هوية العراق
1- طبقا لمبدأ (الشرق الأوسط
الجديد) , الذي يقوم علي إقصاء
العروبة عن أقطارها , وتفتيت وحدة
بلدانها , فقد عمدت الإدارة
الأمريكية عبر (المحاصصة) الدينية
والفقهية والعرقية , إلي تجزئة
وحدة العراق والسعي لعزله عن أمته
العربية , وهو الهدف المركزي الذي
تعمل وتثابر عليه أحزاب الإحتلال
الإنعزالية والاقليمية , عبر
مشاريع الدويلات الفيدرالية ,
التي كرست مضامينها وآليات
تنفيذها لجنة صياغة مسوّدة
الدستور التي أصرت على تغييب
عروبة العراق , وذهبت إلى ماهو
أبعد من ذلك , عندما رفضت أيما
إشارة إلي إنتماء العراق الى
(الوطن العربي) , وأصرت علي تمرير
مشروعها الإنقسامي الذي عمل على
إجتثاث الجذر التاريخي لعروبة
العراق , وإقتصر فقط علي إعتبار :
العراق جزء من العالم الإسلامي
.!! وأنه عضو مؤسس في الجامعة
العربية .!! , وأن الشعب العربي
في العراق جزء من الأمة العربية!!
وقد جري إقرار مسودة الدستور الذي
صمم (بريمر) مواده الأساسية ,
وحدد خطوطه وأهدافه ومراميه ,
طبقاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد
ورغبته وهوى الحلفاء من الأحزاب
والوجوه والمنابر الإنعزالية .
2- أصبحت هوية العراق العربية
لأول مرة في تاريخ هذا البلد موضع
شك وريبة , عندما أعلن السيد وزير
خارجية حكومات الاحتلال الاربع
العتيد (الذي عهد إليه بول بريمر)
, حقيبة الخارجية وظلت بعهدته
طوال السنوات االخمس الفائتة , في
تصريح له , وهو يقف بباب جامعة
الدول العربية في القاهرة , :
(رفض الإقرار بعروبة العراق ,
لأنه بلد متعددة الأعراق
والقوميات ) ؟!! .
3- بمجرد أن وقع العراق في
قبضة الولايات المتحدة , وقفز
أعوانها علي السلطة , إرتفع الصوت
(الانعزالي
) بتنظيراته التجزيئية ,
وهو يعزف علي وتر (الأطياف
والألوان ) مما لم يعتد عليه أو
,يسمع بنغمته (
الفجة ) قيل مجئ الاحتلال
أي من مواطني العراق , فاللغة (
الحكومية ) الجديدة , تدعو
إلي إعلاء شأن (الفروع) وإهمال
(الأصول) وتقديم الإعتقادات
الدينية علي الانتماء الوطني ,
وإعتبار (العروبة) عقيدة جاهلية ,
وقد ترتب علي هذا النهج الإنتقال
من معاداة الأمة والتخلي عن
قضاياها المصيرية , إلي الإجراءات
التنفيذية التعسفية ضد المواطنين
العرب المقيمين في العراق , والذي
إتخذ الإشكال التالية :
أ- الاعتقالات الكيفية بتهمة
(الإرهاب) ؟!!
ب- الامتناع عن تجديد (الإقامة) .
جـ- سحب تراخيص العمل .
هـ- ترحيل عشرات الآلاف خارج
البلاد .
و- إعتبار العرب والفلسطينين بصفة
خاصة غير مرغوب ببقائهم في العراق
, من خلال عمليات الملاحقة
والإغتيال ,والإعتقال وتهديم
المنازل , ومهاجمة منطقة سكناهم
وفرض الحصار عليهم ,مما إضطر
الفلسطينيون إلي البحث عن ملاذ
آمن لهم خارج العاصمة وعلي الرغم
من تدخل الأمم المتحدة وجمعيات
حقوق الإنسان , ومناشدة السلطة
الفلسطينية والجامعة العربية ,
إلا أن الحكومة ضربت كل هذه
النداءات والوساطات عرض الحائط
واستمرت في إجراءاتها القمعية
اللاإنسانية متنكرة لا بسط
القواعد والإتفاقيات الدولية
الخاصة باللاجئين والتي تلزم
الدول المضيفة تقديم الحماية
والرعاية لهم , وبدلاً من هذا كله
, فقد أسهمت الحكومتان الثالثة
والرابعة على تحريض الغوغاء
والعصابات ومليشيات الاحزاب على
القيام بملاحقة وطرد الفلسطينين
من أحيائهم والاستحواذ على بيوتهم
, وإغتصاب المنقولات والاموال .
4- وإذا كانت القوى المهيمنة
الدخيلة تصر على سياستها الشعوبية
المعادية للامة والمجافية لحقائق
التاريخ فإن البرنامج الوطني لقوى
الشعب المقاوم قد وضع على رأس
أهدافه الكفاحية قضية عروبة
العراق بوصفها واحدة من المشتركات
الأساسية الثابتة بين عموم فصائل
المقاومة الوطنية التي يتعين
النضال من أجلها ، وليس بوسع حزب
أو مذهب أو طائفة أو دين مهما كان
موقعه على خارطة العمل السياسي أن
يتنكر لهذه الحقيقة التي تعتبر من
البديهيات الاولية ، وإن كون
العراق جزء لايتجزء من أمته
العربية هو الاصل الثابت في تاريخ
وجغرافية هذا البلد منذ نشأته
الاولى وعلى الرافضين لهذه
المسلمة البسيطة ، أو المتشككين
في صحتها أن يسأنسوا بذوي الرأي
وأصحاب الاختصاص في التاريخ
والجغرافية وعلماء الحضارة
والآثار، قبل الوقوع في فخ
الجهالة والأمية الأبجدية
والأساطير السياسية . |