عندما إعتلى محمود
المشهداني منصة مجلس النواب في إجتماعه الأخير
في الإسبوع الماضي ليعلن إقرار قانون إنتخابات
المحافظات و"إجتثاث
الأقليات " من المشهد المتعلق بهذه
الممارسة الغاية في (الديمقراطية)
..وعلى الرغم من قيام عدد من أعضاء المجلس من
الأقليات المجتثة بسحب المايكروفون منه
ومقاطعته..إلا انه لم يهتم أحد بما قاله.. بل
تركزت الأنظار على لحيته والمسبحة (السبحة)
التي كان يحملها ويداعب حباتها بكلا
اليدين!..وكان المنظر يشبه بداية خطبة دينية
على منبر يحيط به ناس من أديان وطوائف مختلفة
ومتناحرة..
ترى ما ألذي جعل
الطالباني والمشهداني والمالكي وعدد كثير من
اعضاء الحكومة من الوزراء ومن اعضاء مجلس
النواب يتندرون اليوم بحملهم المسبحة في
الإجتماعات الرسمية وخاصة عند مناقشة القضايا
المصيرية ..
والملاحظ ان (مسبحة
الطالباني ) أطول من (
مسبحة المشهداني
) وبأكثر من أربعة مرات !..
ولا يعرف الشعب العراقي
المغلوب على أمره لحد الآن ما السر في ذلك ؟
هل هو للتعويض عن النقص الواضح في الصلاحيات
..
أم تعبيرا عن وجود وقت
كثير له للعب بها بحكم قلة المهام الموكلة
إليه ؟!..
وفي العرف العراقي
للسبحة واجبان :
الأول وهو أساس
التسمية وهو التسبيح بها لله وذِكره
والإستغفار له وشكره وحمده وبذلك تكون للمسبحة
شروطها وعدد حباتها وظروفها وتقاليدها..
والثاني هو شيوع
كونها جزء مكمل للشخصية وخاصة إذا رافقتها
السيكارة والحديث مع الآخرين في جلسات السمر
او التنظير والكلام الذي يعطي إنطباعا بوجود
إلهام وتفكير وتمعن!..
ولأن التسبيح ..له
فروضه وتقاليده وقدسيته ومكانه وزمانه
وجلسائه!..
فما يحدث من الترويج
لحمل (السبح!)
في الدولة العراقية وشخصياتها الكارتونية هو
لغرض (البرستيج!)..
وعلى ما يبدو ان مسلسل
الباشا الذي يعرض من قناة الشرقية كان قد عرض
على مسؤولي الدولة من جلال الطالباني نزولا
قبل عرضه والذي يظهر الباشاوات وهم يحملون
بأيديهم سبح الكهرب والعقيق وهم يتحدثون عن
المؤامرات والإنقلابات وفي جلسات السمر
واللقاءات الرسمية !..
لقد كان مسلسل الباشا
في ذلك الزمان يمزج بين
(سبحة نوري السعيد
الغالية ) و(سبحة
العامل البسيط المسكين الرخيصة ) ..
وكان الإثنان يتأملان
ويحلمان وهما يداعبان حباتها (
ليس تسبيحا وذِكرا
وشكرا وحمد الله) بل تفكيرا في حالهما
..
فالباشا يفكر في أهمية
وجود الإنكليز ..
والعامل المسكين يفكر
في بؤسه وشقاءه..
وفي العراق اليوم ..
الطالباني يستخدم
المسبحة ليحسب عدد العقود التي أحالها بنفسه
الى حرَمِه المصون والتي تبدأ من عقود تغذية
أفراد الجيش اللاوطني وتجهيزاتهم وتنتهي بعقود
الإستثمار التي (
تنتهجها دولة الإقليم!)..
والظاهر ان القادة
الأكراد سيكتفون بالسِبَحْ فقط ..بينما سيضيف
الآخرون لها المَحابس واللِحى!!..
فالمالكي وقيادات حزب
الدعوة وتنظيمات الحكيم لازالوا ينظرون
للمسبحة بإعتبارها أداة (للتسبيح)
حتى وإن تغيرت ألوانها وعدد حباتها ..فهم
يؤمنون بقدسية من إمتلكها ومن تداولها ومن
يحملها ..وهي جزء من الشخصية القيادية
للمدافعين عن المظلومين على مرالتاريخ خاصة
إذا كانت اليد التي تحملها تلبس (ثلاث
محابِس!)..
وبعيدا عن تفسير سُنة
إطلاق اللحى وحلق الشارب التي إلتزم بها قادة
(السلطة)
اليوم في ظل وجود المحتل الأمريكي الجاثم على
صدورهم وانفاسهم ومواقفهم وتصريحاتهم ..وهو
يغتصب سيادة وإرادة الشعب والدولة والوطن..
إلا أننا لا نعرف
لحدالآن هل أن إطلاق(اللحية)
للوزراء والمسؤولين في الدولة جائز حسب الرغبة
ام حسب المنصب ؟..
وهل لذلك صلة لها
بالمَحابِس والسِبَح ..والكثير من الناس لم (يتثقفوا)
لحد الان عن سبب إطلاق البعض لها وعزوف البعض
الاخر عنها ..
اما المشهداني والحزب
الإسلامي وجبهة التوافق..فالظاهر انهم بهذه
البدعة الجديدة يريدون إيهام الناس البسطاء
والمساكين من العراقيين الذين يفكرون في بؤسهم
وشقائهم وقلة حيلتهم بانهم يتضامنون معهم في
التفكير بالهموم الكبيرة التي يعيشون فيها
..ويفكرون بعمق بكيفية التوفيق بين البقاء في
هذه السلطة العميلة والإستفادة من مميزاتها
التي يسيل لها اللعاب ..
وبين الواجب الوطني
وطموحات الشعب وتطلعاته!!..
و في دولة العراق اليوم
..
حيث زمن الخيانة والقتل
والنهب وإيهام الناس بالتسبيح والمحابس
واللحى..
يكثر التفكير بصوت حبات
المسبحة العالية بتقاسم الغنائم بالتوفيق
والتوافق!!..
|