم ينهمكوا
بالأجرام(وهذه مفارقة عجيبة
بما يعني إنهم أجرموا ولكنهم لم
ينهمكوا في إجرامهم) والصنف
الثاني هم" المجرمون الذين
انهمكوا في الإجرام عبر القتل
والتعذيب وإبادة المؤمنين وسجنهم"0ومن
المفارقات إن النظام الوطني
السابق كان أول من نظم الحملات
الإيمانية ودعمها بقوة)! والصنف
الثالث" هم الصداميون الذين
بدءوا بإعادة تنظيمهم بأمل
السيطرة على رقابنا" علماً أن
رقبة الآية ليست كرقبة الزرافة
فجذعها في قم وليس النجف! والصنف
الرابع "البعثيون الذين بدءوا
يحتلون مرة أخرى مركز الصدارة في
العراق بوجه آخر" ولا نعرف إن
كان قانون اجتثاث البعث وما سبقه
من حملات تصفية واغتيالات
للبعثيين قد أبقاهم في الصدارة؟
أليس هذا اعتراف ضمني بقوة البعث
و فشل خطة الحكومة والاحتلال
لاجتثاثه وان الأفكار والمبادئ لا
تجتث بالقوة والغصب وإنما تخضع
لناموس التغير والتعديل والتطوير.
وتزاح فقط من قبل موجات فكرية و
مبادئ أقوى واصلح وأثبت منها.
والصنف الأخير" الذين يعملون
على تخريب الحياة مثل قطع أسلاك
الكهرباء, وتهديم البيوت والقتل
وخلق الفتن والمحن"( من
المؤكد انه خلط بين البعثيين وجيش
المهدي هذه المرة فهذه الجرائم من
الأحرى أن يلصقها بالصدريين من
أتباعه ومقلديه وقوات بدر
والميليشيات التي تدعمها إيران.
وتنتهي فتوى
التجريم باعتبار البعثيين يحاربون
الله ورسوله ويسعون في الفساد,
وانه يستوجب وفقا لشرع الآيات
قتلهم أو صلبهم أو تقطع أيديهم
وأرجلهم. ونتيجة أطروحة الموت
الفنطازية فإن" الصنف الأول
يتركون لشأنهم" والبقية
المتبقية" تهدر دمائهم كي يغلق
باب فسادهم وإفسادهم وتهديمهم
وتخريبهم" وكما ذكرنا فأن
الصنف الأول الذي عفا عنه الملة
الحائر هو مشمول ضمنا بالقتل فهم
"أجرموا لكنهم لم ينهمكوا
بالأجرام", بهذه الفتوى
الابليسية حلل آية الشيطان دم
جميع البعثيين, وإذا مشينا مع
فتوى القتل هذه وقدرنا عدد
البعثيين بحدود(4) مليون فأن هذه
الفتوى لا تمثل إبادة جماعية فحسب
بل إبادة لخمس الشعب العراقي!
وفعلا نفذت فلول جيش المهدي
جرائمها ليس ضد قوات الاحتلال كما
يفترض وإنما ضد أبناء جلدتهم
العرب المسلمين وقتل عشرات الألوف
من الأبرياء.
أما مرشد حزب
الفضيلة الروحي آية الله محمد
اليعقوبي, فأنه يثير الكثير من
الجدل, فهو احد الموقعين على
وثيقة الاحتلال, وحزبه يعتبر عراب
مافيا تهريب النفط في الجنوب, ولم
يسمع له دور في إطفاء الفتنة
الطائفية في البصرة, ومعارك
أنصاره ضد قوات بدر وميليشيا حزب
الدعوة لم تكن في نطاق المنظور
الوطني بل بسبب الهيمنة على وزارة
النفط وعوائدها المسيلة للعاب
وبعد أن نكث المجلس الأعلى بعهده
معهم في صفقة اشترطت توليهم
الوزارة مقابل انسحاب المستشار
السياسي لحزب الفضيلة نديم
الجابري من الترشيح لمنصب نائب
رئيس الوزراء, ومع إن الحزب لم
يتهم بمعارك طائفية, لكن هذا لا
يبرأ ساحته فمعظم الاحزاب لها
اذرع عسكرية تعمل بصورة سرية, وقد
انسحب الفضيلة من وزارة المالكي
معترضا على أداء الحكومة الضعيف,
ويسجل لليعقوبي عددا من المواقف
الايجابية منها موقفه ضد
الفدرالية وتقسيم العراق ونقده
المستمر لضعف البرلمان والحكومة
واعتراضه على قانون النفط ورفضه
عقد اتفاقيات طويلة المدى مع قوات
الاحتلال وغيرها من المواقف
الجيدة.
نود أن
نوضح بأننا ليس بصدد الدفاع عن
البعثيين فحزب البعث غني برجاله
ومفكريه ولا يحتاج إلى دفاعنا
هذا, فهو احد أضلاع مربع أهم
أربعة أحزاب سياسية شغلت العالم
العربي لأكثر من نصف قرن ( إضافة
إلى الحزب الشيوعي والأخوان
المسلمين والتيار الناصري) وله
تراث فكري هائل وجذور عميقة في
الوجدان العربي, واذرع تحتضن
الوطن العربي من المحيط إلى
الخليج لذا فهو ليس بحاجة إلى
دفاعنا! ولكننا ندافع عن
العراقيين جميعا بغض النظر عن
انتماءاتهم السياسية والدينية
والمذهبية والقومية, فالعراق ملك
الجميع, وصفة (عراقي ) يفترض أن
تعلو وتسمو على بقية الاعتبارات
الحزبية والمذهبية والعنصرية, وأن
نزعة القتل والثأر ومسيرة نزيف
الدم سوف لا تنتهي طالما هناك من
ينكأ الجراح ويستلذ بلعق بدماء
العراقيين, فقد أوقدت الأحزاب
الطائفية جذوتها ونفخ رجال الدين
بقوة لإضرامها لتأتي على الأخضر
واليابس, ولسنا أيضا بصدد النيل
من المراجع الدينية الشيعية بشكل
عام, فهناك مراجع عراقية تحمل
عمامة رسول الله بحق وفخر ومن
حقنا أن نزهو بها لأنها تمثل
أصالة الفكر الشيعي العربي
والمبادئ الحقيقية لآل البيت
رضوان الله عليهم, فالشيخ المؤيد
والصخري والخالصي والحسيني
والكثير غيرهم هم عماد الفكر
الشيعي العربي, وانتقادنا يصب في
وجوه الشعوبيين من الصفويين الذين
ما فتأووا يحملون نار المجوس في
أفئدتهم المريضة ويظهرون الإسلام
زورا وبهتانا, فتشيعنا علوي عربي
أصيل, وتشيعهم صفوي فارسي زائف
وشتان بين الاثنين. ومن المؤسف أن
نترك المياه النقية الصافية من
نبع آل البيت العذب, وننهل من
المياه الآسنة في البرك الصفوية.
إننا نتقد المراجع الدينية التي
احتضنت الاحتلال واحتضنها في زواج
متعة زائف سواء كانوا من الشيعة
أو السنة, وننتقد رجال الدين
الذين نزعوا عمامة الرسول (ص)
ولبسوا عمامة الشيطان, وتحولوا
إلى مراجع للبيت الأبيض وبدلا من
أن يشيعوا مبادئ الإسلام السامية
في المحبة والتسامح والسلام
والمواطنة, أشاعوا الضغينة
والكراهية والحقد والانتقام
والفتنة الطائفية, فكانوا بحق ظل
إبليس في الأرض. وهم بعد قوات
الاحتلال يتحملون المسئولية عن
القتل والتخريب والدمار الذي لحق
بالعراق. والخطوة الأولى التي
يستلزم التعامل بها معهم تتمثل في
تعرية المؤسسات المقدسة ورفع
العمامات الزائفة من رؤوس
المغرضين وسحب حق امتلاكها
العوامل المؤثرة في صنع القرار
السياسي وإلغاء فكرة التفويض
الإلهي الذي تدعيه لدعم موقفها
وتمارس التنويم المغناطيسي على
الطبقة المتخلفة والجاهلة من
المجتمع وتحديد المغالاة في
الخصوصية التي تمهد لها طريق
التفرد والمهاترة العميقة,
ويستتبع ذلك خطوات أخرى نتحدث
عنها في جزء آخر بإذن الله. |