ضحك بطعم المحرقة ، وفرح بطعم
الدم ، هستيريا مفاجأة تصيبك
وأصوات صرخات الطفل تئن من لهب
مشتعل يقتحم مخدعه ، وعويل شقيقه
تهم لإنقاذ شقيقها المدرج بدمائه
أمام ناظريها فما أن تصل إليه
فيباغتها قناص باحدي رصاصات
المحرقة ، لتحتضن سناء جثمان
أخاها ويزفا معا إلي حياة الخلد ،
سناء النائمة تصحو متفحمة ،
لتشاطرها جاكلين استصراخ ضمائر
العالم الأصم استرحاما من محرقة
القرن الواحد والعشرون .
أطفالنا يُقدمون وجبات متفحمة علي
لهب الحقد ليهنأ العالم المتحضر
وهو يتلذذ على لحوم عصافير فلسطين
وغزة ، وهي تتفحم علي لهب المحرقة
الصهيونية ، ونسائنا تتمزق لأشلاء
وهي تحاول استجماع كومات اللحم
المتناثرة في أزقة غزة بظلام
المذبحة.
إنه فعلا ضحك بطعم المحرقة ، وفرح
بطعم الحزن هذا الذي نعيش فيه
وأمة المليار تتسامر حول شاشات
التلفزة تكفكف الدمع ، وتنشد
الفرج العاجل من الله . فالصورة
مشوهة ، والمشهد عبثي ، والمذبحة
مستمرة ومتواصلة .
غزة اليوم هي غزة الأمس منذ سنوات
عام ، شمسها تشرق على إيقاع الحزن
، وقمرها يبزغ علي صرخات الألم ،
فمن يغيثها غزة؟
إنها المحرقة الفعلية تلك التي
نعيشها ، ولكن ليس في غزة فقط ،
بل محرقة عامة تعيشها هذه الأمة
التي يُعتدي على كرامتها ، وينهك
عرضها ، ويتطاول على نبيها ، وهي
تستجدي الفيتو الأمريكي أن لا
يقول كلمته ، وتترقب زعيم هنا
يلقي خطاب ثوري وآخر يدين ويشجب
ويستنكر ، والمحصلة محرقة عربية
متكاملة ، تتقد يوم تلو يوم لتحرق
الفرح في جسدنا الممزق أشلاء.
لا نستطيع الكتابة أو التحليل
عندما نستحضر كلمات وزير الدفاع
الصهيوني "محرقة" لأنه فعلا كان
صادقا ، لم يكذب ولم ينافق ولم
يتجمل ، فهي المحرقة التي حولت
غزة وفلسطين لمذبحة أطفال شاهدها
محمد البرعي ، ووقودها سناء
وجاكلين وعشرات الشهداء وكل أطفال
فلسطين وغزة ، إنها المحرقة التي
لا تتطلب سوي بيان شجب وإدانة
وتنديد من مؤسسات الجامعة العربية
ومجلس الأمن وزعامات الصمت ، وقوي
التلفزة الفضائية التي تركت
محرقتنا مشتعلة ، ولا زالت تقود
عبثيتها في خوض غمار معركة داخلية
ها هي نتائجها محرقة على الأرض .
لا أقوي على قول شيء جيد فالعقل
متمرد على التفكير والرزانة
والمنطق ، ففي خضم المعركة
والمحرقة لا زالت أجد تلفاز
فلسطين وتلفاز الأقصى يتلاعبان
بأجساد أطفالنا ، ليدون كلا منهم
نصر كاذب في معركة الفضائيات ،
فأخرسوا أشرف لكم ، وغادروا
عقولنا التي كدستم الحقد بها ،
غادروا سماء هذا الوطن الذي أصبح
جثمان أطفاله مادة لمعركة قذرة
وقودها "محمد البرعي " وأطفال
فلسطين .
إنها صرخات مدوية تحملها عصافير
فلسطين التي تسقط بفعل المحرقة ،
بوجهيها محرقة القاتل الصهيوني ،
ومحرقة الفتنة الداخلية ، صرخات
الموت التي نعيش فيها ونتجرع
علقهما ... فأين أنتم ؟!
غزة تعيش المحرقة وتستغيث هذه
الضمائر التي لا زالت تصدح بسماء
الحق – إن وجدت- فهل من مغيث ؟
|