قبل ألف وأربعمائة عام على نزول
الوحي على النبي العربي محمد بن
عبد الله صلى الله عليه وسلم
وألزمه إتباع تعليمات ربانية نزلت
تباعاً هدفها المعلن إسعاد
البشرية وتنظيم حياتها لتكون امة
وسطا... كما وصفها الله 142
البقرة وهذه الأمة التي تحملت هذا
الوزر الكبير لهداية الناس
وإخراجهم من عبادة العباد إلى
عبادة الله لا بد من نظام يجمعهم
كي يتم التمييز بينهم وبين
الأديان الأخرى ونظام عباداتهم
ولكي تعرف مدى قوة جيش ما أو
استعداداته فلا بد من استعراضات
عسكرية ونضيح عرق ودم لبناء ذلك
ليكون مهاب الجانب ويحس له العدو
حسابات, وأول نظام عُرِفَ به
المسلمون قبل الدولة ومؤسساتها هي
الصلاة ,فهي التي تجمعهم في صفوف
غير محددة العدد محددة الإعداد
بضوابط لا يُمكن التَخَلّي عنها
لان بها تتم وبغيرها لا تتم
والإعداد يتم من خلال إمام
المسلمين فعليه تقع مسؤولية
تفقُّد الصفوف تسبق تكبيرة
الإحرام – الله أكبر- كلمة
استووا استووا إلى الصلاة ولقد
ذكر لنا التاريخ كيف ن ابا سفيان
صخر بن حرب جاءَ إلى هند بنت عتبة
دَهِشاً وهو يصف صلاة المسلمين
قبل يوم الفتح قائلاً: لم أ رَ
نظام واعتدال وخشوع كما هو حال
المسلمين في الصلاة. يقفون في
صفوف متساوية ولما سؤل رسول الله
عند التكلف في رص الصفوف قال: لا
يجوز أن يكون الصف متقدماً أو
متأخرا وزاد في القول صفوا صفوفكم
كما تصفُّ الملائكة وقال سووا
الصفوف أو ليخالفن بين وجوهكم...
وليس الغرض من هذا الانتظام
والأمر بالالتزام إلا لبناء
النفوس لمُستقبل الأمَّة, فحمل
الرسالة على قدرالهمّة التحمل
والأهلية لهذا الأمر فامتنا امة
الوسطية في كل شيء كما جاء في
الاية 42 من سورة البقرة .
َكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا
جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي
كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ
لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ
الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ
عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ
لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى
الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا
كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ
بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
.
وفي عصرنا الراهن نرى ان كل شيء
اختلف فقد اختلفت الصفوف واختلفت
معها القلوب والنوايا ودخل إلى
الإسلام الافتراق وتعدد المرجعيات
كل ٌ يقول انا على المحجبة
البيضاء وأنا الفرقة الناجية إلى
ان وصل بنا الأمر ان نرى من يدعون
يرتدون عمامة الرسول محمد صلى
الله عيه وسلم يعبدون من دون الله
يخطبون ود المحتل تحت يافطات
الدين والتحالف معهُ على هدم عُرى
الإسلام عروةً عروةً... فعندما
أرسل ملك الروم رسولا لمعاوية
باستعدادهِ لمدِّ معاوية بما يريد
رجال ومال ضد علي فكان رد معاوية
شديداً حين قال: إن لم ترعوي
لاصطلحن أنا وابن عمي ونؤدبك...
إذن من أين جاءنا هذا (الدِوِيْل)
الطائفي ؟ وجعل الأمة شيعا يضرب
بعضهم أعناق بعض – خطبة الوداع-
لكن لمصلحة من كل هذه الدماء التي
سالت مغزاراً ومدراراً ومكثاراً
دون أن توقُّف لميازيــبها
الجياشة فلنتذكر أن الله قال:
وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ
وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ الأنفال 46
|