ظاهرة قيام
المسئولين الدوليين بزيارات
مباشرة من بلدانهم إلى محافظات
العراق واستقبالهم هناك من قبل
مسئولي المحافظة وقبل مجيئهم إلى
بغداد أو الاستئذان منها أمر يبعث
على الاستغراب !..خاصة وهو يصدر
من جهات هي أم الدبلوماسية
والأصول والبروتوكول في (الخلق
السياسي واللياقة التي تربط
العلاقات مع الدول!)..وهذا
أمر لا يمكن إلا أن يفسر
بأنه الإصرار
على نشر ثقافة ضرورة تكريس تقسيم
العراق وتفتيته..والغريب أن أكثر
الحكومات تسلطا وتزمتا بأحقيتهما
هي وأحزابها وتمجيدا لرئيسها (القوي
والمتمسك بالسياقات!) وهي
حكومة المالكي ساكتة على ذلك ولا
تعترض..
فرئيس
وزراء بريطانيا السابق توني بلير
الملقى اليوم على الرف بانتظار
محاسبة التأريخ ورئيس الوزراء
الحالي براون لا تبدأ زيارتهم إلى
العراق إلا من البصرة وأحيانا
كثيرة تبدأ وتنتهي هناك!..وبوش
ذهب إلى الأنبار ولم يصل
بغداد..وبريماكوف يصل السليمانية
وكوشنير في أربيل وكذلك يفعل
رؤساء حكومات الدول المشاركة
بقوات التحالف العدواني في العراق
..
وزيارة
هؤلاء المسئولين لا تنحصر في طابع
مخصص لزيارة القطعات أو للاطمئنان
على الأفراد ..بل تتعداها للتجوال
في المدينة وانتقاد مدير الشرطة
والمحافظ والأمر بمعالجة الظواهر
التي تتعارض مع سياساتهم والإشارة
إلى الانجازات وعقد المؤتمرات
الاقتصادية لتطوير المحافظة كما
فعل وزير الدفاع البريطاني الذي
نقل المفهوم والتصور البريطاني
لخطة الأعمار لكل العراق إلى
البصرة فقط ..متجاوزا السلطة (المركزية!)
مما جعل موفق الربيعي يهرع راكضا
مع عدد كبير من المسئولين في
الدولة لحضور المؤتمر..وخرج عن
المؤتمر بيان تضمن العديد من
القرارات التي لا تعرف بها وزارة
التخطيط وخاصة علي بابان الذي
تنكر لمن جعله وزيرا وآثر أن يبقى
في الحكومة (لخدمة
العراق !) حسب قوله
..والمقصود طبعا هنا (لخدمة
العراق عدا إقليم كردستان والبصرة
ومحافظات الشغب والإرهاب وكل
الأماكن التي يقطنها أتباع مقتدى
الصدر!!)..
وقبله فعل
كبيرهم بوش أكثر من ذلك عندما
التقى بقادة الصحوة في الانبار
وحملهم (أمانة
حماية الشعب الأمريكي من الإرهاب
!) وخصص لهم ما لم يخطر على بال
المالكي وصولاغ والحكيم والعامري
متجاوزا وجهة نظر الحكومة من إن
هذه القوات ما هي إلا عصابات
وميليشيات انسلخت من القاعدة
..وعملا بقاعدة (الذي
لا يأتي معك تذهب معه!)
سافر عمار الحكيم وهادي العامري
لكسب رضا ومودة شيوخ الصحوات ومهد
لهذا التحالف احمد ألجلبي لا رغبة
بتوحيد الجهود لحماية العراق ولكن
طمعا بالمليارات التي خصصها بوش (للاستثمار
المشترك!) ..
وكانت
كونداليزا رايس تلتقي بمسعود
البرزاني ونيجيرفان في ابريل قبل
أن تأتي إلى بغداد لتجتمع مع
المالكي وقبله الجعفري ..وأراد
أحد المحافظين المساكين في الجنوب
وبحكم قلة خبرته وعدم حصوله على
التحصيل الدراسي الكافي بسبب
انشغاله (بمهمات
في فيلق بدر عندما فر من الجيش
العراقي عندما كان جنديا فيه وذهب
إلى إيران!) أن يقلد غيره
من المحافظين فقام باستقبال وفد
من شركات نفطية للتنقيب عن النفط
في المحافظة ويقال انه وقع معها
اتفاقية كادت أن تطيح به من كرسي
المحافظة لولا علاقته التنظيمية
بفيلق بدر !!..مما جعل الحكيم
يتدخل لتوجيه كل المسئولين بعدم
تجاوز (حكومة
المركز!) وعدم استغلال
انشغال الحكومة بواجباتها
المقدسة ومهماتها الكبيرة!!..أما
من له الحق بالتجاوز فذلك بناءا
على أوامر عليا!!..
والمقصود
بالمهمات المقدسة والكبيرة التي
تضطلع بها الحكومة فهي متابعة
وملاحقة الإجراءات والقرارات
الخاصة باجتثاث البعث واغتيال
مناضليه وسلب ممتلكاتهم و(
تخلص
مؤسسات الدولة !) من رجال
النظام السابق ومناصريهم ومؤيديهم
وأقاربهم ..والبحث في الملفات
القديمة وفي الوزارات والدوائر
والمدن والأحياء والشوارع
والساحات عن أي شيء له علاقة
بالنظام السابق! لاستصدار قرار
بشأنه..
أما كل
الأمور الأخرى عدا هذه الواجبات
المقدسة فهي لدى الحكومة غير
مهمة..
فكل مدير
دائرة معني بتحويل دائرته إلى وكر
ومقر لتنفيذ أجندة حزبه..وكل وزير
يشتغل لحزبه الذي رشحه إلا وزير
التخطيط فهو يشتغل (للعراق!!)
..وقد أفلح أكثر الوزراء غباءا
وجهلا بمهماته عندما استطاع
هوشيار زيباري أن يوظف كل وزارة
الخارجية وسياسة العراق الخارجية
لمصلحة القضية الكردية..وكذلك
يفعل كل الوزراء الأكراد ..ويقوم
برهم صالح بجهود استثنائية لتحويل
كل ملفات العراق الساخنة إلى
ملفات يكون فيها إقليم كردستان هو
صاحب الأولوية والأفضلية في
التنفيذ وقبلها (بنسبته
من المظلومية والحرمان!)
..وفي مجال الاستثمار يعرف القاصي
والداني ما تفعله سفارات العراق
اليوم بالخارج والتي تحولت من
ممثليات للعراق وتأريخه وحضارته
إلى مراكز لجلب المستثمرين لإقليم
كردستان ..والمستثمر الأجنبي الذي
يريد أن يبني معملا للسكر في
ميسان يتم استضافته في اربيل
والسليمانية لتشجيعه على تنفيذ
مشروعه هناك ..حيث الاستقرار !..
ويسعى قادة
الحزبين الكرديين للحصول على
نتائج مباشرة من هذا التحرك على
مستوى استغلال مفهوم الاستثمار
للمنفعة الخاصة وللحصول على تأييد
دولي لمطالبهم في كركوك!..تمهيدا
للانفصال والتمرد الذي تعودوا
عليه وصبروا أكثر من خمس سنوات
لحد الآن مرغمين على تأجيله!..
وعندما عقد
السفير الإيراني في بغداد مؤتمرا
صحفيا في السفرة الإيرانية وانتقد
صراحة موضوع قيام الحكومة
باستهداف جيش المهدي وأتباع مقتدى
الصدر ووجهها بعدم استخدام السلاح
وبضرورة القضاء على الصحوات
..تحدينا كل المسئولين العراقيين
من جلال الطالباني نزولا إلى عباس
ألبياتي والصغير من أن يظهر احدهم
لينتقد علانية تصرف السفير
الإيراني وتدخله بشؤون العراق
الداخلية ..ولم ولن يفعل أحد..
واليوم
بريماكوف يقول خلال زيارته
لكردستان وهو يلبس الملابس
الكردية البرزانية بان (كركوك
جزء لا يتجزأ من إقليم كردستان!)
..
وتبعه
وزير الخارجية الفرنسية كوشنير
ليؤكد بحزم وإصرار الاستعماري
المتمرس على اضطهاد الشعوب وطمس
الحقائق واغتصاب الأوطان وخيانة
أمانة المواقف والالتزامات من إن
(على
المسئولين العراقيين أن يحلوا
مشكلة كركوك وعدم تضخيمها من خلال
الإسراع بتطبيق المادة 140 من
الدستور العراقي!)..
لقد أعطى
كل من بريماكوف وكوشنير درسا
بليغا لحكام العراق اليوم في
ضرورة أن يعرف السياسي شيئا من
التأريخ!!..
وليس المهم
أن تكون المعلومات صحيحة آو ملفقة
ولكن المهم أن يعرف الزوار من
المسئولين بأي شيء يفكر ساسة
البلد الذي يزورونه!..وليس كما
يحدث لمسئولي دولتنا اليوم الذين
يقضون معظم وقتهم في البارات
والمراقص الليلية ولا يهمهم أن
يكون هذا المرقص يخص المعارضة آو
الحكومة..
فهم غير
معنيين بذلك وتهمهم أمور أخرى..
لقد أراد
هاذين القزمين أن يؤكدا ضياع
العراق ..الدولة التي كانت في يوم
من الأيام تجعل العالم بأسره
يتوقف عن الدوران من تصريح
لسفيرها في أحدى الدول !!..
انه ضياع
لهوية العراق وقدسيته ودوره
الحضاري والسياسي والدبلوماسي..
يوم كان
العراق وكان صدام..من كان يجروء
من زوار العراق الكبار أن يقول
مثل هذا الكلام أمام طارق عزيز أو
الشهيد طه ياسين رمضان أو الشهيد
برزان ؟..
ومن كان
يسمح لنفسه أن يفكر بهذا وهو في
حضرة الشهيد الخالد صدام حسين؟..
ومن يهن
يسهل الهوان عليه..ولقد أصبح
الخنوع والسكوت والرضوخ تعبيرا
ديمقراطيا جديدا (للعلاقات
الدولية مع العراق!)
..إنها ديمقراطية الخنوع والهوان
للأجنبي ..وديمقراطية حمل السيف
على الشعب !..
وذهب
الزمان الذي كنا نقرر لوحدنا كيف
نرد على هذا وذاك..فلقد وضعوا
علينا اليوم أوصياء كبار من
الأمريكان والبريطانيين
والإيرانيين..وخولونا فقط بالقيام
بشعائرنا كل حسب معتقده وإيمانه
وتقاليده ..أما السياسة
والتصريحات والردود فليس من
اختصاصنا وعلى القائمين علينا
والمنصبين في السلطة اليوم إرسال
مقترحاتهم إلى السفارتين
الأمريكية والإيرانية لاستحصال
الموافقة على الموضوع وإذا اختلف
الطرفان نؤجل الموضوع بغض النظر
عن أهميته الى الاجتماع ألتشاوري
القادم للطرفين الأمريكي
والإيراني في بغداد!..
وسوف لن
أتحدى اليوم أحدا ليرد على
تصريحات هاذين المنافقين..
فقط نسأل
البارزاني والطالباني والمالكي
ونيجيرفان وهوشيار:
هل تعرفون
مالذي نصت عليه المادة (140) من
الدستور الفرنسي!!.. |