من يراقب تجربة
الحكم في إيران ، والمستندة على
مبدأ ولاية الفقيه ، لا بد أن
يستنتج ، بأن هذا النموذج غير
قابل للتعميم في أي بلد آخر ، حتى
إذا كان على المذهب الجعفري
الاثني عشري ، الذي قال أية الله
الخميني ، إنه اقتبس مبادئ ولاية
الفقيه من أصوله الفقهية
والتشريعية ، واضعا جميع من سبقه
من المراجع ، في دائرة العجز عن
فهم خفايا المعتقدات التي ساروا
عليها لأكثر من ألف سنة ، حتى جاء
هو ليكتشفها ، ويقوم الانحراف
الطويل.
ومرد استحالة
الانتقال الطوعي ، أنه يعاكس
طبيعة الأشياء ، وتطلع الإنسان
إلى مزيد من التعاطي الواعي مع
أصول عقيدته الدينية وفروعها ،
وليس الردة إلى الوراء بتحويله
إلى مجرد آلة عمياء ، تعطي لرجل
دين واحد حق تحريكها وإيقافها على
وفق ما يرى ذلك الرجل ، ويفسره من
مصلحة أو مفسدة ، فمبدأ ولاية
الفقيه يعطي سلطة مطلقة ، لمن
يشغل هذا الموقع ، رغم أن الوصول
إليه أثار ، وما يزال يثير الكثير
من الإشكاليات ، وخاصة ما يتصل
بموضوع الأعلمية ، وصفات اخرى لا
بد من توفرها في من يشغل هذا
الموقع القريب جدا من السلطة
البابوية ، مع إضافة شؤون الدنيا
والدولة إليها .
فالخميني ، لم
يكن وعلى كل المستويات ، من بين
أعلم رجال الدين الشيعة ، لا في
قم ، قبل نفيه لأسباب سياسية إلى
النجف ، ولا في النجف بعد مجيئه
إليها هاربا من حكم الشاه ، بل
هناك شكوك حول طريقة حصوله على
درجة ( آية الله ) وأن الأمر كان
لأسباب سياسية ، وليس لعوامل
فقهية ، وحينما جاء إلى النجف وجد
نفسه في عزلة أكبر مما كان عليه
في قم ، فأجواء النجف مزدحمة
بالعقول المتفرغة لشؤون الدين ،
والقليل من أمور السياسة ، وهذا
ما لم يرق للخميني ، الذي أخفق في
تحقيق نجاحات حقيقية في مجال
العلوم الدينية ، فانصرف ليجرب
حظه في عالم السياسة ، وهذا ما
جلب له الكثير من الاحتكاكات داخل
الحوزة العلمية في النجف مما هو
غير خفي على من تابع أو واكب مدة
الخمسة عشر عاما التي أمضاها
الخميني في النجف .
وحينما عاد
الخميني إلى إيران ، فإنه في واقع
الحال عاد بعد معركة سياسية ، مع
شاه إيران ،كانت كل الظروف مهيأة
لانتصار أعداء الشاه فيها ، ومن
يراقب أفلام التظاهرات اليومية
والعنيفة ،التي كانت تنطلق في
طهران أو بقية المدن الإيرانية ،
لا بد أن يصدم من أنها كانت خالية
من أية عمامة ، تنبئ أن المؤسسة
الدينية كانت وراءها ، ولهذا فقد
يصاب المراقب بحيرة من الكيفية
التي تمت فيها مصادرة تضحيات
الإيرانيين ، وخاصة مجاهدي خلق.
وحتى بعد سيطرة
الخميني على السلطة في إيران عام
1979 ، وبسبب اعتقاد راسخ لدى
المواطن الإيراني ، بأن تحقيق
النجاحات السياسية ، لا يعني
انسحاب هذا النجاح في اكتساب
العلوم الدينية الموجبة للتقليد ،
فقد فشل الخميني في انتزاع اعتراف
شعبي بمرجعيته ، فمعظم الإيرانيين
واصلوا تقليدهم لمراجع ، يثقون
بهم بحكم التجربة السابقة ، ويمكن
تأشير حقيقة أن معظم شيعة إيران ،
كانوا يتوزعون في التقليد ، على
أية الله كاظم شريعتمداري ، والذي
اتهم فيما بعد بالضلوع ( بمؤامرة
) صادق قطب زادة ، الذي شغل منصب
وزير الخارجية ، وتم احتجازه في
منزله حتى يوم وفاته ، وكذلك أية
الله المرعشي النجفي ، وأية الله
كلبيكاني وغيرهم ممن يطلق عليهم
الآيات العظام في إيران ، وهناك
طيف واسع من الإيرانيين اختاروا
أية الله أبو القاسم الخوئي ،
باعتباره المرجع الأعلى للشيعة في
العالم .
ورغم أن سلطة
الولي الفقيه في إيران ، خلال
الحقبة الخمينية ، قد استعانت
بسلطة الدولة الإيرانية لتعزيز
مكانتها وقاعدتها ، فمارست سياسة
العزل والتطويق والإقصاء للكثير
من الآيات الذين لا يلتقون مع
المفاهيم التي جاء بها الخميني ،
أو حاول فرضها ، فإن هذه السلطة
لم تستقم لها ظروف إيران في عهدها
الجديد ، فقد وقع أول خرق للقواعد
الدستورية التي ثبتها النظام
الجديد في دستور (الجمهورية
الإسلامية ) ، في آليات اختيار
القائد البديل ، فبعد أن أحس
الخميني بدنو أجله ، عزل نائبه
أية الله حسين علي منتظري ، من
منصبه باعتباره ( أملا للإمام
والأمة ) ،على ما كان يطرح في
أجهزة الإعلام الإيرانية والمؤيدة
لها خارج إيران ، وتم اختيار حجة
الإسلام علي خامنئي ، خليفة
للخميني ، متجاوزا العشرات من
الآيات العظام ، من جهة ومجلس (
الخبركان ) وهو المجلس المتخصص
باختيار زعيم روحي وزمني لإيران ،
في حالة خلو منصب المرشد الولي
الفقيه ، ويظهر جليا أن خامنئي ،
منح عدة ترقيات دينية ليحمل مرتبة
( آية الله) ، ثم بعد فترة وجيزة
( آية عظمى) ، وتم كل ذلك على
أساس الارتياح الشخصي للخميني ،
حق اختيار المرشد في إيران ، وتم
القفز فوق أسماء لامعة في عالم
الآيات العظام من الذين لم تفتح
لهم أبواب الحظ ، ليتقدموا في
دنيا السياسة ، كما تقدموا في
عالم الفقه والشريعة ، وتم كل ذلك
بقوة قانون السلطة ، أكثر من
اعتمادها على قواعد العمل الحوزوي
.
ونظرا لضبابية
صورة ولاية الفقيه داخل إيران
بشكل خاص ، فقد شهد عقد
الثمانينات جدلا مرتفع الصوت ،
حينما قال علي خامنئي ، رئيس
الجمهورية حينها ، وخطيب جمعة
طهران ، وفي إحدى خطبه قال إن
ولاية الفقيه، ولاية مقيدة وليست
مطلقة ، مما أثار حفيظة آية الله
الخميني على نحو لم يتمكن من ضبط
مشاعره ، فوبخ خامنئي بشدة ،
واتهم كل من يقول بتقييد ولاية
الفقيه ، فكأنه يقيد ولاية الرسول
(ص) والإمام علي ، ووصف من يقول
بتقييد الولاية بالسذج الذين لا
يستطيعون رؤية الأمور في صورتها
الصحيحة ، وبعدها بذل خامنئي
جهودا مستميتة ، بل وخضوعا معيبا
من أجل استعادة ثقة الخميني ،
وكرر بين يديه وفي خطبتين لجمعتين
لاحقتين ، اعترافا بالخطأ عما ورد
على لسانه من تفسيرات ( قاصرة )
عن ولاية الفقيه .
ومن مفارقات تلك
الواقعة ، أن نائب الإمام وقتها ،
آية الله حسين علي منتظري ، كتب
أو تم تكليفه بكتابة سلسلة مقالات
، نشرت في الصحف الإيرانية ، تولى
فيها عملية تنظير لمبدأ ولاية
الفقيه ، والدفاع عنها وردها إلى
ما اعتبره أصلها المقتبس من سيرة
( الأئمة المعصومين ) ، وجاءت تلك
المقالات متطابقة مع رؤية الخميني
لهذا المبدأ المستحدث ، والقول
بإطلاق الولاية ، غير أن مصداقية
منتظري تعرضت للتساؤل ، بعد
إقصائه عن جميع مواقعه ، وبالتالي
حرمانه من الحلول محل الخميني ،
بدعوى عدم إيمانه بولاية الفقيه
أصلا ، ولعل المفارقة الأكبر هي
أن من شغل موقع الخميني هو خامنئي
الذي لم يعرف قبلا حدود ولاية
الفقيه .
وهكذا نرى أن
مبدأ ولاية الفقيه لم يستقر في
إيران نفسها كأساس فقهي ، أو
دستوري في مجال انتقال السلطة
الروحية والسياسية ، بسلاسة مبنية
على الأعلمية بالدرجة الأولى ،
لأن مفهوم الأعلمية مفهوم نسبي ،
تختلط فيه الدوافع السياسية ، من
جهة فضلا عن أنه مبدأ قابل للدحض
من جهة اخرى ، ولأن الأعلمية يجب
أن تقترن مع الإيمان بهذا المبدأ
الذي برز في إيران كإحدى حقائق
السلطة الدنيوية ، وليس إفرازا من
الحاجات الدينية أو المذهبية ،
للمذهب الشيعي الإثني عشري .
وعلى العموم فإن
تجربة الحكم ذي الطابع المذهبي في
إيران ، عزلت أكثر من نصف سكان
البلاد عن المشاركة ، في إدارة
شؤون الحكم ، أما لأسباب قومية ،
كإقصاء العرب والترك ، ومعظم من
ينحدر من هاتين القوميتين هم
الشيعة ، أو لأسباب مركبة قوميا
وطائفيا ،مثل الذي يتعرض له
الأكراد والبلوش وتركمان صحرا ،
فالفرس يستأثرون بامتيازات السلطة
، ويفرضون لغتهم وثقافتهم بقوة
أجهزة الدولة المختلفة ، وما
تصدره من تشريعات وقوانين ، بحيث
كرست الثقافة الفارسية وتقاليدها
على الإيرانيين كافة ، مما حرم أي
نبوغ أو طموح غير فارسي من
التعبير عن نفسه ، ما لم يجد له
مظلة فارسية يقف تحتها ، وهذا هو
الذي طرح أسئلة جادة عما إذا كانت
إيران ذات مكون قومي واحد ، وهو
القومية الفارسية .
فإذا كانت تلك
التجربة على هذا المستوى من
التعثر والإخفاق ، رغم كل ما يبذل
من جهود من أجل تلميع صورتها ،
وتغليفها بألوان زاهية لتسهيل
تسويقها خارج حدود إيران ، فهل
يمكن استنساخها في العراق أو
اقتباس شيء من مفرداتها ؟
من أجل إعطاء
إجابة سليمة على تساؤل كهذا ، لا
بد من إجراء مسح سريع على
التوجهات السائدة لدى الشيعة في
العراق .
منذ مجيء
الخميني إلى السلطة في إيران ،
تداخلت المشاعر بشأن الطريقة التي
تمت فيها إزاحة الشاه عن الحكم ،
مع دافع لدى بعض الأوساط الضيقة
على المضي مع نهج الخميني الديني
، وكان هذا الأمر منطقيا في
الأشهر الأولى لنجاح الثورة ،
ولكنه مع الوقت بدأ يفقد زخمه
وقوة دفعه ، وخاصة لدى رجال الدين
الذين نظروا إلى مبدأ ولاية
الفقيه بكثير من الريبة ، وبرز في
هذا الاتجاه محمد محمد صادق الصدر
، والذي كان حادا في موقفه من هذا
الموضوع ، في حين ذهب آخرون إلى
الرفض الصامت دون إيصال الأمر إلى
حد الصدام ، أما النخب المثقفة
والقوى السياسية ، بما فيها
الدينية ، فلم تر في ولاية الفقيه
إلا سببا في شق الشيعة في العالم
بين مؤيد ومعارض ، وشذ عن الجميع
، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية
، الذي نشأ في إيران و بدعم منها
، والذي تبنى أطروحة ولاية الفقيه
ودافع عنها ، وحاول هو الآخر
اقتفاء خطوات السلطة الإيرانية في
مساعي فرضه بالإكراه والإغراء على
الشيعة ، غير أنه لم يلبث أن أعاد
النظر بمجمل مواقفه المعلنة بشأن
تحالفاته وقناعاته ، ففي الثاني
عشر من أيار /مايو 2007 ، أعلن
المجلس أنه غير اسمه ، بعد أن حذف
كلمة ( الثورة ) من اسمه ، وغير
مرجعيته من الولي الفقيه في إيران
علي خامنئي ،إلى علي السيستاني في
النجف ، ولو أن المجلس المذكور
يشعر أن هناك قبولا لولاية الفقيه
في العراق هل يعقل أن يفرط بها ؟
ثم في أية خانة يمكن وضع المرحلة
السابقة من حياة المجلس ؟
الكثير من
متابعي ملف هذا التنظيم ،لا
يستبعدون مطلقا أن يكون زعماؤه
،قد اختاروا مبدأ التقية السياسية
، في إعلانهم الأخير ، بعد أن
تيقنوا أن العراقيين ، وبشبه
إجماع يرفضون ولاية الفقيه التي
ينظرون إليها على أنها محاولة
إيرانية للتمدد سياسيا في العالم
الإسلامي تحت دعاوى دينية ، ولهذا
اضطروا لأن يحنوا رؤوسهم أمام
العاصفة ، ويحتفظوا بالقليل الذي
تبقى لهم من رصيد ، خاصة وأن
التيار الصدري رفع شعارات ، من
قبيل قوى الداخل ، والمعارضة
الوافدة مع المحتلين ، وكان من
شأنها أن تسحب البساط من تحت
أقدام القوى التي مهدت للاحتلال
وجاءت معه .
ولأن الولي
الفقيه في طهران ، يقدر طبيعة
الأسباب التي دفعت ، بذراعه
المذهبي ، إلى التخلي المعلن عن
تلك الرابطة ( المقدسة ) ، فلا بد
أن يكون على استعداد لقبول النقص
الحاصل ، في إيرادات الأموال
الشرعية من الخمس والزكاة ، والتي
يجب أن تحول إلى طهران وفقا لشروط
التقليد عند الشيعة ، ولا بد أن
بعض الأصوات ستطرح شكواها ، من أن
إيران كانت هي الملاذ للمجلس
حينما كان يقاتل معها ضد العراق
قبل الاحتلال ، ولكنه حينما أصبح
قادرا على الدفع بحث عن مرجعية
اخرى ، ظل يتجاهلها في الأيام
الأولى للاحتلال ، ولكنه تدريجيا
أخذ يتملقها ويتقرب منها ، إلى أن
جاء عقد الشراكة الجديدة ، ولكن
إيران تقدر أن هذا الأمر مجرد
خيار تكتيكي ، ولا بد أن يعود
الولد الضال إلى حضن أمه مهما طال
الزمن .
لقد تزامن الغزو
الأمريكي للعراق ، مع حملة سياسية
وصحفية ، تبنتها الأوساط المؤيدة
للرئيس بوش ، و لبلير و أثنار و
جان هاورد و برلسكوني ، ركزت
إضافة إلى موضوعة أسلحة الدمار
الشامل العراقية، وعلاقة العراق
مع الإرهاب الدولي ، على زعم وضع
حد لما يعانيه شيعة العراق ، من
اضطهاد ، وتلقف ( زعماء )
المعارضة الشيعية ، هذا الملف بعد
أن كانوا قد هيأوا له الكثير من
الجهد ، ووظفوا المال الذي خصصته
الولايات المتحدة لهم ، ومنذ ذلك
الوقت تم اعتماد مبدأ المحاصصة
الطائفية والعرقية ، وحينما تم
تعين بول بريمر ، حاكما للعراق ،
بدأ الخطوات الأولى لوضع تلك
البرامج موضع التنفيذ ، فكانت
تشكيلة مجلس الحكم الولادة
المشوهة ، لما يراد للعراق أن
يكون عليه ، فقد تم تخصيص أكثر من
نصف مقاعد المجلس للشيعة ،
استنادا إلى افتراضات ، لا تستند
على إحصاء سكاني ، يمكن أن يكون
أساسا صالحا لاعتماد النسب
المناطقية ، مع الحقائق على الأرض
.
وأطلق
الأمريكيون يد الشيعة ، لترتيب
الوضع الدستوري على أساس تلك
الافتراضات ، وتم ( تعريب ) نصوص
الدستور المعد أصلا في الولايات
المتحدة ، وترتيب مواده، بما جعل
منه نصا دستوريا متناغما مع مبدأ
ولاية الفقيه ، ولولا تدخل بعض
الأطراف الشيعية العلمانية ، لتم
تثبيت نص ، يفرض قدسية المرجع
الديني ، وكأنه يريد تكريس مكانة
السيستاني في الحياة السياسية
العراقية ، فتم تبديل النص ليشير
إلى احترام المراجع الدينية ،
وحتى مع النص الجديد ، فإن سلوك
الحكومة انصرف إلى التعامل مع
السيستاني وحده ، وكأنه هو
المقصود من هذا النص .دون غيره .
ويمكن رصد
العشرات مما يؤكد هذا التوجه لدى
المسؤولين الحاليين ، إذ لا يمر
شهر إلا ويذهب وزير أو رئيس
الوزراء إلى النجف ، ومقابلة
السيستاني ، وعرض القضايا
السياسية عليه ، ويخرج المسؤول
وينسب إلى المرجع آراء وأفكارا ،
لا تنسجم مع فصل الدين عن السياسة
، وكون العراق بلدا متعدد المذاهب
والأعراق ، وأن الدستور لم يعط
حقا لولاية فقيه سرية ، ويبقى
التأكد من صحة ما ينسب للسيستاني
، أمرا مستحيلا لأنه لا يظهر أمام
أجهزة الإعلام ، ولأن هذا الأمر
تكرر مرارا ، ولم يتم وضع حد فاصل
بين ما ينسب للسيستاني ، وبين ما
يقوله حقا .
وما أثار
تساؤلات عن حقيقة دور السيستاني
في الحياة السياسية العراقية ، أن
الاستشارات ، لم تعد تقتصر على
الأمور الفقهية فقط ، بل تجاوزت
ذلك إلى استشارته بتشكيل حكومة
تكنوقراط ، وهذا الأمر أعلنه نوري
المالكي شخصيا ، في أخر زيارة له
إلى النجف ولقائه مع المرجع
الشيعي ، في الخامس من أيلول /
سبتمبر 2007 ، ولا أحد يفهم دوافع
هذه الخطوة التي تنم عن مراهقة
سياسية ، إذ أن حدود معرفة
السيستاني بالرجال من التكنوقراط
ليست أفضل من معرفة أي مواطن
عراقي عادي ، ولهذا ذهب الكثيرون
إلى افتراض أن المالكي أراد
ابتزاز حلفائه وخصومه السياسيين
على حد سواء ، في الصراع المحتدم
على السلطة عموما وعلى منصب رئيس
الوزراء بشكل خاص ، وأراد أن يبعث
برسالة للأمريكيين بأنه يحظى بدعم
المؤسسة الدينية في النجف .
كما أن البعض من
المراقبين ذهب إلى أن هناك
محاولات سرية لفرض دور معلوم
لرجال الدين في النجف ، حتى في
التفاصيل اليومية ، يمكن أن تجعل
من هذا الدور أمرا واقعا لا يمكن
تخطيه ، أو حتى مناقشته ،
وتدريجيا يتم فرض ولاية الفقيه
على العراق ، ولما لم تكن هناك
قاعدة دينية لهذا المبدأ لدى
المراجع الكبار في النجف ، حينذاك
سيكون البحث عن هذه الولاية في
أماكن اخرى، وطالما أنها جاهزة في
إيران ، فما عليها إلا أن تبادر
لمد مظلتها إلى بلد يفتقد إلى
الزعامة الدينية .
|