تعتبر كذبة نيسان في العالم تقليداً سنوياً هدفه الدعابة والمرح، لكن أكاذيب السياسيين العراقيين تطرق مسامع العراقيين دون انقطاع على مدار السنة، وفي أحلك الظروف وأشد الأزمات، ولا يمكن حصر التصريحات التي صدرت عن السياسيين والمسؤولين في حكومات الاحتلال منذ 2003، والتي تبين كذبها لاحقًا. فقد أطل علينا " نوري المالكي" بكذبة مفضوحة في رده على سؤال حول انسحاب الجيش العراقي من الموصل، وكيف سقطت المدينة خلال يوم واحد بيد داعش رغم وجود ما لا يقل عن أربع فرق من الجيش بكامل سلاحهم الثقيل والخفيف الى جانب الشرطة وغيرها؟ الغريب في الأمر ليس كذبه الذي اعتاد عليه الشعب العراقي، ولكن الغريب في الأمر وقاحته وصلفه، فهو يتحدث وكأن الأمر لا يتعلق به، فهو كان ( القائد العام للجيش ووزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيساً للوزراء )، فحمَّل المسؤولية كاملة لجزء واحد من الطيف العراقي هو الطيف "السني"، حيث قال إن "انسحاب الجيش من الموصل كان طائفياً لأن 90% منه من السنة، وهناك حركة رتبت عملية الانسحاب". فهو بهذا الكلام ينأى بنفسه عن أي مسؤولية فيما حدث للموصل ويظلل العالم ويكرس نهجه الطائفي البغيض، هذا الكذب ما عاد ينطلي على الشعب العراقي الذي يعلم يقيناً أن الجيش العراقي لا يشكل السنة فيه أكثر من 25%، بينما يشكل الطيف " الشيعي" 75%، لأنه جيش طائفي وميليشياتي طبقاً للتركيبة التي أرادها له الاحتلال وعملاؤه ومنهم حزب الدعوة العميل الذي يترأسه نوري ( وهنا لا نشير إلى مسؤولية الطيف" الشيعي" عن سقوط الموصل )، وهو ما يدلل على كذب المالكي أن الانسحاب كان طائفياً لأن السنة يشكلون 90%. كيف يسمح المالكي وهو القائد العام للجيش ووزير الدفاع والطائفي بامتياز والحاقد على الشعب العراقي، كيف يسمح أن يكون نسبة المكون السني في الجيش تصل إلى 90%؟ ويستمر الكذب ( الحاتمي ) لنوري المالكي ففي تصريحات أخرى قال المالكي "أن ما حدث في الموصل كان مؤامرة تم التخطيط لها في أنقرة ثم انتقلت المؤامرة إلى أربيل" عاصمة إقليم كردستان العراق. نلاحظ أن المالكي قد بدأ يتخبط في توجيه اللوم والمسؤولية عن سقوط الموصل، فمرة حملها لنسبة 90% من الجيش وهم من يسميهم السنة، ومرة يحملها للمؤامرة التركية التي انتقلت لإقليم كردستان. هذا الهذيان السياسي يعبر عن شخصية مريضة غير مستقرة، تكذب ثم تكذب حتى تصدق هي نفسها ما كذبته. في ذات السياق كان رئيس إقليم كردستان قد حذّر المالكي من مخاطر نشوء (داعش) وتهديداته وتحركاته في غربي محافظة نينوى ومدينة الموصل، مؤكداً أنّه " أبلغه أن إقليم كردستان مستعد لمساعدة القوات العراقية في عملية مشتركة، للحيلولة دون تنامي الإرهابيين في المنطقة". وأضاف أنّ "المالكي لم يعر أيّة أهمية لهذا التحذير، ولا المقترح الذي تقدم به البارزاني، كما أنّه لم يستمع إليه، وأنّ رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم ونائب رئيس مجلس الوزراء العراقي روز نوري شاويس، والسفير الأميركي في العراق آنذاك شهود على تحذير البارزاني للمالكي". وحمّل البارزاني المالكي "مسؤولية سقوط الموصل، وفشل الجيش العراقي، بالإضافة إلى الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق، فضلاً عن مسؤوليته عن معاناة العراقيين من أنواع النكبات وانعدام الاستقرار خلال فترة حكمه"، مؤكّداً أنّ "المالكي لا يمكنه التغطية على فشله ومسؤوليته بمثل هكذا تصريحات". لنترك الحديث لقائد القوات البرية السابق في الجيش العراقي، علي غيدان، الذي كشف حقيقة ما جرى في الموصل قائلاً: أن رئيس الوزراء السابق وقائد القوات المسلحة نوري المالكي هو من أمر القطعات العسكرية في محافظة الموصل بالانسحاب ما جعل تنظيم داعش الارهابي يفرض سيطرته على المحافظة بالكامل"، هذا الكلام لقائد عسكري كبير في جيش المالكي، وهو يفند ما يدعيه المالكي من أن الانسحاب كان دون موافقته، وأن الذين انسحبوا هم المكون السني الطائفي....وأكد عبود كمبر ان الطيف الشيعي يشكل ما لا يقل عن 75 بالمئة من الجيش في الموصل . وقال عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، النائب عادل نوري في مقابلة تلفزيونية، إن " قائد القوات البرية في الجيش العراقي السابق علي غيدان، أقرّ خلال التحقيق معه حول أسباب سقوط الموصل، بأنهم انسحبوا من محافظة نينوى بأمر من القائد العام للقوات المسلحة آنذاك نوري المالكي". وكان عادل نوري، وهو نائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني، قد صرح أنه " تبين أن المالكي هو من أصدر أمر انسحاب الجيش العراقي من الموصل، وتسبب في إراقة كل تلك الدماء". ومن أكثر المواقف طرافة من وجهة نظري ما صدر عن العبادي في ذكرى سقوط الموصل، ( كونهما يشكلان وجهين لعملة واحدة هو ونوري )، حيث كتب على صفحته على الفيس بوك واصفاً يوم العاشر من حزيران " بـتاريخ دم واسترقاق وظلامية "، معتبراً إياه كذلك تاريخ انهزام بفعل سوء الإدارة والفساد والفوضى الذي طبع فترة حكم المالكي. كل أطياف الشعب العراقي تشير بوضوح إلى مسؤولية المالكي عن سقوط الموصل وتسليمها لداعش، لتحقيق هدفه الوحيد الذي جاء من أجله، وهو تدمير العراق، وقتل أكبر عدد من أبناء الشعب العراقي، فهي المهمة التي وكله وليه الفقيه لتنفيذها. أيها العجمي نوري ... كذبت وكذبت لمدة ثمانية سنوات، حتى مكنتَ عملاء إيران في العراق، وأضحى الآلاف من أبنائه منحورين بسيف الضلالة الداعشي، وعشرات الآلاف من نسائه سبايا، والخوف والرعب يسري في أرجائه كسريان النار في الهشيم، وبعد أن بعثرت ألف مليار دولار في عهدك الزاخر بالفساد، كان منها 360 مليار دولار لا يعرف أحد أين سلكت طريقها بحسب تقرير اللجنة المالية في البرلمان. وسقطت الموصل في العام الذي بلغت فيه موازنة العراق 147 مليار دولار، حتى وُصِفت تلك الميزانية بالانفجارية التي لم يكن لها نظير في تاريخ العراق منذ تأسيسه، ولا حتى في زمن هارون الرشيد الذي كان يخاطب الغيمة قائلاً: أين ما تمطرين سيأتيني خراجك. لقد أكدت يا نوري المالكي ما ذهبت إليه العرب في تشخيص أمثالك بقولهم "إن كنت لا تستحي فافعل ما شئت".