(مجموعة تخطيط العراق) هي هيئة مؤلفة من العديد من نشطاء جماعة المحافظين الجدد
الذين يرتبطون بمنظمات اللوبي
الإسرائيلي مثل معهد واشنطن
لسياسة الشرق الأدنى وغيره،
ويتولى رئاسة المجموعة اليهودي
الأمريكي وخبير التاريخ العسكري
والمفكر الاستراتيجي البارز في
جماعة المحافظين الجدد
فريدريك كاغان.
بعد تزايد الانتقادات عام 2006 لإدارة بوش إزاء قيامها بغزو واحتلال
العراق وفوز الديمقراطيين
بإنتخابات الكونغرس كان الرأي
العام الأمريكي والعالمي يتوقع
صدور تقرير لجنة بيكر – هاملتون (مجموعة
دراسة العراق)
ولكن المفاجأة تمثلت في اعتماد
الإدارة الأمريكية لتقرير آخر
أصدرته مجموعة تخطيط العراق التي
كانت تعمل انطلاقاُ من معهد
المسعى الأمريكي التابع لجماعة
المحافظين الجدد.
عندما يكون القرار لبوش فسيختار توصيات (مجموعة
تخطيط العراق)
ويهمل توصيات (مجموعة
دراسة العراق)
..وهذا مافعله!..
لقد تطرقنا في حلقة سابقة الى الدور الذي قام به العراب بول وولفوفيتز
الذي خطط وأشرف من داخل
البنتاغون والبيت الأبيض على
عملية غزو واحتلال العراق وذلك
على النحو الذي جعل الرأي العام
الأمريكي والعالمي يضفي عليه لقب
(مهندس
حرب العراق)..
وعندما بدأت الأضواء تُسلط على
هذا الكاذب والمزور حولته الإدارة
الأمريكية الى منصب آخر لتغطي على
دوره التخريبي الذي مَسّ الأمة
الأمريكية وهيبة الولايات المتحدة
بدلا من أن يعاقب بعقوبة الخائن
الذي خان أمانة المسؤولية وكَذَب
على الشعب الأمريكي وجلب لهم
العار والهزيمة وساهم في خلق جو
عام للمضي قدما بغزو وإحتلال
العراق ..
وبعد رحيله تم تحويل ملف العراق داخل جماعة المحافظين الجدد إلى عراب
آخر هو
اليهودي الأمريكي فريدريك كاغان الذي أصبح المسؤول والمشرف الرئيسي على الملف العراقي وتحديداً على
إكمال والاستمرار فيما بدأه بول
وولفوفيتز.
وبكلمات أخرى: يقوم فريدريك كاغان بالإشراف على وضع المخططات القصيرة
والوسيطة والطويلة الأجل التي
تؤدي إلى استدامة استمرارية
الاحتلال الأمريكي في العراق.
يختص فريدريك كاغان بالتأريخ العسكري وقد ظل يعمل في الأكاديمية
العسكرية الامريكية بروفيسوراً
مساعداً في الفترة من عام 1995
وحتى 2000 ثم ترقى بعد ذلك
ليصبح بروفيسوراً مشاركاً لمادة
التاريخ العسكري في الأكاديمية
نفسها من عام 2001 وحتى عام 2005.
له العديد من البحوث والمقالات
والمؤلفات حول شؤون العراق
والشرق الأوسط والحركات
الأصولية الإسلامية والتحليل
الدقيق لأدائه السلوكي الميداني
يشير الى توليه عبء مسؤولية جماعة
المحافظين الجدد عن الملف العراقي
والتسويق لتوجهات إسرائيل واللوبي
الإسرائيلي الخاص بالحالة
العراقية عبر (معهد
المسعى الأمريكي
)التابع للوبي الإسرائيلي بما
يغطي كافة البنى والهياكل للمؤسسة
السياسية والعسكرية والأمنية
والاقتصادية الأمريكية وعلى وجه
الخصوص البيت الأبيض الأمريكي
والبنتاغون (وزارة الدفاع
الأمريكية) ،وزارة الخارجية
الأمريكية ،مجلس الأمن القومي
،والكونغرس الأمريكي ووكالة
المخابرات المركزية الأمريكية
إضافة إلى الجامعات ومراكز
الدراسات الاستراتيجية والكليات
العسكرية العليا وأيضاً أجهزة
الإعلام الأمريكية وعلى وجه
الخصوص شبكة فوكس نيوز التابعة
للوبي الإسرائيلي والتي يملكها
اليهودي روبرت مردوخ وصحف
نيويورك تايمز وواشنطن بوست
ومجلة ويكلي ستاندارد حيث
يتعاون مع زوجته التي تشرف على
إصدار تقرير العراق.
واصلت مجموعة تخطيط العراق عملها وإصدار تقاريرها الدولية المتعلقة
بالشأن العراقي وتقديم التحليلات
والتوصيات لإدارة بوش والتي تبين
أنها كانت تلتزم في قراراتها بكل
توصيات تقارير مجموعة تخطيط
العراق التي استطاعت حتى الآن
إصدار أربعة تقارير إستراتيجية
صدرت تحت إشراف وإعداد فريدريك
كاغان كانت هي التي تقوم إدارة
بوش باعتماد بنودها لاحقاً
كموجهات للسياسة الأمريكية إزاء
العراق وهي:
• التقرير الأول : خيار النصر: خطة النجاح في العراق (الجزء الأول)
صدر في 5 كانون الثاني 2007.
والذي حمل عنوان (تحقيق
النجاح في العراق)..وقد فوجئ الرأي العام الأمريكي والدولي بأن محتويات هذه التقارير
هي نفسها التي أوردها الرئيس
الأمريكي جورج بوش في خطابه الذي
ألقاه بتاريخ 10 كانون الثاني
2007 أي بعد خمسة أيام من قيام
معهد المسعى الأمريكي بنشر تقرير
كاغان.وبكلمات أخرى فقد ثبت للرأي
العام بعدها أن تقرير بيكر-
هاميلتون كان مجرد مناورة وفّرت
الغطاء لإعداد وتمرير تقرير
كاغان.
• التقرير الثاني: خيار النصر: خطة النجاح في العراق (الجزء الثاني)،
صدر في 25 نيسان 2007.
والذي حمل عنوان (خيار
النصر في العراق).. وقد تضمن هذا التقرير كل المبررات والأسس التي إستند إليها جورج
بوش في رفض ومقاومة قرارات
وتوجهات الكونغرس والرأي العام
الأمريكي والدولي والإصرار على
الاستمرار في إستدامة إحتلال
العراق ورفض فكرة الإنسحاب.
• التقرير الثالث: لا حل وسط: التصدي لإستراتيجيات الخروج من العراق
صدر في 6 أيلول 2007.
والذي يعرض الخطوط العامة
الرئيسية التي سوف يتبناها الرئيس
الأمريكي جورج دبليو بوش على ما
يبدو إزاء العراق في صراعه ضد
الديمقراطيين داخل الكونغرس خلال
فترة مواجهته المقبلة وتجدر
الإشارة إلى أن هذا التقرير
الأخير قد قام معهد المسعى
الأمريكي بإعلان ما يشبه حالة
التعبئة العامة لإعداده وذلك
عندما قام المعهد بتكوين فريق عمل
من جماعة المحافظين الجدد برئاسة
اليهودي الأمريكي فريدريك كاغان
واليهودي الأمريكي توماس دونيللي
واليهودية التركية سونير كاغابتاي
إضافة إلى
خيري أباظة
الخبير المصري الذي يعمل في مؤسسة
الدفاع عن الديمقراطية التابعة
للوبي الإسرائيلي..يشير التقرير
الذي إعتمده بوش فورا بوضوح إلى
أن جماعة المحافظين الجدد (التي تسيطر على الإدارة الأمريكية عبر مكتب نائب الرئيس
الأمريكي ديك تشيني، حيث تتمركز
رئاسة (شبكتها))
المتغلغلة في الدولة الأمريكية
ليس لديها أي حل آخر بخلاف إبقاء
ديمومة الإحتلال العسكري الأمريكي
في العراق وزيادة القوات
والميزانيات حتى
لو تطلب الأمر قيام القوات
الأمريكية بإعادة احتلال العراق
وإعادته إلى مربع فترة حكم
اليهودي الأمريكي الجنرال غاردنر
(عضو المعهد اليهودي لشؤون الأمن
القومي والذي يضم في عضويته زعيم
حزب المؤتمر الوطني العراقي أحمد
الجلبي) التي أعقبت عملية الغزو
والاحتلال.
وتضمن هذا التقرير تطوير إستراتيجية شاملة للوجود الأمريكي في العراق
على النحو الذي يؤدي إلى:
- القضاء على (التمرد) وفرض السيطرة الكاملة على العراق.
- مواجهة الخطر الإيراني وحسم أمر الملف النووي الإيراني.
- القضاء على خطر الإرهاب والجماعات الأصولية.
- تأمين حلفاء أمريكا في المنطقة.
- حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية في العراق.
- عدم القبول بأي فكرة تتضمن الإنسحاب أو الوعد بتنفيذ إنسحاب أو حتى
مشروع جدول زمني مؤقت للإنسحاب من
العراق ليس في الوقت الحالي
وإنما حتى إنتهاء ولاية بوش في
نهاية عام 2008.
وإذا كان هناك إنسحاباً فليكن في
القوات شبه العسكرية مثل الوحدات
الهندسية والطبية وقوات الإمداد
والنقل وما شابه ذلك.
• التقرير الرابع: العراق: المضي قدماً للأمام الذي صدر في 24 آذار
2008
إستمرت مجموعة تخطيط العراق بالضغط وتقديم الدراسات والتقارير التي
تدفع الإدارة الأمريكية للتعنت في
مواقفها بصدد العراق وأصدرت
المجموعة تقريرها الرابع الذي
حمل عنوان (العراق: المضي قدماً للأمام)..والذي
تضمن:
الملخص التنفيذي، المقدمة، الفصل الأول: الموقف الأمني، الفصل الثاني:
الموقف السياسي، الفصل الثالث:
الخطط والآفاق لعام 2008م، الفصل
الرابع: المضي قدماً للأمام: سبيل
النجاح في العراق، الملاحق،
الجداول.
ومن أبرز ما تضمنه التقرير:
• استعراض دوافع ومحفزات العنف الطائفي في العراق والتأكيد على مزاعم
نجاح عمليات القوات الأمريكية
والمتعاملين العراقيين في القيام
بكسر حلقة دورة العنف الطائفي في
العراق.
• التأكيد على حدوث الإستقرار
بشكل نسبي لجهة حدوث إستقرار على
مستوى المحليات والمحافظات وعلى
المستوى الوطني العراقي.
• التأكيد على إنحسار نشاط حركات التمرد العراقي وعلى وجه الخصوص:
تنظيم القاعدة الذي صوروه وكانه
بدأ يحاول الانسحاب من العراق،ما
سموه بحركات التمرد السنية،
الجماعات المسلحة الشيعية،
التأكيد على إحراز التقدم في بناء
قوات الأمن العراقية.
• إستعرض التقرير الموقف السياسي مؤكداً إستقرار الأحزاب السنية
والشيعية وإستقرار الحكومة
العراقية (البرلمان والرئاسة
ومجلس الوزراء).
• بالنسبة للخطط وآفاق إحراز التقدم في العام 2008 ركز التقرير على
ضرورة توسيع العمليات العسكرية.
• بالنسبة لسبل النجاح في
العراق.. ركز التقرير على تحديد
جانبين هما:
عنصر المهام وعنصر الموارد
وطالب بالموازنة بينهما بحيث يتم
إستخدام الموارد المتاحة حالياً
وقيام الإدارة الأمريكية الفوري
وبلا تردد بتوفير النواقص سواء
بالضغط على حلفاء أمريكا في
المنطقة لتوفير الدعم أو تقديم
الموارد الأمريكية إن تعذر ذلك.
لقد جاء صدور تقرير المجموعة الأخير والذي تم نشره على الموقع
الإلكتروني الخاص بمعهد المسعى
الأمريكي في هذا الوقت وبشكل
متزامن متزامناً مع بعض التطورات
الإقليمية التي كانت في حينها وهي
: انعقاد القمة العربية في دمشق..
جولة ديك تشيني في المنطقة
..تزايد الضغوط الأمريكية ضد
إيران..تزايد الإشتباكات بين جيش
المهدي وقوات الأمن العراقية ..
رفض إدارة بوش لفكرة تخفيض القوات
الأمريكية الموجودة في العراق
..صدور نداء من البنتاغون يطالب
الإدارة الأمريكية بتأجيل سحب بعض
الوحدات العسكرية الأمريكية
وإقالة الأدميرال فالون من منصبه
كقائد للقيادة الوسطى الأمريكية.
وقد ركز التقرير على المؤشر الرئيسي لمضمون التوجه المستقبلي لبوش
وإدارته والتأكيد على العمل
باتجاه:
• شن المزيد من العمليات العسكرية داخل العراق.
• تعزيز القبضة العسكرية الأمريكية على منطقة الموصل.
• التفاهم مع بعض الأطراف العراقية المؤيدة للوجود الأمريكي إزاء مصير
مستقبل كركوك.
• التفاهم مع تحالف أربيل – السليمانية الكردي حول ضرورة الوصول إلى
تسوية حول ملف كركوك مع الأطراف
السنية العراقية وذلك لإبعاد شبح
عودة القوات التركية إلى شمال
العراق.
وقد أشار التقرير الى أبرز التناقضات التي كشفت عن عدم المصداقية
–بمنظور العلوم السياسية- ما تمثل
في:
• استعراض التقرير للاستقرار السياسي والأمني الذي حدث في العراق.
• تأكيد التقرير على ضرورة توسيع نطاق العلميات العسكرية الأمريكية في
العراق.
وإذا كان وحسب ما ورد في التقرير أن هنالك إستقرار سياسي وأمني قد حدث
فلماذا إذا المطالبة بتوسيع
العلميات العسكرية؟..وتضييق
الخناق على المدن والإستمرار
بزيادة القوات؟..هذا ما لم يجب
عليه لا
فريدريك كاغان ولا غيره
من زعماء المحافظين الجدد.
ولفريديريك
كاغان مواقف متصلبة تجاه موضوع
الإنسحاب الأمريكي من العراق وحتى
لوصدر ذلك أو تم الإيحاء إليه من
أقرب الحلفاء كما حدث في نهاية
آذار 2008عندما إتهم كاغان رئيس
الوزراء البريطاني غوردون براون
بتهاونه في الإلتزام بواجباته
كحليف إستراتيجي بدعوته لسحب قوات
بلاده على نحو متهور من محافظة
البصرة الواقعة جنوب العراق
والتنصل عن تعهداته كحليف.
وقال فريدريك
كاغان لصحيفة "صنداي تليغراف" :
( لدى القوات البريطانية في
العراق إلتزام بالتحرك إذا ما دعت
الحاجة وأنا متأكد من أن هذه
الحاجة برزت الآن).. بفعل تطورات الأوضاع في البصرة نتيجة القتال الدائر بين قوات
الحكومة العراقية وجيش المهدي.
وقال هذا
المستشار الأميركي الذي يشرف على
الملف العراقي : (إن
التحالف الأنغلو ـ أميركي يواجه
حداً فاصلاً في هذه اللحظة وخاصة
بعدما أكد رئيس الوزراء (براون)
أن العلاقة الخاصة بين بلاده
والولايات المتحدة انتهت ولكن ما
تزال أمامه قضية للوفاء بواجباته
كحليف).
وأشارت الصحيفة
إلى أن زميل كاغان الجنرال
الأميركي المتقاعد جاك كين مهندس
إستراتيجية زيادة القوات
الأميركية شكك هو الآخر في قدرة
قوات الأمن العراقية على تهدئة
البصرة (
بسبب وجود نحو 8000 مسلح يتحكمون
بسكان البصرة والتي تفاقم الوضع
فيها منذ إنسحاب القوات
البريطانية منها).
عندما كانت الإدارة الأمريكية تقترب من السنة الخامسة للمغامرة
الطائشة التي أقدمت عليها بغزو
وإحتلال وتدمير العراق.. شعرت وهي
في أيام بداية عام 2007 أن هذه
السنة تحمل تحديات جديدة لصقور
الإدارة الأمريكية وهم يلمسون فوز
الديمقراطيين بالكونغرس ويجابهون
تحدياً داخلياً أنتجته الانتخابات
النصفية واتخذ شكل كونغرس يريد أن
يمارس دوره وأن يتدخل ويسائل
ويحاسب ويضع معايير.
حيث برز في حينها في ما يخص العراق صورة للوضع الداخلي الأمريكي تجاه
العراق تمثل بمشروعين بارزين كانا
هما اللذان يوضحان الحال الذي وصل
إليه بوش والجمهوريين ويمكن من
خلالهما التعرّف إلى المزاج
المتحكّم بالبيت الأبيض علماً
بأنه مزاج يستطيع برغم وجود
معارضة تقرير الوجهة الأميركية
على هواه!..بدون دراسة لحجم خشائر
الأمة الأمريكية ومستقبل الولايات
المتحدة في كافة النواحي ..
المشروع الأول بات غنيّاً عن التعريف لكثرة ما تناولته أجهزة الإعلام وهو المعروف
بإسم مشروع بيكر
- هاملتون
ويمثّل خلاصة ما توصّل إليه
التيار التدخلي الواقعي الذي
يخترق الحزبين الجمهوري
والديموقراطي..
والمشروع الثاني بقي في الظل وإن جرى تسليط الضوء عليه في الأيام
الأخيرة..إنه المشروع المعروف
باسم الثنائي
فريدريك كاغان وجاك كايان
الذي شارك في صياغته عدد من أقطاب
(المحافظين الجدد) ومنهم : دانيال
بليتكا، مايكل إيزنشتاد، مايكل
روبين، رويل غيريشت، غاري شميت،
وغيرهم...
تتميز أهمية المشروعين في أن أصحاب كل منهما كانوا منتقدين لسياسة
الإدارة في العراق. يضاف إلى ذلك
أن الفريقين ينتميان إلى مدرستين
متعارضتين تماماً منذ عقود في
ما يخص الدور الخارجي للولايات
المتحدة وهو تعارض يتناول الوسيلة
الأمثل لحماية المصالح الوطنية
الأمريكية من وجهة نظر مختلفة.
ويدل حضور المشروعين في الحياة
العامة في حينها بهذه القوة على
الإرتباك في تفسير موقف الرأي
العام.
مشروع كاغان – كايان لا يحبّذ الإقرار بالهزيمة والإنسحاب هرولة ولا يرغب في
بقاء مديد ولا يعجبه الوضع
القائم. يقود ذلك إلى الإستنتاج
أن تغييراً ما بات مطلوباً وهذا
ما أقرّ به بعد حين جورج بوش.
لكن ما هي الوجهة الجديدة؟
وفي حينها كان بوش حائرا بين:
أولاً - إذا رأى بوش أن وضع الاحتلال الأميركي للعراق (كارثي
ومعتدل)
يكون قد غلّب منطق بيكر وهاملتون
على منطق كاغان - كايان. أما إذا
رأى أن (الوضع
حرج)
فيعني ذلك أنه ميّال إلى المنطق
الثاني. وبذلك وضع بوش نفسه وبضغط
المحافظين الجدد لإخراج علاقة
قوية بتعريف ما هو جارٍ في
العراق.. هل هو مزيج من تمرّد
وحرب أهلية؟.. أم هو نتيجة الحرب
على الإرهاب في جبهتها المركزية
الكونية؟.. لكل تعريف إستنتاج
يتبعه توجه يحدد طبيعة المساهمة
الأميركية.
ثانياً - إذا رأى بوش أن النصر بات مستحيلاً وأن لا مفتاح سحري لديه لحل
المشكلات العراقية فإنه سيدلّ
على عارض واقعي أصابه!. أما إذا
رأى أن النصر ممكن وواجب وأن الحل
يكون أمنياً بالدرجة الأولى فذلك
يعني أنه ميّال إلى (المحافظين
الجدد)..
علماً بأن هامش المناورة لديه هنا
محدّد بفهمه لمعنى النصر وليس
هناك ما يمنع من تقديم تفسير
متواضع لذلك والإصرار على التوصّل
إليه.
ثالثاً - إذا فتح بوش أفقاً أمام بداية الإنسحاب فهذه وجهة. وإذا أغفل هذا
الموضوع من أجل زيادة التأكيد على
التورّط فهذه وجهة أخرى. فمن
المعروف أن
توصيات بيكر ــ هاملتون
كانت تشير إلى ضرورة الانكفاء
العسكري التدريجي (وصولاً إلى بداية عام
2008)
وإلى تغيير شكل الوجود الأمريكي
والتركيز على التدريب بدل القتال
وربط أي زيادة غير مستحبة في عدد
القوات برأي القادة العسكريين
الميدانيين.
ألا أن كاغان - كايان يوصيان بزيادة عدد القوات وتمديد الإقامة في العراق والإبقاء
على الدور القتالي المباشر في
بغداد والأنبار وعلى تولّي
المسؤولية عن خفض التوتر الأمني
لعلّ ذلك يساعد في نقل تدريجي
للمهمات إلى القوات
العراقية!..وسنلاحظ كيف أن بوش
إعتمد هذه التوصيات!..
ويذكر في هذا المجال أن المعلومات المسرّبة عن خطاب بوش بعدها كانت
تؤكد أنه سيتّجه إلى زيادة محدودة
في عدد القوات مخالفاً بذلك
وعداً كان قد قطعه في السابق. كان
يزعم أنه في هذا المجال سيطيع
نصائح القادة العسكريين. غير أن
الجديد هو أنه أقدم على تغيير
جذري للقيادة العسكرية
الأمريكية!..
رابعاً – وكان من الطبيعي أن يضع بوش أي قرار عسكري يتخذه في سلّة تتضمن
إجراءات إقتصادية وسياسية متزامنة
ومتداخلة معه .
بيكر – هاملتون
(الواقعيون) يراهنون على المصالحة
العراقية الشاملة (عدا (القاعدة))
بصفتها جزءاً من الحل.
وكاغان- كايان
(المحافظون الجدد) يرون العمل
العسكري مقدمة لأي خطوة سياسية
ويدعون مثلاً إلى مواجهة مع (جيش
المهدي)
الذي يدعو بيكر - هاملتون في
المقابل إلى الحوار معه!.
خامساً - الجديد في ما اقترحه
بيكر - هاملتون
هو إحاطة الوضع العراقي ببيئة
إقليمية مستقرّة عبر إطلاق عملية
للتسوية الشاملة في الشرق الأوسط
والحوار مع كل من إيران وسوريا.
لكن ما دعا إليه كاغان - كايان هو التركيز على أولوية الإنتصار الأميركي في العراق عبر
إستمرار الضغط على سوريا وإيران
ومن أجل المزيد منه. وهما إذ
يرفضان أطروحة التسوية الإقليمية
فإنهما يستندان إلى عدم الترابط
بين أزمات المنطقة وإلى فرضية (جديدة !) تقول إن دمشق وطهران لا تملكان نفوذاً كبيراً على المجريات الداخلية
في العراق!.
فما الذي حدث؟!..
كل العالم عرف إن بوش تبنى بشكل كامل خطة
فريدريك- كاغان
ونفذها وضرب عرض الحائط بخطة
بيكر!!..وبشكل
لم يكن مفاجئاً للمراقبين
والمتابعين للحركة السياسية
ولقاءات بوش مع أكثر من مائة
وأربعين من أعضاء مجلسي الشيوخ
والنواب ولسلسلة التغييرات في
وزارة الخارجية وفي القيادات
العسكرية حيث شكلت المواقف التي
أعلنها حاكم البيت الأبيض إنتكاسة
كبيرة للعديد من المحللين
والسياسيين الذين راهنوا على
إمكانية حصول توافق كبير بين
ماورد في رؤية (حكماء)
الحزبين التي عبر عنها تقرير
بيكر –
هاملتون وخطة العمل
المستقبلية للإدارة البوشية.
بل أن البعض من (المحافظين
الواقعيين) داخل الولايات
المتحدة وخارجها راودته الأوهام
عن احتمال لجوء (الرئيس)
وبطانته إلى التعامل الجدي مع
نتائج الإنتخابات النصفية
للكونغرس. لقد جدد بوش في
المواقف التي تضمنها خطابه إعادة
إنتاج الرؤية التي حكمت المخطط
الأمريكي للمنطقة عبر تنشيط
عملية (السطو
المسلح) من خلال (صب
الزيت على النار). ولهذا
جاءت لغة الخطاب الذي ألقاه بوش
وتبنى به كل أفكار منظري (المحافظين
الجدد) التي صاغها (فريدريك
كاغان) في التقرير الذي
نشره قبل عشرة أيام من خطاب بوش
تحت عنوان (إختيار
النصر: خطة للنجاح في العراق)
الذي يتلخص في (الأمن
أولاً) من خلال تطوير
قدرات القوات العسكرية الأمريكية
(زيادة
أعدادها، توسيع دوائر عملها،
لجوئها لتنظيف مناطق تحركها).
الإستراتيجية المعلنة جاءت لتجديد
الغزو وترسيم خطواته في ظل مواقف
رافضة لهذه الخطة عَبَّرَ عنها
نواب الحزب الديمقراطي و بعض
نواب الحزب الجمهوري الذين
إلتقوا على وصف الخطة بأنها (غلطة
خطيرة ومأساوية) و (أكبر
خطأ في تاريخ الأمة) و (أخطر
حماقة في السياسة الخارجية منذ
فييتنام ، إذا ماتم تبنيها).
كما انتقدت العديد من الهيئات
والمؤسسات الحكومية الخطة الجديدة
للإدارة ويأتي في مقدمتها مانشره
(المكتب
الحكومي الأمريكي للمحاسبة)
في تقرير نقدي للإستراتيجية (الفاشلة
في تحقيق النصر، ولسوء إدارة
"الحكومة العراقية" لشؤون البلاد،
ولتصاعد أعمال العنف الطائفية).
وقد توافق هذا الرفض مع نشر
استطلاعات للرأي كانت قد أجرتها
عدة مراكز بحثية موضوعية، أكدت أن
86 % ممن شملهم الإستطلاع
يُحَملون الرئيس تبعات غزو العراق
مؤكدين عدم ثقتهم به. كل هذا
يأتي مترافقاً مع حراك شعبي واسع
عبرت عنه المظاهرات والتحركات
المعادية للغزو التي دعت إليها
عشرات اللجان والهيئات الأهلية في
عشرات المدن الأمريكية والمنادية
بعودة الجنود لأمريكا ومحاسبة
المسؤولين عن (كارثة
الحرب).
وإعتمدت خطة (بوش
- كاغان) على إشاعة جو من
(الرعب
الشكلي) عبر زيادة عدد
قوات الإحتلال بـ 21500 عسكري يتم
توزيعهم على مدينة بغداد (سبعة
عشر ألفاً) والباقي لنشرهم في
محافظة (الأنبار).. إن بضعة آلاف
جديدة لن تضيف الكثير لمئات
الآلاف من جنود الإحتلال وأدواته(القوات
الأمريكية وحلفائها، المتعاقدون
المرتزقة، الشركات الأمنية، قوات
وعناصر الشرطة والحرس المحلية)
ولن تستطيع تحقيق النصر. بل إن
إستدعاء المزيد من القوات يشير
إلى عجز الغزاة عن تحقيق (الأمن
والإستقرار) للعراق ولقواتهم. كما
لم تُغفل الخطة تقديم عدة مقترحات
من التوجهات الإقتصادية التي أراد
بها بوش التركيز على العمل فيها
سريعاً على صعيد مختلف المجالات
من أجل ماتتوهم إدارة الغزو من
الوصول إليه لخلق علاقة أفضل بين
العراقيين والجيش الأمريكي والتي
أثبتت فشلها من خلال غياب المنهج
والهدف غير النبيل الذي تبنته
الجهات التي قامت بمتابعة هذه
المجالات.
وهكذا عاد (الرئيس)
لإسطوانته المشروخة في تجديد
محاولة إدارته إبتزاز الدول
العربية عبر تخويفها من إنتصار
المشروع الوطني العراقي واضطرار
الإدارة البوشية لسحب قواتها
وإنكفائها خارج حدود الوطن
العراقي والتركيز على أن بقاء هذه
الحكومات في (دول
الخليج والأردن ومصر)
مرهون ببقاء الإحتلال والسعي
لتشكيل محور جديد أسماه (محور
المعتدلين) في مواجهة
ماتسميه الإدارة الأمريكية (محور
المتطرفين) أي تجمع القوى
الرافضة للمشروع على الرغم من
ترافق هذه الدعوة مع حشد عسكري
إستثنائي يعيد للذاكرة الأجواء
التي رافقت التحضيرات العسكرية
العدوانية..وهكذا توجهت القيادة
الأمريكية لفصل جديد من عدوانها
الإستعماري وحيدة ًً غير مدعومة
بأية تحالفات دولية أو إقليمية
باستثناء (الكيان الصهيوني)..إن
ملامح الفشل في هذه الدعوة وفق
(خطة كاغان) واضحة بسبب الرفض
الدولي والوطني والشعبي الواسع
وتوجه الشعب وغلتفافه حول
المقاومة الوطنية العراقية في
المشروع العراقي التحرري وما
تحققه من إنتصارات في العديد من
محافظات وأقضية ونواحي وقرى
العراق .
لقد توهم (بوش)
أنه بإحتلال بغداد فقد (حقق
النصر!) وأن (الحرب
انتهت)!
..ولأنه يستند في قراراته على نفس
الوسائل والمجموعات التي أغرته
بسهولة عمليته الطائشة في غزو
وإحتلال العراق ..وإلتزم وإعتمد
خطة آخر مجرمي الحرب
فريدريك
كاغان وريث عصبة الكذب
والدجل والتزوير فقد رسم بنفسه
مساره الحتمي للهاوية بفشل نهجه
ومنهجه وقراراته ..سواء فاز ماكين
أو خسر ..
وبهذا نكون قد سلطنا الضوء على
أهم الرؤوس
الأساسية لهذه الزمرة المجرمة
..وسيأتي الآن دور فضح القيادات
التي ستبقى تحيط ببوش الى بداية
كانون الثاني 2009 !..حيث سيغادر
وحيدا وحتى بلا كلبه!.. |