( اجري الحديث في صنعاء بتاريخ
10/5/2008 اي قبل مسعى اللجنة
الوزارية العربية وحوار الدوحة )
قال المفكر القومي اللبناني
معن بشور
الأمين العام السابق
للمؤتمر القومي العربي أن أميركا
تريد نقل الفتنة الطائفية إلى
لبنان بعد أن فشلت
في استخدامها بالعراق.
وفي حواره مع ''الوقت'' على هامش
المؤتمر القومي العربي
التاسع عشر بصنعاء قال
معن بشور
إن
للعوامل الخارجية الإقليمية
والدولية أثر في الأزمة اللبنانية
لكنه دفاع عن وطنية
المعارضة وحزب الله على وجه
الخصوص.
ويرى بشور أن الحكومة اللبنانية
الحالية
واحدة؟ من عناوين الانتصار
الأميركي في المنطقة مستغربا كيف
تعهد بقراراتها
الأخيرة للجيش من دون الاستماع
إليه قبل اتخاذها، معتبرا ذلك
دليلا على سوء
نيتها.
ورفض المقارنة بين العلاقة
العربية بإيران والعلاقة بإسرائيل
معتبرا
إيران قريبة جدا للعرب، إلا أنه
انتقد سياستها في العراق مطالبا
بإعادة النظر فيها.
حول الاقتتال الفلسطيني ومستقبل
المقاومة العراقية وتأثيرات أزمة
الغذاء على
الوطن العربي وقضايا أخرى مهمة
تناولها هذا الحوار:
*
تصاعدت الأزمة اللبنانية
إلى درجة الاقتتال .. ماذا يحدث
في لبنان اليوم؟
**
في الحقيقة
الأوضاع في لبنان
مفتوحة
على مختلف الاحتمالات، احتمال
التصعيد والمواجهة وتوسيع دائرة
التوتر
الأمني، والاحتراب الداخلي
واحتمال الوصول إلى تسوية،
واحتمال بقاء الأمور على ما هي
عليه
بمعنى لا حل ولا انفجار شامل.
وحين نتحدث عن
الأزمة في لبنان علينا أن
نتذكر
أن ما يجري له شقه الداخلي من دون
شك لكن في جوهره مرتبطً بالمشروع
العام في
المنطقة، والإدارة الأميركية في
تقديري حالياً لا تريد حلاً في
لبنان لأنها تريد أن
تنقل
الفتنة المذهبية إلى لبنان بعد أن
فشل هذا المشروع في العراق حين
بدأت المعركة
بين
الإطراف المختلفة تأخذ طابعاً
سياسياً داخل المذهب الواحد
والطائفة الواحدة،
ولابد
من التنبيه أن الإدارة الأميركية
باتت تدرك أن كل القوات العسكرية
التي
تمتلكها وأرسلتها إلى المنطقة
والأساطيل والجحافل والبوارج لم
تكن كافية لإنجاح
المشروع الأميركي وبات الاحتياطي
الاستراتيجي للمشروع الأميركي هو
في تفتيت الأمة
عبر
إثارة كل أنواع العصبيات ودفعها
إلى التقاتل، ولبنان بهذا المعنى
كما كانت سنة
75
وقبل ذلك ساحة يتم من خلالها
تصدير كل أنواع الحروب المذهبية،
والأهلية
والطائفية وغيرها، ويراد أن يكرر
الدور نفسه في لبنان لذلك الإدارة
الأميركية
الحالية لا تريد حلاً في لبنان،
وتعتبر ما جرى خلال الثلاث
السنوات الماضية مما
يسمى
صيغة الأرز وخيرها مكاسب كبيرة
للسياسة الأميركية هي مكاسب شبيهة
بما تعتبره
مكاسب
لها في أفغانستان عبر حكومة معينة
أو في العراق أو في فلسطين فهي
تعتبر أن
الحكومة الحالية في لبنان هي
واحدة من عناوين الانتصار
الأميركي في المنطقة فالرئيس
الأميركي بوش يريد أن يقول للرأي
العام الأميركي لماذا تقولون إني
فشلت هاهم حلفائي
مازالوا حكاما في المنطقة لذلك هو
يرفض أي تغيير في لبنان يمكن أن
يؤدي إلى تغيير
هذا
المشهد أو ضرب هذا الإنجاز، وهو
يدعم بكل الوسائل بعض القوى في
لبنان من أجل التصلب،
طبعاً
في المقابل هناك أخطاء ترتكب،
وتقديرات معينة غير صائبة لكن حين
يصل الأمر
إلى
صدور قرار من نوع قرارات الحكومة
حول شبكة الاتصالات أو سلاح
الإشارة بالنسبة
للمقاومة نشعر بأننا بتنا ننفذ
أجندة خارجية لا علاقة لها
بالصراع الداخلي
اللبناني، وهنا يجب أن نتوقف
لنقول لماذا توقيت هذه القرارات
اليوم، هل كان المطلوب
شيئ ما
من لبنان عشية زيارة بوش للاحتفال
بستينية الكيان الصهيوني؟ هل كان
المطلوب
أن
نوجه الأنظار إلى ساحة مضطربة لكي
لا تتركز الأنظار على هذه الزيارة
وما سيطلقه بوش من وعود، ولكي
يتصاعد
بالمقابل
العداء
للسياسة الأميركية وأنصارها في
المنطقة، اعتقد أن توقيت هذه
القرارات مرتبط
بأمور
إقليمية ودولية، ومن هنا استغرب
مثلاً كيف تعهد حكومة السنيورة
بهذه القرارات
للجيش
الذي سيعيد النظر فيها أو يلغيها
ولم تستمع له أصلا قبل اتخاذها
وهي تدرك أن
هذه
القرارات سينفذها الجيش، فكيف لا
تستشير الجيش وقائده وهو مرشح
توافقي لرئاسة
الجمهورية.. اذاً الموضوع فيه سوء
نية علينا ان نعترف وهنا اعتقد أن
الرد الذي
واجهت
به المقاومة الأمر كان رداً قوياً
والمطلوب اليوم أن تقترن هذه
القوة التي
ظهرت
بحكمة في التعاطي بتسريع الحوار
والحل.
*
هناك من يرى أن ما يحدث في لبنان
ليس
سوى صراع إقليمي فقط؟
**
لاشك إن
للعوامل الخارجية الإقليمية
والدولية أثرا
في
لبنان، ولكل القوى اللبنانية
علاقات لكن من الظلم أن نعتبر ان
المقاومة هي امتداد
لمحور
سياسي إقليمي فالمقاومة لا تخفي
علاقتها القوية بسوريا، ودور
سوريا في دعم
المقاومة، أمر لا يستطيع أن ينكره
حتى أشد خصوم سوريا في لبنان،
وكذلك المقاومة لا
تخفي
صلتها بإيران سواء على المستوى
المذهبي العقائدي بالنسبة لحزب
الله أو حتى على
المستوى العملي في دعم المقاومة
وصمود الشعب اللبناني، لكني من
الذين يعتقدون أنه
حينما
يكون الأمر متعلقا بالمقاومة فان
قرارها في السياسة اللبنانية قرار
لبناني
وينبع
من تقدير الظروف اللبنانية، ومن
حاجة المقاومة اللبنانية، وأنا
لدي كثير من
القصص
تظهر استقلالية هذا القرار عن
كثير من المؤشرات الخارجية، الذين
يعلمون
مثلاً
أن حزب الله واجه صعوبات كثيرة في
علاقته مع سوريا في مراحل سابقة،
وحزب الله
كان
بعيداً عن أي مسؤولية في الدولة
أو الحكومة طيلة وجود القوات
السورية في لبنان.
على
العكس من ذلك كان الكثير من أركان
السلطة الحالية يحاول بالدعم
السوري أن يحاصروا
حزب
الله وأنا اذكر مظاهرة شهيرة سنة
1993 ضد اتفاق واسلوا قام بها حزب
الله وصدر
أمر
بإطلاق النار عليها في ظل رئيس
وحكومة في ذلك الحين معروفة
علاقتها الوثيقة
بسوريا، ولم يظهر اعتراض واحد من
هذه الطبقة السياسية على ضرب
المجزرة واستشهاد عدد
من
نساء ورجال حزب الله.
بل ان الوزير
الوحيد الذي اعترض على هذا القرار
كان وزير الداخلية آنذاك، رفيقنا
وزميلنا بشارة مرهج الذي اعفي من
الوزارة بسبب ذلك وإذا لا نستطيع
أن نقول إن حزب الله مثلاً هو
امتداد طبيعي لايران
وكذلك
المعارضة، ولا نستطيع أن نقول إن
الجنرال عون هو امتداد للسياسة
السورية أو الإيرانية. وهو الذي
تصدى على مدى سنوات طويلة للوجود
السوري في لبنان
ومكث
خمسة عشر عاماً خارج بلده بسبب
اعتراضه على الوجود السوري.
بالنسبة للقوى
السياسية اللبنانية هناك قوى
سياسية لبنانية لها خصوصياتها،
وفي الطرف المقابل أيضا
لا
استطيع أن أقول إن كل الطرف
المقابل عميل، لكن من الواضح من
الطريقة التي تتصرف
فيها
الإدارة الأميركية ومبعوثيها إلى
لبنان مع بعض القيادات السياسية
ومن تذكرنا
علاقة
هذه القيادات بالمسؤولين السوريين
فترة التواجد السوري مما يجعلنا
نشعر أن تأثير
السياسة الأميركية في مواقف هؤلاء
كبيرة بل نشعر أن في كل مرة تجري
اتفاقات ما قد تعقد بين
اللبنانين يأتي الأميركيون
ويرفضونها، واذكر هنا قول السيد
حسن نصر الله للموالاة:
انتم
تتهموننا بتنفيذ إرادة سورية
إيرانية ونحن نتهمكم بأنكم تنفذون
إرادة أميركية
غربية
فلنشارك في الحكم وليكن لكل منا
القدرة على تعطيل ما يحاول الفريق
الآخر أن
يفرضه،
فإذا حاولنا أن نفرض شيئاً لمصلحة
إيران وسوريا فأنتم في الموالاة
تعطلونه
وان
فرضتم شيئا لمصلحة أميركا نحن
نستطيع تعطيله، هكذا نكون قد
حافظنا على استقلال
لبنان
والقوى السياسية اللبنانية لذلك
كلما اشتد الانقسام بين
اللبنانيين كلما اشتد
الارتهان لقوى خارجية وكلما
ازدادت الوحدة كلما ضعف العامل
الخارجي في
لبنان.
خطان أحمران في لبنان
*
مــــن وجــهة نظـــرك مــــا هي
المــعالجــــات العمليـــــة
لـــلازمــــة اللبنانية ؟
**
نحن نتحدث
اليوم
عشية
يوم السبت في العاشر من مايو/
آبار ولا أدري موعد صدور الجريدة
لكن اليوم بدأ
في
لبنان مشهدان مشهد تصعيدي على
الأرض وجدناه في ارتكاب مجزرة بحق
أبناء الطريق
الجديد
في بيروت كانوا يشيعون احد
أبنائهم ووجدنا مجازر واشتباكات
في الجبل في الشمال
وبالمناسبة هذه مناطق ليس فيه
وجود سني شيعي، ومع ذلك هناك
اشتباكات مما يدل على أن
الأمر
ليس مذهبياً أو طائفياً وان هناك
صراعا سياسيا.
وهناك مشهد
التصعيد
الكلامي لبعض السياسيين خصوصاً
أركان السلطة، ومشهد آخر إيجابي
يتمثل بالقرارات
الحكيمة التي اتخذتها قيادة الجيش
بالنسبة لإقالة قائد جهاز أمن
المطار أو موضوع
شبكة
الاتصالات وهي قرارات من شأنها ان
تنفس الاحتقان وهناك أيضا إعلان
من جانب
المعارضة عن إنهاء المظاهر
المسلحة، في الشوارع مع بقاء
العصيان المدني حتى تتحقق
المطالب.. هذه بوادر إيجابية
أتمنى أن تكتمل بالحوار بين
الأطراف المختلفة. ووضع
تركيبة
لإيجاد سلسلة متكاملة فيها انتخاب
لرئيس الجمهورية وإعلان نوايا حول
حكومة
وحدة
وطنية، وحول قانون الانتخاب..
بهذا ندخل في الطريق الصحيح وهناك
دائماً خطان
أحمران
في نظري لا يجوز تجاوزهما، السلم
الأهلي، ووحدة لبنان من جهة،
والمقاومة
ودورها
من جهة أخرى حتى تقوم دولة قوية
قادرة على ردع العدوان الصهيوني
ضد
لبنان.
*
البعض يتحدث عن صراع أميركي
إيراني على المنطقة العربية...
أين العرب
في إطار هذا الصراع؟
**
أنا من مدرستي
القومية العربية التي تنتمي إلى
دائرة
الحضارة العربية الإسلامية لا
يمكن أن اعتبر علاقتي كعربي
بإيران مثل علاقتي كعربي
بالإدارة الأميركية والكيان
الصهيوني، فهما عدوان للأمة
العربية والمصالح العربية،
وهما
يحتلان العراق ويبيدان الشعب
الفلسطيني، يحاولان إثارة الفتنة
في لبنان،
يكلفان
قوى باحتلال الصومال، ويسعيان إلى
تدمير وحدة السودان ويحاولان
الضغط بكل
الوسائل على سوريا، إذا هؤلاء
أعداء.
إيران هي عمق
استراتيجي لنا وجزء من هذه
الحضارة ومكون رئيسي من مكوناتها
هي وتركيا وغيرها من دول الجوار
تربطنا بها وشائج
كثيرة،
لكن لنا ملاحظات على السياسات
الإيرانية في المنطقة وخصوصاً في
العراق، نحن
نعتقد
أن السياسة الإيرانية في العراق
يجب أن تكون واضحة في دعم
المقاومة العراقية
و رفض
الاحتلال وكل امتداداته.. يجب أن
تكون واضحة في رفض العملية
السياسية التي هي
إحدى
مخرجات الاحتلال والموجودة لتغطية
الاحتلال واعتقد أن القيادات
الإيرانية
المعنية تدرك اليوم في أعماقها أن
بعض الذين كانوا حلفاءها ودخلوا
العملية السياسية
قد
وقعوا تماماً في يد السياسة
الأميركية، لذلك اعتقد أن على
القيادة الإيرانية أن
تجري
مراجعة عميقة وجريئة وشاملة لمجمل
سياستها في المنطقة وفي الوقت
نفسه على
الإعلام العربي ان ينتبه إلى
المخطط الخطير والذي تحدثنا عنه
وهو مخطط الفتنة الذي
يريد
أن يجعل الخطر الإيراني أكبر من
الخطر الإسرائيلي بل يدعو إلى
تحالف بين الدول
العربية والكيان الصهيوني لمواجهة
إيران، أنا اعتقد أن هذا الكلام
خطير ولا يجوز
على
الإطلاق أن نساوي بين العدو
الإسرائيلي وبين الدولة الإيرانية
خصوصاً أن علينا
أن
نسجل أن هذه السياسة تدعم
المقاومة في لبنان والمقاومة في
فلسطين وتدعم الممانعة
في
سوريا.
وأيضاً هذه
الدولة تواجه شبه حرب أميركية
عليها من اجل منعها من بناء
طاقة
نووية سلمية وهو أمر تنفذ فيه
واشنطن إرادة تل أبيب بهدوء.
*
لو قرأنا
الخارطة العربية من حيث المواقف
لوجدنا الأنظمة العربية قريبة
لإسرائيل وأميركا
أكثر من إيران ما رأيك؟
**
هذا سؤال
افتراضي وأنا لا أحب الإجابة على
الأسئلة
الافتراضية لكن لنتذكر إيران
الشاه كانت مكرمة معززة لدى بعض
أنظمتنا العربية وحليفة
لها.
ألم تكن ايران الشاه فارسية؟ ألم
تكن صفوية؟ ألم تكن شيعية
لماذا..؟ لأنها كانت تسير في
الفلك
الأميركي وبعض أنظمتنا تسير في
الفلك الأميركي فمغفور لشاه إيران
كل ذنوبه،
بل على
العكس من ذلك فكانت هناك تحالفات
معها.
لذلك الأمر قد
يتكرر لكن اعتقد أن
الشعب
في إيران قد تجاوز هذه المرحلة
فهو واضح في موقفه تجاه الكيان
الصهيوني وتجاه
المشروع الأميركي، حتى لو أن بعض
القيادات متورط في موضوع العلاقة
مع الإدارة
الأميركية لكن موقف الشعب
الإيراني اعتقد أنه غير ذلك كأي
شعب مسلم.
انا كنت في
اسطنبول في ملتقى القدس الدولي في
شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي
وكان ملتقى عالميا
أتى
إليه الآلاف اكتشفت كيف أن هذا
الشعب التركي المسلم الذي حاولوا
عزله على مدى
مئة
عام عن قضية فلسطين والقدس كيف إن
هذا الشعب متعلق تعلقاً كبيراً
بفلسطين
وبالقدس بشكل خاص واكتشفت انه
مهما حاولت الأنظمة والدول أن
تغير من هوية الشعوب
فإنها
تفشل، لا شاه إيران عبر كل وسائل
إعلامه نجح في إبعاد الشعب
الإيراني عن
فلسطين
لذلك كان أول عمل قامت به الثورة
الإسلامية في إيران بعد انتصارها
هو إغلاق
سفارة
الكيان الصهيوني واعتبارها سفارة
لفلسطين. اذاً فلسطين حاضرة في
قلب وضمير
ووجدان
كل عربي وكل مسلم، وعلينا أن نثق
بهذا.
سياسة إيران مع المقاومة
*هناك
فجوة بين الأنظمة العربية والشعوب
كيف نستطيع ردم هذه الفجوة أو أن
نخلق نوعا من
التوافق؟
**
عندما تقتنع
الأنظمة العربية أن وجودها ليس
مرتبطاً فقط بيد السيد
الأميركي وان استمرارها مرهون
برضى الشعوب، وهذا يحتاج إلى جهد
حقيقي على مستوى
العمل
الشعبي من اجل إيجاد كتلة شعبية
حقيقية في كل قطر وعلى مستوى
الأمة تشعر
هؤلاء
الحكام أن عليهم أن يحسبوا حساب
شارعهم لا واشنطن فقط وهذا أمر لا
يتم إلا
بإخراج
حالتنا السياسية والشعبية العربية
من حالة التشظي التي عاشتها على
مدى عقود،
من
تشطي فكري، وعقائدي، وسياسي،
وحزبي، بحيث بتنا في صراع بين
تيار وتيار بل وداخل
التيار
نفسه، وداخل الحزب نفسه فوصلنا
إلى حالة من التشظي، فشعر الحاكم
حينها بغياب
مرجعية
شعبية قومية وغياب التنظيم
القومي وحركة شعبية الفاعلة، وأن
مصدر وجوده وبقائه يكون
في
الارتماء في حضن السياسة
الأميركية.
*
ولكن هناك من يأخذ على الهيئات
الشعبية
العربية أنها تكتفي بإصدار
البيانات الختامية والتنديد
وتفتقر لآليات تحتضن هذا
السخط الشعبي ما تعليقك؟
**
اعتقد أن في
هذا الكلام نوع من الظلم وعدم
الدقة،
لاشك
أن مستوى الأداء الشعبي العربي
مازال دون المطلوب ولهذا أسبابه
الكثيرة جزء
منها
متعلق بحجم القمع والقهر الذي
تعرضت له القوى الشعبية العربية
على مدى العقود
الماضية وهذا سبب موضوعي وأنت
تعلم أن السجون والمقابر والمنافي
مليئة بعشرات الآلاف
وقد
من
المناضلين العرب، من اجل كسر
الحركة الشعبية العربية، ثم هناك
مشكلة ذاتية في
سياسة
الإقصاء والإلغاء والرفض المتبادل
بين القوى الشعبية العربية.
لقد بدأنا
نخرج
من الحالة الأخرى وهذه مهمة
المؤتمر القومي الإسلامي والمؤتمر
القومي العربي
ومؤتمر
الاحزاب العربية، حيث مهتمهم أن
يتلاقى أبناء هذه التيارات
والأحزاب والقوى والشخصيات
الوطنية في إطار
من
التحاور والتشاور، يقفلون صفحة
الخلاف والخصام والحروب المتبادلة
ويبدأون رحلة
العمل
المشترك، نحن على الطريق الصحيح،
ثم واقعياً هناك تحركات شعبية
تتعاظم يوماً
بعد
يوم لكن كما قال الدكتور أشرف
البيومي في المؤتمر القومي
الحالي.. قال فكرة
مهمة
جداً، وهي أن حركة التغيير في
المجتمعات شبيهة بحركة التغيير في
الجسد البشري
لأنها
تبقى لفترة طويلة مستقرة وتبدو
وكأن لا تغيير يحصل وفجأة يبدأ
التغيير، نحن
الآن
في مرحلة تراكم كمي ولابد من أن
يؤدي في يوم ما إلى تغير نوعي،
والمهم أن
نسرع
في عملية التراكم وأنا اعتقد إذا
نظرت إلى الأمة العربية من
موريتانيا إلى
اليمن
تجد حراكاً شعبياً في كل مرة
يتعرض العراق أو فلسطين لمحنة أو
لبنان تهب
الجماهير، نحن نتحدث اليوم في
صنعاء يوم الحرب على لبنان ولا
ننس خيمة المقاومة في صنعاء ولا
التبرعات
التي
قدمها الشعب اليمني ولا دور
الأحزاب والقوى المختلفة في هذا
الموضوع ولا ننس
دور
جمعية كنعان لفلسطين مثلاً ولا
دور الرئيس الذي أرسل زميلنا
عبدالملك المخلافي إلى
لبنان
موفداً للإشراف على دعم الشعب
اللبناني وبناء بلدة مدمرة في
الجنوب اللبناني، هذه كلها تشير
إلى أنه ليس صحيحاً أن الحركة
الشعبية العربية لا تقوم بالحد
الأدنى من واجباتها لكن ما هو
مطلوب أكثر بكثير
وعلينا
أن نعد العدة من اجله.
*
أستاذ معن كيف تنظر للاقتتال
الفلسطيني
الفلسطيني؟
**
أنظر إليه
بألم وحزن.. على المستوى الإنساني
لا يمكن القبول به،
وعلى
المستوى الوطني قتال وانقسام يؤذي
القضية الوطنية الفلسطينية ويهدد
المشروع
الوطني
الفلسطيني بل إذا لم يتم معالجته
بسرعة كافية فقد يؤدي إلى تقسيم
الكيان
الفلسطيني إلى فرعين ومن هنا
اعتقد أن مهمة كل المخلصين أن
يضغطوا في كل الاتجاهات
من اجل
تجاوز هذا الانقسام وهو أمر اعرف
تجاوزه صعب لان الضغوط الأميركية
والإسرائيلية واضحة في منع
التفاهم الفلسطيني الفلسطيني.
الاداء العربي الشعبي
«دون
المطلوب»
*
نتجه إلى العراق .. كيف تنظر إلى
مستقبل العراق؟
**
هناك
قوانين
في التاريخ لا يمكن تجاهلها وهو
إذا تعرض شعب للاحتلال فلا بد ان
يقاومه ولابد أن
يخرج
المحتل وينتصر الشعب هذه المقولة
تمت ترجمتها بسرعة قياسية في
العراق، فمن
اللحظة
الأولى لاحتلال بغداد بدأت
المقاومة عملياتها وتصاعدت
وتأثيراتها ليست واضحة
داخل
العراق، وإنما داخل الولايات
المتحدة الأميركية، حيث باتت
العنوان الابرز للمعارك
الانتخابية والنقاش السياسي، يعني
يكفي أن مرشحاً شاباً اسود تحول
إلى ظاهرة كبرى
في
الانتخابات الأميركية وهو أوباما،
ما هو فضل أوباما على غيره من
المرشحين؟ انه
يعتبرالوحيد الذي رفض الحرب على
العراق وطالب بسحب القوات
الأميركية من العراق وربط
هذه
المطالب بالتغيير داخل الولايات
المتحدة، بمعنى أن العراق ومعركته
ومقاومته قد
فتحت
عيون الأميركيين على الحاجة
للتغيير وبالتالي فان تغييراتها
مذهلة داخل
الولايات المتحدة، واستطيع القول
بكل ثقة ودقة أن المشروع الأميركي
في المنطقة
والعالم قد ارتبك واهتز وحتماً
سينهار بسبب العراق، ولكن هزيمة
الاحتلال في العراق
ليست
كافية لوحدها نحن مشهود لنا كعرب
ومسلمين بالتفوق في مقاومة
العدوان لكننا لا
نجيد
بناء النصر، نستطيع أن نهزم
أعداءنا لكن لا نستطيع أن ننجح في
بناء أوطاننا
هذه
تجربتنا بعد الاستقلال، وقد تكون
تجربتنا في المستقبل.. لذلك
العراقيون
الوطنيون المقاومون، المجاهدون
مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى
أن يهيئوا العراق
لما
بعد الاحتلال، لعراق موحد عراق
عربي ديمقراطي تعددي، يواجه فيه
كل طرف من أطراف
الحياة
السياسية أخطاء الماضي وخطاياه
لان الجميع قد ارتكب أخطاء وخطايا
والمطلوب
أن
يراجع الجميع ذلك من اجل بناء
عراق موحد لكل العراقيين وعراق
تعددي يضمن الحرية
السياسية لكل القوى العراقية
المخلصة .
*
كيف لنا مواجهة أزمة الغذاء؟
**
أزمة الغذاء
كما بات واضحاً لها سببان عالمي
وأسباب محلية، فهناك أزمة غذاء
عالمية
لكن
تفاقمها في بلادنا يعكس وجود خلل
داخلي حين يجتاح وباء معين بلدا
ما، الأجسام
الضعيفة تكون أكثر استعداداً
للإصابة من غيرها، لان جسمنا
العربي ضعيف فنخور
بالفساد والاحتكار، والسرقة وغياب
التنمية والتخطيط فكان لهذه
الأزمة هذا الوقع..
انا
اعتقد لو ان كل العالم يواجه أزمة
غذاء فان الأمة العربية لا يجب أن
تواجه هذه
الأزمة
لأنها تملك من الأراضي والإمكانات
ما يمكنها من أن تنتج لنفسها
ولغيرها من
القمح
والأرز والذرة وكل المعونات
الأساسية للغذاء العالمي لكن
السودان الذي يمكن
أن
يشكل خزانا زراعيا للعرب يواجه ما
يواجه من اضطرابات ربما احد
أسبابها هو منع
السودان من أن يتحول إلى خزان
العرب وكذلك الأمر في أقطار عربية
كثيرة، أموال تنفق
وتوزع
وتهدر من أموال النفط وغيرها فيما
المشروعات التنموية الزراعية
العربية
غائبة،
ولابد من خطة طوارئ عربية من اجل
تطوير الإنتاج الزراعي على امتداد
الأمة،
يكون
لها صندوق خاص يخصص له جزء من هذا
التفوق في الارتفاع الكبير في
موارد النفط
لان
جزءا من ارتفاع الغذاء هو نتاج
ارتفاع أسعار النفط، ففكرة الوقود
الحيوي ناجمة
عن
ارتفاع أسعار النفط، فأصبحوا
يأتون بالمحاصيل الزراعية لإنتاج
وقود حيوي يخفف
الحاجة
إلى الوقود الطبيعي فتساهم ارتفاع
أسعار النفط في حل أزمة الغذاء أو
على
الأقل
تخفيفها في بلادنا العربية.
*
كلمة أخيرة؟
**
علينا أن نثق
بأمتنا
وبمستقبلها وقدرتها على المقاومة
وتجاوز كل الافخاخ المنصوبة لها
ولكن هذا لا يتم
إلا
بثلاثية الوحدة والمقاومة
والديمقراطية.
|