ليس من باب المغامرة في أن نقف في
وجه أمريكا او إسرائيل ولولمرة
واحدة فكم من الذل والعار الذي
تجرعه إسرائيل وأمريكا كل يوم
للعرب ونحن نقدم التنازل وراء
التنازل يوماً بعد يوم من أجل
الرضا السامي ولن ترضي عنا أمريكا
او إسرائيل مهما فرطنا في حقوقنا
واليوم حانت الفرصة لكي نقول
لامريكا والكيان الصهيوني لا ولكن
يتطلب ذلك من حكامنا مزيداً من
النخوة ومزيداً من إحترام إرادة
الشعوب ، هذه الفرصة التي نتحدث
عنها هي إعلان رئيس الكيان
الصهيوني شيمون بيريز ومن قلب
العروبة مصر وقف شامخاً وبكل ثقة
ليعلن في بجاحة منقطعة النظير عن
موافقة وترحيب القيادات
الإسرائيلية علي حد قوله بمبادرة
السلام العربية التي تقدم بها
الملك السعودي الحالي عبدالله بن
عبد العزيزعندما كان وليا للعهد
وذلك في قمة بيروت منذ ست سنوات
وأن الكيان الإسرائيلي لم يعر هذه
المبادرة آي إهتمام علي الرغم من
تقديم التنازلات والتطبيع العربي
بالمجان إلا أن التغيير المفاجئ
الذي طرأ علي السياسة الصهيونية
مع قبولها وموافقتها بالمفاوضات
مع الجانب العربي مجتمعاً وليس
منفرداً او ثنائياً هو محل الشك
فيما تضمره النوايا الإسرائيلية
الخبيثة ، ففي ذلك الوقت وعند طرح
هذه المبادرة المجانية والتي
إنتهي بها المطاف من الجانب
الإسرائيلي الي إعتبارها مجرد
إضافة الي جبل التراكمات من
المبادرات والتنازلات والقرارات
الدولية التي طواها التاريخ ولم
يحترمها الكيان الصهيوني وعلي
الرغم من أن هذه المبادرة لم تلقي
تاييداً من الشارع العربي ولا
تمثل الصوت او الضمير العربي
كغيرها من الإتفاقيات والمعاهدات
السابقة والتي تم توقيعها مع بعض
الدول العربية إلا أن الأنظمة
العربية لا تعول كثيراً علي راي
الشارع العربي ودائما ما تتجاهل
إرادة شعوبها فهذه هي طبيعة
النظام العربي الرسمي، فما الذي
تغير أذن في المسار الإسرائيلي
والذي جعله يغيير إتجاه بوصلته
وإعلانهم عن ترحيبهم اليوم وبعد
مرور أكثر من ست سنوات علي طرح
المبادرة ؟
والأجابة علي هذا السؤال لن
يحتاج منا الي ذكاء او فطنه ولكن
هو تاريخ إسرائيل المفعم
بالمراوغة والمناورة وهذه هي
طبيعة بني صهيون التي تقوم علي
إنهاك الفريسة قبل الأنقضاض عليها
وأن تتنظر اللحظة المناسبة لتحقيق
أهدافها العدوانية وهذه اللحظة هي
التي دفعت باسرائيل الي قبول هذا
التحول المفاجئ الذي أحدثته
مجموعة من التحولات والمتغيرات
الدولية وعلي رأس هذه المتغيرات
هو مغادرة الرئيس المهزوم
والمأزوم بوش وإدارته الصهيونية
المتطرفة البيت الأبيض ، وبذلك
ربما يفقد الكيان الصهيوني أحد
أهم أركان الدعم لهم مع قدوم
إدارة أمريكية جديدة ترغب في
محاولة تجميل وجه أمريكا الملطخ
بالدماء علي الرغم من أن اللوبي
اليهودي الموجود في واشنطن هو
الذي يرعي هذه المصالح وذلك ربما
تقل او تنخفض بعض جوانب هذه
السياسة رغما عن الأنف الأمريكي
المكسور في العراق وأفغانستان ،
كما أن هناك أيضا الإنهيار
الإقتصادي العالمي وعلي رأسه
أمريكا وغرقها في بحر أزمة مالية
طاحنة مع غرقها وسقوطها عسكريا
وسياسيا في حروبها الخاسرة مما
ساعد ذلك في ظهور قوي دولية
وعالمية جديدة مثل الصين والهند
وتعافي قوي قديمة وعودتها للظهور
مرة أخري مثل روسيا هذه القوي
الدولية من الممكن أن يكون لها
دوراً في النظام العالمي الجديد
بعد أن تهاوت قدرة الولايات
المتحدة الأمريكية وأصبحت هناك
أصوات لم تكن نسمعها من قبل عن
رفضهم إنفراد أمريكا بكافة
القرارات ، كما أن هذا الكيان
الصهيوني يعلم جيداً بان حالة
الإنهيار التي تعيشها أمريكا
اليوم بسبب الحروب الخاسرة التي
خاضتها والتي كلفتها كثير من
مليارات الدولارات ناهيك عن
الخسائر البشرية سوف تمنعها من أن
تفكر في خوض آي حروب مستقبلية
بالوكالة عنها او من أجلها ،كما
أن هذه الحروب كان لها الفضل
الأول في عودة النضال العربي
الشعبي فظهرت المقاومة العربية
والاسلامية في عموم بلادنا
العربية من حماس فلسطين الي
المقاومة في لبنان الي طالبان في
أفغانستان والسودان والصومال
وأخيرا وليس آخرا المقاومة
العراقية الباسلة التي مازالت
تلقن الغزاة والمحتلين دروساً في
فن مقاومة المحتل ولهذا تحاول
إسرائيل جاهدة في البحث عن قوة
بديلة لامريكا في مواجهة ما تسميه
الخطر الأسلامي الإيراني ولهذا
أقدمت إسرائيل علي تغيير
إستراتجيتها من خلال المبادرة
العربية التي تريد تفعيلها اليوم
ودخولها تحت مظلة عربية لمواجهة
ما تسميه المد الشيعي علي الدول
العربية السنية وتكوين قوة عسكرية
يكون قوامها من دول عربية سنية
تهدف من ورائه تدمير قوة إيران
العسكرية والنووية بايدي عربية
وإسلامية وهذا هو بيت القصيد
الصهيوني الذي من أجله تعمل
إسرائيل في تعبئة الرأي العام
العربي عن تنامي الخطر الإيراني
الشيعي علي دول المنطقة فتلجأ الي
تغطية حربها مع إيران الأسلامية
تحت مظلة عربية وبايدي عربية
وهكذا يتكرر نفس السيناريو الذي
حدث مع العراق والذي قامت أمريكا
بغزوه وإحتلاله تحت مظلة كان
جزءاً كبيراً منها عربياً ولهذا
تسعي إسرائيل جاهدة الي تفعيل
المبادرة العربية وهذه هي الخديعة
الإسرائيلية الجديدة التي لا بد
أن نتنبه اليها جيداً بل ونرفضها
ونقول أيها الحكام العرب إذا كان
هناك ذرة من كرامة لكم او من
كرامة شعوبكم التي حاولت أمريكا
واسرائيل أن تمحوها أرفضوا هذه
المبادرة فبالأمس قالت إسرائيل لا
واليوم يجب علينا أن نقولها نحن
وباعلي صوت لا من أجل كرامتنا
التي اسُتبيحت فاننا نملك كل
الأسلحة واهمها هو الشعب العربي
الذي يبرهن كل يوم في فلسطين
وجنوب لبنان والعراق قدرته على
الصمود والتحدي هذه هي فرصتنا
الوحيدة فلا تضيعوها فتصبحوا علي
ما فعلتم نادمين هل أستوعبتم
الدرس جيداً ؟ أعتقد أن الواقع
يقول لا !! |