لم يكن الخميني أفضل حالاً من غيره، فكل أنظمة الحكم التي تعاقبت على إيران كانت أساليب حكمهم تسعى إلى تفريس الخليج العربي والعراق، وخاصة في الجانب الشرقي من الخليج والمناطق العراقية الحدودية في جنوب العراق وشرقه في منطقة الخفاجة ومهران ومنطقة شيرين وغيرها. فمن عدو الإنسانية نادر شاه في القرن الثامن عشر وامتداداته في القرن التاسع عشر، والذي حصل على الدعم الأوربي في تنفيذ مخططه الإجرامي في العراق حيث لم يترك قبيحة إلا ارتكبها، وصولاً إلى شاه إيران البهلوي الذي احتل إمارة المحمرة وكامل أراضي عربستان وطول ساحل العراق الشرقي من الخليج العربي عام 1925 بمساعدة بريطانيا، وولده رضا بهلوي الذي احتل الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى عام 1975، ثم الخميني الذي جاء منتشياً ليعمل على تصدير الفتن تحت شعار ما يسمى (تصدير الثورة) وما ارتكبه من مجازر ضد العراقيين والشعوب العربية من خلال محاولاته احتلال العراق والتي باءت جميعها بالفشل. فحين قامت ثورة الخميني عام 1979 رفع قادة الثورة شعاراً كريهاً (وهو تصدير الثورة)، وكان هذا الشعار مقلقاً لكل دول المنطقة وفي مقدمتها العراق ودول الخليج العربي. كان الحدس العروبي القومي لدى العراق يستشعر هذا الخطر وما يشكله من تهديد وجودي للعراق بكل أطيافه المجتمعية باعتبار أن إيران حاولت أن ترتكز في تصديرها للثورة على الوجود الشيعي القديم في العراق (علماً أن العراق هو منبع التشيع الصحيح)، وكذلك الاعتماد على التنظيمات الحزبية الشيعية وخاصة حزب الدعوة، الذي كان يمثل رأس الحربة في المخطط الإيراني للاستيلاء على السلطة في العراق. الحقد الفارسي تزايد مع توقيع العراق لميثاق الدفاع العربي في فبراير شباط 1980، واعتبرته إيران عملاً عدائياً موجهاً ضدها في الصراع الحدودي العراقي الإيراني. في الرابع من سبتمبر أيلول 1980 قامت المدفعية الإيرانية بقصف البلدات الحدودية العراقية، وما سبقه من استفزازات متواصلة للعراق، إعلامياً إضافة للخروقات الحدودية، مع هذا القصف المتكرر على البلدات العراقية ومحاولة نظام الخميني زعزعة الاستقرار الداخلي العراقي من خلال زبانيته العملاء، ومحاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء الأستاذ طارق عزيز التي قام بها حزب الدعوة بإيعاز من نظام الخميني. هذه الأحداث دفعت العراق إلى إلغاء اتفاقية 1975 الموقعة مع إيران، واعتبر مياه شط العرب كاملة جزءاً لا يتجزأ من المياه الإقليمية العراقية. ومع تزايد الاستفزاز والقصف الإيراني قرر مجلس قيادة الثورة في 22 سبتمبر أيلول عام 1980 شن حملة عسكرية ضد نظام الخميني، (وهو ما أطلق عليه الفريق الخزرجي رئيس الأركان العراقي التوغل الدفاعي)، فتقدم الجيش العراقي سريعاً، داخل العمق الإيراني في محاولة لوقف الاعتداءات الإيرانية، والحفاظ على الحدود العراقية آمنة دون مضايقات إيرانية. استغل الخميني ونظامه هذا التقدم السريع والمفاجئ للقوات العراقية في تعبئة الشعب الإيراني تعبئة وطنية قومية تغذيها الدعاية الرسمية الإيرانية التي قامت على بعدين: - البعد الديني الذي يسوق للحرب على انها بين نظام إسلامي وآخر بعثي علماني كافر. - أما البعد الثاني فإذكاء جذوة القومية الفارسية وأمجادها الغابرة خاصة بعد المكاسب القوية للجيش العراقي في السيطرة على المحمرة وعبدان ومناطق في قلب إيران. ورغم كل الدعم الذي تلقته إيران حتى من " الكيان الصهيوني" لم يساهم ولو قليلاً في رفع معنويات الدولة الفارسية، ولم تحقق من خلاله إلا مزيداً من الهزائم خلال ثمان سنوات كانت عجافاً قاسية على الخميني وحاشيته، ليعلن الخميني بعد هذه السنوات أنه قد تجرع السم الزعاف. فلكل جندي وضابط وقائد، ولكل طفل وشيخ وامرأة كل التحية والإجلال على صمودهم الأسطوري الذي ساهم في صنع النصر على أعداء الأمة.... كل التحية والتقدير لروح الشهداء البواسل الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل رفعة الأمة، والتصدي لعدوها الحقود الذي حاول كسر البوابة الشرقية للأمة ففشل واندحر. لروحك السكينة والجنان أيها القائد البطل الهمام سيد شهداء العصر صدام حسين، حيث كان للنصر تحت قيادتك نكهة أخرى....