الحديث عن
المقارنة بين قيادة العراق بالأمس
وبين من يتحكم به اليوم..وبين
الانتماء للعراق وحكومته الوطنية
السابقة وبين نفس الانتماء اليوم
في العراق المحتل حديث ذو
شجون..ويحتار المواطن البسيط في
طريقة تبرير مايحدث اليوم
بمقارنته بالأمس !!..هل هذا
الحطام الذي نراه هو العراق
؟..يوم كان العراق..وكان البعث
وكان صدام ؟..
رجال يحمون العراق..ومرتزقة
يحرقونه
بالأمس كان
لنا وطن اسمه العراق ..نفتخر
بالانتماء إليه ونتغنى بالحديث عن
تأريخه وانجازاته وحضارته ..وطن
كان يحترمه ويهابه الجميع..
بيت كبير
تحده من كل الجهات أسوار عالية
ومنيعة تعاقبت أجيال عديدة على
بنائها وترميمها وصيانتها
وتقويتها..ونقاط مراقبة وحراسات
لا تنام الليل..كان لنا رجال
يحملون أرواحهم على أكفهم يتفننون
في التضحيات ويضيق الصبر
بهم..ملتزمون بواجبهم لحد العبادة
..لا يفكرون بشيء غير امن العراق
وحمايته ..كان لنا أجهزة أمنية
ومخابرات هي فخر وشرف للعراق
والأمة العربية..كانت هذه الأجهزة
مدارس للحياة والإبداع في التعبئة
والتخطيط والتحليل والاستنتاج
والمتابعة والوقاية وتفتيت شبكات
الأعداء واختراقها..
وكان
العراقي يفخر بالخدمة فيها لخدمة
وطنه وشعبه وعندما يتعاون معها
يشعر بالزهو وهو يساهم في رد كيد
الأعداء والخونة..
واليوم
ينظر العراقي إلى وطنه المدمر
والمهدم وأطلال الحضارة وعناوين
السيادة وقد غطاها ركام الدولة
وبقايا أشلاء حراسه والمدافعين عن
شرفه وعزته..يشعر المواطن العراقي
اليوم بالأسى والحزن والغضب وهو
يرى الخونة الذين كان يقارعهم
ويمنعهم من تدنيس شرف العراق وقد
دخلوا المدينة بعد أن حطم لهم
الأجنبي كل أسوارها وساعدهم على
اغتيال كل حراسها ليصلوا إلى حكم
البلاد ليزدادوا غلا وحقدا وهم
يبحثون عن كل بندقية وقلم وصوت
وأغنية قاتلت أو ابتهجت بنصر
العراق ..وطني اليوم وقد تحطمت
أسواره وعبث العابثون والخونة
بمقدراته يئن من الألم
..والخارجون عن القانون من الذين
كانوا يخططون لزعزعة أمنه قد مكن
لهم الأجنبي من أن يصبحوا قادة
ووزراء وقضاة..وأصبحت تهمة
العراقي الشهم انه وطني ويحب
العراق..وكان ذلك كافيا للنطق
بالحكم وتنفيذه بلا شهادة أو
دفاع..
وتحول
الفخر والعز والزهو بالخدمة في
جهاز المخابرات وأمن العراق من
وسام وشهادة للوطنية إلى شعور
بالخجل والحيرة والتردد..ويرفض
العراقي الذي يعمل فيه بالمجاهرة
بذلك ويسير متخفيا للوصول إلى
مكان عمله الذي تضع المخابرات
الأمريكية والإسرائيلية
والإيرانية الخطط والتفاصيل
لعمله..ورغم كل ذلك فهي غير قادرة
على حمايته وتتخلى عنه وعن عائلته
في أي لحظة!..
العمل في
هذه الأجهزة والتعاون معها اليوم
خيانة للعراق في الوقت الذي كان
العمل فيها والتعاون معها شرفا
وفخرا في السابق..
لقد تحول
جهاز المخابرات الذي أنشأته سلطة
الاحتلال إلى أداة مراقبة للشعب
والمقاومة ووسيلة قمع لكل
المناضلين بعد أن تخلى عن عنوان
وسبب وجوده وهو حماية العراق من
التأثيرات الخارجية ..ولأنه تشكل
بفعل إرادة المحتل ومن جاء معه
فقد جاء ومعه كل عوامل فشله ..لأن
هذا الجهاز ليس وزارة للتجارة حيث
يتركز واجبها بتامين قوت الشعب
ولا يظهر للشارع وهن القائمين
عليها وسرقاتهم إلا عندما
يتخاصمون بينهم..وليس هذا الجهاز
وزارة خدمية لتجهيز الكهرباء
والنفط والزراعة وغيرها من
المؤسسات التي يسهل تمرير خيبتها
وعجزها بحجج مصطنعة ..
وببساطة
نحن اليوم بلا جهاز أمني يحمي
العراق فعلا..بل لدينا اليوم
مجموعة كبيرة من الأجهزة التي
تؤمن أمن المحتل ومنهجه وتيسر
الأرضية لتطبيق مناهج الأعداء
!..
أمن للجميع
عدا أمن شعب العراق!!..
ومن حق المواطن العراقي اليوم أن
يسأل بعد أن استمر خمس سنوات
يحاول أن يقنع نفسه:
ماذا كان
ينتظر مسئول كبير في الدولة
العراقية الوطنية يوم كان العراق
عراقا ذو نظام وطني حقيقي عندما
يتأكد لرئيس الجمهورية أو لرئيس
الوزراء أو لمدراء الأجهزة
الأمنية وبالأخص مدير جهاز
المخابرات أن هذا المسئول يحمل
الجنسية الأمريكية أو البريطانية
أو الإيرانية وقد أقسم أن يكون
ولاءه لهذه الدول؟..
أو أنه كان
يستلم مئات الآلاف من الدولارات
من وكالة المخابرات المركزية
الأمريكية؟..
أو لازال
يتقاضى مبالغ ضخمة ودورية من
إيران ؟..أو انه زار إسرائيل سرا
وليس علنا ؟..
وماذا كان
الجهاز يعمل في حينها عندما يتأكد
من وجود صلة مخابراتية بين وزراء
في الدولة العراقية وبين مخابرات
دولة أجنبية؟..
وكيف كان
يكون رد فعل مدير الجهاز عندما
يتأكد بالأدلة القاطعة بأن موظف
في الدولة العراقية له صلة وثيقة
بموظفين في السفارة الأمريكية أو
البريطانية أو الإيرانية ويزورهم
في السفارة ويزورنه في دائرته
ويثبت أنهم يوجهونه في تفاصيل
عمله؟..
أو أن أحد
موظفي السفارة العراقية في العديد
من الدول في الخارج يسلم تقارير
دورية إلى موظف في السفارة
الأمريكية أو البريطانية أو
الإيرانية في ذلك البلد؟..
وماذا
سيعمل لو أن هذا الموظف يستلم
راتبا ضخما من هذه السفارة؟..
وهل سيترك
عمله أو يستقيل مدير الجهاز
ومعاونيه ومدراء الشعب من
مسؤولياتهم إذا تيقنوا أن رئيس
جمهوريتهم ورئيس وزرائهم يعلم
بذلك ولا يقبل بمحاسبته؟..أو أنهم
أكثر خيانة من هذا الموظف؟..
وكيف يبرر
الجهاز وجود خونة الشعب في قمة
السلطة ؟
هل
للمخابرات العراقية اليوم أيضا
كما يشاع حاليا من فلسفة تفسيرية
وألفاظ غير مفهومة عن تحقيق تقدم
واضح في توصيف جديد للديمقراطية
؟؟..
وخاصة
بحرية الفرد والمواطن بالتعامل مع
من يشاء من سفارات وأجهزة مخابرات
ووكلاء شركات وهمية وشركات أجنبية
بلا رقيب أو محاسبة؟..
أم هي (أيضا!)
تركة النظام السابق!!..
وهل أصبح
العراق اليوم (قدرا
كبيرا)
لطبخ لخيانة..قدر صنع من لعب
أطفالنا وأقلامنا وبنادقنا وخوذنا
وسيوفنا..قدر كبير بحجم العراق
..قدر يغلي ليل نهار وقوده مناضلي
العراق وخيرة أبناءه وشبابه
وكفاءاته ..
قدر كبير
يقف مسئولا عليه أولاد الزنا
وأحفاد العلقمي وهولاكو وفارس
ويرمون فيه كل من يتغنى بالعروبة
وبحب العراق ودافع عنه وضحى من
أجله .. وكتب الحضارة ..وتأريخ
البطولة وزمن الشجاعة والنخوة ..
قدر يتوهمون انه يستوعب كل آمال
وأحلام العراقيين وصبرهم
وصمودهم..
وتحول
العراق اليوم إلى قدر أسود كبير
أسواره النار التي تلتهم شبابنا
ورجالنا وحضارتنا وتأريخنا
وبطولاتنا وشهامتنا ونخوتنا
ومبادئنا وقيمنا ووحدتنا وقوتنا
وتآخينا ..
وتحولت
نقاط المراقبة الأمينة والحريصة
والمخلصة والمضحية إلى حراسات من
نوع جديد حيث يقف حول هذه الوليمة
الانتقامية والحريق الذي يلتهم
العراق من كل جانب خونة من مختلف
الجنسيات والقوميات والانتماءات
ومنهم منتسبوا أجهزة مخابراتهم
الحالية..
وقد أصبح
واجب هؤلاء الحراس اليوم ليس منع
الآخرين والدخلاء للاقتراب من
حدوده..
بل لجمع
أشلاء ما يتطاير من هذا القدر
الكبير ليعيدوا رميه فيه من جديد
!.. |