لهم
مقاييسهم ولنا مقاييسنا.. وكل
يذهب إلى ما جاء من اجله ..
نسمع بين
الحين والآخر من يقول ويروج لتحسن
الوضع الأمني في العراق حتى أخذ
الكثير من الناس في الخارج والذين
اضطرتهم ظروف شتى للهجرة أو
التهجير والإبعاد من أرض الوطن
للتفكير الجدي بالعودة إلى حضن
العراق.. حيث لا حضن إلا حضنه ولا
هواء إلا هواءه ولا الخير إلا فيه
بعد أن أضناهم البعد والعوز
والحاجة..وهؤلاء إن كانوا قد
خرجوا من العراق من اجله فهو أحوج
إليهم اليوم أكثر من حاجتهم
إليه..وهم يعرفون كيف يؤثرونه على
النفس والغالي والنفيس..ويعرفون
كيف ينتفضوا من اجله ويتمنون أن
يلفهم ترابه...
أما إذا
كانوا قد فروا منه سعيا وراء
أنفسهم فهم الذين يتحسر عليهم
الوطن وليس الذين هم عليه
يتحسرون..
وعليهم أن
يتساءلوا مع النفس..
وهل أن حضن
العراق اليوم هو حضن المحتل
ودباباته وطائراته؟..وان دفئه
وأجفانه هو دفء وأجفان من نصبه
المحتل وسرق الفرحة من وجوه
أطفاله ؟..
وهل أن
هواء العراق اليوم هو هواءه الذي
عرفناه وليله الذي ألفناه وعليله
الذي اشتقنا إليه بدجلته وفراته
وجباله وهضابه؟ ..
وهل سننهل
من عراقنا ووطننا ما حرمنا منه
طيلة هذه الخمس سنوات من خير
ورعاية وسند؟..
وهل ستهب
إلينا دولة العراق وحكومته
وأجهزته مناصرة وساندة إذا أصابنا
السوء والظلم والحيف وتقف مع
حقنا الذي طالما ضاع وسط زحمة
دوائر الهجرة واقامات الأجانب في
بلاد الغربة ؟..أم سنضيع في وطننا
بعد أن ضعنا خارجه؟..
يقولون أن
مدننا وقرانا وشوارعنا قد عاد
إليها الأمن !..فلماذا إذا لا
يعيدون إلينا
بيوتنا؟!..وحاجياتنا؟!..وهل
حاسبوا الجنود الأمريكان الذين
قتلوا أحباءنا وأولادنا وآباءنا
يوم اقتحموا علينا الليل وأقضوا
مهجع الرضع والنساء واقتادوا من
كان قادرا على محاججتهم واستنكر
صلافتهم وعنجهيتهم؟..
يقولون إن
الحياة عادت إلى وطني المدمر
والمهدم والمنهوب والجريح!..
ويقولون إن
الناس بدأوا يخرجون من بيوتهم
للأسواق!..
ويتأخرون
لساعات من الليل !..رغم الأنقاض
المحيطة بهم والمباني المدمرة
والطرق المغلقة والأسوار العالية
من الكتل الأسمنتية !..
فالعافية
كما تعلمنا درجات !..
والتقدم
مستمر فقط في الإعلام والفضائيات
بعد أن منعتهم الحكومة من التقرب
من مكانات
الانفجارات!..والاقتحامات
!..والمداهمات!..والاعتقالات!..والمفخخات!..والأحزمة
الناسفة!..والتهجم على الطلاب
برصاص حمايات الوزراء!..
فهل خرج من
وطني المحتل والطامع والحاقد
والقاتل والمنتقم والسارق لتعود
مدينتي إلى أصحابها ويحاسب القاتل
والسارق والمغتصب والطامع؟..
وهل جف نهر
الدم الطهور ووارينا شهدائنا
قبورهم الرمزية بعد أن طال انتظار
الأمهات والزوجات والبنات
والأخوات ليعودوا إلى المكان الذي
منه طردوا وشردوا؟..
وهل سنعود
لديارنا بدل هؤلاء الأحباب الذين
لا نعرف مصيرهم لحد الآن ؟..
وهل انتهى
عهد توزيع الوزارات والدوائر
والمدارس على الطوائف
والأحزاب؟..وستخلون كل المعتقلات
والسجون والزنزانات ؟..
ويقولون إن
العراق الآن بخير ..وزاره فلان
وسيزوره علان..
فالعافية
درجات!..
ودرجات
العافية عند قوى الطاغوت لا تقاس
بمقايسس الناس البسطاء !..
يقولون إن
الوضع الأمني أحسن بكثير!..وخاصة
بعد حادثة تفجير المرقدين
الشريفين حيث عمت فوضى الاقتتال
بين الطائفتين !..فاليوم لا قتال
بين الطوائف!..وإنما القتال اليوم
ضد كلا الطائفتين!.. كل طرف يرمي
الحجر على الآخر من جهة والطرفان
مستهدفان من المحتل والحكومة!..
يريدون أن
يقولوا إن كل ما حدث في العراق من
أحداث دموية بعد (التحرير!)
كان سببه البعثيين والصداميين
والقاعدة وجيش المهدي !
فإذا لم
تصفق وتهلل وتكذب وتروج لتحسن
الوضع الأمني فأنت بعثي وصدامي أو
تكفيري أو صدري ..والحكومة
والأمريكان ونحن نعرف كم اغتال
الصدريون من البعثيين وضباط الجيش
والطيارين والعلماء وما اغتالته
مجاميع فيلق بدر وميليشيات الدعوة
والجلبي وبيشمركة الحزبين
الكرديين!..
وأيضا يعرف
الجميع ما استهدفته القاعدة في
عملياتها من رموز ومناضلين وضباط
في البعث والمقاومة !..
ونقول
للعراقيين في الخارج..
الذي يعود
منكم للوطن بحثا عن وظيفة أو راتب
أو نوم قرب زوايا جدران البيت
منزويا وخائفا له الخيار فوجوده
في الوطن وعدم وجوده سواء..
ومن يعود
من العراقيين إلى العراق عليه أن
يسرع لحضن المقاومة الوطنية
المناضلة والبطلة فهي الوطن
والمدينة والقرية والشارع والدفء
وحليب الأم.. |