قبل أكثر من ستة أشهر تقريبا
التقيت صدفة بغير موعد بصديق قديم
لم التقيه منذ الاحتلال وعرفت انه
يشغل الآن منصبا أكاديميا رفيعا
في إحدى الجامعات الإسلامية طبعا
في القطر وفرحت جدا لهذا اللقاء
اشتياقا له شخصيا وللنقاشات التي
كانت تدور بيننا سابقا وبعد كثير
من السلام والسؤال عدنا من دون
رغبة او سابق قصد او شعور الى
الإسلوب القديم في النقاش
والاختلاف الحاد والتقاطع في
وجهات النظر رغم إننا كنا في
أحيانا كثيرة نتطابق في آراءنا
لأننا كلانا بمستوى يمنعنا من
التعصب الأعمى لما نتبنى من فكر
ولان قناعاتنا كانت مبنية على
أساس كبير من التفهم ولان
الاختلاف الفكري لا يفسد من
العلاقات الشخصية شيء. إن ما
أثار النقاش هذه المرة وعن دون
قصد كان وجود إحدى الطالبات التي
تعد لبحث رسالة الماجستير فكانت
الطالبة ميالة الى إن تكون
رسالتها ذات طابع قومي بينما
اقترح هو عليها إن يكون بحثها عن
احد الأحزاب الإسلامية السياسية
العاملة في الساحة العراقية اليوم
واقترح عليها بالتحديد إن يكون
بحثها عن حزب الدعوة واستعداده إن
يدعم جهودها بالوثائق والمستندات
والأدلة المنشورة وغير المنشورة
التي تدعم بحثها ويخلص البحث
بالنتيجة الى أن الدعوة حركة او
تيارا إسلاميا ذو توجهات طائفية
انحرفت كثيرا عن فكرة تأسيسها ومن
ثم فضح قادتها السابقين والحاليين
وتعريتهم وهنا سمحت لنفسي إن
أتدخل في النقاش الدائر بينهم بعد
إن ضحكت من ألمي على الطالبة
وماذا سيحصل لها فيما إذا نفذت
رغبة صديقي في ظل ديمقراطية
امريكا والأحزاب التي تربعت على
كراسي حكومة المليشيات .
ما جعلني أتذكر هذا اللقاء ما
نشره الأستاذ الفاضل كاظم عبد
الحسين عباس وتعليقه حول مقالة
السيد ضياء الشكرجي مع إني سريع
النسيان واعتقد إن تسارع الأحداث
منذ الاحتلال الامريكي البغيض
لقطرنا العزيز جعل من ذاكرتي وحسب
ملاحظات رفاقي وأصدقائي المقربين
اضعف مما كانت عليه بكثير
وملاحظاتي السابقة أيضا ضعفت
وربما عامل السن او رصاصات
مليشيات الأحزاب التي سماها السيد
ضياء الشكرجي الإسلامية التي
اخترقت صدري لها دخل بضعف الذاكرة
إلا مما يخص الاحتلال وعملائه
فذاكرتي لا تنساه , وما أردت قوله
إن الأحداث التي مرت بالقطر خلال
فترة الاحتلال الامريكي – الفارسي
قد كشف الكثير من الأمور وجعلت
العراقيين البسطاء وعامة الناس من
غير المعنيين بالسياسة وتحليلاتها
الآن يشخصون وبشكل دقيق إن من
يملك أدنى درجات الوطنية لا يمكن
إن يقبل بالاستعانة بالأجنبي مهما
كانت قوميته او دينه على أخيه
وابن جلدته فإذا كان الحكام العرب
في عام 1990 وما بعده قد استعانوا
واستنصروا باطلا بالأمريكان
وغيرهم كجزء من تنكرهم لدور
العراق وقيادته النبيلة في حسم
الكثير من المواقف القومية لصالح
العرب على شقيقهم الشعب العراقي
الذي عانى من نتائج ذلك من حصار
قاسي راح ضحيته أكثر من ملون ونصف
المليون عراقي تعددت أساليب الموت
فيه وبأسبابه دون إن يرحمه احد ,
فان شعبنا العربي في الخليج يعاني
ما يعانيه من ذلك التصرف الأرعن
لهؤلاء الحكام ومن بين أهم نتائجه
ارتفاع نسبة المتعاطفين مع
تنظيمات القاعدة بل المنخرطين
فيها , ولا أنسى جواب اثنين من
إخواننا الخليجيين الذين استشهدا
"رحمهما الله ورحم كل شهداء
الكرامة " أثناء معارك صد العدوان
الامريكي في عام 2003 عندما
سألتهما عن سبب مشاركتهما في صد
العدوان والدفاع عن العراق في حين
إن أقطارهم في مأمن من الحرب
والعدوان حين قالا بالحرف الواحد
" لأننا نعرف ما يمكن إن تفعله
امريكا في العراق من خلال ما
لمسناه منها وما فعلته في
السعودية وفي الكويت خصوصا وغيرها
من أقطار الخليج العربي , وان
يسيطر العراق على كل المشرق
العربي لأهون بألف مرة من وجود
شخص أمريكي واحد بأي صفة في وطننا
العربي الكبير, وان ندفعها عن
العراق اليوم فان غدا سنقضي جميعا
على وجودها في أي شبر عربي لأننا
نعرف ما يمكن إن يقدمه العراق
وقيادته الوطنية للعرب والمسلمين
" علما إن احدهم كان كويتيا ثم
عاد الحكام العرب فاصطفوا في خندق
الحرب على العراق الى جانب
الأجنبي الكافر الغازي رغم مظاهر
احتجاج الشارع العربي والعالمي
ولا زالوا تحت تأثير الضغط
الامريكي فعززوا قبيح فعلهم
بالاعتراف بحكومة عملاء الاحتلال
وتعانوا معها في الوقت الذي توضع
قيادة العراق الشرعية في أقفاص
الأسر لتغتالهم الأيادي الخبيثة
المعادية الحاقدة على الشعب
العراقي والعربي والإسلامي الواحد
تلو الآخر ولا يحرك احد من الحكام
ساكنا .
لا فض فوك يا صديقي ولا تعبت
يمينك ولا كلٌت ولكن من عمل
بالأمس في جماعة وهو يعرف نواياها
من أهله ومن بلده كحزبه , حزب
الدعوة او مجلسهم غير الإسلامي
ولا زال الى هذه اللحظة لا يعترف
بحقائق باتت أوضح من شمس نهار
تموز في العراق فينكر على
الوطنيين وطنيتهم وعلى البناة ما
بنوه ويخون من يدافع عن بلده بشرف
ويحافظ على كرامة شعبه وان يعاقب
الخونة والعملاء وان ذكر الحقيقة
فعلى استحياء ويأمل من الاحتلال
الامريكي إن يقيم له الديمقراطية
بشكلها الذي نعرفه مسبقا ولمسه كل
العالم منذ خمس سنوات ولا يستطيع
إن يدرك إن ما حصل لوطنه ويحصل
بسببها هل يمكن إن يرتجى منه خيرا
, إن هذا ومن مثله قد أعمى الله
بصيرتهم فسقطوا في حضيض الخيانة
للوطن ولا يستطيعون إلا الولاء
للأجنبي فأصابهم مرض أهون منه
الرذيلة فلا تتحرك في أعماقهم
غيرة الرجال ولا تغرنك أسماء كانت
بالأمس رنانة تتمشدق بالوطنية وهي
منهم براء وقد تعلمنا إن لا حياد
في الولاء للوطن بعد الله ومن
دعمه الأجنبي ضد بلده بالأمس
يطالبه بالثمن اليوم وهذا فرض عين
يدفع ثمنه العراقيين دما عبقا وفي
هكذا أمور لا بد إن يكون المرء
حازما وحكمه صارما مع أناس كانت
فتاويهم تقتل العراقيين وأعمالهم
التخريبية وتفجيراتهم تطال
المدنيين الآمنين فهل يستحقون غير
ما لا يقل عن الإهمال والاحتقار
والطرد إذا ما كان أكثر .
يتبادر الى ذهني سؤال هو هل
يستطيع أي بعثي صميمي إن يفجر
بناية عامة او يدمروا مشروعا
خدميا على امتداد مساحة العراق
حتى وان أصبح العملاء اليوم
ينتفعون منه ؟
أنا أجيب بالنفي المطلق لسبب
بسيط هو إن البعثيين هم من بنوا
العراق الحديث بشكله المعروف
وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء ويد
كانت تبني يستحيل عليها إن تهدم
من كانت تبني مصداق ذلك العمليات
الجهادية التي ينفذها رجال
المقاومة الأشاوس في الحزب
والتشكيلات الجهادية التابعة له
والمتحالفة معه حيث يتم اختيار
أهدافها بدقة بحيث تسبب اكبر قدر
ممكن من الخسارة البشرية والمادية
للعدو وعملائه وتبتعد عن إيقاع
الأذى والضرر بالعراق وأهله فلا
نبتئس جميعا من حديث سقط متاع
وتصميمنا مع شعبنا على السير في
الجهاد حتى التحرير لن يثني من
عزمنا سفسطة كلامية فارغة من شخص
لا دين ولا وطن ولا عرض له ولا
يملك من قيم الرجولة أدناها .
Iraq_almutery@yahoo.com |