التقيت بأم باسم لأول مره وهي
تتحدث إلى مجموعه من الشباب جاءوا
من الحي المجاور لمنع الأذى الذي
تقوم به المليشيات الصفويه ضد أهل
الحي الذي لم يبقى فيه ألا بعض
العوائل في دور متناثره هنا وهناك
وقد ادهشني دقة وصواب ملاحظاتها
المنبعثه من فطرتها ( ولدي اكنصوا
لهم الى آذان العصر وكانت الساعه
حينها الواحده ظهرا واذا اطمأنوا
بعدم وجود احد سوف يأتون ) وبين
الاستماع اليها والاستفسار من
حفيدها ذي الاثنى عشر ربيعا علمت
ان امً باسم من اهالي الكوت في
العقد الخامس تسكن حاليا في احد
الأحياء ألساخنه من بغداد استشهد
زوجها البغدادي في الحرب مع ايران
ولها ولدين منه احدهما كامل
استشهد قبل عام تقريبا على يد
عصابات الغدر اثناء عودته من عمله
بواسطة احد السيطرات الوهميه وعثر
على جثته مع مجموعه اخرى مرمية في
النفايات, ولكامل طفل يبلغ من
العمر عامين , كانت ام باسم تكرر
على مسامعنا اكثر من مره ان والد
الطفل قد استشهد بما يوحي شدة
حسرتها عليه .
كانت أم باسم تضع لفافة على
جبينها تبين أنها جرح قد أصابها
قبل أيام قليله بعد تعرضها إلى
إطلاقه من احد مجرمي المليشيات
بينما كانت تقف قرب الباب في سطح
منزلها فأصابتها احد الشظايا التي
اخترقت الباب وبرباطة جأش تبتسم
وتقول لولا رعاية الله لأصبحت
الشهيدة أم باسم ! وتحدثت عن
مشاركتها مع المقاتلين في صد معظم
الهجمات على دورهم فتقول هذه
بندقية ابني وأشارك الشباب عند
الهجوم علينا وترفعها بيد واحده
والابتسامة على وجهها ( بس آني
أخليها على المفرد فالعتاد نحسبله
ألف حساب )وتحدثت عن معاناتها من
عدم وجود كهرباء وان الماء لايسد
حاجتهم إضافة إلى انعدام بقية
الخدمات , مضى من الوقت أكثر
ساعتين قدمت أم باسم الشاي والخبز
لبعض الشباب رغم إن حالتها
ألمعاشيه ضعيفة جدا حيث يعمل
ولدها باسم في احد المحافظات
ويزورهم كل شهرين تقريبا .
سرحت افكاري وانا انظر الى هذه
المرأه الصلبه وتذكرت الشهيدتين
العراقيتين البطلتين نوشه الشمري
ووداد الدليمي اللتان نفذتا عمليه
استشهاديه مشتركه ضد جنود
الاحتلال الامريكي في بداية غزو
العراق اضافه الى بطولة الكثير من
الماجدات كما تذكرت مشاهير نساء
العرب والمسلمين وقلت مع نفسي اهي
تشبه الخنساء في صبرها ام ام
عماره في شجاعتها بل انها اقرب
الى فروسية خوله بنت الازور وهي
تنشد ...
نحن بنات تبع وحمير وضربنا في
القوم ليس ينكر
لاننا في الحرب نار تسعر اليوم
تسقون العذاب الاكبر
كان الوقت رغم حرارة الجو يمضي
سريعا مع أحاديث ام باسم المتنوعه
واستفساراتنا من حفيدها الذي ترك
الدراسه لبقائه مع جدته لرعاية
شؤون اسرتهم وكان الحفيد متكلما
وواعيا وشجاعا بما يبدوا عليه انه
اكبر من سنه الحقيقيه وبينما نحن
منبهرين بصلابة هذه العائله واذا
بأحد الشباب يشير الى تقدم مجموعه
من عصابات المليشيات ليدب السكون
المكان وينتشرون في اماكنهم وماهي
الا لحظات لتبدأ معركه بين
الطرفين استمرت اكثر من نصف ساعه
كان حسن التخطيط وشجاعة الشباب
عاملا حاسما في تكبيدهم خسائر
كبيره واعطائهم درسا بعدم
الاعتداء على البيوت الآمنه ومع
انتهاء المعركه وانسحاب اغلب
الشباب استطاع احد القناصين
الصفويين من اصابة حسام وهو
الاخير بينهم وهنا واجهت المجموعه
صعوبة اخلائه بسبب استمرار القناص
بالرمي من مكان مرتفع وان اغلب
المجموعه قد انسحبت الى اكثر من
مئة متر لتتقدم ام باسم لترد عليه
بعدة اطلاقات متيحه لزميله القريب
سحبه من منطقة الخطر الا انه فارق
الحياة بعد دقائق .
رحم الله الشهيد حسام وحفظ ام
باسم وعائلتها ونختم ببيت لاحد
الشعراء تقديرا للماجدة العراقيه
امام رجال لايحملون الا التذكير!
ومن خلال ام باسم نقدم ألف تحية
الى كل الماجدات العراقيات
الصابرات المرابطات المضحيات زوجة
المقاتل والشهيد وام المقاتل
والشهيد وجدة المقاتل والشهيد
واخت المقاتل والشهيد والى من
منهن تقاتل .
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا
التذكير فخر للهلال. |