على مر العصور والايام والدهور
تبقى جيوش العالم خارج المنظومة
السياسية في الازمات المحيقة بتلك
الشعوب لينبري الجيش معلنا عن
نفسه متوسما في رجاله اصعب
المهمات في حياة البشر وهو القتال
دفاعا عن وطن بكامله دون تمييز
بخارطة او مرتسم اثني وطائفي او
معتقد سياسي يحول دون هذا الهدف
النبيل الذي خلقت من اجله الجيوش
ومنذ انبثاقها الاول على يد
الانسان البدائي بشكل تجمعات
مسلحة تدافع عن وجود تلك التجمعات
حين يدفعها لذلك قانون البقاء
الطبيعي لاي جنس حي.ومن هنا جاءت
فكرة تكوين الجيوش الحديثة
بهيبتها المهنية وبشكيمتها
المتمرسة من اجل الدفاع عن مقدسات
وطن ما ومنها حدوده التي تعتبر
الهدف الاول في الدفاع والواجب
الملقى على عاتق الجيش الحارس
الامين الكامن الظاهر على مد
الزمن ومعطياته المعروفة والواقعة
بلا انذار.
من هنا ومن خلال هذه التوطئة
البسيطة يتبين لنا واجب الجيش في
كل دول العالم ومنها جيشنا
العراقي الباسل الاصيل الذي عرف
عنه بالشجاعة والمرؤة والاندفاع
من اجل الدفاع عن البلاد والعباد
عند الطلب وبحكم تكوينه المهني
الذي يترفع عن كل اعتبار سياسي او
مذهبي او اثني ومها صغر او كبر
فضلا عن تشكيلاته البشرية التي
تظم كل العراقيين من الشمال الى
الجنوب ومن الشرق الى الغرب دون
تمييز.ان الخادم في الجيش العراقي
البطل وخاصة في زمن الحروب يمكن
له ان يتعرف على الطبيعة الجمعية
التعاونية التكافلية الاستثنائية
في اداء الواجب حينما تبدأ الحرب
حينها يجد المنتسب ان كل من حوله
في غبار المعركة هو اخوه وهو
ظميره وهو المدافع عنه والحامل له
في حالة الوقوع في محنة العوق او
الاستشهاد بعيدا عن الاهل
والاقرباء؟ان هذه الحالة
الاستثنائية التي يعيشها المقاتل
في صفوف الجيش تمنحه صفة الوثوق
بابناء الوطن ومن أي مكان جاؤا
ورسوا معه بل وربما يصبح هؤلاء
الرفاق بالواجب اقرب الى نفسه
وحناياه من الاهل والنسب والمنحى
الذي قد ينتمي اليه البطل
المقاتل.
ومن هنا وبعد كل التجارب التي
عشناها نحن جيل الحرب في قادسية
صدام المجيدة وفي الحروب العالمية
الثالثة علينا نجدنا اكثر تواطؤا
وانحيازا للجيش الاصيل في زمن
الاحتلال واكثر وثوقا به وانتماءا
له من أي تجمع بشري اخر في العراق
سواءا كان سياسيا او اجتماعيا او
عشائريا او دينيا وبحكم تشكل
مجتمعنا العراقي.ان سني الحرب ضد
الاحتلال قد تمخضت عن الكثير من
الاستنتاجات التي توصل اليها
الانسان العراقي ومنها ان كل
التكتلات الاثنية والطائفية لم
توفر للانسان العراقي الحماية
المطلوبة وتحافظ على شخصية
العراقي وعلى وطنه بل بالعكس اضحت
في كثير من الاحايين ثقلا وتدميرا
واقصاءا وتفريقا للمجتمع العراقي
الذي لم يألف هذه الحالة من
قبل.لقد وجد العراقي مستقبله في
مهب الريح اذا ما استمرت تلك
التشكيلات العسكرية المذهبية
والاثنية في قيادته وخير دليل على
ذلك تجربته معها وكيف انه أي من
صفق لها خرج من المائدة بلا حمص
ولا شئ يقيه شر مأساة من انتمى
اليهم عند أي اختلاف معهم ولو بعد
حين ومن هنا بدأ الرفض المستنتج
والمحسوب على براهين التجربة كيف
ان لا وجود ولا مكان مستقر
للعراقي غير ان يلوذ بالجيش
العراقي الباسل غير المتحيز لاحد
غير الوطن والشعب وفوقهم الله
سبحانه وتعالى.
ان الواقع المرير الذي عاشه
العراقي والدجل والكذب والاحلام
المعسولة التي اجتاحته بدافع هنا
او هناك في بدء الاحتلال سرعان ما
هوى واصبح رمادا وانقاضا على
المسرح الاحتلالي العراقي
الشيطاني مما دفع بالكثير من
العراقيين ومن شتى صنوفهم الاثنية
والطائفية الى اعادة تشكيلهم من
جديد وترتيب افكارهم من جديد ومن
ثم الانضواء تحت لواء الجيش
العراقي البطل غير المحسوب على
طائفة او مذهب او سياسة بدافع
اعادة التوازن الى المجتمع
العراقي الذي اهتز كثيرا في
بدايات الاحتلال وبسبب صدمة
الاحتلال فكان الجيش هو
الدارئ(Buffer) للشعب العراقي كله
دون تمييز ومن هنا بدأ الجيش يعيد
تشكيلاته مبنية على براهين زمن
الاحتلال وكون الشعب العراقي بدون
هذا الجيش كسفينة بلا ربان يقودها
ريح الهوى الى لا مكان؟ هنا كبرت
جيوش وتنامت اخرى وتم اعادة
الكثير من العسكريين الى مهنتهم
وواجبهم العسكري الشريف الذي
خلقوا من اجله وهذه المرة تطوعا
بلا مال ولا هدايا ولا مغريات سوى
الشرف العسكري الرفيع والتمسك
بقيم المؤسسة العسكرية التي لا
بديل عنها في تخليص البلد من هذا
الوافد المتوحش الكريه.هنا تسامت
جبال وغابت تلال وتغيرت رؤى وان
غابت بغيبوبتها الى حين فعاد
الجيش العراقي واشرأبت النفوس
وغاب الكابوس الذي كان جاثما على
عقول البعض من المجتمع العراقي
فصح الصحيح ولا يصح غير الصحيح.
|