ان العراق ليس البلد الوحيد في
العالم الذي يوجد فيه التنوع
الاثني والديني والطائفي فلو
اخذنا بلدان اوربا التي سبقتنا في
المدنية الحديثة لوجدنا انه ليس
هناك بلد واحد بدون هذه الخصوصيات
فهناك قوميات متعددة واديان
متعددة وتوجد طوائف ظمن الدين
الواحد وهكذا هو شأن العالم منذ
الزمن البعيد.بل قد تصل هذه
الخصوصيات في الاقطار الى
العشرات بحيث تعتبر خصوصيات
العراق في هذا المجال وبالقياس
اليها حالة صغيرة جدا.فأذا كانت
خصوصيات العراق اقل قياسا الى
اقطار اخرى الى الحد الذي اشرنا
اليه,وهذا هو الواقع,فأن العراقي
الذي لا يتحمل هذه الخصوصيات ولا
يتصرف وفق اجوائها بصورة صحيحة
,لن يكون العراقي الذي نعتزف به
والذي نقرأ عنه بأنه حمل راية
ومعنى الرسالة الانسانية الخالدة
والى الانسانية جمعاء عندما اسس
اول حضارة في العالم.
ومن هنا نرى ان العراقيون
جميعا غاطسون في وحل الديمقراطية
المستوردة على يد محتل مدمر ومخرب
لكل شئ وطني وقومي وديني دون
استثناء وأما المصدر والمستورد
لبضاعته هذه وهنا نقصد
الديمقراطية المسلفنة يريدون
تصريف بضاعتهم وما وراء بضاعتهم
من ويلات تطال كل العراقيين
والعرب اجلا ام عاجلا وكما رأينا
على مدى اكثر من خمس سنوات.نعم
يريدون تصريف تلك البضاعة بأسرع
وقت ممكن لان العطاءات مغرية جدا
ولا يهمهم من هو العراق ومن هم
اهل العراق..لا يهمهم استيعاب روح
العراق الذي تشكل من هذا التباين
والتنوع الاثني والديني.
كثيورون من لم يفهوا ان
الاعتراف والتسليم بمكونات(( روح
العراق))يفرض علينا في حكم العراق
ضرورة ((التراضي )) والا حدث
الانقسام والانشقاق ..التراضي
يعني الاعتراف بالتنوع والوصول
الى قاسم مشترك مقبول بهذا
التراضي وهو الفكر المتحرك اللين
الذي يقبل ويشتهي كل العراقيين
وكما جاء بأدبيات حزب البعث
العربي الاشتراكي..ربما بعض
الاصدقاء لامونا وقالوا لنا (انتم
لا تحكمون العراق) وكان ردنا
عليهم (نعم لان العراق هو الذي
يحكمنا)وما هي جدوى نحكم العراق
ثم لا نجد بعد ذلك (عراقا)على
الاطلاق.
تستطيع ان تترجم فكرة التراضي
للبعث بتعبير اخر
هو((الديمقراطية)) العربية
الاسلامية المعتدلة والتي تجمع
بين الروح والمادة على حد سواء أي
ان الشرط الديمقراطي ضروري ليس
كحق الشعب في العراق فقط بل وفي
الوطن العربي الحاظن الاكبر لفكرة
التراضي الديمقراطي كضرورة
لاستمرار وحدة هذا الشعب وهذه
الامة على قيد الحياة.ومن هنا
علينا ان نفكر وبقوة ونحول
ادمغتنا الى عصير نخب الوحدة
العراقية من خلال الفكر القومي
العربي الاسلامي كأساس والمتجرد
والذي يظم بين طياته اكثر من
95%من الشعب في العراق..ان نبذ
المستورد من بضاعة تشظي هذا الشعب
وبفكرة التراضي لا بد بعده من
(حزم)في فرض ما استقر عليه الرأي
العام الصالح في العراق..والذي
يمثل الغالب فيه والا فأن أي
اقلية فكرية تستطيع كسر وحدة
العراق اذا غاب الحزم.
لقد وجدنا البعض حتى من ذوي
الاسس القومية والاسلامية الذين
انساقوا وراء تلك الهجمة البربرية
التترية على وطننا العراق انهم
تغاضوا ولم يتعرضوا لحقيقة ان
استعمار العراق الجديد كان جزءا
من عملية تطويق الاسلام ودولته
العربية التي كانت وما زالت تمسك
وتسيطر على الاقل جغرافيا اليوم
على طرق التجارة مع الشرق فضلا عن
الثروات الهائلة التي تمتلكها
والتي تحيط بأمن الكيان الصهيوني
اللقيط في بلادنا..
جاء الاستعمار الغربي اول
الامر من خلال الحروب الصليبية
وكان هذفه مزدوجا واقتصاديا
بالدرجة الاولى ..فتح طريق
التجارة مع الشرق فتصدت له الدولة
الايوبية ثم تصدت له دولة
المماليك في مصر والشام فردت
الموجات الصليبية على اعقابها.من
هنا لم يستطع الاستعمار ان ينفذ
من قلب الوطن العربي فأتجه نحو
الاطراف والاجنحة.فسقطت الاندلس
وبدأت محاولات البحث عن الطريق
البحري الطويل الى الشرق وكانت
اسبانيا والرتغال في المقدمة لان
المحاولات الصليبية في شمال ووسط
القارة أي فرنسا وبريطانيا
والمانيا ارهقت واستنزفت نفسها في
محاولات النفاذ من القلب الى
فلسطين..ثم بدأت رحلات الاستكشاف
البحرية حتى وصلوا الشرق واسقطوا
دولة المغول المسلمة في شبه
القارة الهندية بنفس الطريقة التي
سقطت بها دولة العرب المسلمة
الاندلسية في شبه الجزيرة
الايبيرية..سقط الجناحان في
العالم الاسلامي وبدأت عملية
الزحف نحو القلب..زحف من الشرق
من الهند الى الخليج العربي الى
عدن..وزحف اخر من الغرب خلع جذور
الاسلام من اسبانيا..سقط الجناحان
في العالم الاسلامي وبدأت عملية
الضغط على القلب العربي.والمحزن
ان احدا في هذا القلب لم ينتبه
ولم يتحرك في حينه وهكذا اكملت
بريطانيا ما بدأته البرتغال ووصلت
عدن..واكملت فرنسا ما بدأته
اسبانيا في شمال افريقيا بل وحاول
نابليون ان يبدأ مباشرة من مصر؟ثم
تمادت كل من بريطانيا وفرنسا في
الاجهاز على القلب العربي
الاسلامي فكانت معاهدة سايكس-
بيكو الجهنمية واسوأ ما افرزته هو
وعد بلفور بعد ان شظت الوطن
العربي الى امارات متناحرة بين
الاخوة..واخيرا جاءت اميريكا
وبالتعاون مع ايران للانقضاض على
قلب الوطن العربي النابض وهو
العراق وتدميره وبهذا اكملت ما
ارادته كل من بريطانيا
وفرنسا..بعد ان ادعت اميريكا ان
الفكر العربي الاسلامي الجديد
يريد تشكيل دولة عربية اسلامية
تمتد من اسبانيا الى اندنوسيا
اعتمادا على فكرة الارهاب التي
ابتدعوها من خلال الطعن بايا
القران الكريم والتي منع تدريسها
حتى في البلدان العربية
والاسلامية.
من ثوابت التاريخ ان كل هجمة
على الوطن العربي تستهدف عادة
بالنتيجة فلسطين او العراق او
كليهما واذا ما انتبه العرب
واعادوا تشكيل دولتهم فأن التحرير
يبدأ بالعراق ومن ثم ينتهي
بفلسطين .ان هذه المتلازمة
التاريخية في سجل حروب العرب
والمسلمين يجب ان لا تغيب عن
البال .وتبقى المؤامرات على
الوطن العربي متوالية ثنائية
الاعداء متواترة منتهزة أي هزال
يحصل هنا او هناك في الجسد العربي
المحسود. |