بعد مرور السنة الخامسة للاحتلال الأمريكي
الصهيوني الإيراني للعراق وتصاعد المقاومة
الوطنية الجهادية بكافة أنواعها وفصائلها
وتأثير فعل تنظيمات حزب البعث العربي
الاشتراكي والمقاومة الوطنية في تقويض وإفشال
مشاريع الأحزاب الشعوبية والفئوية التي تمخض
فعلها عن رحم عمالتها المزدوجة للولايات
المتحدة الأمريكية وإيران وفشلهما في جهد
التعبير عن أرادة احتلالهما للعراق من خلال
تصدرها لما يسمى بالسلطة من خلال شروعها في
تنفيذ كل برامج وخطط الأحتلالين الأنكلو صهيو
أمريكي والصفوي على نحو واسع وتفصيلي ، وبعد
التغيرات الشديدة التي طالت المنطقة والعالم ،
ومع بداية الانهيار للمشروع الكوني الصهيو
أمريكي الذي كانت بوابته الاحتلال الأمريكي
للعراق . بعد ذلك كله يتساءل الشرفاء من
المناضلين البعثيين ,كيف لنا أن نستفيد من
تجارب الماضي ونؤشر الخلل لتجاوزها أو وضع
بدائل عنها في رسم مستقبل العراق بعد زوال
الاحتلال بعون الله وجهود المقاومة الوطنية
العراقية البطلة ؟ .
على الصعيد المحلى (الوطني)
كانت مواقف وأراء وسلوكيات أعداد قليلة من
البعثيين في كافة مستوى القيادات العليا
والدنيا بهرمية التنظيم تؤكد على أن الاعتماد
على فرضية الكم بدلا من النوع أو انتقاء النوع
من الكم هي نظرية خاطئة على مستوى إعداد
الكادر ، وما ساعد على تبني أراء من هذا
النوع هو ما آلت أليه أوضاع التنظيم بعد
الاحتلال في 9/4/2..3، حيث أنفرط عقد الكثير
من التشكيلات الحزبية وأقتصر الصمود والثبات
على أعداد تعتبر قليلة قياسا بالأعداد الرسمية
المنتظمة إلى ما قبل هذا التاريخ ،وهؤلاء هم
الذين تمسكوا بالمبادئ الشريفة للحزب وسلكوا
منهج الدفاع عن المعتقد الدنيوي الفكري
والمبادئ البعثية الأصيلة و التضحية الكاملة
لها بالمال والأهل وحتى بالنفس ،في ذات الوقت
الذي نفر فيه عدد كبير إلى السكون أو
الارتداد وحتى أن البعض منهم نفر إلى الخيانة
. كانت هذه الحالة موجودة وبوضوح وعانى منها
الشرفاء من البعثيين والسبب في ذلك أن تورم
الحزب قبل الاحتلال لم يكن حاله صحية أو
منطقية بل كان الانتفاخ بسبب أعداد المنافقين
والوصوليين والانتهازيين والمتشدقين وذوى
النفع الخاص من نفوذ الحزب في الدولة حالة
مرضية أثقلت كاهل الحزب وعرقلت مسيرته وأربكت
حساباته .وبعد أن تعرض هذا الكم إلى التحدي
الكبير والاستثنائي (بعد العدوان واحتلال
الوطن) لم تبقى إلا أعداد محدودة مؤمنة ثابتة
على المبادئ ، وربما من هؤلاء من كان مهمشا أو
لم يأخذ فرصته أو دوره كاملا قبل الاحتلال
بسبب استحواذ الكم المنافق والوصولي على
مساحات غير قليلة داخل التنظيم .وهذه الحقيقة
المرة ربما كان من أسبابها حجم الانشغالات لدى
القيادة في مواجهة التحديات الكبيرة المتواترة
على الصعيدين الداخلي والخارجي، الأمر الذي
قلص الإمكانية في ضبط عمليات الانتماء للحزب
وتدقيقها استنادا إلى مرجعيات الحزب الفكرية
والأخلاقية. ولذلك اقتصرت سياسة الاختيار على
جملة من الاعتبارات التي أدت إلى نشوء وبروز
أمراض داخل الحزب والسلطة ،ولهذا السبب جرى
انعكاس غير حقيقي لمستوى الأداء قبل وبعد حرب
مقاومة مشروع الغزو والاحتلال (أم المعارك
المستمرة الخالدة).
أن
حجم ومستوى تنظيم التآمر الأنكلو صهيو أمريكي
والصفوي على حد سواء لم يكن هائلا ومدعوما بكم
كبير من الإمكانيات السوقية والإعلامية فحسب،
بل كان دقيقا في رصد الأخطاء ومواطن الضعف في
المجتمع العراقي ووضعها تحت المجهر ليحدد
مسارات استثماره لها وتوظيفها لخدمة مخططاته
وأهدافه التدميرية في العراق من خلال إسقاط
حكم العراق الوطني وإنهاء دور حزب البعث على
ساحة العراق والمنطقة العربية.
وعلى الرغم من أن تجربة حزب البعث العربي في
العراق كان زاخرة بالانجازات والايجابيات بما
لا تطيقه ذاكرة الذاكرين ولا تستوعبه كتب
الكاتبين وتخفق في إنكاره أفعال الحاقدين ،
ولكن ثقة البعث بسلامة فكره ومنهجه وأهدافه
ورجاله ونساءه تجعله لا يتطير من الإقرار
بالحاجة لمراجعة تجاربه وتقويمها استنادا إلى
ثوابته ومرتكزاته الأيدلوجية وعلى وفق مقتضيات
المراحل النضالية ، لذا فأن ذلك يقتضي استحضار
الدروس المستخلصة من هذه المراجعات في تصويب
مسارات وآليات العمل للمرحلة الراهنة و ما
يليها إن شاء الله خصوصا على مستوى تهيئة
القيادات الميدانية أو العليا ، حيث يجب أن
تعتمد معايير حقيقية للنوع في صياغة التشكيلات
والحلقات الحزبية على مستوى القيادات والقواعد
بما يساهم في تحقيق المستوى المطلوب في
الإمكانيات والقدرات للتعبير عن منهج البعث في
مواجهة تحدياته ومهامه في تحرير العراق
وتطهيره .
ونحن نؤكد هنا مرة أخرى للأهمية بأن مفاهيم
الكم أفضل من النوع يجب مغادرتها كليا ،ويجب
أن نستذكر التجارب في اكتساح النوع الفعال
للعمل السياسي ونجاحه في تحقيق نتائج مهمة
كما في تركيا أو دول أمريكا اللاتينية (بغض
النظر عن مستوى أفكار هذه التنظيمات ) .لقد
أكد الله عز وجل في القران الكريم بآياته
العظيمة تأثير القلة المؤمنة والقلة من
المبصرين والقلة من المتقين والقلة من
العاملين على انجاز وتحقيق المبادئ والعمل
الصالح. إن درء شر المنافقين والوصوليين
والانتهازيين والمنتفعين مطلوب لصيانة شرف
المبادئ البعثية الأصيلة وخاصة في وقت التداخل
المخابراتى الفظيع الذي تقوم عليه كثير من
التنظيمات السياسية الفئوية العميلة لاختراق
الأخر بهذه العناصر الفاسدة .هذا التحليل
النقدي ليس بالضرورة هو الأساس ولكن يمكن
الاستفادة منه لإعادة النظر بالسياسات التي
تنتهج ونسمع عنها حاليا على فرضية نحن نحتاج
إلى الآخرين في هذا الوقت.الجواب هو كلا نحن
لا نحتاج إلى عناصر فاسدة أو متباطئة وغير
مبدعة ولها سمعة غير طيبة في الوسط الحزبي ،
بل نحتاج إلى من يحملون صفة نكران الذات
وينتظمون في مسيرة البعث قلبا وقالبا ولا
يحيدون فكره ومنهجه تحت أية ظروف .
أن
الرجوع إلى كتابات القائد المؤسس رحمه الله
والى مبادئ الحزب تدلل على أن الحياة
البرلمانية السياسية هي إحدى أهداف وممارسات
الحزب في قيادة الدولة أو السلطة أو التأثير
فيهما بما يخدم المجتمع بوجود التيارات
الفكرية الوطنية الاخرى. لذا يتوجب تهيئة
الكادر البعثى المخلص لمثل هذه المرحلة
القادمة إن شاء الله بعد تحرير العراق وهذا
يتطلب عناصر نقية مؤمنة وإنسانية في تعاملها
ووطنية من الطراز الأول محبه للخير وغير
مرتبطة أو عميلة للأجنبي ، كما أنها لا تقدم
أو تؤثر أي شيء على حب الوطن وفي هذا ينبغي أن
يبتعد الحزب عن الأراذل كالطائفيين والفئويين
ممن جلبهم الاستعمار الجديد إلى العراق.
وللحديث صلة في جوانب أخرى قريبا أن شاء الله
.
تحية الأوفياء من الرجال المؤمنين إلى قيادة
الجهاد والمجاهدين في الثورة العراقية المسلحة
وعلى رأسهم المناضل عزة إبراهيم الدورى.
تحيه إلى شرفاء الوطن والأمة من الداعمين
لمبادئ الجهاد ضد المحتل وطرده.
المجد والخلود لشهداء البعث والأمة والإسلام
تحيى مبادئ وأفكار وأهداف حزب البعث العربي
الاشتراكي والقائمين عليها خدمة لنهوض الأمة
العربية والإسلامية . |