معارك
توكلنا على الله – الأولى -
(ابتداء من ص 157)
كانت نتائج معركة الفاو (رمضان
المبارك) ليلة 17-18/4/1988 رائعة
وكبيرة من الناحيتين المادية
والمعنوية، وكانت حقا معركة
المنعطف الكبير... وقد رافقها ضجة
اعلامية عربية كبرى...
لقد تمت استعادة المبادأة من
العدو، بل انتزاعها منه، وبدأ
بعدها يترنح من هذه الضربة التي
كسرت فكه الزجاجي... وحاول أن
يصورها انها ضربة تحت الحزام...
لكننا كعراقيين نعلم قبل غيرنا ان
هذه المعركة تم التخطيط لها منذ
زمن بعيد.. حتى جاء القرار
الاستراتيجي الشجاع للشهيد صدام
في الوقت والزمان المناسبين...
صباح يوم 27/4/1988 اقسمت اليمين
مجددا على التخطيط لمهمة تحرير
أخرى.. ألا وهي مهمة تحرير
الاراضي العراقية المحتلة في قاطع
الشلامجة... خرجت مع قائد الحرس
الجمهوري لاستطلاع ذلك القاطع...وكانت
معظم استطلاعاتنا سيرا على
الاقدام في الخنادق الامامية
لقواتنا المدافعة هناك.... كان
التخطيط يجري بسرية عالية كما في
المعركة السابقة، إلا أن وضعنا
النفسي كان مريحا، وكنا متفائلين
جدا... كنا نسهر عدة ليال
متوالية، وكان معدل الوثائق التي
كنت أحررها وأرسمها يزيد عن
ثلاثين وثيقة كل ليلة... وكان
ممنوع علينا استخدام الالات
الطابعة واجهزة الاستنساخ لشدة
ضوابط أمن الخطط... وخلال تلك
الفترة اعلن تلفزيون بغداد عن
تجربة ناجحة لصاروخ عراقي أرض –
أرض بمدى 900 كم اطلق عليه اسم
العباس...
في يوم 10/5/1988 استلم قائد
الحرس الجمهوري توجيها من القيادة
العامة بأن موعد تنفيذ خطة تحرير
الشلامجة هو 1/6/1988 بمشاركة
الفيلق الثالث
الذي سينفذ مهاما ثانوية باتجاه
كوت سوادي... أما الجهد الرئيسي
المحصور ما بين خشم البحيرة خارج
الى شط العرب داخل فسيكون من
مسؤولية قوات الحرس الجمهوري....
فجر يوم 14/5/1988 شنت عدة
تشكيلات من طائراتنا المقاتلة
غارة جوية بمدى 1200 كم على جزيرة
لاراك
الفارسية النفطية عند مدخل الخليج
العربي... حيث اصبح للعراق ذراع
طويلة يضرب فيها القدرات المعادية
العسكرية منها والاقتصادية...
خلال مرحلة الاستحضارات تأكدت لنا
قوة العدو كالاتي:
سبعة افواج مشاة في خط جاسم، ستة
افواج في الساتر الحدودي شلهة
الاغوات، سبعة افواج مشاة اخرى في
خط الدعيج، اي العمق، عشرة افواج
مشاة احتياط خلف خط الحدود
الدولية، اضافة الى فوج دبابات في
الخط الدفاعي الثاني من اللواء 3
المدرع، الفرقة 92 المدرعة،
وبإسناد 40 مدفعا وقاذفا
للصواريخ....
في يوم 25/5/1988 (الساعة 03:45)
استلمنا أمرا وقع علينا
كالصاعقة... حيث قدم يوم الهجوم
الى هذا اليوم بدلا من يوم 26/5/
وصارت ساعة الشروع به 08:30 بدلا
من 06:30.. فيا للهول...
كيف نعدل ونسرع الخطط ؟؟ بينما كل
ما لدينا من الوقت هو ساعات
قليلة؟!!
كان الموقف حرجا للغاية... بل
ويصعب وصفه... لكن لعبت أجهزة
الاتصال دورها، واندفع ضباط
الارتباط وضباط الركن في كل
الاتجاهات لتبليغ وتسريع حركات
القطعات... وتم تحقيق المطلوب...
ثم جرى التعديل وأجلت ساعة الشروع
الى الساعة 09:30.... وتم تبليغ
جميع التشكيلات باستثناء أحد
تشكيلات فرقة بغداد – حرس جمهوري
– حيث وصله التبليغ بعدما كان قد
عبر خط الشروع بثلاثمائة متر...
فأوقفت حركته... وكان موقفا حرجا
للواء يقف بين خط الشروع وخط
الاماكن الدفاعية للعدو...
في الساعة 09:30 بدأت مئات
المدافع وضمن منهج موقوت بتأمين
النار الساترة لقطع الصولة وضمنها
ضربة كيميائية... فانطلقت الفصائل
الامامية بعبور الممرات التي
فتحتها القطعات الهندسية في
الليلة الماضية... وملأت صيحاتهم
الجو بعبارة الله أكبر لتعلو على
أصوات المدافع....
ثم انطلقت الدبابات الامامية
للتشكيلات المعقبة... وفي الساعة
10:42 استلمنا اول تقرير عن
الموقف يفيد باحتلال الخط الدفاعي
الاول نهر جاسم... فتعالت الاصوات
بالحمد والتكبير...
وفي الساعة الحادية عشرة تكامل
عبور جحفل معركة كتيبة دبابات
ضمنها سرية مشاة آلي من اللواء
السابع عشر المدرع – حرس جمهوري –
بقيادة العقيد الركن عبد العزيز
الحيالي شط نهر العرب بفجوة 500 م
على جسر نصبته كتيبة تجسير الحرس
الجمهوري....
وقد بذل عناصر الهندسة العسكرية
اقصى جهد للمحافظة على سلامة
الجسر... وكانت قطعات من الضفادع
البشرية من اللواء 26 واجبات خاصة
حرس جمهوري قد مهدت لهذا
العبور... حيث قضت على المقاومات
المعادية في الضفة الشرقية للشط
(النهر)... وكان انجاز العناصر
رائعا... اعقب ذلك احتلال الجزء
الغربي من الخط الدفاعي الثاني
(نهر الدعيج) في الوقت الذي
استطاعت فيه فرقة المدينة المنورة
تحرير الجزء الشرقي من نهر
جاسم.... وفي الساعة 12:00 اندفع
اللواء السادس عشر قوات خاصة حرس
جمهوري لاكمال وتحرير جزيرة
الطويلة مع توغل فرقة المدينة
المنورة نحو خط الدعيج... وكان
لواء المغاوير الثاني عشر واللواء
22 يواصلان تحرير أجزاء أخرى من
جزيرة إلى أخرى.... وكان أداء
اللواء 12 ممتازا...
وفي الساعة 12:30 زار الشهيد صدام
مقرنا... وتم أعطاؤه ايجازا عن
آخر تطور للموقف....
وفي الساعة 12:50 شرعت فرقة بغداد
بالاندفاع نحو خط الدعيج لاكمال
الصفحة الثانية، وفي الساعة 13:25
تمكنت فرقة المدينة المنورة من
الوصول الى اهدافها.. كذلك أكملت
فرقة حمورابي حرس جمهوري أهداف
الصفحة الثانية...
وفي الساعة 14:45 تم احتلال السدة
الحدودية.... وفي الساعة 15:40 تم
تحرير جزيرة الفياض... ثم تحرير
آخر نقطة في جزيرة شلهة
الاغوات... وبذلك اكملت فرق الحرس
الجمهوري مهماتها... في الوقت
الذي انجز فيه الفيلق الثالث
بقيادة اللواء الركن صلاح عبود
مهمته بتحرير الارض الوطنية
المحصورة بين بحيرة الاسماك
والسدة الحدودية....
وفي هذه المعارك استشهد آمر
اللواء 24 العقيد الركن بشير وهو
في مقدمة قطعاته...
تبادلنا التهاني مع الشهيد
صدام... الذي جلس في ركن من مقرنا
مع نائبه وزير الدفاع الشهيد
عدنان ليكتب نص بيان القيادة
العامة لزف البشرى للشعب العراقي
الأبي الشهم من خلال وزير الاعلام
الذي استلم النص بواسطة
الهاتف....
((يوجد خريطة في الصفحة 162 من
الكتاب توضح عملية تحرير الشلامجة
البطولية))...
المعركة الثانية
تحرير جزر حقول نفط مجنون
قاطع عمليات الفيلق الثالث
(ص 163)
في 12/6/1988 بدأنا بالاستعدادات
مرة أخرى لتحرير جزء آخر من تراب
الوطن الغالي
(على ضوء خطط مستلمة من
القيادة)...وهو عبارة عن مجوعة
جزر صناعية يقع القسم الاعظم منها
داخل حدود الوطن... بنيت لأغراض
عمليات استخراج النفط... وهي
تنقسم الى شمالية وجنوبية....
الشمالية منها ترتبط مع الدولة
الفارسية بسداد ترابية...
والجنوبية تتصل بمنطقة السويب...
ملتقى نهري دجلة والفرات.....كرمة
علي.....
بدأنا في أكثر من اتجاه... تصوير
جوي، نقل قطعات ومعدات الاعتدة،
جمع وسائط العبور المختلفة
الى مسرح القتال..
مثل المسطحات المائية مختلفة
الاعماق تكسو معظمها نباتات
المستنقعات الكثيفة... كانت قوات
العدو تتألف من لواء باسدران،
يتكون من خمسة أفواج إضافة الى
سرية دبابات من اللواء الثالث
المدرع، الفرقة 23 المدرعة
باسدران في حقول النفط الجنوبية،
ومن 15 – 20 فوجا من المشاة في
حقول النفط الشمالية... يسندها
ثلاثة افواج مدفعية.... اضافة الى
خمسة افواج باسدران شرق عقدة
السداد رشيدة....
كان الفيلق السادس بقيادة اللواء
الركن (البطل) سلطان هاشم
((الذي يسعى المجوس لاغتياله في
أيامنا هذه مع رفاقه الأبطال
الأسرى))
يدافع عن الحافة الغربية لجزء
مجنون،
والمحاذية لنهر دجلة.. أما الفيلق
الثالث فكان يدافع عن الحافة
الجنوبية لتلك الجزر... لابد أولا
من الاشارة الى جهود صنف الهندسة
في هذه المعركة كما في السابق
عظيما... وكانت معنويات مقاتلينا
تيسر الحلول لأكثر المعضلات......
أعددنا خطط تنقل وتحشد وتجحفل
دقيقة لثلاث فرق من الحرس
الجمهوري في الامام وفرقة في
العمق...
ليلة 12-13/6/1988 قام العدو بشن
هجوم مفاجيء على جزء من قاطع
الفرقة التاسعة عشر التي كانت
بقيادة العميد الركن مجيد
السامرائي من الفيلق الثالث...
وذلك في قاطع الشلامجة المحرر...
فوجهت عدة تشكيلات من الحرس
الجمهوري التي شنت هجوما سريعا
طردت فيه القوات المعادية من
الموقع..... وسلمته الى قوات
الفيلق الثالث التي اجرت ترصين
لمواقعها....
كانت خطة الحرس الجمهوري تقوم على
استعادة حقول مجنون الجنوبية ثم
الاندفاع الى المنطقة الشمالية
بقوة فرقتين لكل هجوم...
وكان قائد الحرس الجمهوري قد أشرف
شخصيا على تدريب المدفعية على
نوعين من النيران الساترة:
تمركزات نارية، ورميات خطية.....
مع انزال قوة لا تقل عن فوج قوات
خاصة لقطع طريق انسحاب العدو،
ولأسر أكبر عدد ممكن من جنوده...
تم توزيع قطعات الصولة كما يلي:
-
136 طوفا من القوة البحرية
-
1460 زورق صولة منها 260 زورق
مطاطي
-
220 زورقا حاملا لأسلحة مساندة
-
2700 دعامة جسر فليني للمشاة
-
830 دعامة جسر خفيف للعجلات
-
12 دبابة تجسير
-
جسر بانتونات
PMP
بطول 500 م
-
إنشاء خمسة أحواض (أرصفة) إنزال
قوارب
-
48 طوفا وبرمائية
-
138 عجلة قتال
PMPI
في الساعة 03:45 يوم 25/6/1988
بدأ القصف التمهدي للمدفعية
والصواريخ بحوالي 400 فوهة
سلاح..... وفي الساعة 04:15 شرعت
قطعات صولة القدمة الاولى بعبور
خط الشروع... وبعد حوالي ساعتين
أنجزت فرقة حمورابي الصفحة الاولى
من المعركة بخسائر قليلة، منها
استشهاد آمر لواء المغاوير الثاني
عشر المقدم الركن أحمد عكلة،
فخلفه وكيله توفيق، وشرعت بتنفيذ
الصفحة الثانية...
وفي الساعة السابعة والنصف من نفس
اليوم أنجزت فرقة المدينة المنور
حرس جمهوري احتلال أهداف الصفحة
الاولى وشرعت باحتلال أهداف
الصفحة الثانية...
وفي الساعة التاسعة أكمل لواء
المشاة الالي الخامس عشر حرس
جمهوري أهداف الصفحة الثانية...
وبحلول الساعة السابعة والنصف
مساء تم تحرير جزر مجنون
بأكملها... ومن ثم انزال فوج
القوات الخاصة من اللواء السادس
عشر حرس جمهوري خلف خطوط العدو...
وتم الاتصال مع قطعات الفيلق
السادس في سدة الدسم....
وكانت التقارير الواحد تلو الثاني
تتحدث عن تحقيق الانتصار تلو
الانتصار في أعقد عمل تعرضي في
تاريخ الجيش العراقي... وكالعادة،
زارنا الشهيد صدام ونائبه الشهيد
عدنان في مقرنا....
وأشرفا على سير القتال بقلوب
مطمئنة واثقة بالنصر... والحمد
لله أنجزت قواتنا تحرير جزء آخر
عزيز وغالي من وطننا... وبدت ساعة
إعلان كسبنا للحرب قريبة جدا...
وكالعادة تناقلت وسائل الاعلام
العربية والعالمية عبر الاقمار
الصناعية صورا عن ذلك النصر
العراقي الجديد....
((خريطة المعركة في الصفحة
167)).....
المعركة الثالثة
قاطع الزبيدات
قاطع عمليات الفيلق الرابع
(ص 168)
تأكد بلا شك الاقتدار العراقي،
وتأكد لنا أننا بفضل الله كسبنا
هذه الحرب الظالمة التي شنت علينا...
لقد كانت نتائج التحرير في
المعارك السابقة دلالة على انهيار
العدو وفقدانه الارادة على
القتال، وأن معنويات قادته
ومقاتليه اصبحت في الحضيض...
وتأكد لنا اصرار القيادة على
ادامة زخم التعرض المقابل بهدف
استثمار الروح المعنوية لقواتنا
اثر الانتصارات السابقة..
استلم قائد الحرس الجمهوري توجيه
الشهيد صدام بالتهيؤ السريع
لتحرير الأجزاء المحتلة من تراب
العراق العظيم في قاطع عمليات
الفيلق الرابع – قاطع الزبيدات
– بالرغم من قساوة المناخ الحار..
وتعب القطعات التي أنجزت ثلاث
معارك كبرى.. وذلك بالمشاركة مع
قوات من الفيلق الرابع بقيادة
اللواء الركن أياد خليل زكي...
إن ساحة العمليات الجديدة ذات أرض
متموجة، وكانت سلسلة حمرين تشكل
الجزء الوعر منها، ويعتبر نهر
دويريج المحاذي للحدود الدولية
مانعا لعمل القطعات المدرعة، حيث
يتحدد العبور بالجسور..
أو....
من خلال المخاضات
المحدودة....زودتنا الاستخبارات
العسكرية بصور جوية جيدة... كانت
مهمة قوات الحرس الجمهوري التي
حددتها توجيه الخطط للقيادة
العامة تتمثل بالهجوم على مواضع
العدو في منطقة الشرهاني لاستعادة
الاراضي العراقية المحتلة من شمال
مرصد القائد بحوالي 2 كم والى
منطقة الحدود الدولية جنوب مخفر
الشرهاني داخل، وتدمير العدو داخل
الاراضي الفارسية من مخفر عنكيزة
وحتى شمال جم صريم بحوالي 2 كم...
ثم الاندفاع الى منطقة عين الخوش
لتدمير مدفعية العدو واسر اكبر
عدد ممكن من مقاتليه.. وذلك بهدف
معادلة عدد الاسرى العراقيين في
معسكرات العدو...
في الصفحة الاولى من هذه المعركة
تهجم فرقة بغداد وفرقة المدينة
المنورة وفرقة نبوخذنصر مع الضياء
الاول ليوم 12/7/1988...
من مرصد القائد وحتى مخفر
عنكيزة.... وتبقى فرقة حرس جمهوري
احتياط... اما في الصفحة الثانية
فتهجم فرقة بغداد وفرقة المدينة
المنورة وفرقة نبوخذ نصر على
مواضع العدو في مفرق الطريق العام
ونهر دويريج وتصل الى عقدة الطريق
شمال جم صريم للوصول الى عين
الخوش وموسى الحادي في العمق
الفارسي.... خرجت مع قائد الحرس
الجمهوري لاستطلاع نهائي
لأهدافنا، اولا بواسطة مروحية، ثم
بواسطة عجلة استطلاع صغيرة...
بعد اكمال التحشدات، بدأت العملية
في الساعة 06:45 من يوم 12/7/1988
بقصف تمهيدي شديد من مدافع
وصواريخ اكثر من 40 كتيبة
مدفعية... وفي الساعة 07:15 عبرت
قطعات الصولة خطوط شروعها تحت ستر
نار المدفعية والدبابات..
وفي الساعة 07:40 من نفس اليوم
اكمل لواء المشاة 19 حرس جمهوري
واللواء 11 مغاوير احتلال الساتر
الاول... واندفع لواء المشاة 20
ولواء المشاة الخامس ولواء المشاة
22 لاحتلال الساتر الثاني... وفي
الساعة الثامنة صباحا بدأ القتال
في الساتر الثاني... وفي الساعة
التاسع والربع تم احتلاله... وفي
الساعة 10:40 اكمل الفوج الاول من
اللواء السادس عشر قوات خاصة حرس
جمهوري احتلال هدفه شمال نهر
دويريج... وفي الساعة 11:32 بدأ
قتال الصفحة الثانية... وفي
الساعة 12:57 اكملت اهداف الصفحة
الثانية وشرعت وحدات الهندسة
بإزالة السواتر فورا...
حضر الشهيد صدام الى مقرنا
للاشراف على التنفيذ وكان هاديء
الاعصاب... يتفحص تقارير الموقف
بدقة، ويستمع باهتمام لشرح قائدنا
عن سير العمليات ويبدي ملاحظاته،
ثم يتصل بالقادة المتنفذين واحدا
بعد الاخر يبارك لهم الانتصارات،
وكواثق بالنصر أشار الى ضرورة اسر
أكبر عدد ممكن من جنود العدو
وتدمير ما يمكن تدميره من أسلحة
وعتاد...
في يوم 14/7/1988 تم احتلال مقر
الفرقة 21 الفارسية، ومقر
عملياتهم، وسبق ذلك انزال فوج
قوات خاصة من اللواء السادس عشر
حرس جمهوري بواسطة الطائرات
السمتية في عين الخوش، وتم الوصول
الى منطقة جنانة، وكان مجموع اسرى
العدو قد بلغ 7221 اسيرا بين ضابط
وجندي...
وكنا نتابع عمليات تطور الخطة
بالطائرات، وكنت استقل واحدة من
نوع غازيل.... كنا نضطر للهبوط
اكثر من مرة عندما يتسلم الطيار
تحذيرا بوجود طيران معاد.. وحصلت
حادثة مؤسفة حين استشهد بنيران
صديقة صديقي المقدم قدري شاكر
صالح وكان مساعدا لي حين كنت آمرا
لكتيبة دبابات الحمزة... كذلك
وللاسف استشهد أحد الصحفيين العرب
الذي كان يتجول بين قطعاتنا....
كانت هذه المعركة تتميز بأنها جرت
بأقل وقت من التحضيرات ونطاقها
كان واسعا جدا وتطور خلال مراحل
التنفيذ، كما انها كانت المعركة
التي اسر فيها أكبر عدد من جنود
العدو...
وهي المعركة التي نفذ فيها جيشنا
اكبر نطاق مناورة... وكانت مفخرة
للجيش العراقي العظيم سجلت له انه
ناور بفيلقي عمليات ثقيلين
بتوقيتات وظروف عملياتية تعتبر
قياسية جدا تعجز عنها جيوش دول
كبرى...
كذلك في هذه المعركة فقد العدو
ارادته في القتال، حيث كان افراده
لا يبذلون جهدا كبيرا للتخلص من
الاسر... فقد كانوا يستسلمون
فورا....
((خريطة المعركة في الصفحة
173))...
المعركة الرابعة
قاطع سربيل زهاب كيلان غرب
قاطع عمليات الفيلق الثاني
(ص 174)
صباح يوم 18/7/1988 بدأت قوات
الحرس الجمهوري بالتنقل من قاطع
عمليات الفيلق الرابع الى قاطع
عمليات الفيلق الثاني خانقين –
جلولاء..
على اثر صدور توجيه القيادة
العامة للهجوم على العدو في
اراضيه بين منطقتي امام حسن –
وسربيل زهاب لتدمير واسر اكبر عدد
ممكن من قواته والاستيلاء على
الاف الاطنان من العتاد المتواجد
في ذلك القاطع، واجباره على ايقاف
العدوان.... قبل ذلك بيوم كنت
استمع من راديو السيارة التي كنت
استقلها ان الفرس اعلنوا قبولهم
لقرار مجلس الامن 598... وكانوا
قد رفضوا ذلك القرار قبل عام
بعجرفة وغطرسة فقد كانوا لاينوون
وقف القتال الا بعد اسقاط النظام
السياسي في العراق..... وبعد هذا
الاعلان الفارسي بدأت القيادة
العامة عندنا تضغط لسرعة اكمال
التحشدات كي لا يتعرض العراق
لضغوط دولية لايقاف الحرب قبل ان
نحرم العدو من امكانياته المادية
وكذلك لأسر اكبر عدد ممكن من
قواته لمعادلة موضوع الاسرى بين
الطرفين....
كذلك علمت عن عبارات اليأس التي
أطلقها الدجال خميني حين توسل
اليه قادته قبول وقف اطلاق النار
وهم ينقلون له حقائق الموقف
العام.... حينها قال ذلك المقبور:
اني اخولكم قبول هذا القرار وكأني
أتجرع كأس السم الزعاف... وكان
لايتحدث الا الحقيقة...
كانت ساحة العمليات عبارة عن
منطقة جبلية تكتنفها عدة سهول
كبيرة تقع بين سلاسل متعددة من
الجبال، واهم هذه السهول سهل
سربيل زهاب وسهل امام حسن...
وكان يخترق تلك الساحة نهر الوند
وبعض الوديان الكبيرة كوادي كيلان
غرب ونفط تولك وكنكاتوش... وتمر
في هذه الساحة عدة طرق اهمها
الطريق الدولي – طهران – بغداد
عبر سربيل زهاب – قصر شيرين –
خانقين، وكذلك الطريق الحدودي جاي
حمام – كوهينة – قصر شيرين وطريق
قصر شيرين – خانقين...
يوم 22/7/1988 وفي الساعة 06:45
بدأت مدفعية الحرس الجمهوري
بالقصف على المواضع الامامية وعلى
بعض المواضع التعبوية في العمق
واخرست عددا من مدفعيات العدو
وبمشاركة القوات الجوية....
وفي الساعة 07:15 شرعت قوات الحرس
الجمهوري بتنفيذ خططها.. فاخترقت
قطعات الصولة خط الحدود الدولية
باتجاه سربيل زهاب – وامام حسن
على مراحل بالوقت الذي شرع فيه
الفيلق الثاني (الفرقة المدرعة
العاشرة والفرقة الالية الخامسة)
بالاندفاع على محوري مندلي –
سومار – نفطخانة – جبل درامان...
وبعد قليل بدأت التقارير تتحدث عن
الانتصارات الاولى وتؤكد عدم جدية
العدو في القتال....كلفت بتدقيق
الموقف حيث وصلت قطعاتنا بالعمق
نو باي طاق عبر كلي داود... ثم
عدت الى سربيل زهاب حيث تمركزت
هناك معظم تشكيلات فرقة نبوخذ نصر
حرس جمهوري... رجعت الى مقرنا
التعبوي عبر قصر شيرين ثم
المنذرية...
في الساعة 10:37 زارنا الشهيد
صدام ونائبه الشهيد عدنان حيث
اصدر عدة توجيهات لقائدنا حول
تطوير الموقف بجميع الاتجاهات،
وخاصة باتجاه كيلان غرب واحتلالها
والاتصال بطلائع الفيلق الثاني،
الفرقة الالية الخامسة... واسر ما
لايقل عن عشرة الاف جندي من جنود
العدو... واشار الشهيد علينا
بضرورة استخدام القوات المحمولة
لإحكام السيطرة على عقد الطرق...
كذلك كلفت فرقة القوات الخاصة حرس
جمهوري بقيادة العميد الركن وعد
الله مصطفى بالاندفاع لاحتلال
محافظة كيلان غرب، على أن يؤمن
اللواء الثامن عشر آلي حرس جمهوري
الاتصال بها....
وتم إنزال اللواء السادس عشر قوات
خاصة بواسطة طائرات سمتية على
المرتفعات المطلة على مدينة كيلان
غرب...
وفي الساعة 19:00 قبل الغروب دخل
احد افواج القوات الخاصة مدينة
كيلان غرب... وفي اليوم التالي
24/7 دفع اللواء المدرع التاسع
حرس جمهوري نحو قلعة شاهين لتدمير
قوة تعادل سرية دبابات معادية
كانت هناك... حين اكمل مهمته اتصل
مع الفرقة الالية الخامسة... هذا
في الوقت الذي قامت فيه سرايا
التموين والنقل بأقصى جهد لنقل
الاعتدة المستولى عليها... وكانت
بأرقام فلكية ما اضطر مقرنا
لاتخاذ قرار بتدمير ما يمكن
اخلاؤه....
كانت اعداد الاسرى من العدو
تتضاعف، وقامت الطائرات بنقل عدد
كبير منهم الى مناطق بعيدة، وكان
منظرهم وهم يلوحون للطائرات
للاستسلام أمرا لايصدق... وعند
نزول اي طائرة لنقلهم، كانوا
يتدافعون اليها بالمناكب... وقد
افاد احدهم وهو برتبة رائد ان
رفسنجاني زارهم يوم 18/7 وطلب
اليهم بذل الجهد بعدم الاستسلام
لان العراقيين لن يتجاوزون كثيرا
في العمق الفارسي!!!!
كان الشهيد صدام قد اصدر في اليوم
التالي لهجومنا أمرا لكل فيالق
الجيش بالتعرض اللامركزي لاستعادة
اي شبر من تراب الوطن لازال خارج
سيطرتنا... فاندفعت عدة تشكيلات
من كل فيلق ومنها الفيلق الخاص
(المتقاعدون) بقيادة الفريق الركن
اسماعيل تايه النعيمي فاستعادوا
كل الاجزاء المحتلة...
وكان الفيلق الثالث قد ذهب بعيدا
نحو الاحواز الى معسكر حميد
الفارسي ودخل بمعركة.... وخاصة
اللواء الثاني عشر المدرع بقيادة
العقيد الركن محمد يونس أمين...
وفي هذه المعركة استشهد قائد
الفرقة الثالثة اللواء الركن طاهر
عبد الرشيد بحادث سقوط طائرة كان
يستقلها...
استعدنا قمم سيف سعد وسانويا،
وبعض الروابي: جلات – الدراجي –
الصدور..
في ليلة 25-26/7 وفي ساعة متأخرة
اتصل وزير الدفاع – نائب القائد
العام – الشهيد عدنان خير الله،
وكنت آنذاك ضابط ركن خفر
العمليات، وكان يستفسر عن الموقف،
وقد طلب مني عدم ايقاظ قائد الحرس
الجمهوري وعدم ازعاجه تقديرا منه
لراحة قائد يدير معركة... فاعطيته
الموقف، وقد خمنت وجود الشهيد
صدام الى جواره... وكانت لدماثة
اخلاقه اثرا كبيرا في نفسي... وفي
ليلة 27-28/7 صدر الامر لقواتنا
التي توغلت في الاراضي الفارسي
بعمق 70 كم بالانسحاب منها وتدمير
كافة الاعتدة والاسلحة التي لن
تستطيع اخلائها... واستغرقت عملية
الانسحاب 48 ساعة... كانت مشاعر
الجميع لاتوصف... فقد انتصرنا
والحمد لله...
في
6/8/1988 تحركت قواتنا باتجاه
الجنوب (العمارة والبصرة) وقد
رفعت أعلام النصر، أعلام العراق
العظيم على رؤوس أرتالها.........
ومساء 8/8/1988 أعلن الشهيد صدام
عبر رسالة متلفزة أن العراق وافق
على الدخول بمفاوضات مباشرة مع
الدولة الفارسية، مع أيقاف
القتال، وانهاء الحرب التي استمرت
ثمان سنوات... تلك الحرب التي
كانت توقعات الخصوم تقول انها
ستنتهي لصالح الفرس.... وعلى إثر
هذا الاعلان خرجت الجماهير
العراقية في كل مكان تعبر عن
فرحها الغامر بهذا النصر العظيم
بشيء لا يصدق.... موجات لاتنتهي
من العراقيين تخرج الى الشوارع
والساحات العامة...
وكان الشهيد صدام حسين بسيارته
الشخصية، يشق طريقه بصعوبة وسط
الجماهير المحتفلة، وبدون أدنى
إجراءات حماية تقليدية.....
((قارنوا بين الشهيد رحمة الله عليه.... وكيف كان
يتجول في كل أرجاء العراق.....
يلتقي المواطنين العراقيين هنا
وهناك... وتذكروا أن رئيس المزبلة
الخضراء الحالي.... الخائن لله
والدين والوطن، الطلباني، يغادر
مزبلته بسيارة إسعاف خوفا من أن
تدعس رأسه بساطير رجال المقاومة
الابطال))....
وفيما أنا أتابع هذا المنظر
الرائع للنصر من خلال شاشة
التلزيون في مقر الحرس الجمهوري
بالبرجسية تراءى لي كل الشهداء
الابطال الذين جادوا بدمائهم
الزكية ليصنعوا هذا النصر مع من
ظل من رفاقهم المقاتلين....
وتراءت لي صور لا تنتهي من صور
البطولة والجهاد لجيشنا... صور
عظيمة من الصبر والمطاولة التي
كانت أسيرة في تاريخنا... وظن
الكثيرون أن ذلك موقوف على الماضي
المجيد.... لقد تحررت طاقة شعب
كانت كامنة.... ولقد كان هذا
الشعب يمتلكها..... بل استعادت
الامة العربية زهوها في هذا النصر
العظيم بعد سلسلة من الازمات
والهزائم التي منيت بها نتيجة ما
أثقلتها به سبعة قرون سوداء
مضت.... وليس كل ما ظهر في صور
البطولة هو ما ظهر... بل كان هناك
صور عظيمة لم يسعف القدر والحظ
على ابرازها.... فكان هناك كما في
حرب جنود وأبطال مجهولون.....
((خريطة المعركة الرابعة في
الصفحة 181)) |