قد يضيق ضرعا قارئ اليوم في تفاصيل المقال
الذي يقرأه نتيجة السرعة الهائلة التي تجتاح
العالم والتي حولته الى قرية صغيرة ونتيجة
الحاجات الى الزمن الذي لم يعد راكدا كما كان
في عهود القعود والركود والتخلف ومن هنا احاول
ان اسلط ضوءا على مسألة شهدها تاريخ الشعوب
وتاريخ الدول العظمى وكيف تنامت وكيف شاخت
وكيف سقطت وانتهت رغم كل ما تمتلك من القدرة
الاقتصادية والقوة العسكرية والعنصر البشري
عددا لا نوعا؟فليس يعقل ان امبراطوية كبرى
ينطوي زمنها وقدرتها الهائلة للبقاء بسبب مادي
او بشري وانما هناك اسباب اخرى تساهم لدرجة
كبيرة ومتسارعة في اسقاط تلك الدول العظمى
ومنها الازمات الاخلاقية والانحراف عن ثوابت
الروح والعقل وتوازنهما اولا في قمة هرم
الدولة وثانيا بين اوساط العامة من سكانها أي
شعبها.اي بمعنى اخر هو الميل الحاد من حياة
الدولة العظمى متسارعا وبعيدا عن ثوابت
الاخلاق المقبولة سواءا داخل الدولة أي شعبها
او الوافدة الى العالم الاخر وخاصة جيرانها
.ثم هل يمكن تشبيه الدولة العظمي بالرجل القوي
العظيم اذ كلما كان سلوكه واخلاقه تتماشى مع
الرأي العام الداخلي والخارجي كلما كان مقبولا
ومحترما ومؤثرا في الاخرين الخاصة والعامة؟اما
اذا ما اشتط واخذته القوة بأغرائها ليتطاول
على العظيم والمكافئ له ومن ثم على البسيط
الذي يجد فيه ربما الحامي لثوابت العلاقات
والاخلاق التي هي ديموته من خلال قبوله
والدفاع عنه من قبل الخاصة داخل بيته ومن قبل
العامة خارج محيطه وسلطته وهكذا اجد الدولة
العظمى تنهار متى زاغت اخلاقها عن الذوق العام
والقبول العام لها ولرايتها اينما وجدت
وترفرفت.
فنظرة متأملة صابرة على تاريخ الدول العظمى في
نهاياتها ترى ان احدى الاسباب الرئيسة لسقوطها
هي ازمات اخلاقية في قمتها أي في قمة هرم
الدولة وانحدارا الى عامتها وبالنتيجة فقدان
توازنها وخساراتها لاكثر المناصيرين والمؤيدين
لها بل والمحترمين لهيبتها طالما ما زالت
تحترم نفسها؟اليس من الاسباب الرئيسة كان
الانهيار الاخلاقي في سقوط دول عظمى مثل
الرومانية والاغريقية والمجوسية والعربية
الاسلامية والعثمانية وبريطانيا العظمى بل
وحتى الاتحاد السوفيتي على سبيل الامثلة لا
الحصر؟ لقد كان
الانحراف الاخلاقي الذي اصاب تلك الدول من
القمة الى القاعدة هو السبب الرئيس في انهيار
تلك الدول وسقوطها بعد ذبول الروح فيها.فلقد
انتهك حكامها وحاشيتهم كل ما يمت للاخلاق
والعلاقات الانسانية بين البشر سواءا في
داخلها او على المستوى العالمي المجاور
والبعيد عنها ومن هنا بدأت فكرة نبذها ورفض
التعامل معها كنظام من داخل شعبه ومن خارجه
ومن ثم يدأ تلاشي هيبتها واستصغارها والنظر
اليها بعين الكره والاسقاط لعدم احترامها
ارادات الغير وعلاقات البشر فضلا عن تفشي روح
الانحراف وفقدان الرؤيا للحق ونواميس
التعاملات مع الانسانية المقبولة من قبل البشر
ومن قبل الخالق الذي لا يقبل لهذه الارض ان
تدمر وتنتهي الا بأرادته في زمن هو قدره
ووجه الطبيعة ان تتحكم بتوازنها فيه لترفض ما
هو خارج عن هذه النواميس الاخلاقية وتستبدلها
باخرى نافعة للبشرية وللارض التي اورثت للبشر
كل البشر .
وهنا لنا وقفة قصيرة عند الدولة الاعظم
اميريكا والتي تخطت بنظامها كل ما هو مقبول
اخلاقيا من قبل البشر ان كانت تدري او لم تكن
تعرف ذلك حتى وصل بها الانحراف الاخلاقي
بالاستهانة بكل البشر وباخلاقهم وعقائدهم
وثوابتهم فتصرفت كالثور الهائج المنفلت والذي
لا تقيده اية اخلاق وروادع سلوكية عن أي تصرف
مشين مؤذ للاخرين من بني البشر اذ وصل بها
الحال الى نكران وجود الاخرين والفيضان من
الطغيان عليهم ونست ان لهم كرامة ولهم مبادئ
ولديهم عقائد لا يفلتونها حتى وان كان ثمن ذلك
ارواحهم ومن هنا بدأ الصراع بين دولة عظمى
تمتلك كل اسباب القوة والبطش وبين عالم باسره
يجد فيها دولة بلا اخلاق ولا ابسط احترام
للاخرين ومهما كان كبرهم وصغرهم في مفهوم
القوة واسبابها ومن هنا بدأت تتكاثر اعداؤها
من الشرق ومن الغرب ومن الجنوب ومن الشمال حتى
حوصرت في ذاكرة البشرية من حيث تدري ولا تدري
ومن حيث يعلن ذلك او لم يعلن من قبل
الاخرين.بل وصل الحال بها كنظام حكم ان ازداد
بشكل رهيب من يرفض سياقاتها بالتعامل مع
الاخرين من قبل ناسها داخل الولايات المتحدة
أي من شعبها الذي لا يريد ان تقامر دولته
بمستقبله من خلال سطوة القوة على الاخرين ومن
ثم رفض هذا النظام الذي تمادى في سلوكه ليصبح
خطرا جاثما على اهله قبل جيرانه والمجتمع
البشري باسره.اذن لا مجال لانقاذ تلك الدولة
من محنتها التي وقعت فيها بفعل الفراغ الدولي
الا الرجوع الى مبدأ الاخلاق في تعاملها مع
الدول الاخرى والا الكارثة لحالة بها اجلا ام
عاجلا.ان ما يدعيه رئيسها بوش من انه رسول
الاله الذي اوفده الى البشرية جمعاء من خلال
العراق الاخلاقي العربي الاسلامي محض هراء
اخلاقي فرسل الله لا تقتل البشر ورسل الله لا
تدمر ما بناه البشر بل ترسل من اجل خير
البشرية واحياء الارض بعد موتها بارادة
الخالق العظيم واما ما فعله بوش كرمز لدولة
امريكا العظمى في الدول التي احتلها لتبليغ
رسالته الشيطانية فكان كله دمار في دمار في أي
بقعة حل بها من المعمورة وعليه وعلى من حوله
بل وعلى المجتمع الامريكي ان يعي ذلك ويوقفه
اخلاقيا والا نهاية امريكا والتسريع في اجلها
المحتوم على تلك الشاكلة من الاخلاق
. |