"ستخافون
مني ميّتا أكثر مما تخافون مني و
أنا حي"
ذاك ما قلته لأعدائك يا قائد
الأمة قبل استشهادك. لم يفهموا
تلك المعاني في حينها لكن بدؤوا
يلمسوها و يكتووا بنارها. فقيمتك
العالية و حجم الجريمة و الترتيب
المستفز و المتعمد لها و شموخك
الرهيب أمام حبل المشنقة هي التي
جعلتك تسكن في دفء قلوب مئات
ملايين العرب و المسلمين ، جعل كل
حرف خطته يدك الكريمة ينقش في
ذاكرة الملتاعين و كل كلمة نطقت
بها تنصهر في ضمير الانسانية ، و
كل القيم العالية التي جاهدت من
أجل ترسيخها يحتضنها وجدان كل
إنسان أصيل و كل المبادئ التي لم
تتزحزح عنها و لو قيد أنملة
تمتصها ذهنية كل المعجبين بشجاعتك
و صدق إيمانك.
يا شهيد
الأمة و عنوان عزتها
لقد خضت باقتدار كبير معركة الشرف
مع الأعداء منذ يوم أسرك فأفشلت
كل مسرحياتهم و فندت ادعاءاتهم
الباطلة بصلابتك المعهودة و حولت
كل مؤامراتهم القضائية إلى مواجهة
مفتوحة عريت فيها قيمهم الزائفة و
كشفت أكاذيبهم الملفقة و فضحت
انتهاكاتهم الصارخة . لقد وقفت في
ساحة المحكمة كالأسد يرتعد منك
فريق القضاء بكامل أجهزته لتشحذ
عزائم الثوار في ساحة القتال و
صبر الأسرى في سجون الاحتلال و
جرأة الشهود في منابر المحكمة و
صولات رفاقك في معركة المحاكمة.
لقد أبرزت خلال هذه الملحة طينة
الرجولة التي تنحدر منها و قوة
الحجة التي تتحلى بها و صدق
الإيمان بالتضحية من خلال رفضك
لكل العروض المغرية التي تنافس
مسؤولو الاحتلال لتقديمها إليك .
لقد قلبت على المحتلين الطاولة
حين حولت المحاكمة إلى منبر تحاكم
منه أعداءك و تصدر عليهم الأحكام
العادلة بمقاومتهم و سحقهم و
سرعان ما تعرف تلك الأحكام طريقها
للتنفيذ من طرف رجال المقاومة
الأشاوس عبر عملياتهم البطولية
المتلاحقة ضد أهدافهم.
يا قائد
الأمة و رمز بطولاتها
ستظل قائدا لهذه الأمة ، قائدا
بتلك القيم العربية الاسلامية
الأصيلة التي أنعشتها باستشهادك ،
فأنت حاضر في ذهن كل مواطن عربي
شريف حين يصيب و حين يخطئ ، حين
يصيب لأنه استلهم في ممارسته من
دروسك التي تركتها له جاهزة واضحة
حول الصبر و الصمود و التضحية و
نكران الذات و حين يخطئ لأن طيفك
الحاضر الدائم في وجدانه يوقظ
الضمير فينتاب كل انسان أصيل
الشعور بالندم أمام ما أقدم عليه
من خطإ .
ستظل قائدا للمقاومة ليس في
العراق فحسب بل في كل شبر تخاض
فيه المنازلة مع عدو الأمة،
فمواقفك في الحكم وفي السجن و
المحاكمة و على منصة الإعدام هي
التي توجه مسار المقاومة . إن
دماءك الزكية تعزز دماء بقية
الشهداء لتحولها إلى درع يحمي
المقاومة من كل مساومات أو
تنازلات يرتبها الأعداء طمعا في
إجهاض صرح الجهاد و المشروع
التحرري الذي أسسته. لقد رسخت
باستشهادك الخط الأحمر الذي حدد
سقف المرحلة القادمة من مشوار
معركة الأمة مع أعدائها ، سقفا
يحرم على كل محارب أن يفتح باب
الاجتهاد في مسلماتك و مبادئك
الثابتة . ولقد استجاب أبناؤك و
أخوتك الأبطال لما حددته من أرضية
للفعل المقاوم فبيّن الشهداء
الأبطال الثلاثة طه ياسين رمضان و
برزان التكريتي و عواد البندر أن
استشهاد صدام حسين ليس عمل منفرد
متميز لا يقدر على إنجازه إلا
القادة الاستثنائيين بل هو طريق
تأسس على منهج محدد و استراتيجية
رسمتها قيادة محنكة ووفية لوطنها
و أمتها.
يا كنز
البطولات و ملهم الشرفاء
ملحمة الاستشهاد التي توجت بها
زخم انجازاتك فجرت طاقات جديدة في
بندقية المحاربين و قلم الكتاب
ووجدان الشعراء و ريشة الرسامين
فأسهمت في إعداد أروع سمفونية
تتغنى بالمقاومة و الشهامة و
الرجولة ،و إذا بدأت الأمة العزف
على أنغام الاستشهاد و التضحية و
الفداء فإن فجر التحرير بات قريبا
مثل وعدت بذلك في وصيتك و قبل
استشهادك يا شهيد الأمة و باني
مجدها.
|