في الحياة كنت متفردا وفي النضال
كنت قائدا من نوع خاص وفي
استشهادك كنت شهيدا من طراز يصعب
فهمه وتمثله، فقد جمعت قيم
الرجولة وصلابة المبادئ وقوة
الإيمان وسمو التضحيات لتدخل
التاريخ من بابه الأكبر وفي
التوقيت المقدس لأمة العرب
والمسلمين. فكان يوم عيد الأضحى
عيد الرحمة والتضحية هو يوم نيلك
وسام الشهادة والإيمان بكل جدارة
وفخر وشموخ. فبلغت مرتبة الشهيد
المعظم في دنياك والخالد في جوار
ربك وستبقى رمزا لأمتك وقدوة
للمناضلين والمؤمنين في الحاضر
والمستقبل.
إن اغتيالك يوم عيد الرحمة
والوحدة قد كشف عديد الحقائق
الجوهرية التي ظلت طويلا غامضة
لدى البعض وصعبة الفهم لدى البعض
الأخر ولكنك كنت مدركا لخفاياها
وغاياتها وهي:
1- أن الشيعة الصفوية ليست من
الإسلام إطلاقا بل هم الخنجر الذي
ظل مغروسا في خاسرة الأمة العربية
والإسلامية من عصور لينخر وحدتها
ويشوش إيمانها ويشوه عقيدتها.
والحقيقة لا طائفية في الإسلام
ولا عصمة فيه لمعتنقيه، فإما
توحيد وإما شرك. والشيعة العنصرية
ليست مذهبا فقيا يعزز الاجتهاد
وحرية الفكر في الإسلام بل طائفة
مارقة تمارس الفرقة والزندقة
والعصمة والتأليه الى حد الشرك
العلني والمبطن. طائفة خارجة عن
الإجماع والسنة المحمدية وكافرة
بالصحابة والسلف الصالح والخلافة
الراشدة لا بل مشككة في الكتاب
والمجمعين عليه. واحتفاء الساسة
من الصفويين بالقتل المنهجي
والهمجي يوم عيد المسلمين وتعظيم
وتقديس المرجعية وادعاء العصمة
وانبعاث الأئمة المنقذين جميعها
إثباتات للكفر عينه بالدليل
المادي والعقائدي. فآية الله
العظمى وحجة الإسلام وروح الله
وحزب الله والعبودية لغير الله
(عبد الحسين وعبد الزهراء وعبد
علي) وأعياد اللطم والبكاء
والتمسح على العتاب والأدعية
والتوسل بغير الله ادعاء وشعوذة
تسيء لعقيدة الإسلام الربانية
(عقيدة التوحيد والتحرر من الشرك
والوثنية). فكل من ساهم وشارك
واحتفل بإعدام مسلم أو حتى غير
مسلم يوم العيد هو مارق عن الدين
ومحرماته وكافر بتقاليد الأمة
ومقدساتها ومجرم حاقد على قيم
العروبة وعلى أبنائها المخلصين.
فهل ينتسب مثل هؤلاء المتطاولين
الى الإسلام الحقيقي؟. أليست هذه
الشعوبية عينها والكفر نفسه
والزندقة في أجلى صورها؟. أليس
التشيع مظلة تخفي شتى أنواع الحقد
والانتقام والغدر بالعرب
والمسلمين ونخر وحدتهم وتخريب
عقيدتهم؟.
2- أن الصهيونية حليف تاريخي
للمجوسية الصفوية الخمينية وقد
انكشف هذا التحالف في التأمر
والتحرش بالعراق ثم الانقضاض عليه
وتدميره معالمه وتخريب أسس دولته
واجتثاث قدراته وكفاءاته والتنكيل
بشعبه قتلا وتهجيرا وتفكيكا
والانتقام من قياداته بالاغتيال
المنهجي والهمجي والاحتفالي. لقد
ساهمت إيران المجوسية وبمشاركة
الكيان الصهيوني في دعم
الانفصاليين الإقطاعيين من
الملالي الأكراد منذ الأربعينات
من القرن الماضي. وحين تحركت
إيران الخمينية للإطاحة بالنظام
الوطني والقومي في العراق منذ
نهاية الثمانيات، تلقت الأسلحة
والدعم من الصهيونية العالمية من
خلال الصفقات السرية للأسلحة
الأمريكية ومن خلال التدخل
المباشر للكيان الصهيوني بقصفه
لمفاعل تموز النووي العراقي
وتسليحه لحرس الثورة الإيراني.
ولما فشلت الخمينية في اكتساح
العراق والخليج العربي لم تجد
الصهيونية العالمية بقيادة
الرأسمالية الاستعمارية الأمريكية
غير العدوان المباشر على العراق
واحتلاله فكانت إيران وما جهزته
من عملاء وأتباع الشريك المباشر
في غزو العراق والانتقام منه غيلة
وحقدا كما هو الحقد المجوسي على
العرب المسلمين. وهكذا التقى الشر
الفارسي مع الشر الصليبي الصهيوني
لتكون العراق الضحية والغنيمة
المشتركة لأعداء العروبة
والإسلام.
3- أن الأنظمة العربية هي صنيعة
قوى الهيمنة وأداتها "الشرعية
الدولية" التي أقيمت وتدار
وتستخدم بإرادة صهيونية استعمارية
وأن الجامعة العربية ليست إلا
خيمة عزاء يلتقي فيها الزعماء
العرب لتبادل المشورة حول إدارة
الاستسلام وتجنب المواجهة تاركين
الأمة ومصيرها لمشيئة "الشرعية
الدولية" راعية الاستعمار وما
تقتضيه مصالحه. فالشرعية الدولية
هذه أقرت احتلال فلسطين وسبتة
ومليلة وسكتت عن احتلال الجزر
العربية الثلاث في الخليج العربي
والجولان ومزارع شبعا وفوضت أمر
الصومال للاحتلال الأثيوبي وتعمل
على تفكيك السودان بعدما تركت
العراق مستباحا للهمجية
الإنجلوأمريكية الصهيونية
والفارسية. وفي خضم هذا التنكيل
والتفكيك والعدوان على الأمة
العربية ظلت الجامعة العربية تجتر
عجزها ولا تقر أمرا غير تأييدها
للشرعية الدولية.
4- الحقيقة الرابعة أن المدافع
الحقيقي ودون هوادة عن الأمة
العربية هم المنتمون الى العروبة
حقا والمؤمنون بالإسلام فعلا. وقد
كان العراق بقيادة البعث العربي
في طليعة المواجهين لأعداء
العروبة والإسلام في الداخل
والخارج مما ألب عليه الصفوية
الإقليمية والرجعية العربية
والصهيونية العالمية. ولم يكن
النظام الوطني في العراق جهاز حكم
واستئثار بالسلطة بل ثورة تحررية
مستمرة لا تساوم ولا تهادن عدوا
مهما كان مأتاه ونواياه. وهذا
يعني أن الأمة ليس قابلة للترويض
أو الذوبان، فهي تنبض دوما بإرادة
الحياة والجهاد وإن تكالبت عليها
قوى الشر من كل حدب وصوب.
فالمقاومة العربية الإسلامية في
بلاد الرافدين وفلسطين والأحواز
والصومال هي التعبير الصادق عن
قوى الأمة وإرادتها التحررية
والوحدوية. أما الأنظمة الحاكمة
والمجمعة على الشرعية الدولية
والتبعية والولاء وتأبيد بقائها
عبر استئصال القوى الحية ومصادرة
إرادة شعوبها فهي طارئة على حقيقة
الأمة وواقعها. ويصطف مع هذه
الأنظمة 'وعلى نفس المنهج'
الأحزاب الموالية للطاغوت الحاكم
والمنظمات والقوى السياسية
المستقوية بالخارج، فلا حول لهذه
المجاميع النافذة الاستبداد غير
التطبيع والاستسلام للأمر الواقع
والانصياع الجيد لأوامر أسيادها.
وهكذا لا أمل إلا في القوى
القومية والإسلامية الثائرة
والمقاومة للعدو الداخلي والخارجي
دون مساومة على تحرر الأمة
ووحدتها وكرامتها وهويتها العربية
الإسلامية.
وخلاصة القول أن شهيد الحج الأكبر
القائد الرفيق صدام حسين قد
استجمع قيم الأمة ومثل إرادتها
وانبعاثها فالتقت رغبة الأعداد
على التخلص منه ومن جميع
انجازاته. وقد اعتقد الحاقدون
والمعادون أن باغتياله يتم القضاء
على حلم الأمة وكسر إرادة الشعب
العربي في العراق والوطن العربي
الكبير. غير أنهم بصنيعهم الشنيع
ذلك قد جعلوا منه رمزا خالدا
وملهما لجذوة النضال وقد فات
الأعداء أن قيم العروبة والرسالة
الخالدة تتعمق بجحافل الشهداء وأن
البعث من قيم الأمة والمعبر عن
ضميرها وإرادتها وتتأكد صحة
توجهاته وأهدافه بتحالف قوى الحقد
والغدر والتآمر عليه.
في ذكرى استشهادك الثانية وفي كل
حدث في أرض العرب نجد فيك القدوة
والنخوة ونرى فيك سمو المبادئ
وعمق الإيمان والانتماء ونجد في
المقاومة التي استلهمت أفكارك
واستنارت بقوة وفائك وإخلاصك
للوطن وللأمة وبإيمانك بـ"أن
العراق سينتصر". قلتها بصوت
المؤمن الواثق بإرادة شعبه وأنت
تواجه محنة الغدر والانتقام وحكم
الاغتيال. لقد نلت الشهادة ونالت
المقاومة بك روحا جديدة للصمود
والتقدم على طريق النصر والتحرير.
ونال أعداؤك وأعداء العروبة
والإسلام الخزي والعار ومرارة
الهزيمة بعدما انكشفت أحقادهم
وخططهم الانتقامية ومطامعهم في
تفكيك العراق والاستيلاء عليه
وتجريده من قدراته وهويته. ولكن
إرادة المقاومة ودورها الفعال قد
أدخل الاحتلال وأتباعه في دوامة
التآكل والانهيار.
فافخر أيها الشهيد القائد برفاق
دربك وبأبناء شعبك الذين خلفوك
وعاهدوك على الجهاد حتى النصر
والتحرير الكامل وإنه لقريب بعون
الله ناصر المؤمنين المجاهدين.
|