جورج تينيت من
مواليد 5 كانون الثاني/يناير 1953
في نيويورك مِن والدين يونانيين
غادرا البانيا مسقط رأسهما بسبب
الشيوعية . نال شهادة في القضايا
الدولية من جامعة جورج تاون في
واشنطن التي تخرج منها في عام
1976 ثم جامعة كولومبيا في
نيويورك في 1978.
امضى تينيت القسم
الأكبر من حياته المهنية في
الكونغرس. ولمدة أربع سنوات كان
مدير الموظفين في لجنة
الإستخبارات في مجلس الشيوخ. في
تموز 1995 تولى منصب مساعد مدير
وكالة المخابرات جون دوتش. وعمل
بين عامي 1993 و1995 في مجلس
الأمن القومي في البيت الأبيض
الذي كان يرأسه حينها إنتوني
لايك. وكلف بموضوع التعليمات
الرئاسية حول الأولويات في مجال
الإستخبارات وتنسيق العمليات
السرية لوكالة المخابرات
المركزية.
أصبح مدير وكالة
المخابرات المركزية الاميركية
(سي.اي.آيه) في آذار 1997 في عهد
الرئيس الأمريكي بيل كلنتون
وأبقته إدارة الرئيس الجمهوري
جورج بوش في هذا المنصب ..وعرف
بأنه رجل مخابرات محنك وصاحب
خبرة متينة في هذا المجال وقد
عرف بمهارته في التفاوض وإلمامه
بخفايا الأمور في عالم
الإستخبارات وكان دائما من أشد
المدافعين عن جهازه وخاصة مايتعلق
بشان الملف العراقي وما أثير عن
إخفاقات عناصره وتقديمهم لمعلومات
كاذبة كانت سببا رئيسيا لإتخاذ
قرار غزو العراق .. كما قام أيضا
بمساع مهمة في النزاع الإسرائيلي
الفلسطيني لاسيما في المجال
الأمني.
ومنذ توليه هذا
المنصب كان يطلق عليه في واشنطن
تسمية "كبير
الجواسيس"..
وقد تعرّض تينيت
الى مشاكل عاصفة في حياته المهنية
في هذا المنصب كان أولها في العام
1997 عندما واجه قضية جون دوتش
سلفه على رأس سي اي ايه الذي خزن
في كمبيوتره الشخصي معلومات سرية
جدا لم يخبر تينيت الكونغرس عنها
إلا في وقت متأخر.. وفي أيار
1998 وجه إليه مجددا إصبع
الإتهام فيما كانت الإدارة
الأميركية تشهد تنافسا بين الهند
وباكستان في مجال التجارب النووية
حيث عجزت "سي آي ايه" عن توقع ما
سيحدث .. وفي اب من العام نفسه
ضربت شبكة القاعدة السفارتين
الأميركيتين في كينيا وتنزانيا
وهنا أيضا عجز الجواسيس عن توقع
الامر والتحسب له. وفي أيار 1999
تكررت الغلطة الدامية مع قصف
سفارة الصين في بلغراد اثناء حرب
كوسوفو..
ومن أخطر تلك
التحديات كان إعتداءات الحادي
عشر من ايلول 2001 والتي كان من
المفروض ان يقدم إستقالته
فيها..ورغم كل هذه التحديات
والصعوبات فان تينيت عرف كيف ينال
إعجاب الجمهوريين كما نال من قبل
إعجاب الديمقراطيين.
ومما كان يُسجل له
هو تحذيراته المتكررة قبل مدة من
إعتداءات الحادي عشر من
ايلول/سبتمبر 2001 من برامج أسلحة
الدمار الشامل في دول تعتبرها
واشنطن خارجة عن السيطرة ومن
الشبكات الارهابية وخصوصا تنظيم
القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن
لادن.
وعلى الرغم من
صموده امام تلك العواصف ..
لكنه لم يستطيع الصمود أمام عاصفة
العراق !..
لأنه دائما عندما
يتعلق الأمر بالعراق فهنالك
مؤامرة وتزوير وخداع وهنالك
بالتأكيد ضحايا متعاقبين يجري
التفريط بهم وبخدماتهم وهنالك شيء
آخر هو اللعنة !..
وبالنسبة الى
تينيت فهو لا يختلف عن المجموعة
التي دمرها الزلزال العراقي الذي
لم ولن يستثني أحدا وإن تجاوز
اليوم عن عدد محدد منهم فهم
مؤجلين وسينالهم غدا!..وتينيت
يؤخذ عليه خداع المسؤولين
السياسيين عبر تقديمه معلومات
خاطئة عن الترسانة العراقية ما
دفع بهم الى شن الحرب على العراق.
ويتذكر العالم
والعراقيون بشكل خاص كيف كان
تينيت يجلس خلف كولن باول وبجانبه
نغروبونتي وهم يظهرون للعالم صورة
مؤامرتهم الكاذبة والمعلومات
الملفقة التي فشلوا في الحصول على
تفويض من مجلس الأمن بشن الحرب
فيها على العراق قبل الغزو بأيام
..وقد لاحظ المراقبون في حينها
شبح الهزيمة والتيه والوجوم يحوم
حول الثلاثة الذين قاموا بعرض
خدعة كبيرة دفع ثمنها شعب
الولايات المتحدة وشعب العراق
ثمنا كبيرا .
ولجورج تينيت
تعليق شهير ذاع صيته في حينها
بشأن مخزون أسلحة الدمار الشامل
الذي كان يشتبه بوجوده في العراق
قبل بدء الحرب حيث كان يؤكد لبوش
إن العثور على أسلحة دمار شامل في
العراق سيكون أمرا مفروغا منه
وبعبارته المشهورة :(
إنه أمر حتمي)
.. وظهرت عبارة (أمر
حتمي)
المنسوبة لتينيت لاول مرة في كتاب
(خطة
هجوم)
للصحفي بوب وودوارد الذي صور
تينيت وهو يقول لبوش ذلك!!
كان جورج تينيت
وهو الرجل الأول في جهاز
المخابرات المركزية الأمريكية
مُلزم دائما بعد الحرب التس شنتها
الولايات المتحدة على العراق
وإفتضاح كذبه وخداعه بإعطاء
توضيحات وافية حول المعلومات التي
قدمها قبل الحرب بخصوص ملف أسلحة
الدمار الشامل العراقية والتي
شكلت مرتكزا أساسيا إعتمد عليه
الحلف الأمريكي البريطاني في
إضفاء الشرعية على الحرب وتبرير
الهجمة وتعتبر هذه المسألة وما
نتج عنها في حد ذاتها بالنسبة
لكثير من السياسيين أول سقوط
لجهاز بهذا الثقل في الورطة
العراقية بعد المعلومات المغلوطة
والمضخمة التي قدمها.
وقد حذرت لجنة
الإستعلامات التابعة لمجلس الشيوخ
الأمريكي "جورج تينيت" مدير
الوكالة مرات عديدة بإتخاذ
الإجراءات الردعية اللازمة إذا لم
يقدم في غضون مدة محددة معلومات
تدعم أقواله التي كان صرح بها قبل
الحرب . وتعتبر محاكمة الرجل
الأول في الـCIA
حدثا مهما ولو أنها كانت متوقعة
بالنظر إلى الوضع المتدهور في
العراق وما نتج عنها من خسائر
جسيمة وغياب المعالجات الجادة
والإعتماد على معارضة سيئة وفاسدة
ليس لها وزن ولا إعتبار بين
العراقيين دفعت أعضاء من مجلس
الشيوخ منهم أعضاء من إدارة "بوش"
ذاتها إلى تشبيه الوضع في العراق
مع ما حدث في الفيتنام وإذا وضعنا
بالحسبان تنامي الضغط الذي تمارسه
جمعيات أهالي الجنود المطالبة
بإنهاء الحرب وعودة "الصغار"
إلى البيت فإن إزالة الحرج ولو
بالمسائلة أمام الأمريكيين يكون
دائما أمرا ضروريا لتفادي الوقوع
فيما لا يحمد عقباه .
وقد شهد المجتمع
الأمريكي تزامنا مع قرار المحاكمة
هذا حركة نشطة غير مسبوقه يهدف من
خلالها المجتمع المدني والمؤسسات
المهتمة برصد توجهات الرأي العام
إلى معرفة مدى تأثر الأمريكيين
بالحملة الإعلامية الضخمة التي
استهدفتهم قبل الحرب بغية إقناعهم
بوجود أسلحة الدمار الشامل
والجهة التي تتحمل مسؤولية
التضليل والتشويه. ويعتقد
الأمريكيون في هذا الصدد بأن عرض
إدارة "بوش" كان هزيلا منذ
البداية وكانت تريد أن تحمل
مسؤولية الورطة الآن للمخابرات
المركزية ..ولو يكاد يتفق الجميع
على طرح السؤال التالي :
لماذا المخابرات
المركزية بالذات ؟..
إجتمعت في الـCIA
عوامل كثيرة مما جعل إدارة "جورج
بوش" وتشيني ورايس ورامسفيلد
يضعونها في مقدمة القرابين
الصالحة للتضحية الى حين البحث عن
قرابين جديدة قبل توجههم بأرجلهم
الى المقصلة في نهاية الأمر..
ويأتي في المقام الأول منها هو
الإخفاق الكبير الذي أظهرته أجهزة
المخابرات في تأكيدها على وجود
أسلحة الدمار الشامل فبعد سبعة
أشهر من سقوط نظام الرئيس صدام
حسين الشرعي لم يظهر أي أثر لهذه
الأسلحة على الرغم من وجود 1500
خبير في الميدان العراقي ورصد
مبلغ يزيد على 200 ألف دولار
كمكافأة لمن يعطي معلومات حول
طبيعتها وأماكن تواجدها ووجود
القوات الأمريكية في كل العراق ..
لكن مع هذا كانت صورة الوكالة
المربوطة بالعمليات المشبوهة
والدنيئة في أذهان الأمريكيين هي
الورقة التي إعتمد عليها "جورج
بوش" لإبعاد الأنظار عنه وتوجيهها
نحو "تينيت" المسؤول الأول عن
جهاز يبدو للعيان أنه السباق لمثل
هذه الملفات المعقدة والشائكة
والخبير بالكذب والتلفيق
والمؤامرات!.
يجمع كثير من
المحللين أن ما جعل "جورج بوش"
يختار جهاز المخابرات دون غيره من
الأجهزة يتعدى الأزمة العراقية
ذاتها التي لا تمثل بالنسبة إليه
سوى حصان طروادة للمرور إلى عهدة
انتخابية ثانية..وهذا ما حصل عليه
بالفعل .. وما سعيه لمحاولة تلميع
صورته وصورة مستشاريه إلا لغرض
الظهور بمظهر "المستدرَج"
الذي يبحث عن فرصة ثانية يصحح بها
زلاته التي قام بها نتيجة (معلومات
خاطئة!)
..وهذا ما قام بوش به فعلا وهو
الذي هيأ نفسه إلى تقديم قرابين
أخرى والإستغناء عن أكثر من حليف
خاصة بعد المعلومات التي تسربت
إليه في حينها بخصوص محاولة
"تينيت" سحب البساط من تحت رجليه
والمراهنة على شخصية أخرى بدلا
عنه تقوم بدعمها الوكالة في
الولاية القادمة.. الأمر الذي جعل
" وولفوفويتز" مهندس الحرب على
العراق يصرح بأن القرار الذي اتخذ
بجعل أسلحة الدمار الشامل محور
الحرب كان "بغرض
بيروقراطي"
كطريقة للرد على تصريحات "تينيت"
التي تحاول التملص هي بدورها من
الموقف ككل.
ومع ذلك تنصل
الجميع من المسؤولية ونفى الجميع
أن تكون لهم علاقة بقرار شن الحرب
على العراق كستندين الى إستنتاج
إن القرار كان متخذا ولا يحتاج
لأي تصريح أو جمع وترتيب
للمعلومات منهم أو من غيرهم !..
وكان الكاتب
البريطاني باتريك سيل قد أكد في
مقال له في حينها إن وكالتي
الإستخبارات البريطانية
والأمريكية تتعرض
بالفعل إلى أزمة وأن كلا من بوش
وبلير يواجهان بالفعل ورطة كبيرة
.
وأن كل من جورج
تينيت مدير الوكالة المركزية
للإستخبارات “ سي اي ايه “
وريتشارد
ديرلوف مدير جهاز
الإستخبارات البريطاني " أم اي 6
" مهددين بالإقالة أو الإستقالة
إذ إتضح جليا
اليوم إن المعلومات التي أدت الى
شن الحرب على العراق كانت مفجعة
بزيفها!.
وأشار الكاتب فى
موقعه على الإنترنت الى أنه لم
يتم إيجاد أسلحة دمار
شامل لا نووي ولا
كيماوي ولا جرثومي فى العراق مع
إن وجودها المزعوم والخطر الوشيك
الذي تشكله هذه
الأسلحة وفرا الحجج الأساسية لشن
الحرب..
وأشار إلى أن هذه
الأخطاء
فى المعلومات
فضيحة كبرى سوف يدوى صداها لسنوات
طويلة فى الأجهزة الحكومية
البريطانية
والاميركية.. ولا بد إن يسقط من
جرائها بعض الضحايا من بين
السياسيين وفى
أوساط المخابرات..
وربما تمر سنوات قبل إن تتضح
الصورة كاملا ..
فعلى مَن يقع
اللوم؟.. على الجواسيس أم على
رجال السياسة؟..
وهكذا دارت
المعركة
حول تحديد
المسؤولية فى الفشل الذريع ليس
فقط بين الوكالات المعنية
ومسئوليها
السياسيين بل أيضا
فى داخل كل جهاز وفى ما بين هذه
الأجهزة خاصة فى أمريكا حيث تبلغ
كلفة أجهزة
المخابرات بالنسبة الى دافع
الضرائب الامريكى مبلغ 40 بليون
دولار فى
السنة ويدخل فى
الحساب العديد من الوظائف المربحة
والميزانيات الضخمة.
وشكلت إستقالة
جورج تينيت في 3 حزيران 2004 هزّة
قوية للإدارة الأمريكية وسط
إنتقادات واسعة النطاق بشأن إخفاق
المخابرات وما قدمته من معلومات
كاذبة بشان العراق وما رافق أحداث
هجمات 11 على نيويورك وواشنطن.
وقد أحدث إصدار
الكاتب الأميركي رون ساسكيند
لكتاب بعنوان "الطريق
إلى العالم" إرباكا مضافا
للإدارة الأمريكية حيث قال
فيه أن البيت
الأبيض هو من أصدر الأوامر بفبركة
نص رسالة أوحت بوجود صلات بين
الرئيس الشهيد صدام
حسين وهجمات أيلول
التي نفذها تنظيم القاعدة على
واشنطن ونيويورك..وأوضح في مقابلة
أجرتها معه الإذاعة الوطنية
الاميركية العامة
(إن بي آر) إنه إستمد روايته لتلك
الحادثة مما قاله له روب
ريتشارد الرئيس
السابق لقسم الشرق الأدنى في
وكالة المخابرات المركزية
بالإضافة إلى
روايات آخرين
"كانوا منغمسين حتى العمق في خضم
تلك العملية." ووفقا لساسكيند فإن
البيت الأبيض أعطى
تينيت رسالة كان يتعين إعادة
كتابتها من جديد بخط يد رئيس جهاز
المخابرات العراقية عندما كان
موقوفا تحت حماية (سي آي
إيه) في أعقاب
الاحتلال الأميركي للعراق عام
2003. وأضاف إنه تم تزوير فحوى
رسالة التي وضع لها تاريخ يعود
لشهر تموز (يوليو) عام 2001 والتي
وضع فيها نص يبين أن رئيس جهاز
المخابرات العراقية سبق له أن
استضاف محمد عطا
الشخص الرئيسي الذي قاد عمليات
اختطاف الطائرات وتفجيرها في 11
أيلول عام 2000!..
وأضاف ساسكيند في
كتابه إنه كان يتعين أن يصف رئيس
جهاز المخابرات العراقية عطا في
الرسالة الموجهة للرئيس الشهيد
صدام
حسين بأنه الشخص
"الذي
أظهر جهدا خارقا والتزاما ثابتا
بقيادة فريق سيكون مسؤولا عن
مهاجمة الأهداف
التي اتفقنا على تدميرها."
وقال:
"كانت
الفكرة هي أخذ الرسالة إلى
حبوش الذي كان
يفترض أن يعيد صياغتها بخط يده
على ورقة رسمية تحمل ترويسة
الحكومة العراقية
وذلك بغية جعلها تبدو وكأنها
وثيقة قانونية."
وكان مضمون هذه
الرسالة قد تسرب إلى الصحافة
البريطانية خلال كانون الأول
ديسمبر عام 2003
أي بعد إحتلال العراق بثمانية
أشهر . إلا أن ساسكيند لم يذكر في
كتابه أو في
المقابلة المذكورة من هو الشخص أو
الجهة التي أمرت بتلفيق الرسالة
لكنه
اشار الى أن الأمر
جاء من "أعلى
المستويات" في البيت
الأبيض.
وقد أشارت وثائق
سرية أميركية صادرة عن المخابرات
المركزية الأميركية ورفعت عنها
السرية مؤخرا
تتحدث عن معلومات جرى تلفيقها
بجدية متناهية تشير بوضوح الى (وجود)
علاقة لنظام الرئيس العراقي
الشهيد صدام حسين بتنظيم القاعدة
وزعيمه أسامة بن لادن منذ
عام 1990 وهي التي
أشار ساسكيند انها زورت من قبل
المخابرات الاميركية . وتسرد
الوثائق تواريخ
اللقاءات بين رموز القاعدة
ومسؤولين في النظام السابق وذكرت
أسماء
شخصيات عربية
ومحلية.
وتضمنت هذه
الوثائق معلومات تم تزويرها
بعناية فائقة تتحدث عن لقاءات
وإتفاقات بين النظام العراقي
وتنظيمات القاعدة منذ عام 1990
الى عام 2002 !..وتم صياغة هذه
المعلومات بطريقة مخادعة لتثبت
وجود هذه العلاقة الزائفة ..وقد
كشفت لجان التحقيق في وكالة
المخابرات والكونغرس عدم صحة هذه
المعلومات وإنتقدت إسلوب تلفيقها
لترضي رغبة الرئيس والإدارة
الأمريكية !..
وهذا من الجدير
بالذكر إن
الرئيس
الشهيد صدام حسين نفى بشدة مطلع
عام 2003 كل هذه المزاعم
والأكاذيب أثر تواصل التقارير
الغربية عن علاقة
وثيقة له بتنظيم القاعدة .. نفى
وجود أي نوع من هذه العلاقة
قائلا:
"لو
كان لدينا علاقة مع القاعدة ولو
كنا مقتنعين بهذه العلاقة لما
شعرنا بالخجل من
الإقرار بذلك."
كما نفى في حوار
أجراه معه لصالح القناة الرابعة
للتلفزيون
البريطاني النائب
السابق في البرلمان البريطاني
"توني بن" إمتلاك أسلحة كيماوية
أو
بيولوجية أو
نووية. وقال:
"إن
تلك الأسلحة لا تأتي على هيئة
حبوب صغيرة تستطيع أن
تخفيها في جيبك."
واضاف: "إن تلك أسلحة
تدمير شامل ومن
السهل معرفة إذا كان العراق
يملكها أم لا."
واشار الى
أن الولايات
المتحدة تسعى إلى السيطرة على
حقول النفط
العراقية وإنها
تخضع لنفوذ إسرائيلي.
وفي مقابلة اخرى
خلال الشهر نفسه مع "دان رازر"
المذيع الشهير بشبكة تلفزيون
"سي.بي.إس.
نيوز"
نفى الرئيس الشهيد
صدام حسين أن يكون لبغداد أي صلات
بشبكة القاعدة أو زعيمها
أسامة بن لادن
. وسُئل الرئيس الشهيد صدام هل
كان له أي صلات بابن لادن أو
القاعدة مثلما تزعم
إدارة الرئيس بوش
فأجاب قائلا:
"العراق
لم يكن له قط أي علاقة مع القاعدة
وأعتقد أن
السيد بن لادن
نفسه قدم مؤخرا في إحدى خطبه مثل
هذه الإجابة بأننا ليس لنا أي
علاقة
معه".
كانت هذه الأكاذيب
من صنع الأجهزة الإستخبارية
الأمريكية وعندما أصبح تينيت
رئيسا لوكالة
المخابرات المركزية الأمريكية كان
قد أيدها ودافع عنها وأضاف عليها
وكان يرسل الملاحظات الى كولن
باول في جلسة مجلس الأمن التي
حاولوا فيها إستحصال موافقة
المجلس للتغطية على عدوانهم
المدبر على العراق ..ام إنه ينكر
ذلك الآن؟!..
وفي تعارض واضح مع
ما أعلنته إدارة بوش فقد أكد
تقرير لجنة التحقيقات الخاصة
بأحداث 11 أيلول
وصدر في حزيران (يونيو) عام 2004
عدم وجود أدلة تشير إلى وجود
علاقات بين الرئيس
الشهيد صدام حسين وتنظيم القاعدة
في تنفيذ التفجيرات .
وفي أول تعليق
رسمي على
التقرير قال
الرئيس بوش الذي كان قد أصر على
وجود صلة للرئيس الشهيد صدام حسين
بتنظيم القاعدة
بزعامة أسامة بن
لادن قال إن إدارته لم تؤكد مطلقا
على أن صدام كان له دور مباشر في
هجمات الحادي عشر
من أيلول. واوضح بوش في ظهور قصير
أمام الصحافيين ان إجابة عن
سؤال حول علاقة
العراق بتنظيم القاعدة في ضوء
تقرير لجنة 11سيتمبر "إنّه كانت
هناك
علاقة بين العراق
والقاعدة." وأشار إلى اجتماعات
جرت في السودان بين عناصر في
الاستخبارات
العراقية والقاعدة كما قال ان
صدام ربط خيوطا مع مجموعات
إرهابية أخرى
من ضمنها جماعة
أبو نضال. وشددد الرئيس الأميركي
على ان إدارته لم تشر مطلقا الى
ان
بن لادن والعراق
نظما هجمات 11 أيلول 2001.
وجاءت تصريحات بوش
هذه بعد يوم واحد فقط من توصل
لجنة أميركية شُكلت من الحزبين
الرئيسيين
الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش
والديمقراطي للتحقيق في هجمات
أيلول إلى
نتيجة تشير الى
عدم العثورعلى أي أدلة تثبت وجود
صلات بين صدام حسين وتنظيم
القاعدة!!.
وبمناسبة الذكرى
السنوية الخامسة للحرب في العراق
أكدت وزارة الدفاع الأميركية
في اذار 2008 أنها
لم تكشف علاقات مباشرة بين العراق
وتنظيم القاعدة في
هجمات أيلول من
خلال 600 ألف وثيقة رسمية عراقية
وعدة الآف من سجلات استجواب
مسؤولي
نظام الرئيس
الشهيد صدام.
صحيفة الـ "واشنطن
تايمز" الأميركية في آب 2004
ذكرت إن عدداً من قيادات الوكالة
ذهب إلى أن اللوم الذي وُجه إليها
في التقارير
التي أعدتها لجان
التحقيق المتعاقبة حول العراق
وعلاقات النظام العراقي السابق هو
لوم غير منصف وفي غير محله وأن
مدير
الوكالة السابق
جورج تينيت
قبل بتعديل
المعلومات الدقيقة التي قدمها له
مرؤوسوه وأنه شارك في تغطية
المسؤولية التي تتحملها الإدارة
وذلك بعد إتفاق جانبي عقده مع
البيت الأبيض.
وبعبارة أخرى رأى هؤلاء المسؤولون
أن تينيت لم يقل الحقيقة كاملة
حول
ما جرى للمحققين
وأنه قبل بأن تتحمل الوكالة لوماً
كان يفترض أن يذهب إلى أماكن
أخرى وأنه تلقى
مقابل ذلك ميدالية الحرية
الرئاسية التي تُعد من أرفع
الأوسمة في
الولايات المتحدة
وذلك بعد انتهاء خدمته.
علما إنه تم تكليف
المفتش العام للوكالة توم
هيلغرسون بقيادة فريق
من المحققين
الداخليينللتحقيق بالموضوع والذي
أنهى عمله في نهاية حزيران 2004
والذي
تضمن إدانة دامغة
وكاملة لجورج تينيت. وبموجب ذلك
التحقيق وجهت إتهامات لتينيت
بالتقاعس وتغيير
تقديرات الوكالة لأسباب سياسية
والإدلاء بمعلومات كاذبة "أدت إلى
تضليل محققي
الكونغرس الأميركي والإساءة إلى
الوكالة وإلى جهود
موظفيها".
تينيت الذي استلم
نسخة عن ذلك التحقيق بصورة رسمية
رد عليه بذات
الصورة في رسالة من عشرين صفحة
رفض فيها جميع الإتهامات وفندها
إتهاماً بعد
الآخر. وعندما علم أن مدير
الوكالة الجديد بورترغوس يتجه تحت
ضغط كبار
قيادات الوكالة
إلى استدعائه لاستجوابه كخطوة
تمهيدية لإدانته رسمياً ومن ثم
توقيع
عقوبات إدارية
بحقه قد تؤدي إلى تحويله للمحاكمة
بتهمة خداع الكونغرس لجأ هذه
المرة للهجوم
كوسيلة أفضل للدفاع. فباعتبار أنه
يحفظ اللوائح الداخلية للوكالة عن
ظهر قلب ويعرف أن
هذه اللوائح تتيح إمكانية محاكمته
داخل "البيت الإستخباراتي" بتهم
خرق قواعد العمل
بالوكالة والإساءة للأمن القومي
الأميركي والكذب واستغلال
صلاحياته
لتزوير المعلوماتوإنه
(
تعمد توجيه إنذار
مبطن للرئيس جورج بوش على صفحات
واحدة من أهم
الصحف الأميركية
هي الـ "واشنطن تايمز" لحثه على
التدخل لوقف غوس ومنعه من عقد
محاكمة علنية له
تحت طائلة التهديد المبطن أيضاً
بفتح جميع الملفات المغلقة الخاصة
بأحداث 11 أيلول
والحرب على العراق).
وقد لجأ تينيت
لهذا الأسلوب بعد أن عاله الصبر
والإستياء من
سلبية البيت الأبيض تجاه ما يفعله
غوس ضده وهو الذي قام بما قام به
أثناء توليه
مسؤولية وكالة المخابرات المركزية
إرضاءً للبيت الأبيض وشخص الرئيس
لحمايته من أي لوم
يوجه إليه أو تبعة قانونية تُلقى
عليه.
الصحافي جون
روبرتس الذي عمل فترة طويلة في
مجال
المخابرات إبان
عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان
وكان مقرباً من البيت الأبيض،
إنتصر
لصديقه جورج تينيت
الذي استجار به بعد أن ساءه ما
يتعرض له وما يُحاك ضده في ظل صمت
الرئيس الذي
لطالما امتدحه وأشاد بجهوده
وأُعجب به لدرجة أنه منحه ميدالية
لا تُمنح
إلا لشخصيات
أميركية تميزت في دفاعها عن الأمن
القومي الأميركي.
روبرتس عبر عن
إنتصاره لمدير وكالة المخابرات
المركزية السابق من خلال مقال
مطول نشره في صحيفة الـ "واشنطن
تايمز"، كشف فيه عن
مجموعة من
التفاصيل المذهلة التي تعلقت
بالمعركة الدائرة داخل الوكالة
والتي تستهدف
تينيت دون غيره.
قال روبرتس في
المقال أنه علم من مصدر موثوق أن
مدير
الوكالة السابق لن
يقبل أن يُذبح بواسطة التقرير
الذي تضمن تحقيقات هيلغرسون
الخاصة
بتقييم عمل
الوكالة إبان تسلمه مهام إدارتها.
وكشف عن أن ذلك التقرير الذي لم
يسمع
به كثيرون من قبل
يدين تينيت والنائب السابق لمدير
العمليات بالوكالة جيمس بافت
والمسؤول السابق
عن مركز مكافحة الإرهاب كوفر بلاك
ملوحاً بأن "من يتصورون أن
تينيت سيظل جالساً
في مقعده فيما يُعدُ مسؤولو
الوكالة لذبحه يرتكبون خطأً
جسيماًـ
إذ أن المدير
السابق سيرد بعنف وقد يصبح ذلك
خبراً بالغ السوء بالنسبة للبيت
الأبيض
والقابع بداخله"!!
وفيما أعتُبر
تلويحاً بالكشف عن أسرار خطيرة في
مقالات لاحقة إذا
ما إستمر بورتر غوس في إستهدافه
لتينيت وسط صمت البيت الأبيض كشف
روبرتس عن أن
تينيت رفض عرضاً بوضع كتاب عن
أحداث 11 أيلول 2001 مقابل حصوله
على
مبلغ 4.5 مليون
دولار "وقد
كان سبب الرفض هو أن المدير
السابق لا يرغب في إحراج
البيت الأبيض من
خلال الخوض في مسؤوليته عن
التقاعس في مواجهة تنظيم القاعدة
قبل 11
أيلول والمعلومات
الإستخباراتية الخاطئة عن أسلحة
الدمار الشامل العراقية".
وهذا
بحد عينه يرجح أن
يكون المصدر الموثوق الذي إستقى
روبرتس معلوماته منه هو جورج
تينيت نفسه إلا
أنه تعمد عدم ذكر إسمه بشكل صريح
حتى يجنبه الإحراج في وقت لم يحسم
الرئيس الأميركي
جورج بوش موقفه لجهة تأمين غطاء
السلامة لتينيت أو التضحية به
ومحاولة تقديمه
كبش فداء لأخطائه الكبيرة التي
أدت إلى أحداث 11 أيلول ودخول
الجيش
الأميركي في
مستنقع العراق الذي على ما يبدو
بدأ يكتب بداية النهاية
للإمبراطورية
الأميركية.
عرض جون روبرتس في
مقاله الذي نشرته الـ "واشنطن
تايمز" أموراً
كانت حتى أيام قليلة قبل نشرها
مجرد تأويلات وتكهنات.
فقد قال طبقاً
للمصدر
ذاته أن تينيت
"عقد
تفاهماً مع الرئيس بوش مفاده أنه
لن يتحول إلى كبش فداء للفشل
الإستخباري"!!
ومضى قائلاً أن "هناك
صفقة عُقدت بين تينيت والرئيس
وهي صفقة
استكملت بمنح
المدير السابق للوكالة ميدالية
الحرية"،
لافتاً النظر إلى
أن " رد
المدير السابق على
تقرير هيلغرسون أخذ مساراً قريباً
على نحو لافت لما قاله مسؤول
مكافحة الإرهاب
السابق ريتشارد كلارك بأن إدارة
الرئيس بوش أخرت عملية تبني
إستراتيجية
لمواجهة تنظيم القاعدة".
وكان كلارك قد
استقال من منصبه وقدم اعتذاراً
علنياً لضحايا 11
أيلول 2001 قال فيه:
"لقد
خذلتكم حكومتكم.. إن الرئيس جورج
بوش
ووزير الدفاع
دونالد رامسفيلد ضغطا علي لتوجيه
الإتهام نحو العراق..".
كانت الرسالة التي
وجهها مدير وكالة المخابرات
المركزية الأميركية "سي.آي.إيه"
السابق جورج تينيت للإدارة
الأميركية من خلال مقال
روبرتسون في الـ
"واشنطن تايمز" واضحة ولا لبس
فيها: (إنه
يوجه تحذيراً لا عودة عنه
ما لم يتحرك
الرئيس بوش على عجل لنجدته).
ويدلل على مغزى الرسالة تَعَمُدِ
روبرتسون
إنهاء مقاله
بالجملة التالية التي تختزل
الأبعاد التي سيذهب إليها تينيت
في معركته
إذا ما فتحها
بورتر غوس بشكل رسمي في ظل مباركة
الرئيس:
"إن
عرض الـ 4.5 مليون
دولار لتأليف كتاب
عما حدث قد يعود إلى الطاولة
بسرعة. وهذه المرة سيقبله السيد
تينيت"!!
ومن المعروف إن
بوش وتشيني لم ولن يسمحوا بأية
نية لإنفجار صندوق المعلومات
الأميركي "
الأسود"
الذي سينكشف مع
انفجاره "مستور"
11 أيلول وجريمة غزو واحتلال
العراق. وعندها من
يدري ربما يكون
أكثر إيلاماً من الإعصارات التي
ضربت الولايات المتحدة في تأريخها
!..
وظل تينيت صامتا
الى ان أصدر كتابه المعروف " في
قلب العاصفة" في نيسان 2007..
ليخرج من صمته بعد
ثلاث سنوات من إستقالته من منصبه
وكشف أسراراً تدين
الإدارة الأميركية مخصصاً نائب
الرئيس الأميركي ديك تشيني بهجوم
حاد على خلفية
قرار واشنطن شن الحرب على
العراق!..
وعشية صدور كتابه
المذكور ..وصف تينيت في حديث
لشبكة «سي بي اس» الأميركية
تشيني
بـ (الاحمق
الذي جعلنا نقرر الذهاب الى الحرب)
معرباً عن غضبه لكثرة إستخدام
مستشارة الأمني
القومي آنذاك كوندوليزا رايس
اجزاء من تصريحاته للإيحاء بأنه
صاحب
فكرة غزو العراق.
وأتهم تينيت تشيني ومسؤولين آخرين
بأنهم مسؤولون عن دفع الولايات
المتحدة إلى شن
حرب على العراق وإحتلاله (من
دون مبررات جدية)
ومن دون (الدخول
في
حوار جاد)
حول ما إذا كان الرئيس العراقي
السابق صدام حسين يمثل خطراً
وشيكاً على
الولايات المتحدة
أو يمكن احتواؤه من دون شن حرب.
وأعرب تينيت عشية
صدور كتابه عن ندمه على المبالغة
التي إنطوى عليها تقرير المخابرات
القومية بشأن
برامج التسلح العراقية عام 2002.
ويكشف الكتاب
خفايا قرار البيت الأبيض بشن
العدوان على
العراق.
وأتهم تينيت نائب
الرئيس الأميركي بأنه حاول أن
يجعل منه (كبش
محرقة)
لفشل
المخابرات
الأميركية قبل غزو العراق معتبراً
أن إدارة الرئيس جورج بوش (لم
تكن
تنتظر عباراتي كي
تأمر بغزو العراق).
وتتواتر الحقائق
المثيرة الواحدة تلو الأخرى
في الكتاب الذي
يقع في 549 صفحة لتميط اللثام عن
أسرار قرار الغزو!.. وما حدث بعد
التأكد من عدم
وجود أسلحة الدمار الشامل وهي
الذريعة التي من أجلها شن بوش
الحرب.
غير أن تينيت لا
يتورع في كتابه عن الإعتراف
بالأخطاء
في ما يشبه محولة
إرضاء للضمير.
وقال المسؤول
الأميركي السابق إنه مع تصاعد
أعمال
العنف منذ أواخر
2003 في العراق (راحت
إدارة بوش تلقي اللوم علي بدلاً
من الإعتراف
بمسؤوليتها)..
لكنه أقرّ
بمسؤوليته عن (المعلومات
المغلوطة)
التي وردت في التقويم
السنوي للمخابرات
القومية بشأن برامج التسلح
العراقية عام 2002. ووصف تينيت
هذه
القضية بأنها (واحدة
من أكثر اللحظات سوءا)
خلال إدارته للمخابرات المركزية
الأمريكية.
ويتفق تينيت مع
العديد من النقاد على أن تشيني
ومجموعة
من صقور المحافظين
الجدد في الإدارة الأميركية على
رأسهم نائب وزير الدفاع السابق
ورئيس البنك
الدولي سابقا بول وولفويتز ووكيل
الوزارة السابق للشؤون السياسية
دوغلاس فيث هم
الذين (كيّفوا
أنفسهم منذ نهاية عام 2001 مع
المزاعم القائلة إن العراق أصبح
يمثل خطراً كبيراً)
على الرغم من أن وكالة المخابرات
الاميركية كانت تركز كل
إهتمامها على
تنظيم القاعدة.
ويشير تينيت في
كتابه الى أنه كان قد حذر تشيني
من
الربط بين العراق
وبين تنظيم القاعدة في خطاب أعده
نائب الرئيس لإلقائه عشية
الغزو إذ كتب
للرئيس بوش ينبهه الى أن
المخابرات المركزية (
ليس لديها ما يدل
على هذا
وهذا
الكلام يجب ألاّ يُقال)!..
موضحاً أن تشيني (أذعن
للرئيس (بوش) وحذف هذا الربط
من خطابه).
وكشف تينيت أن مسألة إستقالته (تخللتها
بعض شواهد تصفية الحساب مع رايس
ونائبها
آنذاك ستيفن هادلي)..
موضحاً أنه بعدما أقررت بتحمل
جانب من اللوم في الخطأ
الذي ورد في خطاب
حالة الإتحاد الذى ألقاه الرئيس
بوش وتضمن زعماً بأن الرئيس
العراقي الراحل
صدام حسين حصل على يورانيوم من
النيجر لتصنيع أسلحة نووية بدأت
العلاقة بيني وبين
إدارة بوش تسوء بلا رجعة خاصة مع
تربص تشيني ورايس وهادلي
به.
وتابع تينيت أنه
تردد كثيراً (في
ما إذا كان يجب أن
أقبل تسلم وسام
الحرية)
الذي منحه له بوش إلا أنه قبل في
النهاية (
لأن حيثيات منحي
الوسام كانت لجهود
الـ سي آي أيه عموماً في مكافحة
الإرهاب)
لا لدوره في
العراق.
كما كشف تينيت عن
أن قرار
مهاجمة العراق قد
أتخذ منذ اليوم الأول الذي تلا
أحداث الحادي عشر من أيلول 2001
التراجيدية !.
وقال إنه في فترة
تصديه للمسؤولية الأمنية الأولى
في أمريكا
إلى جانب رشارد
كلارك مسؤول الأمن ومكافحة
الإرهاب في البيت الأبيض كان يركز
بقوة
وإصرار على منظمة
القاعدة باعتبارها الخطر الأكبر
الذي يجب أن يحظى بالأولوية من
جانب البيت الأبيض
والبنتاغون. وكان الصحافي المخضرم
بوب وودورد قد
قدمه في كتابه "
خطة الهجوم"
باعتباره الشخص الذي أكد للرئيس
بوش في ديسمبر 2004
الإشاعة القائلة
بإمتلاك الرئيس صدام حسين لأسلحة
التدمير الشامل في حين يشير في
كتابه
اليوم "
في قلب العاصفة"
أن البيت الأبيض والبنتاغون
وفيهما شخصيات مؤثرة مثل
دونالد رامسفيلد
وديك شيني وولفوفيتز كانوا عازمين
ومصممين على مهاجمة العراق منذ
اليوم الأول لتسلم
جورج بوش الإبن لمنصبه كرئيس
لأمريكا.
إستغل المحافظون
الجدد اليمينيون المعلومات غير
الدقيقة وغير
المؤكدة التي توفرت لدى المخابرات
الأمريكية لحشد الدعم والتعبئة
لشن
الحرب حتى لو تطلب
ذلك إدخال معلومات مغلوطة غير
دقيقة وغير مفيدة وهذا ما حصل
بالفعل للتبرير
العلني للحرب والتعمد في تقديم
تفسيرات خاطئة وغير صادقة لتلك
المعلومات
المتناثرة التي جمعتها وكالة
المخابرات المركزية.
وكشف تينيت بما
لايقبل
الشك أو الجدل أنه
لم تكن هناك داخل الإدارة
الأمريكية نقاشات رصينة وجادة
بشأن
الخطر الداهم
والوشيك كما يدّعون من جانب
العراق وإن ما كتبه من تقارير
للرئيس
الأمريكي جاء بعد
عشرة أشهر من إطلاع الرئيس جورج
بوش على أول خطة هجوم عسكرية
عملياتية مثبتة
ومفصلة ضد العراق وبعد أن أعطى
البنتاغون أمره بنشر القوات داخل
المنطقة وتطويق
العراق براً وبحراً وجواً تمهيداً
لتوجيه الضربة!.
وفيما يتعلق
بالهوس الذي سيطر
على الإدارة الأمريكية بخصوص
العراق وخطره المزعوم كشف تينيت
تفصيلاً جديداً
جاء من قلب الآلة الاستخباراتية
التي يرتاب بها المحافظون الجدد
ولايثقون بها
لكنهم يوظفونها لصالحهم أو يلتفون
عليها ويتجاوزونها في سعيهم
المحموم
والدائم للعثور
على أية صلات أو ارتباطات بين
تفجيرات 11 أيلول والعراق! .
ففي أعقاب
تلك الهجمات
الإرهابية الدامية على نيويورك
وواشنطن وبنسلفانيا يؤكد جورج
تينيت على
أنه إلتقى بصقور
البيت الأبيض والبنتاغون وعلى
رأسهم ريشارد بيرل وكان هذا
الأخير
يصرخ بعصبية وهو
يدخل إلى البيت الأبيض
:" يجب أن يدفع
العراق الثمن ..سنجعله يدفع
الثمن فوراً
" !!..
وكان نادي
المحافظين الجدد المهيمن على
السلطة في أمريكا واقع تحت
سحر المعارض
العراقي المعروف
أحمد الجلبي
الذي أقنعهم بتورط
نظام صدام حسين
وامتلاكه لأسلحة
التدمير الشامل وكانوا يستشهدون
به في كل كتاباتهم وتقاريرهم
وملاحظاتهم
المتعلقة بالعراق.
ثم يعترف تينيت
بخطئه عندما أيد قبل تصويت
الكونغرس
على شن الحرب على
العراق المعلومات التي تقول بأن
صدام حسين يمتلك كميات هائلة و
جاهزة من الأسلحة
الكيمياوية والبيولوجية أو
الجرثموية.
وذكر جورج تينيت
في كتابه أنه حضر في آب 2002
إجتماعاً
نظمه فريق خبراء
تحت إدارة نائب وزير الدفاع
دوغلاس فيث وعرض فيه فيث أفكاراً
عن
علاقات ناضجة
ومتقدمة ومتناغمة بين العراق
والقاعدة على حد تعبيره بينما
كانت
مؤسسته السي آي
أيه تصف تلك الافتراضات بعدم
الدقة وإنها تستند إلى تقديرات
شخصية
وتعتمد على مصدر
واحد للمعلومات غالباً ما يتضح
فيما بعد بأنه كان مخطيء أو مبالغ
في معلوماته.
وبالرغم من ذلك
إستمر بوش وديك شيني برفد هذا
الإفتراض بالمصداقية
والإلحاح عليه
وترسيخه في الأذهان عبر مطرقة
وسائل الإعلام الموالية لهم
ويرددون
عبارات ترهيبية من
قبيل:
"
تخيلوا أن تمتلك
القاعدة أو يقع بين أيديها أسلحة
صدام
حسين الفتاكة"
. كما عرٌج جورج تينيت على
إدعاءات شراء الرئيس صدام حسين
لليورانيوم من
النيجر وإتهم ديك
شيني نائب الرئيس الأمريكي بأنه
كان وراء تلك الكذبة المفضوحة في
آب 2002 عندما
أعلن أن الرئيس العراقي السابق قد
أعاد إطلاق برنامجه النووي وبوسعه
أن يمتلك بسرعة
هذا السلاح الفتاك ربما خلال عام
واحد. ويكون بذلك الإدعاء قد
تجاوز
ببعيد تقديرات
وتوقعات وتحليلات دائرته. وقد
عملت وكالة المخابرات المركزية
على
إزالة وحذف الجمل
المتعلقة بموضوع اليورانيوم من
خطاب الرئيس مرتين لإفتقادها
للمصداقية لكنها
لم تفلح في المرة الثالثة فعادت
الكلمات الثلاثة عشر لتحتل مكانها
في خطاب الرئيس
الأمريكي حول حالة الإتحاد في
ينايرـ كانون الثاني 2003 .
وفي معرض صب
تينيت جام غضبه على إدارة بوش
لاستخدامها تعبيره (
الشهير)
بأن العثور علي أسلحة دمار شامل
في العراق شيء مؤكد (أمر
حتمي!) وهو الأمر الذي لم
تثبت صحته حتي الآن . وإتهم جورج
تينيت إدارة بوش بالقضاء على
سمعته المهنية وإساءة إستغلال
تصريح أدلى به خلال اجتماع في
البيت الأبيض قبل غزو العراق
لتبرير الحرب وجعله (الأحمق)
الذي يتحمل الوزر وأكد إن تشيني
ورايس جرّا أمريكا الى الحرب من
دون نقاش جدي.
وأضاف تينيت خلال
برنامج 60 دقيقة الذي بثته شبكة
سي بي أس إن المسؤولين في إدارة
بوش لم يناقشوا البتة بشكل جدي
التهديد الذي يمثله صدام حسين
ومضوا رأساً الى الاجتياح..وقال:
(
الإدارة
سربت تصريحه بعد تصاعد المعارضة
لشن الحرب خاصة عندما لم تعثر
القوات الأمريكية علي أسلحة دمار
شامل عراقية)!..
وأضاف تينيت إن(هذا
ليس من الشرف بشيء بالنسبة لي
لأنني استخدمت تعبير الهدف
المضمون الذي يستخدم في كرة السلة
لوصف الضربة المضمونة النجاح
والنتائج)!.. مؤكدا (إستخدامه
هذا التعبير لا في معرض الإشارة
إلي تأكد العثور علي أسلحة دمار
شامل عراقية بل كان في معرض
المعلومات التي يمكن أن تستخدم
لإقناع الرأي العام الأمريكي في
مسألة شن الحرب علي العراق)
موضحا ان(
ما قصده
هو إمكانية عرض القضية بشكل أفضل
علي الرأي العام)!..
وأضاف بان (أكثر
ما يثيره هو استمرار كبار
المسؤولين مثل نائب الرئيس
الأمريكي ديك تشيني ووزيرة
الخارجية الأمريكية كوندوليزا
رايس في الإشارة إلي تعبيره هذا
وكأنهم يقولون انظروا إلى ما قاله
لنا هذا الغبي وجعلنا نقرر خوض
الحرب وهذا الأمر جعلني كبش فداء
إدارة بوش) مشيرا إلي انه
(لن
يصدق ان ما حدث ذلك اليوم في
البيت الأبيض قد شكل وجهة نظر
الرئيس أو إيمانه بشرعية الحرب
وتوقيتها)!..
وإستطرد تينيت
بقوله: (فلينهض
الجميع وليقل الحقيقة ليقل للشعب
الأمريكي حقيقة ما حدث) .
وهكذا وكما في كل
مرة تدفع وكالة المخابرات
المركزية ورؤسائها ثمن حمق وطيش
الإدارات الأمريكية وكما حدث في
عام 1961
عندما أعطيت
القوّات الأمريكية الأمر بالإنزال
في خليج الخنازير في كوبا وعاد
الرئيس جون كينيدي وأمر بإلغاء
الخطط الخاصّة بتزويد العسكريّين
بالغطاء الجويّ ليتمكّنوا من
تنفيذ العملية مما أدّى إلى فشلها
فتحمّلت وكالة المخابرات
المركزيّة كامل المسؤوليّة..
وكذلك الأمر عندما
طلب الرئيس ريتشارد نيكسون عام
1973 من رئيس الوكالة ريتشارد
هيلمز تنفيذ أمر الإطاحة بالرئيس
التيشيلي سلفادور الليندي مما
أدّى إلى مقتله في الهجوم على
مبنى الكابيتول فتحمّلت الوكالة
المركزيّة مسؤوليّة هذا الانقلاب
واتهم رئيسها بعدم إعلام الرئاسة
والبنتاغون بهذه العمليّة بالرغم
من أنّ اللجنة التي تمّ تكليفها
بالتحقيق في هذا الانقلاب خلصت
إلى تبرئة الوكالة من مسؤوليّة
هذا العمليّة.
واليوم يدفع جورج
تينيت ثمن إخفاق بوش في العراق
تقول صحيفة لو فيغارو الفرنسيّة
ذلك لأنّ وكالة المخابرات
المركزيّة لم تعد الملفّ الذي
ارتكز جورج بوش على المعلومات
التي توفّرت فيه لاتّهام الرئيس
صدّام حسين بتطوير أسلحة نوويّة
وبالاحتفاظ بأسلحة كيميائيّة
وبيولوجيّة. وقد نشرت صحيفة لو
فيغارو الفرنسية تحليلا قالت فيه:
(أنّ
كفاءة جورج تينيت في جمع
المعلومات وتحليلها وقدرته
الفائقة على التفاوض سمحتا له
بالتنسيق الدائم مع وكالات
استخباراتيّة أمريكيّة أخرى مثل
جهاز التنصّت والمراقبة
NSA،
ودائرة الأقمار الصناعيّة
للمراقبة
NRO.
وذلك بإشراف البنتاغون نفسه في
حين عرف تاريخ وكالة المخابرات
المركزيّة صراعًا دائمًا مع وزارة
الدفاع الأمريكيّة من أجل السيطرة
على باقي الأجهزة المخابراتيّة
والتفرّد بالقرارات.هذه الكفاءة
لم تفد جورج تينيت الذي وجد سمعته
معرّضة للشبهات وسيرته العمليّة
الطويلة متّسخة بسبب أفعال العهد
البوشيّ
)!..
كما نشرت صحيفة
لا ليبراسيون الفرنسيّة تقريرا
أضافت فيه : (
أنّ تينيت عرف منذ
الخامس من شباط /فبراير 2003 أنّ
نهاية غير مشرّفة تنتظره. ففي
اجتماع مجلس الأمن الدوليّ الذي
انعقد في هذا التاريخ أشار كولن
باول إلى أنّ المعلومات التي حصلت
عليها بلاده تؤكّد على أنّ العراق
يمتلك أسلحة الدمار الشامل. وأظهر
أمام الحاضرين صورًا "كان من
المفترض أن تكون لمختبرات
بيولوجيّة في العراق" كما جاء في
الصحيفة. في تلك الأثناء كان جورج
تينيت يجلس وراءه متجهّم الوجه
لأنّه أدرك نهايته وعرف أنّ جورج
بوش أدار له ظهره)!..
ونحن لا نعرف هل
كان سبب تجهم وجه تينيت لأنه أدرك
نهايته وتخلي بوش عنه؟!..
أم لأنه تذكر في
تلك اللحظة أحداث خليج الخنازير
ومقتل سيلفادور أليندي وكيف إن
عليه أن يهيء نفسه ككبش فداء أحمق
جديد على مذبح المخابرات المركزية
المليء بالمؤامرات والكذب
والتزوير والقرابين التي ذُبحت من
أجل طيش وغباء الرؤساء وليس من
أجل أمريكا!..
ومع ذلك..
فقد إنضم جورج
تينيت بعد سنتان من إستقالته
لمؤسسة الأبحاث البريطانية التي
من المعتقد إنها مصدر إلهام شخصية
"كيو" التي كانت تصنع أدوات
التجسس التي يستخدمها عميل
الإستخبارات الشهير جيمس بوند في
أفلامه الشهيرة..حيث تم تعيينه
في شركة كنيتيك
QinetiQ
كمدير مستقل وغير
تنفيذي للشركة!!.
المثير للإستغراب
إن هذه الشركة التي كانت جزءا
سريا من أنشطة وزارة الدفاع تشارك
في ملكيتها مجموعة كارليل
الأميركية ومن ضمن مستشاريها
الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش
الأب!.
ومع إن الكلاب
كثيرة !..إلا إن العظام أيضا
كثيرة! |