ليس مدحا , او قدحا بالاعلام
الاوروبي , ومع معرفتي بانه اعلام
موجه , ولكن من الانصاف القول انه
اعلام متخصص , ولقد قمت في عدة
مرات باعطاء محاضرات تخصصية في
مجالات متعددة كالتخصص العسكري ,
والمناهج التربوية, والتحديث
العصري وقواعده, كان فيها
الحاضرون يعملون في الصحافة , فان
تكون مراسلا صحفيا في منطقة حربية
, فان هذا يقتضي منك ان تكون ملما
, بانواع السلاح , وشكله ,
ونوعيته وفاعليته, وفهم كبير عن
البلدين المتحاربين , وان يكون
بيدك الميزان العادل في المقارنة
بين الجيشين , الى جانب سلسلة
طويلة من المعارف العسكرية
والجغرافية , والاقتصادية ,
والاجتماعية , يضاف لها المهنية
الآلية والمادية , ونفس الشيء
يقال ويطلب عندما تريد التخصص
كاعلامي او كاتب في مجال النقد
التربوي , فان هذا يتطلب من
الاعلامي ان يدرس المقررات
التربوية كلها , وان يلم فيها ,
وان يدرس النظريات التربوية ماقدم
منها وما استجد وما نجح منها وما
فشل , وان يدرس معها امكانية
البلد في تطوير التعليم , وحاجة
الجيل للتطوير , وماهي المواد
التي تحتاج الى التطوير , يضاف
لها المادة الاساسية للتعليم ,
والتي تتعلق بالمدرسين ونوعياتهم
, وثقافاتهم , والمعاهد المختصة
التي تتولى اعدادهم , والبناء
المدرسي وتجهيزاته , وامكانية
الدولة في هذا التطوير , فلا
تطالب دولة فقيرة لاتجد لاهلها
قوت يومهم , ان تكون كتلك التي هي
في دول قد قطعت مستوى الدول
المتطورة الى مستوى الدول المرفهة
, وما ينطبق من مهنية على هذين
المثلين ينطبق على كل الاصعدة ,
وما لوحظ في الاعلام العربي انه
اعلام لايهتم بالتخصص بنفس
الاثارة وخاصة في المجالات
الحوارية , ليخرج اغلب البرامج
الحوارية في مشاهد لاتقل ضراوة عن
صراع الديوك , وليخرج المستمع
والمشاهد العربي مستمتعا بحلقات
المصارعة , دون الاستفادة علميا
مما دار من حوار , فالاعلام
العربي يهتم بالاثارة دون
الاهتمام بالنوعية , ويغلب على
البرامج الاسماء الكبيرة عديمة
الاختصاص ,او الاشكال العارية
شديدة الاختصاص وهو امر قد تعافى
منه الاعلام الغربي , وقد يكون
الاعلامي العربي المسكين مضطرا في
بعض الاحيان ان يجاري اتجاها
سياسيا معينا بغض النظر عن لوي
الحقائق ونشر الاكاذيب , بسبب
المرتب الشهري الذي يحظى به ,
والمكانة الرفيعة التي حظي بها
بين اصدقاء الطفولة , فكثيرا
ماشاهدت ورايت بعض الاعلاميين
العرب , وعندما ينصرفون من عملهم
, فانهم يسارعون الى الاتصال
بالمقربين بهم , ليظهروا انتصارات
كبيرة في مجال الاعلام ولتنتهي
بمحادثات صبيانية لاتليق
باعلاميين يعملون في اقوى وسائل
العصر, في وقت يحتاج فيه المواطن
العربي الى المزيد من الصدق
والاحتراف , والى المزيد من الشحن
الوطني للصمود امام سيل العداء
الجارف لامتنا والذي انتهى
باحتلال عدة بلدان , والانكى من
ذلك ان بعض الاعلاميين وبدلا من
تادية رسالتهم , وتحت عناوين
المصداقية والاحتراف , والمهنية ,
وهم عن هذه الامور ابعد , فقد
انرلقوا الى مستويات وضيعة ,
لاتقل وضاعة عن الدفاع عمن قتل
وشرد واحتل بلادنا , ومن اجل حفنة
من الدراهم يدفعها هذا وذاك ,
ودون تانيب او وخز لضمير ,
والمشاهد العربي يراقب الاعلام
المرئي ويشاهد كيف يتارجح
الاعلاميون بين المحطات المرئية
لمن يدفع اكثر , ودون خجل او حياء
, ويشارك المثقف العربي والكاتب
العربي , في هذا الهبوط باستثناء
القلة منهم , مع ملاحظة قلة الحظ
لدى البعض فترى هؤلاء المساكين
لاهم لهم الا الاجتماع في نواد
ثقافية من اجل امتداح زعيم , او
شتم زعيم , وذلك تبعا لنوع المديح
الذي يحلم به اصحاب هذه الدكاكين
والنوادي من ازلام الحاكم الممدوح
, والمشفوع ببضع دراهم تنثر هنا
وهناك , ولا تختلف الطبقة المثقفة
تلك والبعيدة عن اوطانها , عن تلك
التي مازالت فيه بشيء الا ماندر ,
فكم اقيم من مهرجانات ولم نجد
فيها الا التغني بزهرة , او بحذاء
نسائي , او ليلة عشق , في وقت
انصرف فيه اعداء امتنا الى بناء
جيوش لاحتلال بلادنا وقد نجحوا في
ذلك , لتتحول المقاومة عند هؤلاء
الى مقال يلصق فيه شرف النضال
والصمود الى زعيم من هنا وزعيم من
هناك ,
في وقت نرى فيه الخيانة تشر من
جنبات الجميع , درجة اصبح فيها
الحاكم العربي عندما تصفه
بالخيانة فانه يطرب لها , فلم يعد
يعبأ بما يقوله الاعلام , وكل
مايهمه هو الامن المستتب ,
وارصدته التي تتقافز في بنوك
الغرب , بل وان البعض سمح تماما
بحرية الشتم على مصراعيه , بسبب
اطمئنانه الى الرصيد القوي من
رجال الجيش الذي هو رهن اشارته
يقتل ويسلب وينهب ويدمر , والى
الرصيد الاكبر من المال بعد ان
ورث الارض ومن عليها , وقد شاهدت
براي العين كيف يتقاذف ابناء
البلد الواحد المهجر من هؤلاء
المثقفين الكراسي والشتائم بعد
اجتماعهم من اجل الوطن واختلافهم
من اجل مقعد في جمعية او ناد ,
لايسمن او يغني جوعا ,ولينقلبوا
الى اعداء يتربص بعضهم بعضا
وتتحول قضية الوطن والغربة الى
قضية اجتماعات نم في مستوى تافه
ومذل , ولينال بعضهم بعضا سبا
وقدحا وتجريحا, وما ذلك الا لمرض
في نفوس الكثيرين من ابناء هذه
الطبقة والتي ابتلانا الله بها
والصق بها عبارة التثقيف وهي الى
التنتيف اقرب , وقضية الاعلام
والثقافة العربية من الاحواز الى
الدار البيضاء والتي تضم اصنافا
شتى من القوميات , ان تنتصر
لارضها وان تكون للوطن لاعليه ,
وان يكف المثقف العربي عن شم
الورود في الوقت الذي امتلات راحة
ارض بلادنا بدماء الضحايا
والشهداء , وعلى راسهم العراق
الشهيد الحي والذي يقاتل ابنائه
كل اطراف الشر في العالم غربيه
وشرقيه , وان تنصرف الاقلام الى
امتداح شهدائنا الابرار ومجاهدينا
الاخيار والذين يقاتلون ليلا
ونهار , من اجل عراق حر وشعب سعيد
. |