( السؤال
الهام لا يدور حول مدى تاثر
البنوك العربية بالازمة الاميركية
- العالمية بقدر ما يدور حول حجم
الخسائر العربية من هذه الازمة
وبما ان الصناديق "السيادية"
العربية ومثلها استثمارات القطاع
الخاص ليست شفافة فان حجم خسائرها
سوف يظل على الارجح سرا من اسرار
"الدولة" وشانا "خاصا" )
المسالة المحورية التي تثيرها
الازمة المالية الاميركية تدور
حول مركزية القطب الاقتصادي
والسياسي الاميركي في النظام
الدولي التي تجعل العالم رهينة
لتقلب الاوضاع في هذا المركز ،
كما اظهرت ازمته الراهنة ،
فواشنطن التي "عولمت" نظامها
الخاص بحثت عن حل لازمتها ينتهك
قاعدة رئيسية (عدم تدخل الدولة)
سعت هي نفسها بكل الوسائل الى
فرضها على العالم كافة وتركت
العالم ليدفع ثمن ازمة تسبب
المركز الاميركي بها ، فهي في
الرخاء تجني الارباح الطائلة من
"الشراكة" مع العالم وعندما "تقع
الواقعة" تنسحب تاركة العالم
لمصيره ، والدرس واضح: عولمة او
"امركة" اقل وانهاء القطبية
الاميركية الاحادية باتجاه تعددية
عالمية في المراكز المالية
والاقتصادية والسياسية . لكن
بالرغم من ان دول "اباء الخصخصة"
بدات تتدخل بقوة بل و"تؤمم" فان
عمليات الخصخصة وتقليم اظافر
الدولة كي لا تتدخل ما زالت جارية
على قدم وساق في الدول العربية
وما زال قرار الارتباط بعملة
المركز الاميركي نافذا وما زالت
الاستثمارات "الوطنية" العربية
وكذلك الاستثمارات البينية
العربية في اخر اهتمامات من
يملكون فوائض مالية عربية
للاستثمار .
وللاهتمام العربي بمضاعفات
ازمة السيولة التي تهدد بانهيار
النظام المصرفي الاميركي جانبان
احدهما ايديولوجي يدور حول النظام
الراسمالي ودور الدولة في تنظيم
القطاع الخاص والثاني عملي يدور
حول الخسائر العربية من هذه
الازمة ، وتمثل الجانب الاول
ب"تدخل" قوي لدولة المركز
الاميركي للراسمالية العالمية قاد
عمليا الى شكل من اشكال "التاميم"
، في وقت تقود ادارة الرئيس جورج
دبليو. بوش حملة عالمية على
القطاع العام للدول الاخرى تستهدف
"خصخصة" هذا القطاع بل و"الدولة"
نفسها ، بينما تمثل الجانب الثاني
في حملة يقودها محافظو البنوك
المركزية العربية تنفي أي خطر
يتهدد المصارف العربية نتيجة
للازمة الاميركية في سياق حملة
تعتيم حكومية عربية على الخسائر
التي وقعت والمتوقعة ، مما يدفع
المراقب الى التساؤل في هذه
الحالة على سبيل المثال عن
الاسباب الكامنة وراء دعوة وزير
الخارجية الاماراتي الشيخ عبد
الله بن زايد ال نهيان الى تجديد
الانظمة المالية العالمية ووراء
تصريح نظيره السعودي الامير سعود
الفيصل بانه لا توجد منطقة واحدة
في العالم لم تتاثر بازمة
الائتمان الاميركية (على هامش
الدورة الثالثة والستين للجمعية
العامة للامم المتحدة) .
ويكاد يكون من المستحيل على
المراقب ان يحيط بكل تفاصيل مد
الامواج المتسارعة ل"تسونامي"
الازمة الاميركية ويصعب على غير
الخبير ان يتجنب الغرق في خضم
الدفق العارم للمعلومات
والتحليلات والتعليقات حول هذه
الازمة ومضاعفاتها الاقتصادية
والسياسية اميركيا وعالميا ، غير
ان مفاصل رئيسية تفرض نفسها على
المتابع العربي ويمكن ايجازها
ببضع اسئلة تندرج تحت عنوانين
اولهما ايديولوجي وثانيهما عملي ،
وتدور الاسئلة الايديولوجية حول
الراسمالية والليبرالية كنظام
سياسي واقتصادي اتاح انهيار
الاتحاد السوفياتي ومنظومته
الاشتراكية للزعامة الاميركية
لهذا النظام حرية كاملة في
استخدام الوسائل كافة دون أي رادع
لتسريع "عولمته" بالقوة المسلحة
والعقوبات والوسائل المشروعة وغير
المشروعة ، ولضيق المجال سنترك
هذا السؤال "النظري" برسم
الشيوعيين التقليديين واليسار
الديموقراطي في اميركا اللاتينية
وكذلك منظري الراسمالية نفسها لكي
يفسروا ما حدث ويحدث لاستخلاص
العبر النظرية منه ، كي يتسنى
التقاط الاسئلة العملية المحورية
عربيا حول هذه الازمة .
فمنذ اوصى الاقتصادي جون
ويليامسون في سنة 1989 بحزمة
وصفاته الاقتصادية لمزيد من ضبط
السياسة المالية وتخفيض الانفاق
العام وترك معدلات الفائدة للسوق
كي يقررها وترك اسعار صرف العملات
للمنافسة السوقية والانفتاح
التجاري ورفع الحواجز امام
الاستثمار الاجنبي المباشر وخصخصة
قطاع الدولة العام ، الخ ، تحولت
هذه الحزمة الى "كتاب مقدس" تبشر
به الادارات الاميركية ليتبناه
صندوق النقد والبنك الدوليان
وليصبح الالتزام به نصا وروحا
شرطا مسبقا لعضوية منظمة التجارة
العالمية ، بالرغم من الكوارث
الاقتصادية والماسي الاجتماعية
الناجمة عنه والتي تتعارض مع كل
ما جاءت به الكتب المقدسة ، ناهيك
عن تاكل السيادة السياسية الوطنية
للامم التي فرضت واشنطن عليها هذه
"الوصفة" لل"اصلاح" الاقتصادي في
دول العالم الثالث ، ومنه الوطن
العربي ، والتي تصف الدول التي
تلتزم بها ب"النامية" .
لكن "فاتيكان" الخصخصة
الاميركي المبشر ب"خصخصة" الدول
الاخرى فاجانا في ازمته المالية
التي ما زالت تتفاقم عالميا
ب"التاميم" كاجراء طالما عارضه
عندما لجات اليه الدول الوطنية او
الاشتراكية كاجراء اقتصادي محض او
كاجراء سياسي للتخلص من نفوذ
شركات اجنبية تحولت الى دولة داخل
الدولة الوطنية ، كما حدث عندما
امم الزعيم المصري الراحل جمال
عبد الناصر شركة قناة السويس في
اواسط عقد الخمسينات من القرن
الماضي ، وقد لجات دول اوروبية
ايضا الى "التاميم" عندما امتدت
الازمة الاميركية الى مؤسساتها
المالية ، ويبدو ان سلسة
التاميمات الكاملة او الجزئية
التي اعلنها الزعيم الفنزويلي
هوغو شافيز منذ اوصله الناخبون
الى سدة الحكم كانت في النهاية في
اتجاه حركة تاريخ جديد ولم تكن
"حجا بينما الناس مروحة" كما يقول
المثل العربي .
وتطمينات البنوك المركزية
العربية ، في جدة وبيروت مؤخرا ،
ومثلها البنوك التجارية الاسلامية
اقترحت بان "الدولة" العربية لن
تلجا الى ضمان مماثل للودائع
المصرفية في البنوك التجارية لكن
هذه التطمينات سرعان ما بددها
اعلان البنك المركزي الاماراتي عن
توفير مبلغ (13.6) مليار دولار
لمساعدة البنوك في مواجهة الازمة
المالية العالمية مما يشير الى
حذر مشروع في الاتجاه المعاكس ،
خصوصا بعد ان اعلن البنك في منتصف
ايلول / سبتمبر الماضي بان (90)
في المائة من الاموال الاجنبية
"المضاربة" قد تدفقت الى خارج
الامارات لترتفع الفائدة على
القروض بين البنوك الى اربعة في
المائة تقريبا من اثنين في المائة
في ايار / مايو الماضي . كما يشير
الى اتجاه معاكس عدم استجابة
الاسواق المالية في الامارات لعرض
البنك المركزي حيث استمر الانخفاض
في بورصتي دبي وابو ظبي وخصوصا في
اسهم البنوك لان الناس يتساءلون
لماذا يلجا المركزي الى عرضه ذاك
"اذا لم يكن هناك شيء يدعو
للقلق؟" ، كما قال رئيس لدائرة
الابحاث في احدى الشركات
الاستثمارية الاماراتية
للفايننسال تايمز البريطانية في
الرابع والعشرين من الشهر الماضي
.
لكن السؤال الهام لا يدور حول
مدى تاثر البنوك العربية بالازمة
العالمية بقدر ما يدور حول حجم
الخسائر العربية من هذه الازمة .
واذا كانت الخسائر العربية
الناجمة عن الانخفاض في اسعار
النفط "مكشوفة" ويمكن تقديرها
وهي التي دفعت منظمة "اوبيك" خلال
الاسبوع الماضي الى تخفيض انتاجها
فان الصناديق "السيادية" العربية
ومثلها استثمارات القطاع الخاص
العربي ، مؤسسات وافرادا ، ليست
شفافة ومفتوحة للرقابة العامة
وسوف يظل حجم خسائرها على الارجح
سرا من اسرار "الدولة" وشانا
"خاصا" من شؤون القطاع الخاص .
فعلى سبيل المثال تقول التقارير
ان الصندوقين السيادين الكويتي
والاماراتي ضخا اكثر من (12)
مليار دولار في البنوك الاميركية
خلال العام الحالي . وهذه الخسائر
منها ما هو مباشر نتيجة الاستثمار
في المؤسسات الاميركية التي
انهارت وما هو غير مباشر مثلا
نتيجة الانخفاض في قيمة الدولار
الاميركي وفي اسعار النفط ، فقد
خفضت الاوبيك مؤخرا تقديرها للنمو
في الطلب العالمي على النفط لعام
2008 من (1.17) في المائة الى
(1.02) في المائة .ومثال اخر على
الخسائر غير المباشرة يتمثل في
انخفاض الفائدة على سندات الخزينة
الاميركية الى اعشار في المائة
حيث يزيد الاستثمار العربي في هذه
السندات على (290) مليار دولار ،
اما الاسواق المالية السبع في دول
الخليج العربية فقدرت خسائرها
بنحو (150) مليار دولار (الحياة
اللندنية في 8/10/2008) ، ناهيك
عن الخسائر الناجمة عن توقف العمل
في بناء اكثر من (150) مشروع ضخم
في الدول الخليجية تزيد قيمتها
على (48) مليار دولار .
ان القلق الذي اعرب عنه عميدا
الدبلوماسية الاماراتية والسعودية
ومطالبتهما مع المجموعة العربية
في الامم المتحدة باصلاح شامل
للانظمة المالية العالمية ،
وتصريحات مثل مقال وزير المالية
السوري محمد الحسين في صحيفة
البعث مؤخرا الذي قال فيه ان
الازمة العالمية كلفت البلدان
العربية ، بخاصة تلك الاكثر عرضة
للتقلبات الاقتصادية العالمية ،
اكثر بكثير مما جنته من الارتفاع
الاخير في اسعار النفط ، وتحذير
صندوق النقد الدولي من ان ازمة
الائتمان العالمية الحالية يمكن
ان تتمخض عن خسائر تزيد على (1.4)
تريليون دولار ، ثم زيادة ما ضخته
البنوك المركزية الدولية على
مائتي مليار دولار لمواجهة ازمة
السيولة ، انما هي وغيرها مؤشرات
الى ان القلق العربي مشروع من
اكتساح تسونامي الازمة الاميركية
للسواحل العربية بعد ان اجتاحت
البر الاوروبي .
ومسالة اخرى تثيرها الازمة
الاميركية التي تحولت عالمية تدور
حول وجود فائض في السيولة المالية
العربية يبحث عن تنويع اسواق
استثماره بعد ان كانت السوق
الاميركية ساحة رئيسية له كان
يعتقد انها مامونة حتى انفجرت
الازمة الحالية . والمواطن العربي
، خصوصا اذا كان واحدا من (103)
ملايين عربي يعيشون تحت خط الفقر
، عندما يقرا ان اثنين في المائة
من اجمالي سكان دول الخليج (منهم
178 الف ثري في دولتين فقط) قد
ارتفعت ثروتهم من (1.4) ترليون
دولار عام 2006 الى (1.7) ترليون
دولار في العام التالي ، أي أكثر
من نصف الدخل الوطني لبلدانهم (د.
سيف الإسلام بن سعود بن عبد
العزيز ، «الاتحاد» في 7/7/2008)
، وان هناك (33) ملياردير عربي
اجمالي ثرواتهم يفوق 179 مليار
دولار(قائمة «فوربس» لعام 2007) ،
وان الموجودات الخارجية لهيئة
النقد العربية السعودية (ساما)
بلغت حوالي (1.56) ترليون ريال
سعودي بنهاية تموز / يوليو الماضي
وان الاستثمارات الخارجية للمملكة
بلغت (25) مليار دولار خلال شهر
واحد طبقا لساما في 29 اب / اغسطس
الماضي ، وان الدول العربية
الخليجية الست راكمت عائدات نفطية
تزيد على تريليون دولار نتيجة
لارتفاع اسعار النفط خلال السنوات
الست الماضية وان صناديقها
السيادية تستثمر عالميا (1.5)
ترليون دولار ، عندما يقرا
المواطن العربي مثل ذلك وغيره لا
يسعه الا ان يقول اللهم زد وبارك
لكنه في الوقت نفسه يتساءل لماذا
لا يستثمر ولو جزء من هذا الفائض
في الدول العربية ليعم الخير
وينتفي "الحسد" ، خصوصا عندما
يقرا ايضا ان هذه الاستثمارات
الخارجية قد نقلت المستثمر العربي
من "محيط الاسواق المالية
العالمية الى مراكزها" ليتساءل
ايضا لماذا ما زالت هذه المركزية
المالية العربية دون اسنان سياسية
تنعكس ايجابا على القضايا العربية
.
ان الفارق كتابة بين "الحسد"
العربي وبين الحسد الغربي لا يزيد
على النقطة بين العين وبين الغين
، لكنه في الواقع العملي كالفارق
بين السماء والارض ، فحسد العرب
لا يزيد على كونه انات معذبة
لملايين البطون الجائعة وقعها
مزعج على اذان من انعم الله عليهم
بالتخمة ، اما حسد الغرب فانه
يحاصر فوائض العائدات النفطية
العربية بالاساطيل الحربية حد
الاحتلال العسكري المباشر كما في
العراق وفلسطين او بالعقوبات كما
جرى الحال مع ليبيا من اجل خصخصة
دولها وفرض اعادة تدوير هذه
العائدات غربا كرها او طوعا
وباستثمارها هناك بالشروط الغربية
ايضا ، ويكفي هنا ان نقرا ما كتبه
مؤخرا وزير الخارجية الاميركي
الاسبق هنري كيسنجر:"ان زيادة سعر
النفط ثلاثة اضعاف من ثلاثين
دولارا للبرميل عام 2001 الى اكثر
من مائة دولار اليوم يمثل التحويل
الاكبر للثروة في التاريخ البشري
... ويجري نقل هذه الموارد من
الاستثمارات الضخمة في السندات
الحكومية الاميركية والاوروبية
الى اصول الشركات الكبرى والشراء
الصريح للاعمال الاميركية
والاوروبية ، وبينما تتضاعف هذه
الاستثمارات الجديدة" ، خصوصا
استثمارات الصناديق السيادية ،
فانها تهدد ب"تاثير متنام على
الاقتصاديات الغربية" ولذلك فان
"الدول الصناعية يجب ان تجد طرقا"
لوقف هذا "التهديد" ! انه حسد
مقترن بالتهديد يحذر من خطر محتمل
بينما "التاثير" الغربي على
اقتصاد العرب وسياساتهم وحتى
ثقافتهم خطر قائم جاثم على صدورهم
وجيوبهم وقرارهم منذ عقود من
الزمن !
ورب ضارة نافعة ، فالازمة
المالية الغربية المتفاقمة تثير
ايضا مسالة اعادة النظر في حجم
استثمار فائض السيولة المالية
العربية وطنيا وعربيا . ان تنويع
مصادر دخل الدول النفطية استعدادا
ليوم ما زال بعيدا نسبيا ينضب فيه
النفط والغاز يصبح اليوم خيارا
قويا لتصريف جزء من الفائض المالي
حيث تمثل تجربة الصناعات
البتروكيماوية الناجحة في هذه
الدول سابقة يبنى عليه ويقتدى بها
، وعلى سبيل المثال تعتبر خطط
سلطنة عمان لاستثمار حوالي خمس
مليارات دولار للتحول الى اكبر
منتج للحديد والصلب في المنطقة
خطوة رائدة في هذا التوجه . كما
ان للاستثمارات البينية العربية
قاعدة يبنى عليها يمكن توسيعها .
وطبقا لاحدث ارقام المؤسسة
العربية لضمان الاستثمار في
الكويت ، وهي احدى مؤسسات جامعة
الدول العربية ، زادت استثمارات
القطاع الخاص بين البلدان العربية
على (94) مليار دولار خلال الاثني
عشرة سنة الماضية ، لكن هذا
المبلغ لا يمثل سوى قطرة في بحر
رؤوس الاموال العربية المستثمرة
خارج الوطن العربي ، خصوصا في
الدول الطامعه في هذا الوطن . كما
ان اتجاه هذه الاستثمارات العربية
البينية بحاجة الى اعادة نظر ايضا
، فهو يوسع الهوة بين الدول
الغنية والفقيرة من جهة وبين
الاغنياء والفقراء العرب من جهة
ثانية بدل ان يضيقها ، وبالتالي
فان نتائجه عكسية ، والا ما معنى
ان تحظى المملكة العربية السعودية
باكثر من (42) في المائة من
استثمارات القطاع الخاص البينية
(40.5 مليار دولار) تليها لبنان
(12.1 مليار) ثم مصر (8.7 مليار)
والسودان (8.2 مليار) والامارات
العربية (4.6 مليار دولار) ؟
واذا كان القطاع الخاص يستثمر
حيث يجني ربحا سريعا وحيث يوجد
استقرار كما تشير استثماراته في
السعودية والامارات وهما من اكبر
مصدري رؤوس الاموال فان أي تغيير
جوهري في توجه الصناديق السيادية
للقطاع العام في الدول العربية
ذات الفوائض المالية باتجاه الدول
العربية التي تعاني من عجز في راس
المال سوف يساهم في استقرارها
بحيث تتحول الى جاذب للاستثمارات
الخاصة ايضا ، غير ان مثل هذا
التوجه يقتضي حدا ادنى من التضامن
العربي وهذا التضامن بدوره يقتضى
حدا ادنى من السيادة الوطنية
يحررها من ضغوط العوامل الخارجية
لمنع أي تضامن كهذا ، وربما تتيح
الازمة المالية الغربية الحالية
"فترة تنفس" عربية من تلك الضغوط
.
ولا مناص من التساؤل اخيرا
وليس اخرا بعد هذه التحولات
المباشرة للازمة الاميركية: لماذا
ما زالت الدولة العربية "تخصخص"
بينما دولة الخصخصة الام التي لم
تتردد في استخدام القوة العسكرية
لفرض الخصخصة على العالم تتدخل
ب"التاميم" او بما هو تاميم في
الجوهر ؟ الا تقتضي مثل هذه
التحولات اجراء مراجعة شاملة لدور
الدولة العربية كما لاستراتيجية
الاستثمار العربي في اتجاه تفعيل
سوق عربية مشتركة تفك ارتباط
عملاتها بالدولار الاميركي وتبني
قوميا على المقترحات التي اقرها
مؤخرا وزراء مالية مجلس التعاون
لدول الخليج العربية بالاتحاد
نقديا وبعملة موحدة وبنك مركزي
واحد ، بكل ما يستتبع ذلك سياسيا
من موازنة العلاقات العربية بين
عدة اقطاب دوليين بدلا من التحالف
مع القطب الاميركي الاوحد ؟ |