لقد وجدت الدولة الصهيونية في العولمة فرصتها، فهي تحاول أن تستثني نفسها من هذه الميزة، فهي تبدي السياسات العكسية تماماً، فالدولة الصهيونية طرحت تصورها الخاص للعولمة، وتحاول فرضه على الدول المحيطة بها، وهو تصور "الشرق أوسطيه" فهذا المشروع الذي روج له الكيان الصهيوني هو عولمة مصغرة لم تنصاع إسرائيل إلى تيار العولمة الذي اكتسح دول العالم الإسلامي، فما زالت "إسرائيل" كدولة تتدخل في الاقتصاد وتتمسك بقوتها العسكرية، وتعمل على تنميتها، وزيادتها عدداً وعتاداً، وترفض بشدة وقف أي نشاط وتقدم في عملية التسلح، وترفض بشدة التوقيع على اتفاقيات منع السلاح النووي والأسلحة الكيماوية، وهي لا تتلقى التوجيهات من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي للإنشاء والتعمير، كشأن كثير من دول العالم، ويخضع القطاع الخاص في مجالي الاقتصاد والصناعة ونحوهما باستمرار للاعتبارات التي تمليها مصالح الدولة العليا ولا تسمح بتجاوزها. وتطرح "إسرائيل" تصورها الخاص للعولمة، فيما يعرف بمشروع الشرق أوسطية (*). وتروج له ،الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، قال في مناخ الاحتفال فيما يسمى بالنصر في حرب الخليج الثانية في 24/1/1990م: إن القرن القادم سيشهد انتشار القيم الأمريكية وأنماط العيش والسلوك الأمريكي. وربما تكون صهينة لاسيما واستثمار اليهود الذين يقودون الغرب وأمريكا تحديداً للعولمة للسيطرة على العالم استناداً لمقولة الدكتور خالد أبو الفتوح ( ركوب الأمم واستغلالها دون القضاء عليها ) إن إسرائيل تتمسك بإيديولوجيتها وترفض الانفتاح على الآخر وتتمسك بالولاء التقليدي للوطن ( إسرائيل )، والأمة ( اليهود شعب الله المختار ) وتمارس الحروب باستمرار لإثبات سطوتها وفرض هيمنتها في المنطقة، وتتلقى الدعم المادي والسياسي من القوى الاستعمارية الغربية إن إسرائيل تسعى جادة لعولمة الشرق الأوسط لحسابها الخاص، ولقد طرح شمعون بيرز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، مشروع الشرق أوسطية، وفكرة هذا المشروع قديمة إذ يطرحها الأمريكان كما يذهب جورج المصري الباحث بالمركز العربي للأبحاث الإستراتيجية بمصر حيث وضح ذلك فقال: "ويتضح ملامح المشروع الشرق أوسطي من الوثيقة التي أعدتها وكالة التنمية الأمريكية في الثمانينات تحت عنوان ( دور التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط ) وقدمتها إلى الكونجرس، وشاركت في إعدادها ثماني وزارات، وعشرة مراكز أبحاث في مقدمتها الأكاديمية الأمريكية للعلوم، وأكدت الوثيقة على أهمية العمل لبناء تعاون إقليمي في الشرق الأوسط يقوم على مرتكزين جغرافي واقتصادي، كبديل عن التعاون الإقليمي للمنطقة، ومن ناحية البعد الجغرافي تتجه الوثيقة إلى التأكيد على قيام بنية إقليمية تضم دول المشرق العربي بجانب إسرائيل وتركيا. ومشروع بيرز للعولمة يستند إلى فكرة أن الإنسان العربي إنسان اقتصادي مستهلك وأَيدٍ عاملة، وأن الإنسان الإسرائيلي إنسان اقتصادي مفكر ومنتج. ولقد صرح شمعون بيرز بأفكاره في عولمة المنطقة لحساب إسرائيل في كثير من الندوات واللقاءات الإقليمية والدولية، ففي لقائه مع المثقفين المصريين قال بيرز: "إن الشعب اليهودي يريد فقط أن يشتري ويبيع ويستهلك وينتج، وعظمة إسرائيل تكمن في عظمة أسواقها". فالسوق في نظر بيرز هي المعيار الأساسي، وهي المكان الذي نتبادل فيه السلع والأفكار.