رغم ان الاحتلال خلق فراغ سياسي
كبير، وازاح العامل القيادي الجاد
للدولة العراقية وفرض السيطرة على
الشؤون الرسمية والحكومية بقوة
العدوان والسلاح، الا ان الحركة
التنظيمية لحزب البعث العربي
الاشتراكي لم تتوقف، ولا لحظة من
الزمن، بل ان قيادته وكوادره
الميدانية اتسمت بحالات متعددة من
التقدم والتطور الحركي، واحتواء
حالة العدوان والاحتلال، باساليب
حديثة ومعاصرة، وبطريقة (الحركة
الاميبية) التي تلتف على الفريسة
وتحيط بالخصم من جميع الجهات
وفيما بعد السيطرة والانقضاض
عليه، وخلال الاحتلال توسع الحزب
في قوته ومسيرته، واكتشف قدرات
معنوية ومادية جديدة، افرزتها
ضرورة المرحلة واستمرارية وثقة
الجماهير به، واشر الموقف السياسي
للعراق والمنطقة، باهمية وقوة
ومكانة حزب البعث العربي
الاشتراكي، ليس في المسؤولية
الوطنية فحسب، بل في المسؤولية
العربية والاقليمية، رغم كل
محاولات الاجتثاث ودعم السلوكيات
الانشقاقية او الخيانية، او
الانتهازية، وعمليات القتل
والمطاردة والاعتقال التي طالت
مناضلي الحزب ابتداءاً من الرفيق
الشهيد صدام حسين رحمة الله
ورفاقه القياديين والى جميع
الرفاق في المواقع الدنيا، وتم
طرد الالاف المناضلين من دوائرهم
وحل وزارات باكملها واعادة
ترتيبها وفق الاجندة الايرانية.
وازاء حالة الاحتلال اندفع اكثرية
العاملين في المجالات والاوساط
السياسية افرداُ او احزاباً لئن
يجدوا لهم موقعاً او مجالاً في
المسرح السياسي الجديد الذي صنعه
المحتل تحت مظلة (الممارسة
الديمقراطية) و (المشاركة في
العملية السياسية) وما يسميه
المحتل (العراق الجديد) وهذا
الاندفاع لم يستثني اعداداً معينة
ممن كانوا يعملون في حزب البعث
العربي الاشتراكي (كحزبيين) وليس
(كبعثيين عقائدين) لحد يوم
الاحتلال في 9/4/2003.
ولكن ماذا حصل خلال ذلك ، وبعد
سنين الاحتلال؟؟ وامام صمود
وصلابة حزب البعث العربي
الاشتراكي، الذي يقوده الان بعد
استشهاد امينه العام الشهيد صدام
حسين رحمه الله الرفيق الصادق
العنيد المجاهد عزت ابراهيم والذي
تم انتخابه شرعياً امين عاماً
لحزب البعث العربي الاشتراكي.
باختصار نقول ان الصورة السياسية
الان هي كمايلي:-
1- عدم قدرة قوات الاحتلال على
تحقيق نصر حقيقي، او حتى خلق حالة
الاستقرار جراء الدور البطولي
للمقاومة العراقية الباسلة، وصمود
مناضلي حزب البعث العربي
الاشتراكي.
2- توغل ايراني واضح يهدد المنطقة
العربية وحلفاء قوات الاحتلال من
العرب.
3- فشل برلماني مطلق، بل اصبح
اضحوكة امام الرأي العام العراقي
والعربي والدولي.
4- فشل حكومي مطلق واصبحت اكبر
حكومة في العالم اشتهرت بالفساد
الاداري والتدهور الامني والخدمي
والصحي... الخ
5- اعتداءات اقليمية متكرره على
شمالنا الحبيب، وعدم وجود اي
امكانية للرد والتصدي سياسياً
ودبلوماسياً وعسكرياً.
6- فشل كامل في عدم قدرة جميع
الاحزاب والاطراف السياسية في ان
تكون البديل المناسب لدور حزب
البعث العربي الاشتراكي، على
المسرح السياسي العراقي الجديد
بعد الاحتلال
هذه الصورة قادت قوى الاحتلال،
والاجزاء السياسية الطارئة وبعض
النظم العربية والمؤسسات السياسية
الاقليمية ان تقتنع بالامر
الواقع، وان تراجع نفسها في اهمية
وضرورة محاورة حزب البعث العربي
الاشتراكي والحقيقة هو الاستنجاد
به، فاتجه كلاً من موقعه وصلته من
(هؤلاء) لمحاورة من يجده يحمل
رايه البعث، وله سمعة نضالية
ومكانة سياسية معروفة ومناقشته
بالشأن العام وبموقف الحزب او
بمعاتبة الحزب او نقد الحزب
احياناً، ضمن اجواء شخصية وجلسات
اخويه اتسمت بالوضوح وخاليه من
الحقد والكراهية، فلقد كان طموح
كل واحد من (هؤلاء) ان يحظى
باولوية الحوار والمفاوضة مع
قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي
(حصراً) والذي لم يحصل نهائياً
ولن يحصل.
فما بدأ يشاع عنه في هذه الايام
واخذ بعداً اعلامياً عن وجود نشاط
تفاوضي، او لغة حوار مع حزب البعث
العربي الاشتراكي ينحصر في ثلاثة
اسباب هي:-
1- ان حزب البعث العربي الاشتراكي
وقيادته التاريخية اكبر بكثير من
مستوى الحوار والتفاوض الذي يتطلع
له البعض ليس من جانب الغرور او
التبجح وانما لان حزب البعث
العربي الاشتراكي بعد قضية
الاحتلال اصبح يمثل الامة العربية
فكراً وسلوكاً ومسؤولية، لذا فان
التوصل الى محاورة قيادة الحزب
يشكل نصراً ستراتيجياً لسياسة
المحتل واعوانه، ومكسباً سياسياً
وشعباً للاخرين، ويحول العمل
الجهادي الذي يقوده الحزب الى عنل
دبلوماسي سياسي.
2- ان حزب البعث العربي الاشتراكي
مازال وسيبقى يتمتع بحضور قيادي
جماهيري مؤثر في الساحة العراقية،
ومن الصعب جداً ايجاد البديل
القادر على تحمل مسؤولية الوطن
والشعب، وقد اثبتت سنين الاحتلال
ذلك.
3- الانهيار والتدهور التي اصاب
المحتل واعوانه وحلفاءه في
العراق.
ان هذه الاسباب تدعونا ان نقول
ربما ان قيادة الحزب قد اطلعت على
جميع هذه المحاولات التي سعى
ويسعى لها الجميع، وحتماً انها
تعرف مايراد من هذه المحاولات
ومايروم منها، فهي صاحبة خبرة
نضالية وقيادية وسياسية ضخمة،
ولديها حلفاءها واصدقاءها
ومناصيرها من العرب والاجانب
وتعرف نقاط ضعف وقوة المحتل
جيداً، وافضل من اي طرف اخر لانها
في حالة اشتباك مستمر ومباشر معه.
ولكن كيف تعاملت القيادة مع هذه
المحاولات؟؟ الجواب ينحصر في
اطارين:-
الاول
– الالتزام المطلق بستراتيجية
الحزب وقرارات وتوصيات قيادته
التاريخية في عملية الصراع مع
الاعداء والمحتلين والمحافظة
الشديدة على البنية المعلوماتية
لحركته وبرامجه واساليبه.
الثاني
– احترام اراء واجتهادات بعض
الرفاق المناضلين البعثيين ضمن
اطار السلوك الديمقراطي داخل
الحزب وخارجه والعمل بمبدأ كلاً
من موقعه قائد مع الالتزام
بالتدرج الحزبي.
فلدى قيادة
الحزب مفاجئات كثيرة وكبيرة في
عملية ادارة الصراع مع المحتل
وستتصرف بها حسب الزمن المناسب،
اليس هي معركة الامة مع اعداءها؟؟
لذلك حزب
البعث حزب سياسي عربي عريق وواسع
ومن طراز خاص، فمسألة طبيعية ان
يأتي له هذا الخصم او هذا الطرف
او ذاك ويحاول الاتصال باحد
كوادره او ان يتجه للحزب هذا
الصديق او ذلك الحليف لمفاتحة
الحزب بالحوار او التفاوض، نيابة
عن المحتل، فمعنى ذلك ان حزب
البعث العربي الاشتراكي اصبح في
وضع مسلم به وموثوق بقوته، بل
معول عليه وان الخصم يرغب للتفاوض
وادامة التفاوض معه، خوفاً من
استمرار وزيادة وسائل الردع الذي
يتمتع بها، وان قدرة الحزب للدفاع
عن نفسه وعن امته تزداد يوماً بعد
يوم مع ازدياد ايام الاحتلال،
وحتماً ان قيادة حزب البعث العربي
الاشتراكي تعلم جيداً ان اهدافها
في الحوار او المفاوضة تختلف
تماماً عن اهداف المحتل واعوانه.
وبصورة
عامة فان شروط الحوار والمفاوضات
الذي يرغب بها اعداء وخصوم حزب
البعث العربي الاشتراكي، وسيلة
للخروج من المأزق بينما شروط
وعروض حزب البعث العربي الاشتراكي
المحددة والمعروفة والمعلنة والتي
لايريد الخصم المحتل ان يقبلها او
يعترف بها، ولكنه ايضاً سوف
لايستطيع ان يرفضها فعدم قبولها
يعرض الخصم المحتل الى اضرار
سياسية ودبلوماسية واساءة كبيرة
لسمعته الدولية ورفضها من قبل
الخصم المحتل سيعرض غرائزه
الاستعمارية ومصالحة الانانية
للخسارة والهزيمة، وفي
الاولى
يحقق حزب البعث العربي الاشتراكي
مكسباً في السياسة العراقية
والعربية والدولية وزيادة في زخم
المقاومة بحيث يصبح نطاق النصر
والتحرير اوسع واكبر، وفي
الثانية
يحقق الحزب اهدافه المشروعة ويصبح
محوراً ومشاركاً للقوى الوطنية
والشعبية العراقية في المسؤولية
الوطنية.
تحية الجهاد في شهر رمضان المبارك
للرفيق المناضل عزت ابراهيم
الامين العام لحزب البعث العربي
الاشتراكي...
تحية الرجال الى مناضلي حزب البعث
العربي الاشتراكي في كل مكان من
الوطن العربي ...
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
...
الله اكبر ... الله اكبر ... الله
اكبر ...
|