روى لي احدهم ان ابنه عاد من
المدرسة ذات يوم ، ليسأل
والده..لماذا يقوم طلبة اخرون في
المدرسة بشتم الطلبة العراقيين ،
واهانتهم لفظيا ، بل ويقال لبعضهم
ساعة غضب بين الطلبة...اذهب الى
بلدك ، وعد ..الى بلدك ، وكلام
قبيح اخر يقال ولا يقال.
من المؤسف جدا ان نبدو نحن بهذه
الصورة ، فمن يذهب لشراء شقة
ويجدها مرتفعة ، يحمل الشعب
العراقي المسؤولية ، ومن يزاحمه
قائد سيارة بلوحة عراقية ، يشتمه
ويشتم العراق ، ومن يدخل مطعما
ولا يجد محلا فيه ، ويجد فيه
العراقيين ، يحملهم مسؤولية ما
يجري ، وهي لغة جديدة على هذا
المجتمع ، حين نسمح نحن بسواد
ثقافة انعزالية وثقافة الكراهية
تجاه الشعب العراقي...وهي ثقافة
تثبت ان بعضنا لا يهمه سوى "بطنه"
فان استفاد من العراق شكره ، وان
كان مطلوبا منه رحمة العراقي
اليوم ، تململ وتذمر ، وكشف سوء
نفسه.
ينسى بعضنا في غمرة انفعالاته
الكاذبة ، ما قدمه العراق لهذا
البلد ، ذات يوم ، وكأن هناك من
يريد تربية الناس على ثقافة ان
يأخذ وحين يأتي دوره في العطاء
يكره ويتملص ويصبح جاحدا ،
فالعراق قدم للاردن عشرات
المليارات ، ان لم يكن اكثر ، هل
نسينا كل المنح النفطية ، وتدفئة
اولادنا ، وطبيخ بيوتنا ،
وشوارعنا والبنى التحتية ودعم
الموازنة ، ونفط سياراتنا ، وكل
حياة الرفاه التي تسبب بها دعم
العراق لنا ، على الصعيد الرسمي
وعلى صعيد القطاع الخاص ، الذي
انتعش على مدى عشرات السنين بسبب
العراق ، وما زالت بعض قطاعاته
منتعشة بسبب العراق.
اليوم يأتي من تخرج الحموضة
الكريهة من فمه ، من يتكلم وفي
بطنه بئر قذرة ، لا يسحب منها الا
ماء آسنا ضد اهلنا العراقيين ، في
الاردن ، يريدون تحميلهم مسؤولية
هذا الغلاء وهذه الحياة ، على
الرغم من ان العراقيين يعيشون
اصلا في بلدهم وهذا حق لهم ،
باقامة ودون اقامة ، هذا قليل مما
يستحقون ، حين وقفوا معنا طوال
عقود ، وحين علمت جامعاتهم عشرات
الاف الاردنيين ، مجانا ، وحين
يأتي من ينسى كل هذا ، ويريد
الاساءة للشعب العراقي ، ولاي
عراقي يقيم في الاردن تحت اي
عنوان كان...وهي قلة من الاردنيين
تفعل ذلك ، فالشعب الاردني شعب
شهم وكريم وصاحب اصالة ، ولا تمس
قيمه هذه "العنترات" من ضعاف
النفوس والمرضى ، تحت اي تبرير
كان.
حزنت بشدة لاجل الاطفال العراقيين
في المدارس حين يتم جرحهم بهذه
الطريقة ، فلولا التربية المنحطة
لاهالي بعض الطلبة ، لما سمع
هؤلاء هذا الكلام الفاسد في
البيوت ونقلوه الى المدارس ، وهي
تربية ستؤدي الى نقل الكراهية حتى
بين ابناء البيت الواحد ، حين لا
يتم افهام كثيرين بأن العراق هو
صاحب الاولى ، وانه قدم لنا
الكثير ، فلا ضير لو احتملنا ، اي
كلف مالية او معنوية ، فما هي هذه
الطبيعة البشرية للبعض التي تقترب
من حدود الطبيعة الحيوانية ، حين
يريد الاخذ من غيره ، وحين يأتي
دوره في اي عطاء ، يريد ادارة
ظهره ، بل ومس العراقيين في
الاردن.
لا عليكم يا اهل العراق ، انتم في
بلدكم وبين اهلكم ، فاذا جرح
احدكم جاهل او مريض او متخلف ،
فاعلموا انكم منا ونحن منكم ، وان
مقابل كل صاحب نفس مريضة هناك
نفوس خيرة ، وان هذا الزمن الذي
بات صعبا عليكم لا بد ان ينتهي ،
وعندها ستذكرون بالم ذكريات
المهاجر ، وكيف عاملكم الناس ،
حين لم ينصفكم البعض في ساعة ضعف
او ضيق ، ..لا عليكم يا اهل
العراق ، فمن يجرحكم هو ايضا ليس
منا ، ولا يمثل الاردنيين ، باي
حال من الاحوال ، فالشعب الاردني
فيه خير ومروءة لا تسمح بسريان
هذه المفردات وهذه الثقافة
الانعزالية التي يرفضها رب
العالمين.
سلام عليك ايها العراق ، وسلام
عليك يا بغداد والبصرة والموصل ،
وكل المدن المبتلاة ، حتى يقضي
الله امرا كان مفعولا.
لا يريد العراقيون منا شيئا ، فقط
سددوا جزءا من دينهم الذي في
اعناقنا اساسا ، اذا كان لدى
البعض.. بعض وفاء.
منقول عن جريدة الدستور الاردنية
الصادرة يوم 1\3\2008
|